الميمر الثالث:نأكل ونشرب كما الرسل

الميمر الثالث

نأكل ونشرب كما الرسل[1]

 

في تكثير الأرغفة[2]

ها الجسد والنفس، يا إخوتي،

والمائدة والتعليم أيضًا.

للجسد مائدة جليّة،

وتعليم خفيّ للقلب[3].

 

للمتّكئين الذين أتكأهم ربُّنا،

يشبه متكأنا، يا أحبّائي،

اندهشوا وأيضًا شبعوا،

واغتذوا نفسًا وجسدًا.

 

ففي هذا الخبز (الكثير)

اختفت مأثرة كبيرة.

في الجلاء، راحة للجسد،

وراحة للنفس في الحفاء.

ما توقّف أكلُ الجسد

والعقل ما اندهش.

 

دهشة قبل الطعام[4]

ما توقّف الفمُ عن الابتلاع،

واللسان عن التسبيح،

فلو وُزن هناك

الشكر مع المأكل،

لتفوّق التسبيح على المأكل

تفوّقًا كبيرًا.

 

ولكنّهم ما ابتلعوا

هكذا فقط سبّحوا.

واحدًا بمئة وهبوا التسبيح

 

اختطفوا الخبز حين رأوه، أكلوا،

تعجّبوا حين رأوا الآية[5] واندهشوا

وتتشبّه بموائدهم

مائدتُنا، يا أحبّائي.

 

في قانا[6]

ونحن أيضًا نندهش ونشكر،

أن يجري الشبع من الجفنة،

وتنبع الخمر من الأغصان،

ومن الخشب كلُّ العذوبة

 

هذه هي معجزة عظيمة،

مثل معجزة صنعها ربُّنا.

هناك صنعها جليًّا،

وخفيًّا يصنع كلَّ يوم.

 

من هذه الخمرة في الأجاجين[7]،

أكثر المجد لدى الشاربين

خمرة قليلة في الأجاجين

ولدى الشاربين مجد كبير.

صارت الأجاجين جفنات،

بربّنا صانع كلِّ جديد

 

لا نأكل كالحيوانات

مبارك الفلاّح الذي في ابن يومه[8]،

نصب كرمًا وعصر خمرًا.

هكذا يليق بالأكل،

أن يأكل ويندهش ويسبِّح

هكذا يليق بالشارب،

أن يشرب ويندهش ويبارك.

 

معجزة السمنة من الجفنة،

وعصير الخمر من الخشبة.

خرج الرطب من اليابس،

والسمن من الضعيف.

 

البعير أعمى لا يتبيّن

ليأخذ أكله باندهاش.

فالحيوان مُعدَم الفهم،

ليدرك هذه (المعجزة) في الزروع.

 

أنت كالحيوان تأكل،

فكُلْ إذًا لحمًا حيًّا.

وإن تشبّهت بالبعير،

فكلْ إذًا من أكلِه.

 

تأكل كالإنسان

إن كان مأكلك مميَّزًا،

يكون شكرك متواصلاً.

وإن شربتَ بتميّز،

تسبِّح أيضًا كالعارف.

مميّز أكلك عن أكل البعير،

وفمك مثل فمه أخرس.

أنت لا تشرب كالحيوان،

وكالحيوان تكون صامتًا.

 

لا بالأكل والشرب فقط،

أنت أفضل من الحيوان.

بل بالحبّ والمجد،

والتهاليل والتراتيل.

 

يطلب الإنسان ما هو للجسد،

لأنّه أعظم من الحيوان،

وإن طلب الجسدُ ما له،

فليطلب الوجدان ما له.

 

الجسد لا يشوّه بيته،

فيُحتقر مع الحيوانات،

فهو يطلب وقاره،

لئلاّ يُستعمل مثلها.

والوجدان يُصغّر نفسه

إذا شابه الكلاب.

 

آدم والثمرة[9]

يكفي أبانا آدم،

أن يكون شابه الحيوانات.

أكلَ الثمرة وما سبَّح،

فسبِّحْ أنتَ على كلّ شيء.

 

هو ما سبَّح الله،

فأكل مثل إنسان متمرّد.

كان أكثر نكرانًا من الحيوانات،

التي تسمع لربّها.

 

قطف آدم وما سبّح،

وربّنا سبّح وكسر[10].

فكما أوفى ذنوبه[11]،

على الخبز أوفى الشكر.

 

ربّنا شكر ونحن نشكر[12]

بدل الذي أنكر التسبيح،

من يقدّم التسبيح؟

التسبيح الذي سبّحه ربّنا،

أوفى عنّا كلِّنا.

 

بما أنّنا ما شكرنا على مائدتنا،

لا تقبلنا مائدتُه.

وإذا شكرنا على مائدتنا،

يحسبنا الصالحُ أهلاً لمائدته.

 

ذاك الذي سبّحنا لأنّه أنعم علينا،

يحسبنا أهلاً لنعيمه، هو الحيّ.

له المجد هنا وهناك،

والشكر في العالمَين.

 



[1] نأكل ونشرب مع الرسل في معجزة تكثير الأرغفة (مر 6: 30-44؛ مت 14: 13-21؛ لو 9: 10-17؛ يو 6: 1-14)، في عرس قانا الجليل (يو 2: 1-12)، نتحاشى أن نأكل كالحيوان، وخصوصًا لا نأكل مثل آدم من شجرة معرفة الخير والشرّ فحُرم من شجرة الحياة. يتضمّن هذا الميمر 110 بيوت من الشعر، وينقص فيه بيت واحد بسبب تشويه المخطوط. نقرأه في ص 105-108؛ وفي الترجمة ص 88-95.

[2] كما كان الرسل حين كثّر يسوع الأرغفة، نحن نأكل في ولائمنا ونشكر.

[3] الجسد له طعامه: المائدة، وهي منظورة. وللفنس التعليم الذي يدخل القلب في الخفاء.

[4] سيطرة الدهشة على الرسل، أكثر من الطعام.

[5] يو 6: 14: "رأى الناسُ الآية (ا ت ا) التي صنعها يسوع".

[6] هنا، كما في قانا، يخرج الخمر من خشب الكرمة. يا للمعجزة! والخمر القليل الذي كان في الأجاجين جعل الرسل يرفعون التسبيح.

[7] ا ج ن ي. هكذا دُعيَت في إنجيل يوحنّا: قال لهم يسوع: املأوا (م ل و) إيّاها (ا ن ي ن) مياها (م ي ا) الأجاجين (ا ج ن ي). يو 2: 7.

[8] ب ر. ي و م ه: في اليوم عينه. لا يمكن أن يُنصب الكرم ويُجمَع العنب وتُعصَر الخمر. ومع ذلك، حصلت هذه المعجزة في قانا الجليل. أما نندهش؟

[9] أكل آدم الثمرة المحرّمة مثل حيوان وما شكر الله. بل خطئ. وهكذا اختلف عن ربِّنا الذي شكر على الخبز (يو 6: 11).

[10] مت 15: 36: وسبّح (و ش ب ح) وكسر (و ق ص ا). في مت 14: 19: "وبارك (ب ر ك) وكسر (و ق ص ا). رج مر 6: 41.

[11] ف ر ع. أوفى الربّ ذنوب آدم، كما أتمّ (ف ر ع) الشكر (ت و د ي ت ا) على الخبز.

[12] ربّنا شكر عنّا كلّنا. فلنشكر من أجل مائدتنا فيحسبنا أهلاً لمائدته.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM