الطبيعة وآلام المسيح

 

 

الطبيعة وآلام المسيح

 

1      يصعب جدًّا على الشرّير أن ينظر قباحته،

فالخير كالمرآة يأتي إليه.

يوبّخه على قباحته التي ظنّها حسنة

الردّة   التسابيح لنعمتك.

2      النعمة تفاجئ ناكر الجميل،

فيتعلّم بعد مرّة ومرّتين ويدرك ويتبيّن،

مرارته في نفسه، ساعة ربُّه عذب.

3      لهذا ما أتى (= المسيح) في جيل الصدّيقين.

هذا لا يعني أنّهم ليسوا أهلاً، بل حلاوته

توبّخ القلوب المرّة التي أنكرت مجيئه.

4      البحر انشقّ للغاطس فنزل فيه.

وسّع له حضنه، بيّن له كنزه

وهب فأغناه، حمل فأصعده.

5      الصخرة التي قُطعت صارت بآلامه،

سورًا للبشر في الحرب والقتال

وقفت أمامهم وحفظت كنوزهم.

6      الخشبة في صغرها تشبه الصليب،

حُملت في البحر، زُيِّحت في اليابسة.

فوائدها كثيرة، معوناتها غنيّة.

7      الحديد القويّ يُكرَه في النار،

يُعذَّب ويضايَق ويرعبه البشر

ومتى ضُرب أعطى الأجر عن ضربه.

8      والذهب ابن الأحرار، يُضرَب ولا خطأ في ذلك

جنبيه لكلّ الضربات وهب، في سرّ ربّنا

صغره للإكرام، آلامه للتسبيح

9      الحديد والإبرة يثقبان المرجان

كما ثقب بالمسامير على الصليب

وصار بآلامه فخرًا للإنسان.

10     من يقدر أن يخبر ما تعانيه الحنطة،

بقدر ما تُضرَب وتعذّب تأتي

فتهب في ضيقها الحياة لمن يضايقها.

11     العنقود تعذّبه رِجلا من يدوسه

بدمه تطهر وصمته بمرارته يتحلّى

وإن هو عتق يصبح خمره عذبًا

12     حين تؤكل الثمرة طلمُها بالآلام

تصبّ داخل الفم سرّ هذه الثمرة

حين يُؤكل جسدُه يُحيي آكليه.

13     كم يعذّب الدبس محلِّي الجميع

حين يخضِع ربّك، قوّته لآكليه،

يعطي الأصحّاء عذوبة، والمرضى قوتًا.

14     الأطياب (كالشهداء) الظافرين يُرمَون في النار

فيعطّر برائحتهم مثل ربّهم الصالح

الذي أفاح بموته رائحة حياته.

15     هكذا هو الطير. حين يضرب الهواء

بجناحيه كما بذراعيه، متنه يُخضعه

ومثل عروس في العلاء يزيّحها بقدرته.

16     والفلاّح أيضًا. بواسطة الحديد الأرضَ

يقسمُ ويشقّ فلا تغضب في ألمها

كنوزها ورحمها تفتح في آلامها.

17     الخروف في صَفاره، لباسه وكساها

"مشلح" ويهبه كلّه لمن يجزّه

مثل الحمل الذي قسم ثيابه بين صالبيه.

18     سرُّ الحمل عظيم هو: وديع في حياته،

يُخضَع في مماته، اقتسامه للأفراح

وأوتار كنّارته للهتاف والأناشيد

19     قديمٌ تعليمُه ولا يُدرَك زمانه،

يقيم في الفتوّة ويُحتقَر معها.

صغُر ليعظّمها ويوقّرها كثيرًا.

20     ها كلّ هذه تعلّم بأسرار فيها

تفتح بآلامها كنز غناها

وآلام ابن الصالح مفتاح كنوزه[1].

 




[1]أناشيد الطفولة، النشيد الحادي عشر.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM