تقديم

تقديم

ها هي سلسلة "على هامش الكتاب" تتابع مسيرتها. بعد كتابات قمران في جزئين، ها نحن أمام الكتب المتعلّقة بأخنوخ سابع الآباء. هناك أخنوخ الأول أو كتاب أخنوخ (1 أخن) الذي يرد في خمسة أقسام بدت في الاصل مستقلّة بعضها عن بعض: كتاب الساهرين (ف 1- 36) أو سقوط الملائكة ورحلة أخنوخ الرؤيويّة. كتاب الامثال (ف 37- 71) أو أمثال أخنوخ أو الخطب الاسكاتولوجية. كتاب النيّرات (ف 72- 82) أو مقال في علم الفلك والمظاهر الجويّة (الشمس، القمر، الرياح). كتاب الاحلام (ف 83- 90) أو أحلام أخنوخ الرؤيوية. رسالة أخنوخ (ف 91- 108) أو الارشادات.
هذا الكتاب الذي دوّن في الاراميّة، كما تقول مخطوطات قمران، ترجم إلى اليونانيّة ومنه إلى الحبشيّة وسائر اللغات. ولكننا لا نجد نصّه الكامل إلاّ في الحبشيّة. هذا مع العلم أن النص الحبشيّ نقل إلى العبرية.
وبعد أخنوخ الأول هناك أخنوخ الثاني (2 أخن) الذي دوّن في اليونانيّة، ولكننا لا نقرأه الآن إلا في السلافونيّة أو السلافية القديمة في عشرين مخطوطاً. نتعرّف فيه إلى "حياة" أخنوخ وإلى ما جرى من أحداث بعد انتقال أخنوخ إلى السماء.
أما أخنوخ الثالث (3 أخن) فقد دوّن في العبريّة بين القرنين الخامس والسادس ب. م. غير أنه ينقل تقاليد صوفيّة تعود إلى القرن الأول المسيحيّ، وربّما إلى ما قبل ذلك الوقت. وصل إلينا الكتاب في نسختين، واحدة قصيرة والاخرى طويلة. وهو يروي صعود رابي اسماعيل إلى السماء، ويتحدّث عن مشاهدة عرش الله، والمركبة الالهيّة، والوحي الذي تلقّاه من رئيس ملائكة اسمه مططرون حول عجائب السماء. نُسب هذا المؤلَّف إلى رابي اسماعيل الذي هو عالم فلسطينيّ مات سنة 132 وقبل ثورة ابن الكوكب. ولكن هذه النسبة إلى رابي اسماعيل لها طابع اصطلاحي. أما لماذا ارتبط الكتاب بأخنوخ، فلأن مططرون الذي ينقل الوحي هو أخنوخ نفسه.
ينقسم الكتاب أربعة أقسام: صعود اسماعيل إلى السماء السابعة برفقة الملاك (ف 1- 2). والوحي الذي تلقّاه اسماعيل من مططرون رئيس الملائكة عن ارتفاعه فوق جميع الملائكة، عن تحوّل نفسه وجسده، وعن مختلف الوظائف التي في السماء (ف 3- 16). تقديم تراتبيّة الملائكة وتنفيذ الدينونة ومسيرة الليتورجيا السماويّة (ف 17- 40). معجزات السماء (ف 41- 48) بطابعها الكوسمولوجي والاسكاتولوجي (ومنها الفرغود الذي هو ستار يوضع أمام وجه الله وفيه تاريخ البشريّة كلها منذ آدم حتى مجيء المسيح)، والانتروبولوجي (أنواع النفوس). أما الفصول التي تتحدّث عن ارتفاع أخنوخ، فهي أقدم ما في الكتاب.
إن 3 أخن ينتمي إلى التيّار الصوفيّ اليهوديّ المرتبط بالمركبة الالهيّة كما في تفسير أش 6: 1 (عرش الله) وحز 1- 2 (المركبة) وفي نصوص قمران.
كان بالامكان أن نتوقّف عند نصوص أخنوخ كما وُجدت في إحدى عشرة مغارة في قمران، ولكننا لم نفعل. فقد نعود إلى هذه النصوص في دراسات لاحقة عن قمران.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM