الفصل الخامس: سفر الأمثال والنصوص الشرقية

الفصل الخامس
سفر الأمثال والنصوص الشرقية

منذ اكتشاف حكمة امينوفي، توجّهت الأنظار للبحث عن التشابهات اللافتة بين هذا الكتاب المصري (الذي يعود إلى المملكة الحديثة وإن كانت البردية من القرن التاسع) وبين أم 17:22- 23: 15. وهناك تشابهات مع حكمة أحيقار والعالم الأرامي مع سفر الأمثال. نحن لا نبحث عمّن أثّر على الآخر، ولا نقول بتفوّق حكمة على أخرى. ونرفض القول بأن التعابير الحكمية الموجودة في التوراة تتفوّق من الوجهة الدينية على أية حكمة أخرى. أو أن كل الأجيال التي بنت الحكمة البيبلية قد وعت أنها تشارك الله في حكمته. مثل هذا الوعي هو ثمرة نضوج لاهوتي تدرّج برفقة قيم دينية برزت في ذلك الوقت. وها نحن نعطي بعضاً من هذه النصوص الشرقيّة التي تبدو قريبة مما نقرأ في سفر الأمثال.

1- الحكماء وخدمة الله
"أكرم إلهك كلّ يوم بالتقادم والأدعية والبخور الزكي. ليتوجّه قلبك إلى إلهك: هذا ما يليق باللاهوت. فالصلاة والتوسّل والسجود التي تقدّمها كلّ يوم، تجعل سلطانك قويًّا، وتعرف الازدهار والوفر بفضل إلهك ".
"إحتفل بعيد إلهك. كرّر الاحتفال. فالله لا يرضى عمّن يهملونه. فالنشيد والتحيّة والبخور هي طعامه. ومن حقّه أن نسجد له. فمن يعمل هذا يعظّم الله اسمه " (أني 3: 4-9).
"شيّد الأبنية من أجل الإله. هذا ما يحيي اسم من يصنع. فعلى الإنسان أن يفعل ما هو خير لإلهه: خدمة الكهنة الشهريّة. إجعل موائد التقادم مزدهرة. أكثر الخبزات، وزد عليها التقادم اليوميّة. فهذا خير لمن يقوم بها" (مريكارع 63- 69).
وقال أم 3: 9- 10: "أكرم الربّ من مالك ومن بواكير جميع غلالك، فتمتلئ مخازنك قمحًا وتفيض معاصرك خمرًا ".

2- الله وتصرّفات الإنسان
أ- الله أفضل من الغنى
"إلهك هو سندك، لا الغنى". ونقرأ في أم 22:10: "بركة الرب هي التي تغني، كثرة التعب لا تزيد شيئًا".
"فقر يريده الله خير من أموال تكدّس في الخزنة" (أمينوفي 9: 5- 6).
"خير لك أن تُمدح لأنك تحسن إلى الغير، من أن يكون لك الغنى في أهرائك. خير لك الخبز وقلبك فرح، من الغنى مع الغمّة" (أمينوفي 16: 11- 14).
وقال أم 16:15: "القليل مع مخافة الربّ، ولا كنز عظيم مع الهمّ ". وقال أيضاً: "من يتكل على غناه يسقط، والصديقون يزهون كالأغصان " (أم 28:11).

ب- ما يكرهه الله أو يعتبره
"فضيلة البار مقبولة لدى الله أكثر من بقرة يقدّمها الشرير" (مريكارع 128).
وقال أم 3:21: "أن تصنع العدل وتقضي بالانصاف أفضل عند الرب من تقديم ذبيحة".
"وهناك شيء يُرضي قلب الله، هو أن تتمالك عن الكلام " (أمينوفي 7:5- 8). "يكره الله المتكلّم برياء وأعظم ما يكره ذوو اللسانين " (أمينوفي 2:14- 3).
نقرأ في أم 12: 22: "كلام الكذب يمقته الربّ، ويرضى عن العاملين بالحقّ".
وفي 3: 32: "المراوغون يمقتهم الربّ، وأمّا المستقيمون فيسودون ". وفي 11: 20: "إعوجاج القلب يمقته الربّ، والسيرة الصالحة مرضاة الله ".

ج- الثقة بالله وبعنايته
"حقًا أنت لا تعرف مشاريع الله. وهكذا لا تستطيع أن تعرف الغد. إسترح على ذراع الربّ فيصل صمتك إليه " (أمينوفي 23: 10 ي؛ رج 23: 5- 8).
"لا تقضِ يومك بالاهتمام بالغد. فحين يطلع النهار، ماذا يكون من أمر الغد؟ فالإنسان يجهل ما يكون الغد. بينما يكون الله ثابتًا في كماله، فالإنسان يقيم في نقصه. الكلام الذي يتلفّظ به الناس هو شيء، وعمل الله هو شيء آخر" (أمينوفي 19: 11- 17).
ونقرأ في أم 27: 1: "لا تهلّل ليوم الغد، فهل تعرف ما يلد اليوم "؟ وفي 16: 1: "للإنسان ما يدبّر في قلبه، ومن الرب يأتي القرار". وفي 16: 9: "قلب الإنسان يرسم طريقه، والرب يثبّت خطواته ".

د- الله يحامي عن النظام الخلق وعن العدالة
"إذا جيء بمواطنين من نيبور (أو نيفور) لقضية من القضايا، فقبلَ (الملك) الهدايا وداس (المواطنين)، يهاجمه انليل بجيش من الخارج ويهزم جيشه ".
"لا تقل: وجدت صاحب جاه كبير. إذن أستطيع ألن أسيء إلى انسان في مدينتي. لا تقل: وجدت محاميًا. إذن أستطيع أن ألحق الضرر بمن أبغض! في الحقيقة، أنت لا تعرف مقاصد الله " (أمينوفي 23: 1- 5).
ونقرأ في سفر الأمثال: الربّ يبتعد من الأشرار، ويستمع إلى صلاة الأبرار" (15: 29). "تبرئة المجرم وتجريم البريء، كلاهما يمقتهما الربّ " (17: 15). "لا تقل: أردّ على الشرّ بالشرّ، بل ترجّ الربّ فيخلّصك " (22:20).

هـ- الله كافل الصدق والملك
"من يُلحق الضرر بالحقول ويرتبط بحلف كذب، يؤخذ في الحال بقوّة الإله تحوت " (القمر) (أمينوفي 7: 17- 19).
"إحذر أن تتعدّى على حدود الحقول، لئلاّ يهلكك تحوت. نحن نرضي الله حين نراعي علامات المساحة التي ترسم الحدود بين الأراضي المزروعة. لتكن رغبتك في أن تؤمِّن خلاصك. إحذر سيّد الكون. لا تتعدَّ على أتلام (الأرض المزروعة) الآخرين. من المفيد لك أن لا تحمل اساءة إلى القريب " (امينوفي 8: 11- 16).
"لا تزوّر الميزان ولا تحوّل المعايير. لا تشته جزءًا من حقل، ولا ترم إلى الخارج ما يخصّ الخزينة. فإن تحوت جالس قرب الميزان وقلبه هو المعيار. أي إله مثل تحوت العظيم الذي اخترع هذه الأشياء وخلقها. لا تستسلم إلى التجربة فتخّف المعايير. فأنت تسيء إلى اسم الله وقدرته " (أمينوفي 17: 20- 18: 7).
"لا تزح علامة تحدّ الحقول المزروعة، ولا تبدّل طول الحبل. لا تشتهِ ذراعًا من أرض، ولا تتعدَّ على حدود الأرملة" (امينوفي 12:7- 13).
"المكيال هو عين رع. إنّه يمقت السارقين " (امينوفي 23:18- 19).
ونقرأ في ام 11: 1: "ميزان الغش يمقته الربّ، والمعيار السليم ينال رضاه ". وفي 16: 11: "للربّ قبّان العدل وموازينه، كل معيار سليم معياره ". وفي 28:22: "لا تُزح الحدود القديمة، تلك التي وضعها آباؤك ". وفي 23: 10: "لا تزح القديمة، ولا تدخل حقول الأيتام ".

3- الحكمة
إن حكّام الشرق لم يتوغّلوا كثيرًا في اعتباراتهم حول الحكمة: طبيعتها، أصلها، علاقتها مع الله. فالآداب السومرية والبابلية لا تقدّم لنا شيئًا في هذا المجال. ثم إنّنا نتردّد في تحديد الكلمات التي تقابل الحكمة البيبلية في العالم السومري أو الأكادي أو المصري.

أ- الحكيم هو من يسمع
"إنه لمن المفيد للابن أن يسمع. فما يسمع يدخل في (اذن) السامع. والسامع يصبح رجلاً مطيعًا. من يقدر أن يسمع، يقدر أن يتكلّم " (فتاح حوتب 3:16 ي). "لم يُولد أحد حكيمًا" (فتاح حوتب 6:5).
"أمل أذنك واسمع ما يقال لك. أعمل فكرك لتفهم. إنه لمن المفيد أن تجعل هذا في قلبك. ومن المضرّ أن تهمله " (امينوفي 3: 9- 12)
ونقرأ في أم 12: 15: "طريق الأحمق قويم في عينيه. أما الحكيم فيسمع ويتّعظ ". وفي 28:21: "من عرف أن يسمع عرف أن يتكلم ". وفي 15:22: "الحماقة تعلق بقلب الولد، وعصا التأديب تبعده منها".

ب- أهمية الكلام
"إن كنت حكيمًا ومتواضعِا، فاحتفظ بكلامك. ليكن فمك مصرورًا وكلامك متحفّظاً. لتكن شفتاك نادرتين مثل الغنى البشريّ ".
"لا ترفع الصوت في شارع مزدحم، ولا تقل سوءاً في أحد. فالصديق لا يوجّه كلامه إلى من ليس بصديق. فستعود إليك ثمار من الاحتقار والمكر والعداء الذي لا دواء له " (راس شمرا).
"إذا كنت وجيهًا يجلس قرب سيّده، ليكن فكرك حذرًا قدر المستطاع. أصمت، فهذا ما يفيدك. ولا يجب أن تتكلّم إلا إذا تأكّدت أنك فهمت. فعلى المتكلم في المجلس أن يكون فنانًا. فالكلام عمل أصعب من كل عمل " (فتاح حوتب 9:11- 11).
"كن صاح كلمة وهكذا تستطيع أن تكون قويًّا. فالكلام سيف في يد الإنسان. والمتكلّم يفوق المحارب شجاعة" (مريكارع 23).
"لا تتكلم كثيرًا. أصمت تكن سعيدًا. لا تكن ثرثارًا" (أني 4: 1- 2).
"لا تكشف قلبك كله للغريب، فيصبح كلامك (سلاحًا) ضدّك. فإن خرجتْ من فم كلمةُ طائشة، وإن تكرّرَّت، فهي ستثير عليك الأعداء. فالإنسان يجلب الخراب على نفسه بلسانه " (أني 7: 7- 9).
"هناك شيء آخر يرضي قلب الله: تريّث قبل أن تتكلّم " (أمينوفي 7:5- 8).
"انتظر ليلاً كاملاً قبل أن تتكلّم " (أمينوفي 13:5).
"أما الصامت الحقيقي فهو كشجرة تنمو في بستان. تخضرّ أوراقها وتتضاعف ثمارها" (أمينوفي 7:6-8).
"لا تفرغ صدرك (أفكارك الحميمة) أمام الناس لئلا تضرّ بصيتك. لا تترك كلامك يذهب بين الناس هنا وهناك ولا تسرّ بأنّ تكون مع الثرثار" (أمينوفي 22: 11- 14).
ونقرأ في أم 3:13: "من يضبط فم يحفظ حياته، ومن تثرثر شفتاه يهلك ". وفي 11: 12: "ناقص الفهم يهين الآخرين، أما الفهيم فيلزم الصمت ". وفي 27:17 أ: "صاحب المعرفة يضبط كلامه ". وفي 23:21: "من راقب فم وصان لسانه حفظ من المتاعب نفسه ".

ج- السلوك الذي نسلكه في الخصام
"لا تعجّل إلى حيث الخصام. ففي الخصام يعيّنوك حكمًا ويستخدمونك كشاهد. ويقودونك إلى حكم لا علاقة لك به لكي يقنعوك. حين تكون أمام خصومة، فلا تسعَ إلى حلّ ".
"إن التقيت بإنسان في ساعة غضبه، إنسانًا خفيفًا لا يشبهك، فلا تغضب عليه في ضعفه. اتركه يسقط فيعاقب نفسه بنفسه " (فتاح حوتب 6: 1- 3).
"إحذر من إثارة الجدال مع صاحب الفم المحرق، ولا تستفزَّه بكلماتك. كن صبورًا أمام الخصم، وانحنِ أمام من يقترف العنف. انتظر ميلاً كاملاً قبل أن تتكلّم: فالعاصفة تنفجر مثل النار في القصب. حين يكون المحتدّ في ساعته، تراجع من أمامه واتركه هو وقوته. فالله يعرف كيف يتصرّف معه " (أمينوفي 5: 10- 17).
"لا تصرخ بوجه الذي أغاظك، ولا تجب من أجل دفاعك " (أمينوني 4: 10 ي).
"لا تثر رفيقًا يحبّ الخصومة، ولا تعطه فرصة ليفرغ ما في قلبه " (أمينوني 20:22- 21) .
"لا يكن صديقك شخصاً غضوبًا، ولا تقترب منه لكي تحادثه " (أمينوفي 13:11- 14).
"إذا التقيت بمحارب يعرف أن يوجّه سهامه على إنسان أعظم منك، اطوِ يدك، أحنِ ظهرك. لا تحتدّ عليه. فهو ليس مساويًا لك " (فتاح حوتب 5: 10- 11).
"لا تتهجم على أحد وإلا نالتك الاهانة" (اونخشونكي 11: 5).
ونقرأ في أم 22: 24- 25: "لا تصاحب الرجل الغضوب، ولا ترافق الإنسان الساخط، لئلا تألف السير في سبله، وتوقع نفسك في الشرك ". وفي 26: 4: "لا تجاوب البليد بمثل حماقته لئلا تكون في مستواه ". وفي 6:18: "كلام البليد يثير الخصومة، ويجلب عليه الضرب ". وفي 22: 10: "أطرد الساخر فيخرج الخصام، ويبطل النزاع والبغض ". وفي 17: 14: "يبتدئ النزاع كمياه تنفجر. فانظر في أمره قبل أن يحتدم ". وفي 8:25- 9: "لا تتسرعّ بتوجيه التهم، لئلا فيما بعد يهزمك خصمك. ناقش التهمة أولاً مع خصمك، ولا تبح بأسرار غيرك".

د- النميمة
"إجعل لسانك بعيدًا عن الكلام الجارح فيحبّك الناس. إن سمعت الخير أو الشرّ، فاتركه خارجًا لئلا يسمع. إجعل كلامك طيّبًا على لسانك، واحتفظ الشرّ خفيًا في صدرك " (أمينوفي 10: 21- 11: 11).
ونقرأ في أم 9:17: " من يستر الأخطاء يحبّه الناس، ومن يردّد ذكرها يفرّق الأصحاب ".


4- العدل والإحسان
أ- العدل
نحن هنا أمام واجب العدل تجاه البائسين.
"أتمّ البرّ فتطول حياتك على الأرض. عزّ الباكي ولا تعنّف الأرملة. لا تحرم إنسانًا من خيرات أبيه، ولا تسئ إلى العظماء في ممتلكاتهم. إحذر أن تخطئ حين تعاقب، ولا تقتل إنسانًا، فهذا ما يفيدك " (مريكارع 46- 48).
"لا تحابِ بين ابن إنسان (وجيه) وبين فقير. بل اعتبر الإنسان حسب عمل يديه (مريكارع 61-62).
"إحذر أن تسلب التعساء وتعامل الضعيف بالعنف " (أمينوفي 4: 4- 5).
ونقرأ في أم 28- 21: "محاباة الناس لا تجوز، ولكسرة خبز يذنب الإنسان ". ويشجب الجور بسبب التقدمات والرشوة. نقرأ في 27:15 ب: "من يكره الرشوة يحيا"
(رج 8:17- 23). وفي 18: 5: "محاباة الشرير لا تجوز، ولا حرمان الصدّيق من العدالة " (رج24: 23 ؛ 29: 14؛ 31: 4- 9).
نقرأ في أم 22:22- 23: "لا تسلب الفقير لأنّه فقير، ولا تسحق المسكين في القضاء. فالربّ يردّ التهمة عنهما، ويسلب نفوس سالبيهما". وفي 8:31- 9: "إفتح فمك دفاعًا عن المتألمين، وعن حقوق جميع المهملين. إفتح فمك واحكم بالعدل وأنصف المسكين والبائس ".
تعتبر ممارسة العدل شرطاً ضروريًا من أجل ازدهار البلاد. لهذا أعطيت هذه النصائح للقضاة والملوك. إذا كنت "مدبرًا كن هادئًا حين تسمع أقوال طالب، ولا تطرده قبل أن ينهي ما قرّر أن يقوله لك. فالرجل الذي ضربه الشقاء يحب أن يفرغ قلبه أكثر من أن يرى تحقيق ما لأجله جاء. فالذي يرفض طلبات الناس يقال فيه: إذن، لماذا يرذلها؟ فإن لم يكن بالامكان الوصول إلى ما طلب، فالإنسان يرتاح حين يُسمع له " (فتاح حوتب 9: 1 -7).
"اتمّ البرّ فتطول حياتك على الأرض... لا تقتل، فهذا لا يفيدك. ولكنك تستطيع
أن تعاقب بالضرب أو بالسجن. وهكذا تثبت البلاد" (مريكارع 47- 49).
"لا تقبل تعويضاً من قدير، ولا تدُسْ مسكينًا لترضيه. أما العدالة، فهي عطية الله الكبرى وهو يهبها لمن يشاء" (أمينوفي 3:21- 6).
ونقرأ في أم 7:29: "الصدّيق يقرّ بحق المساكين أما الشرّير فلا يعترف به ". وفي 29: 4: "الملك بالإنصاف يثبّت البلاد، وبكثرة الضرائب يخرّبها".

ب- الإحسان
"إملأ بطن (المسيء) من خيرات أرسلتها يدك ليشبع ويخزَى" (أمينوفي 5: 5- 6).
"لا تفعل الشرّ مع من يخاصمك. ومن عاملك بالسوء عامله بالخير. كن عادلاً مع عدوّك ".
"أعطِ طعامًا. أعطِ الجعة شرابًا. لبّ كل طلب، قدّم العطاء والاكرام. فالله يفرح بمثل هذه الأمور. شمش يرضى عنها ويثيبها خير ثواب ".
ونقرأ في أم 17:19: "من يتحنّن على الفقير يحسن إلى الرب، والرب على إحسانه يكافئه ". وفي 13:17: "من جازى عن الخير سوءاً، فلن يخرج السوء من بيته ". وفي 25: 21- 22: "إنّ جاع من يبغضك فأعطه خبزًا. وإنّ عطش فاسقه ماء. فتحطّ حجرًا على رأسه والرب يحسن جزاءك ".

5- العمل والغنى والفقر
أ- العمل
"إن لم يتعب الإنسان فلا يحصل على شيء. فمن يعطيه... "
"نقرأ في أم 4:10: "من عمل بيد مرتخية يفتقر. ومن عمل بيد مجتهدة يغتنِ ". وفي 12: 11: "من فلح أرضه شبع خبزًا، ومن تبع البطّالين أعوزه الفهم ". وفي 13: 4: "البطّال يتمنّى ولا ينال. والمجتهد ينجح فيغنى".

ب- الجشع والطمع
"إذا أردت أن يكون وضعك جيدًا... فاحتفظ من الطمع. إنّه مرض مؤلم لا شفاء منه. ولا نستطيع أن نتعرّف إليه. وهو يجمع كل مرض فينا... لا تكن طمّاعًا في المقالة، ولا ترغب في شيء لا يخصّك. لا تكن جشعًا مع والديك... فبعض الجشع يولّد الغضب عند الرجل الهادئ " (فتاح حوتب 10: 1- 8).
"هذه نصيحة طيّبة لمن لا يهملها: لا تتكّل على خيرات الآخرين. لا تستند إلى خيرات الآخرين. فهي لا تتجمَّع في بيتك " (أني 6: 4- 6).
نقرأ في أم 13: 11: "مال البطّال يتناقص، ومال تجمعه باليد يزداد". وفي 28: 20: "الرجل الأمين كثير البركات، ومن استعجل الغنى لا ينجو من العدم ".

ج- زوال الغنى
"لا تطلق قلبك للبحث عن الغنى، فلا أحد يستطيع أن يتحدّى القدر... لا تتعب
في طلب ما لا طائل تحته. فما هو ضروري هو خلاصك. إن حملوا إليك غنى آتيًا من الظلم، فلا يبت عندك ليلة واحدة. فحين تستنير الأرض (تطلع الشمس) يكون قد ترك بيتك. كان هنا ولم يعد هنا. فالأرض فتحت فاها وأدخلته، وابتلعته، وأنزلته إلى الجحيم. صنع لنفسه حفرة كبيرة توازيه. نزل (الغنى) إلى القبر، صنع لنفسه اجنحة كالوزّ وطار نحو السماء. لا ترضى بغنى جاء من ظلم، ولاتحزن بسبب الفقر" (أمينوفي 10:9- 7:10). "إن سفينة الناس الذين لا يشبعون ستُترك في الأوحال، ولكن زورق الصامتين يعرف الريح المؤاتية. صلّ إلى القرص (الشمسي) حين يطلع وقل له: إمنحني الخلاص والصحّة. حينئذٍ يمنحك ما هو ضروري لحياتك، وتنجو من القلق " (أمينوفي 10: 10- 15). ونقرأ في أم 4:23- 5: "لا تتعب لتصير غنيًا، وإلا تخلّيت عن فطنتك. فالغنى يزول في طرفة عين كمن يصنع لنفسه جناحين ويطير كالنسر في السماء". وفي 16:15: "القليل مع مخافة الرب ولا كنز عظيم مع الهمّ ".

6- العائلة والزواج
أ- النساء
"إذا أردت أن تحافظ على السلام في بيت تدخل إليه كسيّد وأب وصديق، وفي أي مكان تدخل، إحفظ نفسك ولا تقترب من النساء. فالمكان الذي يكنّ فيه ليس بصالح... وآلاف الرجال تحوّلوا عما يفيدهم. هي لحظة قصيرة كالحلم، ومن عرفها وجد الموت " (فتاح حوتب 8:9- 12).
"إحفظ نفسك من المرأة الغريبة التي لا يعرفها أحد في مدينتها. لا تنظر إليها حين تتبع طريقها، ولا تتّحد بها. إنها مياه عميقة لا تعرف شواطئها. فامرأة بعيدة عن زوجها تقول كل يوم لنفسها (لا شاهد): أنا جميلة. إنها تكن وتصطاد بالشرك. هي جريمة تستحق الموت حين تعلم " (أني 13:3- 16).
"لا تضجّع مع امرأة متزوجة" (أونخشونكي 18:21).
ونقرأ في أم 2: 16- 19: "تنجو من المرأة العاهرة، من الفاجرة المعسولة الكلام التي تركت رفيق صباها ونسيت عهدها لله، فهوى بيتها إلى الموت وطريقها إلى الظلمات. الداخلون إليها لا يعودون ولا يسيرون في سبل الحياة" (رج 5: 1- 23 ؛ 23:6- 29، 7: 5- 27).

ب- الزوجة
"لا تتزوج مومسًا أزواجها عديدون، عشتارية كرّست للإله، زانية طلابها كثيرون. هي لا تسندك في شقائك، وتفتري عليك في المحكمة. لا مكان عندها للخوف والتواضع. إن وصلت إلى بيت فَقُدْها إلى الخارج. فاذنها تميل إلى درب الغريب. فالبيت الذي تلجه ينهدم، ومن تزوجها لم يعرف السعادة".
"إذا كنت رجلاً معروفًا، أسِّس لك عائلة وأحبّ المرأة في البيت، فهذا حقّها. أعطها طعامًا تأكله، وغطّ ظهرها بالملابس. والعطور العذبة هي دواء لأعضائها. أبهج قلبها طوال حياتها. فهي حقل خيّر لسيدها" (فتاح حوتب 8:9- 10: 1).
"تزوّج امراة وأنت شاب لكي تلد لك ولدًا، لكي تنجبه لك وأنت شاب. علّمه أن يكون رجلاً. فالإنسان الكثير النسل هو في وضع جيّد، ويكرم بالنسبة إلى عدد أولاده " (أني 3: 1-3).
"لا تتزوج امرأة زوجها حيّ، فإنك تجعل منه عدوّك " (أونخشونكي 8: 12).
ونقرأ في أم 22:18: "من وجد زوجة وجد خيرًا، ونال رضى من الرب ". وفي 18:5-19: "هكذا يبارك نسلك وتفرح بامرأة شبابك. فتكون لك الظبية المحبوبة والوعلة الحنون الصغيرة. يرويك ودادها كل حين، وبحبّها تهيم على الدوام ".

ج- الصداقة
"إذا جرّبت طبع صديق، لا تقم ببحث، بل اقترب منه، وسوِّ الأمور معه بينك وبينه إلى أن لا تعود تتألّم من موقفه. بعد وقت قليل، تَناقشْ معه وامتحنْ أفكاره في المحادثة... كن متحفِّظاً، ولا تجعل كلماتك الأولى واسعة، ولا تجبه باعتلاء. لا تنفصل عنه، ولا تقترب منه " (فتاح حوتب 7:14- 11).
وقال أم 18: 24: "كثرة الأصحاب تضرّ، وكم من صديق أكرم من أخ ". وفي 27: 10: "لا تترك صديقك وصديق أبيك، ولا تدخل بيت أخيك في يوم نكبتك. الجار القريب خير من الأخ البعيد".

د- تربية الأولاد
"يجب أن تربّي ابنك ليكون انسانًا طائعًا فيعظم في رأي النبلاء" (فتاح حوتب 14:16-1:17).
"الابن الطائع خادم لحورس. سيكون في صحة جيّدة بعد أن يطيع. وحين يشيخ ويصبح موضع اكرام، عليه أن يكلّم أبناءه هكذا، مجدّدًا تعليم أبيه. من تعلّم، فكما تعلّم، عليه أن يحدّث أبناءه بحيث يقولونه إلى أبنائهم " (فتاح حوتب 17: 10- 1:18).
"إسهر على ابنك، سواء كان يافعًا أو بالغًا" (أني 8: 10).
ونقرأ في أم 13:23- 14: "لا تمنع التأديب عن الولد، فإن ضربته بالعصا لا يموت. تضربه بعصا التأديب، فتنقذ من عالم الأموات حياته ". وفي 19: 18: "أدّب ابنك ما دمت قادرًا، ولا تتأخّر لئلا تفقده ". وفي 13: 24: "من يوفّر عصاه يبغض ابنه. ولو أحبّه لسارع إلى تأديبه ". وفي 29: 15: "القصاص والتوبيخ سبيل الحكمة، والولد المتروك على هواه يخزي أمه ". وفي 17:29: "أدّب ابنك فيريحك، ويملأ نفسك بالبهجة".

هـ- الواجبات نحو الوالدين
"ضاعف الخيرات التي تعطيها لأمك. إحملها كما حمتلك. كم مرّة اهتمت بك ولم تتخلّ عنك. حين وضعَتك بعد أشهر الحبل، قدّمت لك ثديها في فمك خلال ثلاث سنوات بصبر وطول أناة... ووضعتك في المدرسة. وحين كانوا يعلّمونك الكتابة، كانت تقوم كل يوم خلال غيابك فتحمل إليك خبز بيتها والجعة. والآن وأنت في زهرة العمر، بعد أن تزوّجت وثبتَّ في بيتك، تبصّر في الطريقة التي بها وُلدت واغتذيت، تبصّر في عمل والدتك. يا ليتها لا تحتاج أن تلومك أو ترغ يديها إلى الله فيسمع الله شكواها" (أني 18:7-3:8).
ونقرأ في سفر الأمثال: "من يضيّق على أبيه ويطرد أمه، فهو وليد العيب والعار معًا" (19: 26). "من لعن أباه أو لعن أمه، ينطفئ سراجه في قلب الظلام " (20: 20). "من سلب أبويه وقال: لم أخطأ، يكون رفيق اللصوص " (28: 24).
خاتمة
هذه النصوص المختارة تعطينا فكرة عن التقارب بين ما نقرأ في التوراة وما نقرأ في الآداب الشرقيّة القديمة. لقد اكتنز الكتاب المقدّس غنى الشرق وجعله في إطار التوحيد. ونحن حين ندرس العهد القديم، إنّما نجعل نفسنا في نهر واسع انصبّ فيه كل ما حمله الشرق. العهد القديم هو خلاصة تراث عريق جدًا نكتشفه اكتشافًا أفضل حين نقابله بهذا التراث الذي تركه لنا المصريّون والسومريون والأكاديون وغيرهم.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM