الفصل الثامن: يسوع صانع المعجزات

 

الفصل الثامن
يسوع صانع المعجزات

نستطيع فقط إنطلاقًا من قيامة الربّ يسوع أن نفهم المعجزات التي صنعها يسوع خلال حياته الأرضيّة.
فالمعجزة أو الآية ليس لها معنى إلاّ على ضوء التدبير الخلاصيّ المهيّأ من الآب والمتمم بكماله بالابن القائم الحيّ أبدًا والذي يواصل عملَه من خلال الروح القدس.
في تدبيره الإلهي، أراد الله أن يظهر نفسه، وقمة ظهوره كان سرَي التجسّد والقيامة من أجل خلاص كل إنسان. هذان السرّان هما بحدّ ذاتهما معجزتان لا يمكن وصفهما، وبهما يَظهُر الله أيضا بمعجزات وآيات تثبت حضوره، ووجود الخلاص وتدخّله في حياة البشر كنتيجة لحبّه اللامتناهي.
المسيح هو آيته الكبرى، وكل من المسيح والمعجزة هما حدث التدبير الخلاصيّ، وعلى هذا الأساس لا يمكن الفصل بين المسيح والمعجزة.
ليس بالسهل علينا فهم معنى تدخّل الله في حياة إنسان وفي تاريخ البشر، خاصة وأن الإنسان اليوم أصبح عقلانيًا وماديًا جدًا في آن معًا، بينما تُحرِر المعجزة من قيود الحدود المنظمة والمدروسة وقوانين الكون المحسوبة، تحررُها وتتخطاها في نظامٍ خلاصيّ لا يمكن أن يكون إلاّ إلَهيًا.
لكن ليس بالمستحيل أيضًا فهم تدخّل الله ومبادرته المجانيّة من خلال يسوع المسيح لخلاص البشر. بهذه الطريقة تبقى المعجزة الأثر والعلامة في الكون كنعمة خلاصيّة.
انطلاقًا من أن يسوع هو الكلمة المتجسّد، وتمام تاريخ الخلاص، فإنّ المعجزة هي هذا التدخّل الأكمل لله في حياة الإنسان والذي يُبَدِّل الخليقة بشكل نهائي في القائم من الموت.
المعجزة إذًا هي صورة مسبقة للحياة الأخرى؛ هي المستقبل المندمج بالحاضر ليعطيه معنًى (أي معنى قدرة الله وعمله الخلاصي الأبدي).
لهذا فليست المعجزة بحد ذاتها هي المهمّة، بل دورُها الذي يرمي إلى دفع الإنسان إلى التساؤل والبحث عن الحقيقة وعن الله وعن المغزى.

1- لماذا صنع يسوع المعجزات
المعجزة مثل الوحي، هي دعوة موجهة للإنسان في أعماقه، في عمق وجوده، موجّهة لروحه المنفتح على الله وعلى ظهوره في التاريخ وفي العالم.
المعجزة هي أن يتعرّف الإنسان على حدوده وضعفه وحاجته لله، الذي فقط فيه يجد حريتَه؛ إن الله وحده قادر على أن يحول ما هو غير معقول على مستوى التفكير البشري وتوقعاته واجتهاداته. الله يُظهر قدرتَه في خليقته.

2- "الكلمة الإلهي"
تحتلّ المعجزات أهميّة كبيرة في الأناجيل، وأهمّ ما يجب أن نتذكره هو أن يسوع "الكلمة الإلهية" كان يصنع المعجزات "باسمه هو" و"بسلطانه الذاتي" وهذا يختلف عن تصرّف الأنبياء في العهد القديم الذين كانوا يصنعون المعجزات باسم الربّ، الإله خالق السماوات والأرض، كما يختلف في التصرّف عن التلاميذ والرسل بعد المسيح الذين يتصرفون فقط باسم يسوع (رج مثلاً أع 3/ 6؛ 9/ 34؛ 13/ 11؛ 19/ 11؛ با خر 7/ 8+؟

3- المعجزة والملكوت
لا يمكن فصل المعجزة عن الملكوت. فرسالة يسوع من إجراء المعجزات كانت إعلانًا لمجيء ملكوت الله و"علامة" له، كما كانت أيضًا دعوةً إلى التوبة والإماتة لاستقبال هذا الملكوت (رج متّى 11/ 20- 24 ب؛ لو 10/ 12- 15).

4- ردّات الفعل
أمام المعجزات التي قام بها يسوع في حياته الأرضيّة كانت هناك ردّات فعل مختلفة، ومن فئات مختلفة من الأشخاص:
فهناك ملاقاة الشعب ليسوع بالتعظيم والتمجيد عند ظهوره، وهناك الإيمان عند التلاميذ والرسل عند تجلّي مسيحانيته؛ كما أن هناك الرفض والكره والغيظ عند رؤساء الكهنة والفرّيسيّين بسبب المعجزات التي قام بها يسوع واستقطابه الجموع إليه.
وقد كان هناك تواصل وثيق بين أقوال يسوع وأعماله القديرة، خاصة كرازته حول مجيء الملكوت. وفي الكنيسة الأولى كانت المعجزات في الكرازة علامة واضحة لتدخّل الله القاطع في تاريخ الخلاص من خلال يسوع "ابن الله".

5- القيامة
لإحياء لعازر من الموت أهميّة خاصة لأنه صورة مسبقة لقيامة يسوع. ولهذه المعجزة علاقة مع الأحداث الأخرى في الأناجيل وخاصة في يوحنا (ف 4 و11 و12).
تُلقي هذه المعجزة الضوء على ثلاثة أحداث مهمّة في حياة يسوع:
1- قرار السلطات اليهودية بالتخلّص من يسوع (رج يو 11/ 46+)
2- دهن يسوع في بيت عينا (يوحنا 12)
3- دخول يسوع المهيب إلى أورشليم (رج يو 12/ 12+)
وكلها تؤكّد أن يسوع هو صانع المعجزات في العهد الجديد.

6- التأثير الفعّال للمعجزة
أ- قدرة الله
المعجزة هي ظهور حقيقة المخلّص وتجليها، مع قدرته وقوته الخلاصيّة بشكل قاطع وشامل.
ويسوع الذي يتصرّف ويعمل باسمه الشخصي، بكلمة بسيطة يشفي، يطرد الشياطين، يهدئ العاصفة ويحيي الموتى.
نلاحظ أن المعجزة في يوحنا هي عمل مشترك بين الابن والآب، وتُظْهر أن القدرة الفاعلة هي ذاتَها في الآب والإبن، وأن المسيح هو الله، موجود بيننا، يعمل باستمرار، بنفس القوة الخالقة المحيية التي للآب وأن مجد يسوع هو ذاته مجد الله "يهوه العهد القديم".

ب- حبّ الله
إن المعجزة هي إظهار لحبّ يسوع الفعَّال والشفوق، حيثُ ينحني أمام كل بؤس.
أحيانًا، تأتي المبادرة من يسوع نفسه، وتكون سابقة لتوسل الإنسان، مثل تكثير الأرغفة (رج متّى 14/ 13- 21 والتوازي)، وإحياء ابن الأرملة في نائين (رج لو 7/ 11- 17)؛ الرجل الأشل اليد -يوم السبت- (رج متّى 12/ 9- 14)؛ المرأة المحنية الظهر -السبت- (رج لو 13/ 10- 16).
وتَظهر المعجزة أحيانًا كجواب من يسوع على صلاة أحدهم، وأحيانًا أخرى يُعبَّر عنها بجواب صامت متمثّل في حركة أو عمل معيَّن (مثال: شفاء حماة بطرس: "فَلَمَسَ يَدَها ففارقتها الحُمَّى..." (متى 8/ 15) باستثناء الأعمى في أورشليم تَفَلَ في الأرض، فجبل من تُفاله طينًا، وطلى به عيني الأعمى (يوحنا 9/ 6)
شفاء عبد عظيم الأحبار: "فَلَمَسَ أذُنَه فأبرأه" (لو 22/ 50- 51).
في المعجزة يزور الله البشريّة، في قلب آلامها وتوجّعها، يتأثّر ويتألم معها ويشفق عليها.
المعجزة هي جواب حبّ الله على توسل الإنسان البائس. فالله هو الحبّ، وهذا الحبّ تجسّد في يسوع المسيح، وجعل نفسه مفهومًا للإنسان بكثافة حبّه له.

ج- علامة لأحداث الملكوت المسيحاني
ترتبط المعجزة ارتباطًا وثيقًا بموضوع ملكوت الله، الذي بشّر به الأنبياء من قبل، أجيالاً تلو أجيال، والذي تحقّق أخيرًا بيسوع المسيح. فالبشرية تُشفى من أوجاعها، وتُحرّر من خطيئتها، والبشارة تُعلن، وتُظهر الشفاءات وطرد الشياطين أن ملكوت الشيطان قد دُمِّر (لو 7/ 22؛ متى 28).
بمجيء المسيح، الذي هو قدرة الخلاص والحياة الأبدية، تتحقّق وتتمّ نبوءة الأنبياء: الانتصار على المرض، والموت الخطيئة والشيطان. ملكوت الله بدأ ويكمل في العمل.

د- الرسالة الالهية
تؤكّد المعجزة الرسالة الالهية، ولها قيمة محدّدة، كما تُعَظِّم قدر المُرسَل من عند الله مثل موسى، الذي كان كلامه مسموعًا وشأنه عاليًا، بسبب ما أجرى الله على يديه من معجزات أمام شعبه (رج مثلاً خر 4/ 1- 9؛ 14/ 31).
هكذا كان لا بدّ ليسوع أيضًا أن يصنع المعجزات أمام الحاجة الملحة اليها كتقليد متبع منذ بداية حياة الايمان مع الله (رج مر 2/ 12؛ متى 11/ 21؛ يو 11/ 41- 42). ويؤكد يوحنا: "آمن باسمه كثير من الناس، لما رأوا الآيات التي أتى بها" (يو 2/ 23)، ذلك الأمر في التماس نيقوديموس للرب (3/ 2)، والمولود أعمى (9/ 33) وكثيرون من الجمع (7/ 31) كان التماسهم عفويًا.

هـ- مجد يسوع
إن كانت المعجزة هي علامة إلهيهَ بالنسبة للإنسان فهي علامة مجد بالنسبة للمسيح ابن الله.
فالمسيح يدرك أن مهمته هي القيام بأعمال تمجّد الله الآب، والتي يتمجّد أيضًا هو من خلالها، كابن لله، كما تمثل المعجزات في الوقت نفسه نشاط وعمل الابن بين البشر.
من خلال المعجزات يؤدي الابن أيضًا رسالته النبوية والمسيحانية، والتي يُظهر فيها علاقَتَه واتحاده بالآب كابن في كل عملٍ وكلِ قدرة وكلِ معرفة (متى 11/ 27). هكذا فالمعجزة هي عمل الآب والابن معًا، وتصف مجد المسيح ابن الله الوحيد.
ويسوع نفسُه يؤكد هذا: "إن الأعمال التي وكل إليّ الآب أن أتمّها... هي تشهد لي بأنَّ الآب أرسلني" (يو 5/ 36؛ 10/ 25).

و- عمل الثالوث الأقدس
وكما أن المعجزة هي عمل الآب والابن، هي أيضًا عمل الروح القدس، أي الثالوث الأقدس، وإظهار له. فالرباط الكامل بين الآب والابن، وعلاقة الحبّ المتبادلة بينهما يجمعها الروح نفسه (يو 14/ 10- 11؛ 10/ 37- 38).
ز- الأسرار
مجيء يسوع هو بداية العالم الجديد، عالم النعمة الذي يغيّر ويحوّل كل شيء: وهو الخلاص من خلال الصليب.
المعجزة تساعد على مرور هذه النعمة وعمل تغييرات جذريّة في الإنسان وتحوّلات إيجابيّة في الحياة الشخصيّة. إنها العطيّة الروحيّة التي يقدّمها يسوع من خلاله المعجزة.
عندنا مثال المقعد: "ثقْ يا بني غفرت لك خطاياك" (متى 9/ 1+)؛ والمرأة المنحنية الظهر: "يا امرأة، أنت معَافاة من مرضك، ثم وَضَعَ يديه عليها فانتصبت من وقتِها وأخذت تمجّد الله" (لو 13/ 10+)؛ وشفاء الأبرص: "فمد يسوع يَدَهُ فَلَمَسَهُ وقال: "قد شئتُ فابرأ" (متى 8/ 1).
نجد هنا الشفاء عن طريق الكلمة وعن طريق وضع اليدين. كذلك الأمر عند يوحنا الذي يُبرز تصرفات رمزية ليسوع في عمله المعجزات، حيث يُظهر سر النعمة المعطاة منه، سرّ شخصه الخلاصي: فهو سرّ الله وبالتالي يعطي الأسرار.
أمثلة على ذلك: المقعد الذي يُشفَى بكلمة من يسوع: "قم فاحمل فراشك وامش" (يو 5/ 1+). ومثالُ الاغتسال في بركة سلوام (يو 9/ 1+) لأعمى منذ مولده. الاغتسال هنا بالماء رمز لسر المعمودية ورمز ليسوع نور العالم. أما معجزة تكثير الخبز فتعبر عن سرّ الافخارستيا.

ح- التحوّل في العالم الأخير
الفداء يجب أن يحوّل كل شيء إلى أفضل، إلى جديد، إلى مُطَهَّر من كل خطيئة. بهذا المعنى تعمل المعجزة على تحرير الانسان، وتمجيد الجسد. فجسد يسوع القائم والممجّد هو الصورة المسبقة لمصير الإنسان الأخير، المدعو إلى الشركة التامة مع يسوع.
والجسد المُحرّر، المُشفى، المُعالج، النشيط، المُحيى، يُظهر الانتصار الأخير للروح. الروح القدس الذي سيحيي أجسادَنا المائتة لكي يلبسها عدم الفساد (رج روم 8/ 1- 17).
حتى العالم المادي هو في انتظار للتحوّل، ويجب أن يشترك في جسد المسيح الممجد مثلما اشترك أيضًا في خطيئة الإنسان. يقول بولس: "فالخليقة تنتظر بفارغ الصبر تجلي أبناء الله. فقد أُخضعت للباطل بسلطان الذي أخضعها، لا طوعًا منها. ومع ذلك فلم تقطعِ الرجاء لأنها هي أيضًا ستُعْتَق من عبودية الفساد لتشاركَ أبناءَ الله حُريَتَهُم ومَجْدَهُم (روم 8/ 19- 21). فهو يرى أن الخليقة مشمولة في الخلاص وفي مجد الإنسان بعد الفداء. وأنه يجب أن تتحوّل وتتمجد.
في هذا الاطار، تعلن المعجزة هذا التحوّل القاطع، بعد أن تُدمّر قدرةُ الله سلطانَ الموت والخطيئة، وتجعل كل شيء جديدًا وبلا عيب.
كل هذه القدرات الفعّالة للمعجزة مترابطة بعضها ببعض، ويوصل كل منها إلى الآخر. ويمكن تلخيصها كما يلي:
أ- عملُ المعجزة الأساسي هو التعبير عن حضور الله، إله المحبّة والطبية، وإخضاع النفس لسماع كلمته، أي خلق حوار بين الله والإنسان.
ب- عملُها الثاني هو إظهار الله ووحيه، فعلُ تجلٍّ يتم عبر الكلمة والعمل (رج الوحي الالهي 2)، آيات ومعجزات (الوحي الالهي 4). فالانجيل يعلن لنا أن المسيح أتى ليحرّر الإنسان، يطهّره، يحييه وقبل كل شيء أتى ليشفيه ويخلّصه روحًا ونفسًا وجسدًا. والمعجزة هنا تُظهْر نشاطَ هذا "الكلمة" المخلّص.
ج- لولا المعجزة لما فهمنا أن المسيح يحمل الخلاص للإنسان نفسًا وجسدًا، ولولا أهميّة الجسد لما اتّخذ جسدًا.
المعجزة إذًا هي أحد عناصر ملكوت الله، حقيقة فعليّة تغير وضع الإنسان، وتثبت عظمة المسيح وسلطانه على كل شيء.
في الشفاءات وطرد الشياطين وإحياء الموتى يقوم يسوع فعليًا بتدمير مملكة إبليس.
كلمةُ الخلاصِ تُظهر هكذا، واقعيًا وفعليًا، الكلمةَ الفعّالة لله الحيّ.
د- أخيرًا، المعجزة هي شهادة وحكم. علامة وخَتمٌ لقدرة الله اللامتناهيّة؛ هي رسالة ما أو عمل يأتي منه؛ وتُثبت أن من يقوم بالمعجزة هو مُرسل من عند الله: كالمسيح ابن الله الحي، المرسل من الآب، الإلهي الاصل، كألوهية الإنجيل الذي يعلنُهُ.

7- كيفية تمييز المعجزة
أ- طواعية داخلية
في المعجزة، من المفترض أن يكون الإنسان قادرًا على قراءة الحدث إلى حد ما. بين الآية والمعنى يظل هناك سرٌ، الأمر الذي يتطلب وجود عقلٍ نشط ليدرك أن المعجزة هي علامة إلهيّة.
لسنا هنا أمام مسألة عقلية أو أخلاقية، بل أمام وضع داخلي عميق، يتميّز بالانفتاح على سرّ الله واستدعاء يسوع المسيح. إنه إدراك المرء لنفسه بأنه بائس، محتاج، ولا يمكن أن يكون مكتفيًا ذاتيًا دون الله.
لهذا لا بدّ للمرء من الدخول إلى عمق ذاته، والبحث والتساؤل عن معنى حياتِهِ وسر وجوده، فيعرف إن كانت هذه المعجزة علامة من عند الله.

ب- توبة وإيمان
لا يمكن فصل المعجزة عن حدث الخلاص في يسوع المسيح، وهذا ما يدعو إلى التوبة، وإلى الاعتراف بملكوت الله وبالمسيح الذي نشره.
لهذا أيضًا، عندما كان يسوع يصنع المعجزات، كان يدعو إلى التوبة وإلى الإيمان. والإيمان الذي يطلُبُه يسوع هو الطواعية الكاملة أمام شخصه ورسالته.
تعني هذه الطواعية: قبول يسوع، واستقباله، والاستسلام التام له، والاعتراف بالعوز، وعدم الاكتفاء الذاتي.
الإيمان والتوبة إذًا هما عمل واحد في المعجزة ويسوع يدعو إلى التوبة في معجزاته كما يدعو إلى الإيمان برسالته وشخصه كمرسل من الآب، الإيمان ببشارته بالملكوت الذي يتطلّب الخضوع للمسيح.
بالتأكيد لم يكن هذا الإيمان كاملاً أيام بشارة يسوع، ولم يفهم تمام الفهم إلا بعد قيامته، وعلى ضوئها، وانطلاقًا منها فقط.
د. منى أ. عبيد

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM