الفصل العشرون: إقتدوا بالله

الفصل العشرون
إقتدوا بالله
5: 1- 7

تنتمي هذه المقطوعة إلى القسم الإرشادي في أف. تنتمي إلى الفقاهة الأولى التي كانت نداء إلى الوحدة والسلام، وتحريضاً من أجل حياة جديدة. نحن هنا أمام تحريضات عماديّة تتوجّه إلى معمّدين جدد، وبالتالي إلينا. نُدعى لكي ندخل إلى طريقة الله في عمله، إلى الاقتداء به من خلال صلاحه المشعّ. فنحن مسيحيّون لأننا نعيش في مناخ المحبّة الإلهيّ. نحن مسيحيّون لأنّ الله أعطانا روحه لنحيا من حياته. نحن مسيحيون بعد أن ألزم المسيح نفسه بنا، بعد أن قادنا الروح في حياة جديدة تجعلنا نتجاوز نفوسنا فنصل إلى الأعالي اللامحدودة. هذه بداية الفقاهة الأولى التي نقرأها في بداية أف 5: إقتدوا بالله كالأبناء الأحبّاء.

1- نظرة عامّة
بعد تحذير من "أحزان" الروح الذي به خُتمنا، وبعد نداء إلى الغفران المتبادل والتسامح على مثال الله الذي سامحنا في المسيح، نصل إلى الاقتداء بالله. نحن هنا أمام النصّ الوحيد في العهد الجديد، حيث نرى كلاماً مباشراً عن الاقتداء بالله. لا شك في أنّ يسوع يدعونا إلى أن نكون رحماء على مثال الآب السماوي، كاملين كما أنّ الآب السماوي هو كامل (لو 6: 36؛ مت 5: 48). ولكن لاقتداء كاقتداء لا نقرأه إلاّ في هذا المقطع.
عن هذا الاقتداء قد تحدّث الفلاسفة الرواقيون. نذكر مثلاً ابيكتاتس حواراته: "ما نكتشفه لدى الآلهة، على الإنسان الذي يريد أن يرضي الآلهه ويطيعهم، أن يحاول تحقيقه قدر الإمكان، بالتشبّه بهم: إذا كان الإله أميناً، فعلى الإنسان أيضاً أن يكون أميناً. إن كان الإله حراً، فعلى الإنسان أيضاً أن يكون حراً. وهكذا عليه بعد اليوم أن يفتدي بالله في كل ما يفعل وما يقول".
إنّ الاختلاف الأساسيّ بين الوجهة الفلسفيّة والوجهة المسيحيّة، نجده في المكانة المعطاة لمحبّة الله كما كُشفت لنا في موت المسيح الفدائي. وترد كلمات عباديّة مأخوذة من العهد القديم: تقدمة ذبيحة، رائحة طيّبة. ونجد ما يقابل هذه الفكرة ما نقرأه في الرسالة إلى العبرانيين التي تتحدّث عن ذبيحة المسيح عن الخطيئة، فتشدّد لا على الموت في حدّ ذاته، بل على بذل الحياة تضامناً مع إخوته البشر.
ويبدأ تحذير جديد ضدّ رذائل العالم الوثنيّ (رج كو 3: 5). نجد مثله في مر 7: 21- 22 وز (الفجور، السرقة، القتل، الزنى، الطمع)؛ روم 1: 29- 30 (الظلم، الشّر، الطمع، الخبث)؛ 1 كور 5: 11 (الفحش، الطمع، عباد الأوثان، الشتم، السكر)؛ 2 كور 12: 20 (خصومة، حسد، منازعات نميمة)؛ غل 5: 19- 21 (الفجور، النجاسة، العهر، العداوة، الخصومة)؛ كو 3: 5؛ 1 تى 4: 3- 6؛ 1 بط 4: 3؛ رؤ 21: 8.
نلاحظ هنا المقابلة بين الطمع وعبادة الأوثان. فالمسيح قال: لا يستطيع أحد أن يعبد سيّدين: الله ومامون (المال الذي نستند إليه. يجعلنا في "أمان") (مت 6: 24). أما عبارة "ميراث الملكوت" فهي تقليديّة. نقرأها مثلاً في مت 5: 4؛ مر 10: 17 وز. كما يستعيدها بولس في سياقات مشابهة (1 كور 6: 9- 10؛ غل 5: 21) ليدلّ على اللاتوافق بين انحرافات أخلاقيّة خطيرة والعلاقة مع الله. ونلاحظ هنا عبارة خاصة: ملكوت المسيح والله. أي ملكوت المسيح الذي هو الله. أو بالأحرى نحن أمام مرحلتين في مجيء الملكوت: ملكوت المسيح الحالي وملكوت الآب النهائي حين يصل عمل الخلاص إلى تمامه كما في 1 كور 15: 24- 25.

2- إقتدوا بالله (5: 1- 2)
وتبدأ الكرازة الثانية مع تحريض في إطار العماد. ينادي الرسول قرّاءه "أبناء (أولاد) أحبّاء". ويدعوهم إلى أن يحبّوا بدورهم. وسوت يناديهم في آ 3: القدّيسين، أي المكرّسين لله من أجل حياة تليق بدعوتهم. هذا يقابل ما نقرأ في كو 3: 12: مختاري الله، المقدّسين، المحبوبين. نشير إلى أنّ هذه الألفاظ توجد معاً في خبر عماد يسوع الذي يناديه الصوت السماويّ: الابن، المختار، الحبيب.
إستعمل بولس لفظة "تكنا" ليتوجّه إلى قرّائه، إلى "أبنائه في الرّب" (1 كور 4: 14؛ 2 كور 6: 13؛ غل 4: 19. وسنجد صيغة المفرد "ابني" في الرسائل الرعائية). أما هنا فالحديث عن أبناء الله الأحبّاء، المدعوّين إلى الاقتداء به. هنا نبقى بعيدين عن علاقات خاصة كما بيْن الآب والابن على ما في غل 4: 6 أو 5: 45، 48. مهما يكن دور العاطفة والعفويّة في اللّجوء إلى هذه الألفاظ، فهي ترتبط باستعمالها في العهد القديم في إطار الاختيار وعهد الله مع شعبه.
والنداء إلى الاقتداء بالله يدخل هو أيضاً في لاهوت العهد والميثاق. إنه يدلّ على خبر الخلق (الإنسان على صورة الله ومثاله، تك 1: 26- 27) وعلى متطلّبات الإيمان (العلاقات مع القريب تتأسّس على تصرّف الرب تجاه شعبه). إنّ التوافق مع الآب يتسجّل بدوره في قلب الكرازة بالملكوت (مت 5: 45). ثم يتواصل الموضوع في النداء إلى الاقتداء بالابن في أشكال مختلفة: نداء إلى أن نتبع يسوع كما في الأناجيل الإزائية. إلى أن نتصرّف مثل المعلّم كما في إنجيل يوحنا.
وتبقى عبارة "مقتدين بالله" فريدة. ففي التقليد البولسيّ، يدلّ فعل "اقتدى" على الامتثال بالمثال الرسولي (1 كور 4: 16: تكونوا بي مقتدين؛ فل 3: 17: إقتدوا يا جميعكم؛ 2 تس 3: 7: ينبغي أن تقتدوا بنا). إنّ النموذج الذي يقدّمه لنا الرسول يمثل خطوة تعود بنا إلى المسيح (1 كور 11: 1: إقتدوا بي كما أنا أقتدي بالمسيح)، إلى الرب (1 تس 1: 6: اقتديتم بنا وبالربّ). فالاقتداء بالله، مهما كانت السوابق، يعود بنا إلى موضوع واحد هو المسيح. فالله يرى فيه ذاته كلها، والحبّ الذي يدفعنا إلى الاقتداء هو حبّ يسوع. هذا ما تقوله آ 2.
"أسلكوا في المحبة" (آ 2). إنّ هذه المحبة قد كُشفت في المسيح "الذي أحبّنا وبذل نفسه لأجلنا". إنّ هذه الكرازة تستند إلى عبارة إيمان سابقة سوف نجدها من جديد في 5: 25. تُستعمل هنا لفظتان مختلفتان لتعبرّ عن واقع واحد. هنا عمل، عمل المسيح الذي يُجمل كل الأعمال ويعطي الحبّ تعبيره النهائيّ فالكرازة الرسوليّة والمعموديّة والعشاء السّري تعود إلى اعتراف ايمانيّ بـ "المسيح الذي بذل نفسه لأجلنا". هنا نذكر غل 1: 4 (بذل نفسه من أجل خطايانا) و2: 25 (أحبّني وبذل نفسه عني). كما نذكر التعابير اليوحناويّة (13: 34، 35؛ 15: 9، 12، 13).
تدور أشكال هذا الاعتراف حول نماذج مختلفة: تارة يكون الفعل في صيغة المجهول (أسلم، فيكون الفاعل الله، البشر، يهوذا). وطوراً يكون في صيغة المعلوم (الله هو الفاعل، يو 3: 16: بذل الله ابنه الوحيد). ومرّة ثالثة في صيغة يعود فيها الفعل إلى الفاعل (يسوع أسلم نفسه، رج يو 10: 17، 18). وقد يحلّ محل المستفيدين (من أجلنا) المسبب الذي لأجله بذل يسوع ذاته (خطايانا، غل 1: 4). غير أنّ أف تقدّم التعبير الأول الذي يبقى غير واضح فيفتح الباب أمام تعليلات ممكنة. والتفاسير التي تُعطى تكون في أساس مختلف النظرات اللاهوتيّة إلى الفداء.
إنّ آ 2 تنسب بُعداً صريحاً إلى بذل الذات، وتدخلنا في الخطّ الذبائحيّ. هناك "بروسفور" أي ما يقدّم لله. أو: التقدمة الموضوعة على المذبح. ثم "تيسيا" أي ما يُذبَح. وأخيراً، "أُسمي إوودياس" أي رائحة عطر طيّبة. ما ينال رضى الله. كل هذا ينتمي إلى اللغة العباديّة في العهد القديم.
حين حدّدت أف قيمة ذبيحة يسوع، هل قدّمت شيئاً جديداً بالنسبة إلى التعبير الإيمانيّ وتفسيره السابق؟ إنّ العهد الجديد لا يطبّق بشكل عام الألفاظ الطقوسيّة على موت يسوع (ما عدا عب 10: 10- 14). ونرى شهادة عن رفض الذبائح ثلاث مرات: في عب 10: 5 (ذبيحة وقرباناً لم تشأ، رج مز 40: 7)، في مت 9: 13 (أريد الرحمة لا الذبيحة، رج هو 6: 6)، في أع 7: 42 (هل قرّبتم ذبائح، رج عا 5: 25).
عندما تُستعمل الألفاظ الذبائحيّة فهي تعني تقدمة الحياة المسيحيّة (روم 12: 1؛ فل 2: 17؛ 4: 18؛ 1 بط 2: 5). في هذا المجال، نحن في خطّ معاكس لذلك الذي يخطر على البال: إنّ التأكيد على ذبيحة الحياة المسيحيّة يعود بنا إلى المسيح لكي نفسّر موته. المسيح هو النموذج.

3- أما الزنى والنجاسة (5: 3- 5)
ويتبع النداء إلى الاقتداء بالله تحذيرٌ قويّ هو تعبير عن فقاهة أخلاقيّة تدعو المسيحيّين إلى "قطع العلاقات مع العالم". إنه ينتمي إلى تقليد واسع نجد تعبيره الأساسيّ في 1 كور 10: 14- 22 أو 2 كور 6: 14- 7: 1.
نجد في مثلّث يتضمّن ثلاث ألفاظ، صورةً عمّا تركه المؤمن وراءه. هناك أولاً "بورنيا" أي السلوك الجنسيّ اللاأخلاقيّ الذي يتضمّن في العالم اليهودي كل زواج مع الوثنيين. وثانياً "أكاترسيا" أو النجاسة بكل أشكالها. وثالثاً، "بليوناكسيا" أو الطموح بأن نمتلك أكثر وأكثر. الإنحرافان الأخيران قد ندّد بهما الرسول في الفقاهة السابقة (4: 19). أما كو 3: 5 فتطيل اللائحة. إنّ هذا الرفض المثلّث هو استباق لعبارة الاستبعاد من الملكوت كما في آ 5، وهو يشمل الصفات عينها. إنّ التحريض يرتكز على تقليد سيجد اسناده فيما بعد.
"لا يُذكر حتى اسمه في ما بينكم". أي لا يوجد في أعمالكم، بل لا يوجد في محادثاتكم. هنا يشير إلى قول يسوع حول الزنى: لا العمل فقط، بل النظر أيضاً (مت 5: 27 ي). وهكذا تتحدّث أف حتى عن الإشارة إلى مثل هذا.
الكلام القبيح. نجد هنا أهمية كل ما يتعلّق بالكلام في الكرازة الأفسسيّة. كانت الكرازة السابقة قد شدّدت أيضاً على هذا الموضوع (4: 29، 30). إنّ فعل "يذكر" كان مناسبة لمثلّث آخر حول ما يتلفّظ به الفم: الكلام القبيح، الكلام السخيف، الكلام الساخر... بل بالحري الشرّ. لقد نجا الشعب المسيحانيّ من الموت فصارت حياته كلّها شكراً، صارت افخارستيا.
واعلموا هذا لأنكم تعلّمتم" (آ 5). إعلموا، أي احتفظوا بالتنبيهات التي سبقت. ولقد تعلّمتم بما وصل إليكم من تقليد. وهكذا يستند التحريض إلى معطية من معطيات الكرازة العماديّة. نجد في 1 مل 20: 3 (حسب السبعينية) هذين الفعلين (أويدا، غينوسكو). إنهما يدلاّن على التشديد: إعلموا جيّداً.
إنّ القول هو جزء من قواعد الاستبعاد والطرد (وحتى الحرم). حين يُعلن في الجماعة فهو يستبق الدينونة. أما عبارة "ورث الملكوت" فهي خاصّة ببولس. وهي تدلّ على وظيفة سلبيّة. فكأني بها لم تعد تلعب دوراً في الكرازة، فاحتفظت بقيمة قانونيّة في الجماعات حيث صارت قاعدة تأديبيّة. يُجعل الميراث في الحاضر. إذن، نحن أمام استبعاد يمنعنا منذ الآن من المشاركة في الملكوت. والميراث هو ميراث المسيح والله، ميراث في ملك المسيح وفي ملك الله.
كل واحد من هؤلاء هو عابد أوثان. فعبادة إله غريب تجعل المؤمن غير جدير بالملكوت. فالانتماء إلى المشيح، شأنه شأن عبادة الأصنام، لا ينحصر في المجال الدينيّ. فكلّ خُلُق هو إعلان إيمان. نحن هنا أمام صدى لما في كو 3: 5 حيث عبادة الأوثان تشبه الزنى والطمع.

4- لا يغزكم أحد (5: 6- 7)
هنا تبدأ الكرازة (الفقاهة أو التعليم المسيحيّ) الثالثة. ترتبط آ 6 مع ما سبق، وتنقل إلى المستوى التعليميّ النداء إلى الانفصال عن الشّر. وفي آ 7 تدخل الأداة "اون" (إذن) فتدلّ على استعادة الفقاهة التي تجد قمّتها مع المسيرة في النور. وهكذا تبدو آ 6- 7 بشكل انتقالة بين فقاهة وفقاهة.
تبدأ آ 6- 7 (كما في الفقاهة الأولى، 4: 17) بشكل جذريّ قاطع: لا اتصال إطلاقاً مع أبناء المعصية (رج جماعة قمران). لا تشتركوا معهم (آ 7) (ماتوخي). هذا الفعل قرأناه في المقطع حول التعليم عن اللحوم المقدّمة للأصنام: "لا تستطيعون أن تشتركوا في مائدة الرب ومائدة الشياطين" (1 كور 10: 21؛ رج آ 17). ونقرأ في 2 كور 6: 10: "لا تشتركوا مع الكفرة تحت نير واحد. إذ أي شركة بين البرّ والإثم؟ وأي مخالطة للنور مع الظلمة"؛ لا مساومة مع أبناء المعصية، لا توافق إطلاقاً بين النور والظلمة.
تتضمّن آ 6 تحذيراً قاطعاً تجاه التعاليم الكاذبة التي أشار إليها 4: 14 ثم 4: 22- 23. غير أنّ التلميح ظلّ غير واضح إذا قابلناه بما في كو.
"لا يغرّكم أحد بأقوال فارغة". تعود هذه العبارة إلى الينبوع الذي استقت منه كو 2: 8. غير أنّ كو أبرزت الأفكار (أو "الفلسفة") التي انتشرت هنا وهناك فمارست سحرها. أما أف فتحدّثت عن هذا "الفراغ" على مستوى الخلقيّات (مر 4: 10؛ 2 تس 2: 10). ودلّت 2 بط 2: 13 على أنّ للكذب الخادع وجهتين لا تنفصلان: التعليم، والممارسة التي تنبع من هذا التعليم.
أما أداة الكذب فهي الخطب الفارغة التي "تسحر" المعمّدين. إلى من يشير الرسول؟ إلى ناشري إيديولوجيّات وثنية؟ إلى مجادلين من اليهود أو من المسيحيّين انحرفوا عن جادّة الصواب؟ هذا ما لا يوضحه النصّ. ولكن كل ما نعرفه هو أنّ "أنبياء المعصية" يتعرّضون لغضب الله. وإذا عدنا إلى 2: 3 وكو 3: 6، فقد نكون أمام أناس يرتبطون بالحضارة الوثنيّة وبممارسات دينيّة ورثوها خلال الاحتفال بعباداتهم السابقة.

خاتمة
تلك كانت الفقاهة الثانية الداعية إلى الاقتداء بالله. سبقتها فقاهة أولى حول الإنسان الجديد الذي نلبسه بعد أن نخلع القديم مع شهواته. وسوف تتلوها فقاهة ثالثة تدعو المؤمن لكي يسلك كأبناء النور، لكي يثمر ثمر النور. جاءت الفقاهة التي درسنا في عبارات سلبيّة تدعونا إلى تجنّب النجاسة والطمع... فبدت كما في روم 14: 17 حيث نقرأ: ليس ملكوت الله أكلاً ولا شرباً. وكما في 1 كور 4: 20: ملكوت الله ليس بالأقوال. ولكن تبقى الوجهة الإيجابيّة: ملكوت الله هو برّ وسلام وفرح في الروح القدس. أما غل 5: 21 فقالت: ثمر الروح هو المحبّة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف والحنان والوداعة والعفاف. هذا هو الإنسان الجديد. إنه يحيا بالروح، لهذا فهو يسلك بحسب الروح فيفتدي بالله كما يفعل الأبناء الأحبّاء.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM