الفصل التاسع والعشرون: إن كان قلبك حكيماً

الفصل التاسع والعشرون
إن كان قلبك حكيماً
23 : 15 – 24 – 22

نميّز في هذا الفصل مجموعات أمثال لا يربط بينها أي رباط. نجد أولاً خطبة أب يدعو ابنه إلى طلب الحكمة (23: 15- 25). ثانيًا: هناك تنبيه يحذِّر من الزنى (23: 26- 28). ثالثًا: صورة السكير (23: 29- 35)، رابعًا: أقوال متفرّقة (24: 1- 22).

1- خطبة أبوية (23: 15- 25)
نحن هنا أمام خطبة أو سلسلة خطب من أب إلى ابنه. من هنا دعوته إلى الانتباه: يا بني (آ 15)، اسمع يا بني (آ 19)، يا بني (آ 26). وهناك لفظة تجمع العناصر المتنوّعة: قلبك (آ 15، 17، 19، 26). يتوجّه الحكيم إلى أعمق ما في الإنسان: الفطنة (آ 23)، الحكم (آ 17)، العواطف (المحبّة البنوية في آ 15، 22، 24).
(23: 15- 19) نداء أب إلى ابنه. إن كنت حكيمًا أفرحت أباك وسرتَ مستقيمًا في الطريق الصالح. إن كنت حكيمًا فلا تحسد الخطأة ولا تغَر من مصيرهم. هنا تبدو الوجهة الدينيّة واضحة. يعود الأب إلى مخافة الربّ الذي يؤكّد وجود غد وامكانيّة تحسين حالتنا. غدًا تعود العدالة ويعيد الربّ الأمور إلى نصابها. هل نستطيع أن نتحدّث عن الآخرة؟ الأمر ممكن. فالبار يتوق إلى مستقبل ثابت لن ينفصل فيه عن الرب (رج مز 9:16- 11؛ 16:49؛ 24:73). ولكنه يجهل كيف يكون هذا المستقبل.
(آ 20- 21) ماذا تطلب منا الحكمة؟ أن لا نعاشر الشرِّيب والأكول. فان فعلنا رحنا إلى العوز والفاقة.
(آ 22- 25) تحدّد آ 23 كيف يسمع الابن لأبيه: يهتمّ باقتناء الحكمة، لا باستثمارها كالتاجر الجشع. فإن كان بارًا وحكيمًا يُفرح أمه وأباه. وتعبّر آ 22 ب عن احترام الأم التي صارت شيخة (سي 3: 11- 16).

2- تحذير من الزانية (3: 26- 28)
(آ 26) يستعيد هذا المقطع دعوة أب حكيم لابنه: اسمع لأبيك الذي ولدك. أعطني قلبك، ضع ثقتك بي وبخبرتي.
(آ 27- 28) يدعو الأب ابنه إلى العقل، يحذّره من الزانية، وينبّهه إلى شرّها (رج 5: 1ي ؛ 6: 20- 35؛ 7: 6- 23). يتحدّث عن المرأة المتزوّجة أو الغريبة (الفاجرة، آ 27). إنها كالموت.

3- صورة السكير (29:23-35)
صورة السكير وحالته الحزينة تستغني عن التفسير. لم يعوّدنا أم على هذه التوسّعات المليئة بالسخرية.
يمكننا أن نقابل هذا التحذير من النبيذ ومخاطره مع 20: 1؛ 21: 17؛ 23: 20 ي، 31: 4- 7، رج سي 31: 25- 30 حيث لم يُرِد الكاتب أن يحمّل الخمر كل الرذائل: الخمرة صالحة إن شربتها باعتدال.
نلاحظ النفحة الاخلاقيّة في هذا التوسيع. وسيشدّد عليها النصّ السبعيني: لمن الويل ولمن الشقاء الا للذين يدمنون الخمر ويسعون وراء المسكر.

4- أقوال متفرّقة (24: 1- 22)
آخر مجموعة من الأمثال الأخلاقيّة المتنوّعة، فيها التحذير وفيها التوصيات. هناك نداءان إلى الحكمة، وأقوال عن الجهّال، وأقوال عن السلوك البشري.
(24: 1- 2) لا تحسد أهل الجور (رج 1 :15- 19؛ 3: 31؛ 17:23؛ 19:24 ؛ مز 37: 1-2؛ عا 3: 10).
(آ 3- 4) مناخ الحكمة: الحكمة تؤمّن السلوك الاخَلاقي والنجاح في الأعمال (رج 19:3 ؛ 21:8؛ 1:14).
(آ 5- 6) سموّ الحكمة: الرجل الحكيم قدير، أما الرجل القدير بذراعه فيبدو قويًا. إن الحكمة تسمو على القوّة المادية (18:20؛ رج 21: 22).
(آ 7- 9) نقف هنا على مستوى الأحمق. هو لا يصل إلى الحكمة ولا إلى المشورة في المجالس (حرفيًا: عند الباب). وإن حاول شيئًا كانت محاولته خطيئة وموضوع هزء.
(آ 10) يهزأ الكاتب بالإنسان الذي يعتبر نفسه قويًا ويبدو ضعيفًا في الضيق.
(آ 11- 12) المحبّة تجاه الضعفاء.
هذا ما تطلبه التوراة من العظماء والقضاة (رج مز 3:62- 6؛ 64: 4- 6 ؛ 16:109 ؛ هو 2:4؛ عا 6:2- 7). في هذا الظرف يشجب الربّ الظلم، بل اللامبالاة، وهذا ما يجعلنا قريبين من المحبّة في العهد الجديد (رج لو 10: 25- 37؛ يع 4: 17 ؛ أم 3: 27- 30). بالنسبة إلى المجازاة، رج 12: 14؛ 24: 29؛ أي 34: 11؛ إر 25: 14؛ 29:50.
في آ 12 قالت السبعينية: إن قلت: لا أعرف هذا الرجل. إعرف أن الربّ يعرف قلب الجميع، والذي كوّن النسمة للجميع يعرف كل شيء، وهو يجازي كل واحد حسب أعماله.
(آ 13- 14) هناك المقابلة مع العسل (رج 2: 10 ؛ 16: 14). ترتبط المجازاة الموعود بها بغاية الاشياء (رج 5: 4- 11؛ 12:14- 13؛ 25:16؛ 19: 20؛ 18:23- 32؛ 24: 20؛ 8:25؛ 29: 21).
(آ 15- 16) مصير البار ومصير الشرير: العدد سبعة يدلّ على الكمال (رج 26: 16، 25 ؛ أي 19:5). في النهاية يُعاقب الشرير ويُجازى البار.
(آ 17- 18) لا تفرح بسقوط عدوّك. ما هو موقفنا تجاه الاعداء؟ رج آ 29 ؛ 19: 011 الباعث هنا هو سلبي. وهو إيجابيّ في مقاطع أخرى (رج 25: 21 ؛ أي 31: 20؛ مز 13:35- 15؛ خر 23: 4 ي؛ مت 5: 43- 48)0 الله هو وحده الذي يجازي.
(آ 19- 20) لا تحسد جماعةَ الأشرار. تقدَّم المجازاةُ في الأشكال المعروفة: المستقبل (آ 14، رج 18:28)، السراج (9:13). نحن هنا على المستوى الزمني من حياة طويلة أو قصيرة.
(آ 21- 22) إتّقِ الربّ والملك (رج 16: 1؛ سي 7: 5؛ 1 بط 17:2). نحن هنا في نظرة تيوقراطية (رج 1 صم 7:8- 9).
بعد آ 22 تزيد السبعينية:
22 أ: الابن الذي يحفظ الكلمة ينجو من الهلاك، إذا قبلها باهتمام.
22 ب: لا تقل كذبا للملك بلسانك ولا يصل عن لسانه كلام كاذب.
22 ج: لسان الملك سيف حاد لا عضو لحمي، فمن أسلم إليه سحقه.
22 د: ان احتد غضبه قتل الرجال بالسياط.
22 هـ: وافترس عظام الرجال واحرقها بالنار بحيث لا تأكلها صغار النسور

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM