المثل الثالث

المثل الثالث

سعادة المختارين في النور الابديّ
58 (1) ها أنا أقول مثلاً ثالثاً عن الابرار والمختارين.
(2) طوبى لكم أيها الابرار والمختارون، لأن نصيبكم مجيد!
(3) يكون الأبرار في نور الشمس،
والمختارون في نور الحياة الابديّة.
أيام حياتهم لا نهاية لها،
أيام لا عدّ لها تكون للقدّيسين.
(4) يطلبون النور وينالون البرّ لدى ربّ الأرواح.
سلام للابرار باسم ربّ الأزل.
(5) ثم يقال للقديسين في السماء
أن يطلبوا سرّ البرّ، نصيب الحقّ،
فقد أشعّ كالشمس على اليابسة، فعبرت الظلمة.
(6) سيكون نور لا نعرف مقداره
ولا يدخل في عداد الأيام
لأن الظلمة قد زالت
والنور يدوم أمام ربّ الأرواح.
النور يدوم إلى الأبد أمام ربّ الأرواح.

أسرار الرعود والنيّرات
59 (1) في ذلك الوقت، رأيت بعينيّ أسرار البروق والنيّرات ودينونتها: هي تشرق للمباركة أو للعنة حسب مشيئة ربّ الأرواح. (2) ورأيت أيضاً أسرار الرعد: حين يُرعد في أعلى السماء تُسمع أصواتهم. وأريتُ دينونة اليابسة. قصفَ الرعد للخلاص والمباركة أو للعنة حسب مشيئة ربّ الأرواح. (3) ثم أراني كلَّ أسرار النيّرات والبروق: هي تشع للمباركة والوفر.

رؤية نوح
60 (1) في السنة 500، في الشهر السابع، في اليوم الرابع عشر في حياة اخنوخ، في هذا "المثل" رأيت سماء السماوات ترتجف رجفة عظيمة وجيش العلي (ألوف ألوف وربوات ربوات الملائكة) تضطرب اضطراباً عظيماً. (2) جلس رَأسُ الأيام على عرش مجده، ووقف حوله الملائكة والأبرار. (3) فامسكتني رعشةٌ واستولت عليّ الرعدة، والتوى خاصراي وتراخى حقواي فسقطت على وجهي. (4) فارسل إليّ مخائيل ملاكاً ثانياً من بين القدّيسين فأقامني. ولما أقامني عدتُ إلى نفسي لأني لم أمدر أن أتحمَّل مشهد هذا الجيش وهذا الاضطراب واهتزاز السماء. (5) وقال لي مخائيل: "ما معنى مشهد اضطراب كهذا؟ حتى الآن كان زمن الرحمة. كان الله رحيماً بطيئاً عن الغضب تجاه سكان اليابسة. (6) ولكن حين يأتي اليوم، يأتي الجيش والعقاب والدينونة التي هيّأها ربّ الأرواح للذين لا ينحنون أمام الدينونة العادلة، للذين ينكرون الدينونة العادلة، للذين يحلفون باسمه باطلاً. هذا اليوم قد هيِّئ كيوم عهد للمختارين ويوم امتحان للخاطئين".

لاويتان وبهيموت
(7) في ذلك اليوم فُصل التنينان: التنين الانثى سميّ لاويتان وقد جُعل ليسكن غمر البحر فوق الينابيع. (8) والتنين الذكر سُمّي بهيموت. هو يشغل بصدره البرية الخاوية المسمّاة دنداين والواقعة شرقيّ الجنّة التي يسكنها المختارون والأبرار، والتي نُقل إليها جدي، السابع بعد آدم، الانسان الأول الذي خلقه ربّ الأرواح. (9) فسألت الملاك الثاني أن يريني قدرة هذين التنينين وكيف فُصلا في يوم واحد، وطُرحا واحد في غمر البحر والآخر على اليابسة في البريّة. (10) فأجابني: "يا ابن الانسان! هنا تريد أن تعرف ما هو سرّ...".

أسرار الخلق
(11) وكلّمني الملاك الثاني الذي كان يرافقني ويريني الاسرار، عن مبدأ ونهاية ما في السماء، وعن ارتفاعها، وعمّا تحت اليابسة في العمق، عن أطراف السماء وأسس الأرض. (12) (أراني) خزّانات الرياح (وقال لي) كيف تتوزّع الرياح، وكيف ترتَّب وتُحصى مخارج الرياح، كل واحد بحسب قوّة الريح ولمعان القمر، بسلطة منصفة. (وأراني) تقسيم (الزمن كما تشرف عليه) الكواكب، كل باسمه، وكيف يتمّ كل تقسيم. (13) (وأراني) الرعود: حين تحدث يحصل دوماً انفصال، بحيث إن البرق يلمع (أولاً) ويُسمع بعده ما يلي. (14) فللرعد مواضع راحة، ويُسمح له أن يصبر ليُسمع صوته. ولكن الرعد والبرق لا ينفصلان الواحد عن الآخر. كلاهما يحرّكهما روح واحد فلا ينفصلان. (15) وحين يلمع البرق، يعطي الرعد صوتاً، ولكن الروح يجعل وقفة وانفصالاً عادلاً بينهما (خزّان أزمانهما هو من رمل)، ويمسكهما بلجام، فيعودان بقوّة الروح وهكذا يتوجّهان حسب مختلف مناطق الأرض.
(16) روح البحر ذكَر وقويّ. وقوّة البحر هي كبيرة بحيث يقوده (الله) بلجام. هكذا يتوجّه البحر ويتوزّع على كل جبال الأرض.
(17) روح الثلج هو ملاك. وروح البرَد هو ملاك مؤات. (18) وروح الجليد تهدئه قوّة (الله). له ملاك هو وحده. وما يخرج منه يشبه دخاناً ويُسمّى الصقيع.
(19) روح الغمام لا يقاسمها خزّانها، ولكن له خزّان هو وحده، لأن مجيئه مليء بهاء، في النور وفي الظلمة، في الشتاء وفي الصيف. والذي يجمعه هو ملاك.
(20) روح الندى مسكنه في أطراف السماء. يُضمّ إلى خزانات المطر. (الندى) يأتي في الشتاء والصيف وينضمّ سحابه إلى الغمام بحيث يعطي الواحدُ الآخر. (21) وحين يترك روحُ المطر خزّانه، يأتي الملائكة ويفتحون الخزّان ويخرجون (المطر). وحين ينتشر على اليابسة ينضمّ إلى الماء الذي على اليابسة، وحين ينضمّ في كل وقت إلى المياه التي على اليابسة... (22) فالمياه معدّة لسكان اليابسة، لأن طعام اليابسة يأتي من العليّ الذي هو في السماء. لهذا، هناك كيل للمطر يهتمّ به الملائكة. (23) هذا كل ما رأيت حتّى جنّة الأبرار.
(24) إذن، أجابني ملاك السماء الذي كان يرافقني: "قد أعدَّ هذان التنينان ليوم الله العظيم ويُطعمان...".
(25) وحين يحلّ عليهم عقاب ربّ الأرواح، يحلّ بحيث لا يكون باطلاً عقابُ ربّ الأرواح: يميت الأطفال مع امّهاتهن، والأبناء مع آبائهم. ثم تأتي الدينونة حسب رحمة الرب وحده.

دينونة الأبرار بيد المختار
61 (1) في ذلك الوقت أعطي للملائكة حبال طويلة، كما رأيت. اتّخذوا أجنحة ليطيروا جهة الشمال. (2) فسألت الملاك: "لماذا أخذ هؤلاء حبالاً ومضوا"؟ فأجابني: "ذهبوا ليقيسوا". (3) وقال لي الملاك الذي كان يرافقني:
"هم يحملون إلى الابرار مكاييل الأبرار ومقاييس الأبرار
ليستندوا على الدوام إلى اسم ربّ الأرواح".
(4) وبدأ المختارون يسكنون مع المختارين.
هي المكاييل التي أعطت للأمانة وهي تثبّت البرّ.
(5) هذه المكاييل تكشف ما هو خفيّ في عمق الأرض،
أولئك الذين هلكوا فكانوا ضحيّة البريّة
أولئك الذين ابتلعتهم الوحوش المفترسة
وأولئك الذين ابتلعهم سمك البحر.
هكذا يعودون ويثبتون في يوم المختار.
فلا شيء يختفي أمام ربّ الأرواح. لا شيء يمكن أن يختفي.
(6) ساكنو أعالي السماء تلقّوا أمراً وسلطة وصوتاً واحداً ونوراً واحداً يشبه النار
(7) وبأولى تمتماتهم يباركون (المختار)،
يعظّمونه ويمجّدونه بحكمة
بعد أن صاروا حكماء بالكلمة وروح الحياة.
(8) وضع ربّ الأرواح المختارَ على عرش المجد
فيدين كل أعمال القديسين في أعالي السماء، ويزن أعمال في الميزان.
(9) حين يرفع وجهه ليدين سلوكهم الخفيّ حسب كلام ربّ الأرواح،
وآثار خطاهم على طريق الدينونة العادلة لربّ الأرواح،
يهتفون كلّهم بصوت وأحد
ليباركوا ويمجّدوا ويعظّموا ويقدّسوا اسم ربّ الأرواح.
(10) وجيش السماء يصرخ أيضاً
كما يصرخ كل القديسين في الأعالي،
جيش الربّ، الكروبيم والسرافيم والاوفانيم
جميع ملائكة القدرة، جميع ملائكة السلطات،
المختار وكل القوّات في الأرض والمياه.
(11) في ذلك اليوم يرفعون الصوت معاً
ليباركوا ويمجّدوا ويعظّموا
بروح الايمان وروح الحكمة رروح الصبر،
بروح الرأفة وروح البرّ والحقّ،
بروح الوداعة. ويقولون معاً بصوت واحد:
"مبارك، مبارك اسم ربّ الأرواح، على الدوام وإلى الأبد".
(12) جميع الساهرين في أعلى السماء يباركونه.
جميع القديسين الذين في السماء يباركونه.
جميع المختارين المقيمين في جنّة الحياة (يباركونه).
كل أرواح النور يقدرون أن يباركوا ويمجِّدوا
ويعظّموا ويقدّسوا اسمك المبارك.
وكل البشر بقواهم المتزايدة،
يمجّدون ويباركون اسمك إلى الأبد.
(13) عظيمة رحمة رب الأرواح، البطيء عن الغضب
وقد كشف للابرار والمختارين كل عمله، كل صنْعه.
باسم ربّ الأرواح!

دينونة الملوك والعظماء
62 (1) وهذا أمر الربّ إلى الملوك والمقتدرين، إلى العظماء وسكّان الأرض:
"افتحوا عيونكم، ارفعوا رؤوسكم.
هل تقدرون أن تعرفوا المختار"؟
(2) أجلسه ربّ الأرواح على عرش مجده
ففاض عليه روحُ البرّ
وأمات قولُ فمه كل الخطأة
وجميع الاشرار يهلكون أمام وجهه.
(3) في ذلك اليوم يقف الملوك جميعهم
والمقتدرون والعظماء وأسياد الأرض.
يرونه ويعلمون أنه يجلس على عرش مجده.
أمامه تُتلى الاحكام
ولا تُلفظ كلمة باطلة أمامه.
(4) يحلّ بهم عذاب كعذاب امرأة في المخاض
حين يأتي الطلق وتتعب لكي تلد.
(5) نصفهم ينظر إلى النصف الآخر
فيُرتج عليهم، ويخفضون الرؤوس من العذاب
حين يرون ابن الانسان هذا يجلس على عرش مجده.
(6) الملوك والمقتدرون وكل أسياد الأرض
يباركون ويمجّدون ويعظمون القابض على جميع الأسرار.
(7) فمنذ البدء ظلّ ابن الانسان مخفياً.
احتفظ به العليّ داخل قدرته.
ولكنه أعلنه للمختارين.
(8) تُزرع جماعة المختارين والقديسين
ويقف أمامه في ذلك اليوم كل المختارين.
(9) جميع الملوك والمقتدرون والعظماء وأسياد اليابسة
يسقطون أمامه إلى الأرض على وجوههم.
يخرّون أمامه ويضعون رجاءهم في ابن الانسان هذا،
يتوسّلون إليه ويطلبون الرحمة.
(10) ولكن ربّ الأرواح نفسه يضربهم بالرعب
فيسرعون بالهرب من حضرته،
الخجل على جباههم والظلمة على وجوههم.
(11) يمسكهم الملائكة عقاباً
لينتقموا بهم من الضربات التي وجّهوها لأبنائه ومختاريه.
(12) ويكونون مشهداً لأبراره ومختاريه
الذين يفرحون حين يرون غضب ربّ الأرواح يحلّ بهم
وسيفه يسكر بدمهم.
(13) يخلص الأبرار والمختارون في ذلك اليوم
ولن يروا بعد ذلك وجه الخطأة والاشرار.
(14) ربّ الأرواح يقيم فيهم
ومع ابن الانسان يأكلون
وينامون ويقومون، على الدوام.
(15) الأبرار والمختارون يُرفعون عن الأرض.
ما عادوا ينحنون، بل ارتدوا لباس المجد.
(16) هذا هو لباسهم،
لباس الحياة الذي يعطيه ربّ الأرواح.
ثيابكم لا تبلى
ومجدكم لا يفنى أمام ربّ الأرواح.

ندم الخطأة وتوسّلهم الباطل
63 (1) في ذلك الوقت يتوسّل المقتدرون والملوك وأسياد اليابسة إلى ملائكة العقاب الذين أسلموا إليهم، أن يمنحوهم بعض الراحة أمام ربّ الأرواح ليعبدوه ويقرّوا بخطيئتهم أمامه. (2) يباركونه ويمجدونه قائلين:
"مبارك ربّ الأرواح، ربّ الملوك،
ربّ المقتدرين، ربّ الاغنياء،
ربّ المجد، ربّ الحكمة.
(3) تألّقت قدرتُك في كل خفيّ، من جيل إلى جيل
ومجدك أبديّ.
أسرارك كلها عميقة ولا عدّ لها.
عدلك لا يُقاس.
(4) الآن نعرف أنه يجب أن نمجّد ونبارك ربّ الملوك، والمالك على جميع الملوك".
(5) ويقولون أيضاً:
"لو كانت لنا مهلة لنمجّد ونمدح ونعلن ايماننا أمام مجدك!
(6) نطلب الآن مهلة قصيرة ولا ننال.
نحن مطارَدون ولا نستطيع أن نقف.
ابتعد النور عنا،
وصارت الظلمة مسكننا إلى الأبد،
(7) لأننا ما أعلنّا ايماننا أمام ربّ الأرواح،
وما مجّدنا اسمه،
ولكن جعلنا أملنا في صولجاننا ومجدنا.
(8) يوم نقاسي التعب والضيق، لا خلاص لنا!
فلا مهلة لنا لنعلن ايماننا!
فربّنا ثابت في كل عمله وحكمه وعدله،
وحكمه لا يعرف اعتباراً للاشخاص.
(9) نختفي من أمامه جزاء أعمالنا
وكل خطايانا أحصيت إحصاء".
(10) ويقولون لهم أيضاً:
"نفسنا شبعت من خيرات سرقناها
ولكن هذا لا يمنعنا من النزول من قلب الوفر إلى قساوة الشيول".
(11) ثم يتغطّى وجههم بالظلمة والعار، أمام ابن الانسان هذا.
يهربون من أمام وجهه ويبقى السيف مصلتاً في وسطهم.
(12) هذا ما قال ربّ الأرواح:
"هذا هو القرار والحكم على المقتدرين والملوك والعظماء وأسياد اليابسة، من قبل ربّ الأرواح".

رؤية الملائكة الساقطين
64 (1) ورأيت في هذا الموضع وجوهاً أخرى مخفيّة. (2) وسمعت الملاك يقول: "هم الملائكة الذين نزلوا على الأرض، وكشفوا الاسرار للبشر، واستهووهم إلى الخطيئة".

وحي أخنوخ إلى نوح
65 (1) في ذلك الوقت رأى نوح أن الأرض تهاوت وأن دمارها صار قريباً. (2) فوجّه خطاه من هناك إلى أطراف الأرض وتوسّل إلى أخنوخ جدّه. قال نوح بصوت كئيب، ثلاث مرات: "إسمع لي، إسمع لي، إسمع لي".
(3) قال (لأخنوخ): "أخبرني بما يحدث للأرض لكي تتعب وتتهاوى كما تفعل. هل سوف أهلك مثلها أيضاً"؟ (4) ثم كان اضطراب عظيم على الأرض، وسُمع صوت من أعلى السماء، فسقطتُ بوجهي إلى الأرض. (5) جاء أخنوخ جدّي فوقف قربي وقال لي: "لماذا جئتَ تتوسّل إليّ بكل هذه الكآبة والدموع؟ (6) هذا هو القرار الذي اتّخذ أمام الرب في شأن سكان اليابسة: سيتمّ دمارهم، لأنهم عرفوا جميع أسرار الملائكة وجميع عنف الشياطين وقدرتهم، وسرّ الاسرار، وكل قدرة السحرة، وقدرة أصحاب الرقيّة، وقدرة الذين يصبّون المعادن في الأرض كلها. (7) تعلّموا كيف تولد الفضّة من التراب وكيف تنتج الأرضُ المعدنَ المنصهر. (8) فالرصاص والقصدير لا يولدان من الأرض مثل (الفضة). يُولدان من ينبوع يشرف عليه ملاك، وهذا الملاك هو الذي يوزّع (المعادن)".

أخنوخ يعلن خلاص نوح
(9) ثم أخذ أخنوخ جدي بيدي، فرفعني وقال لي: "لا عليك. فقد سألت ربّ الأرواح حول هذا الاضطراب الذي يقع على الأرض. (10) فأجابني: "بسبب أعمالهم السيّئة يتمّ الحكم عليهم. لن يُحسبوا بعد أمامي بسبب الأشهر التي حاولو فيها أن يعرفوا. ستبيد الأرض مع ساكنيها. (11) أما هؤلاء فلن سدوا أبداً ملجأ، لأنهم أروا البشر الأسرار وسيُحكم عليهم". أما أنت يا ابني، فقد علم ربّ الأرواح أنك صاحب فضيلة ونقيّ من كل عار جاء من الأسرار. (12) حفظ اسمَك بين القدّيسين، وسيحميك وسط سكان اليابسة. حفظ نسلك الشرعيّ لملوك وكرامات عظيمة، ومن نسلك يخرج ينبوع أبرار وقديسين لا يحصون، إلى الأبد".

66 (1) ثم أراني ملائكةَ العقاب المستعدّين ليأتوا فيفلتواّ قوة المياه الجوفيّة لدينونة وهلاك سكّان اليابسة. (2) وكان ربّ الأرواح قد أمر الملائكة الخارجين أن لا يرفعوا يدهم، بل يكونون متنبّهين، لأن هؤلاء الملائكة قد كلِّفوا بقوة المياه. فانسحبتُ من أمام أخنوخ.

الله يعلن خلاص نوح
67 (1) في ذلك الوقت توجّهت إليّ كلمةُ الرب. قال لي: "يا نوح! نصيبك صعد إليّ، نصيب لا عار فيه، نصيب حبّ واستقامة. (2) الآن سيشتغل الملائكة الخشب وحين ينهون (السفينة) أجعل يدي عليها لأحفظها. يخرج منها زرعُ حياة ويحصُل تبدّل بحيث إن اليابسة لن تعود جرداء. (3) واثبّتُ نسلي أمامي إلى أجيال الاجيال. واشتّت الساكنين معك. لن أرسل بعد محنة على وجه اليابسة، بل يكون (نسلك) مباركاً وينمو على اليابسة، باسم الربّ".

عقاب الملائكة وعقاب الملوك
(4) سيُحبس الملائكة الذين أروا (الناس) الاثم، في هوّة مشتعلة أراني أياها من قَبلُ جدي أخنوخ، إلى الغرب، قرب جبال الذهب والفضة والحديد والمعدن المنصهر والقصدير. (5) نظرت إلى هذه الهوّة حيث يسود اضطراب عظيم واضطراب المياه. (6) حين خُلق كل هذا، فالمعدن المنصهر واضطراب (الملائكة) أحدثا في هذا الموضع رائحة كبريت امتزجت بالمياه. والهوّة التي فيها ملائكة الاغواء، تشتعل تحت هذه الأرض. (7) ومن أغمارها تخرج أنهار نار فيها يتعذّب الملائكة الذين أغووا سكّان اليابسة.
(8) في ذلك الوقت، المياه (التي استعملت) للملوك والمقتدرين والعظماء وسكان اليابسة، كدواء للجسد، ستُستعمل لهم كعقاب للروح. يمتلأ روحهم شهوة. لهذا يعاقبون في جسدهم لأنهم أنكروا ربّ الأرواح. رأوا عقابهم اليوميّ وما اعترفوا باسمه! (9) ويكون التبدّل لروحهم قوياً مثل الحريق في جسدهم، إلى دهور الدهور، لأنه ليس من يتفوّه بباطل أمام ربّ الأرواح. (10) أجل، ستحل الدينونة بهم لأنهم آمنوا بشهوة جسدهم وأنكروا روح الرب.
(11) في ذلك الوقت، تتحوّل هذه المياه: حين كان الملائكة يتعذّبون في هذه العيون، تصبح محرقة. وحين يخرج الملائكة من مياهها تصبح باردة. (12) وسمعت مخائيل يعلن: "إن عذاب الملائكة هذا هو شهادة للملوك والمقتدرين الذين يمتلكون اليابسة: يستعملون ماء عذاب الملائكة للشفاء ولذّة الجسد. ولكنهم لا يرون ولا يظنّون أن هذه المياه تتحوّل لكي تصير ناراً مشتعلة إلى الأبد".

68 (1) بعد ذلك جعل لي جدّي أخنوخ كتاب شرح الأسرار والصور التي مُنحت له. ضمّها في كتاب "الامثال".

اعتبارات مخائيل حول عذاب الملائكة
(2) في ذلك اليوم أجاب مخائيل وقال لرفائيل: "حملتني قوّةُ الروح وملأتني غضباً أمام قساوة العقاب الذي يصيب (كاشفي) الاسرار. من يستطيع أن يتحمّل هذا العذاب، بسبب العقاب القاسي الذي يصيبهم فيذوبون أمامه"؟ (3) وقال مخائيل أيضاً لرفائيل: "من لا يتعذَّب قلبُه ويضطرب حقواه لحكم الاستبعاد ضدّ الذين استُبعدوا هكذا"؟ (4) ولكن حين وقف مخائيل أمام ربّ الأرواح، قال لرفائيل: "لن أقف بجانبهم أمام الرب. فربّ الأرواح قد غضب عليهم لأنه تصرّفوا على غراره. (5) لهذا، هم يحتملون كل هذا الذي هيَّئ لهم سراً إلى الأبد. لا ملاك ولا انسان يكون له هذا المصير. وحدهم ينالون عقابهم إلى الأبد".

69 (1) ولكن بعد هذا الحكم، سيجعلون سكّان اليابسة يرتجفون ويثيرونهم، لأنهم أروهم هذا.

أسماء ووظائف الملائكة الساقطين
(2) إليك أسماء هؤلاء الملائكة: أولهم شميحزا. الثاني ارتاقيف. الثالث أرمن. الرابع كوكبئيل. الخامس طوروُئيل. السادس رومئيل. السابع دانئيل. الثامن نقائيل. التاسع برقئيل. العاشر عزازيل. الحادي عشر ارماروس. الثاني عشر بتريال. الثالث عشر بساسئيل. الرابع عشر حنانئيل. الخامس عشر طورئيل. السادس عشر سيميفسئيل. السابع عشر يترئيل. الثامن عشر تومئيل. التاسع عشر طوريال. العشرون رومئيل. الحادي والعشرون عزازئيل.
(3) وإليك رؤساء الملائكة واسماؤهم، قوّاد المئة، قوّاد الخمسين، وقوّاد العشرة. (4) اسم الاول يقون. هو الذي أغوى أبناء الملائكة: أحدرهم إلى اليابسة وأغواهم بواسطة بنات البشر.
(5) واسم الثاني حشبئيل. هو الذي دلّ أبناء الملائكة القديسين على مخطّط الشؤم: دفعهم لكي يدنّسوا جسدهم مع بنات البشر.
(6) اسم الثالث هو جدرئيل. هو الذي أرى البشر جميع الضربات المميتة، هو الذي أغوى حوّاء وأرى البشر الترس والدرع والسيف القاتل وكل أدوات الموت. (7) بيده كان كل هذا لدى سكّان اليابسة، منذ ذلك الوقت وإلى دهور الدهور.
(8) اسم الرابع فنموئيل. هو علّم البشر الحلو والمرّ وأراهم جميع أسرار علمهم. (9) هو الذي علّم البشر الكتابة بالحبر والبردي، وهكذا ضلّ أناس كثيرون منذ الدوام وإلى الدوام وإلى هذا اليوم. (10) فما وُلد البشر لكي يؤكّدوا صدقهم بالقلم والحبر.
(11) لم يُخلق الانسان مغايراً عن الملائكة. خُلق ليبقى نقياً باراً. والموت الذي يفسد كل شيء كان قد عفى عنهم، ولكن معارفهم جعلتهم يهلكون. وبسبب هذا السلطان يفترسني (الموت).
(12) اسم الخامس كسديائي. هو الذي أرى البشر كل ضربات الأرواح والشياطين المشؤومة، والقتل وعضّة الحيوان وضربة الظهيرة، وابن الحيوان المسمّى ذكراً...

ثبات الكون
(13) هذا هو رقم كسبئيل، محرّك الميثاق، الذي أراه القدّيسين ساعة كان يسكن في العلاء في السماء: اسمه بيقا. (14) هو الذي سأل مخائيل أن يكشف له الاسم السرّي ليذكره الملائكة في الميثاق، لكي يجعل هذا الاسم وهذا الميثاق الرعب على الذين علّموا البشر جميع الأسرار. (15) هذه هي ميزة هذا الميثاق: هو قويّ وثابت. كان قد سلّم أكائي هذا الميثاق إلى مخائيل.
(16) إليك أسرار هذا الميثاق: بفضل ميثاقه... هو ثابت. علِّقت السماء قبل خلق العالم وهي هناك إلى الأبد.
(17) وثبِّتت الأرض على المياه، ومن خفايا الجبال جاءت المياه الطيّبة، منذ خلق العالم وإلى الأبد.
(18) وبفضل هذا الميثاق، خُلق البحرُ. جعل الرمل له أساساً لزمن الغضب، وهو لا يتعدّاه منذ خلق العالم وإلى الأبد.
(19) بفضل هذا الميثاق، ثبِّتت الأغمار، جمدت وما تحرّكت من مكانها من الأزل إلى الأبد.
(20) بفضل هذا الميثاق تتمّ الشمسُ والقمر مسيرتهما ولا يتعديّا ناموسهما من البدء.
(21) بفضل هذا الميثاق تُتمّ الكواكب مسيرتها. يناديها باسمها فتجيبه من الأزل إلى الأبد.
(22) وكذلك الماء ونفخة الرياح وجميع الأرواح وطرقها في كل جماعات الأرواح.
(23) هناك حُفظ صوتُ الرعد ولمعُ البرق. هناك حُفظت خزانات البرَد، وخزانات الجليد، وخزّانات الغمام، وخزانات المطر والندى. (24) كل هؤلاء يؤدّون الخضوع ويرفعون الشكر أمام ربّ الأرواح. يمجّدونه بكل قواهم، ويقوم طعامهم بكل أفعال الشكر. هم يشكرون ويمجّدون ويعظّمون اسم ربّ الأرواح إلى دهور الدهور.
(25) لأجلها وُضع هذا الميثاق وأقرّ. وبفضله حافظت على جميع طرقها وما حادت عن مسيرتها.

مديح ابن الانسان
(26) أحَسّوا بفرح عظيم،
باركوا، مجّدوا، عظَّموا،
لأن اسم ابن الانسان هذا كُشف لهم.
(27) جلس على عرش مجده
ومجمل الدينونة أعطيت لابن الانسان هذا.
يزيل الخطأة من على وجه الأرض
ويسلّمهم إلى الفساد مع الذين أضلّوا العالم.
(28) يقيّدون ويُسجَنون في حبس الفساد
وكل عملهم يزول من على وجه الأرض.
(29) عند ذاك لن يكون شيء فاسد
لأن ابن الانسان هذا قد ظهر
وجلس على عرش مجده.
زال كل شرّ من على وجه الأرض ومضى.
يتحدّثون إلى ابن الانسان هذا
فيقوم أمام ربّ الأرواح.
هنا ينتهي المثل الثالث من "أمثال أخنوخ".

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM