الميمر الخامس:معجزات طبيعية

الميمر الخامس

معجزات طبيعيّة[1]

 

الخبز والخمر[2]

ها المعجزة في الخبز، يا إخوتي،

وداخل الشراب العجيبة.

طعمَ الخبز والخمر،

يدرك الفمُ بجلاء.

 

في خلق الخبز والخمر،

يندهش القلب في الخفاء.

كلّ مُتقَن أتى إلينا،

نطلب الأمرين الأمرين[3].

 

نأكل الخبز ونسبّح،

لأنّه من التراب الحقير خرج.

نشرب الخمرة ونبارك،

لأنّه خرج من ثديَي الجفنة.

 

ما تفعله النار[4]

وعلى الزيت[5] نتلو المجد،

فهو ينبع من الشوك القاسي،

نشكره على كلّ شيء،

أعدَّ بواسطة النار.

 

إن كانت النار لا تُؤكَل،

فهي تهب الطعم إلى ما نطبخ.

الحرارة هي في الطعام،

ما دامت النار لم تُقطَع.

 

هي هناك وما هي هناك،

هي نار داخل الطبيخ،

حرارتُها قريبة،

ولهيبُها بعيد.

 

حلّت هناك قوّتُها الخفيّة،

فصوّرت السرَّ الجليّ.

الحرارة تشبهها في القدرة،

ولا تشبهها في شيء آخر.

 

تشبهها بالحرارة والقوّة،

وفي اللون لا تشبهها،

بهذه يدهش الآكل،

بتلك يُعجَب الشارب.

نأكل ونشرب ونسبِّح

الربّ، بهذه وتلك.

 

عمل الشرّير[6]

الشرّير يعلّمنا، يا إخوتي،

أن نتشائم على أكلنا.

حيث يليق بنا أن نكون صدّيقين،

هنا نخطأ ونزيد.

وحيث ينبغي أن نبارك،

هناك نتعلّم اللعنات.

تافه، مالح أو مخلّل،

هناك شُتم كلُّ إنسان.

 

على الذين في الداخل وعلى الذين في الخارج،

الملامة والاتّهامات.

على خمرنا وعلى مائدتنا،

ينبغي لنا أن نذكر الآب.

 

شاول وإخوة يوسف

حين يأكل إنسانٌ أو يشرب،

لا يذوق طعم الحيوانات.

مع اللحم الذي أكله شاول

أكل لحمَ داود[7].

ومع الخمرة الظاهرة التي شرب،

شرب دمه في الخفاء.

 

يوسف أكله إخوتُه

لأنّهم في الخفاء أكلوا لحمه.

باعوه وجلسوا يأكلون[8]،

وتنعّموا وتخلّصوا منه.

 

فرح يوسف بإخوته[9]

يوم سمعوا أحلامه[10]،

في ذلك اليوم كان لهم الخبز.

ما جازاهم على فسادهم،

حين تنعّموا على مائدته.

 

ما استعذب الخبز في مصر،

مثل ذاك الذي أكل مع إخوته.

ولا استعذب خمر فرعون،

كما شرب مع أحبّائه.

كان إكليل إخوته أجمل له،

من التاج على رأس فرعون.

 

مزج يوسف الخمر والحبّ

في الشراب الذي شرب مع إخوته،

مزج حبّهم بالخمر.

ما استعذب الخمر التي شرب،

كما استعذب حين رآهم.

 

استعذب الخمرَ قليلاً،

وحبَّهم أكثر بكثير.

رأى الشاربُ حبيبَه،

ومع الخمر شرب الحبّ.

وإن هو رأى مبغضيه،

شرب الغضب مع شرابه.

 

نمزج الحبّ لإخوتنا

نمزج الخمر التي في كؤوسنا،

بحبّ أحبّائنا الجميل.

تركض الخمرُ في شرايينا،

وينزل الحبّ في أفكارنا.

 

ينزل المأكل إلى البطن،

وتبقى الصلاة في الوجدان.

إن كان مأكلنا بلا طعم،

ليكن الطعمُ في وجداننا.

 

إن تقاتلنا مع من لا طعم له،

صار فكرنا بلا طعم.

وإن غضبنا على من فيه ملح،

فلا ملح لوجداننا ولا طعم.

 

وإذا شتمنا من الخلّ فيه،

فليس هذا قوتنا إلى الأبد.

تلك الأبديّة مخفيّة

تبدو بلا طعم وبلا ذوق

 

أمّا الأطعمة الزمنيّة ففسدت،

لأنّها ليست بنت يومها،

وحتّى متى نقول هذه،

يا إخوتي، ونقول مثل هذه؟

يكفي هذا التوبيخ،

حيث أقول ولا أفعل.

 

 



[1] الطبيعة تقدّم المعجزات: الخبز، الخمر، النار، الحرارة، والمحبّة: لا تأكل قريبك خلال المأدبة، أي لا تثلبه صيته. وكان مثلان: شاول وداود، يوسف وإخوته. يتألّف هذا الميمر من مئة بيت من الشعر.

[2] حين نأكل الخبز ونشرب الخمر، نمدح الخالق لأجل معجزة الخبز والخمر.

[3] أي عمل الطبيعة وعمل الإنسان.

[4] هي تعمل في الطعام فتنقل إليه حرارتها.

[5] نحتاج الزيت لكي نطبخ الطعام. بل نستعمله أيضًا من أجل الإنارة.

[6] هو يحثّنا غلى الخطيئة خلال مآدبنا. فنفتري بدلاً من أن نبارك، نقول السوء عن الآخرين ولا نتذكّر أبانا السماويّ.

[7] 1 صم 20: 24. "فلمّا كان أوّل الشهر، جلس الملك للطعام". ولكنّه أراد أن يأكل لحم داود ويشرب دمه، في محاولات عديدة لقتله.

[8] تك 37: 25: "ثمّ جلسوا يأكلون". ما اهتمّوا بأخيهم. وفي النهاية باعوه ليستريحوا من أحلامه، التي تدلّ، في الرمز، على مخطّط الله.

[9] ودعاهم إلى مائدته. تك 43: 30ي.

[10] تك 37: 1-11. في الواقع، رأى حلمين. إخوته حسدوه. أمّا أبوه فحفظ كلّ هذا في قلبه.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM