الفصل الخامس والثلاثون: تمّت نبوءات إرميا

الفصل الخامس والثلاثون
تمّت نبوءات إرميا
52: 1- 34

قال إرميا عدداً كبيراً من الأقوال في أورشليم ويهوذا. لهذا جاء هذا الفصل المأخوذ من كتاب الملوك (2 مل 18:24- 25: 30)، ليدلّ على أن نبوءات إرميا فد تحقّقت. وسيكون لهذه الفكرة تأثير كبير على الكتاب وعلى التدوين النهائيّ لما في ف 39. وهكذا يكون ف 52 ملحقاً يكوّن خاتمة سفر إرميا.
أ- قراءة النصّ
آ 1- مس 52- سب 52. آ 1-3 أ= 2 مل 18:24- 20 أ. لا نجد في سب آ 2- 3. حموطال، رج 2 مل 23: 31؛ 1 أخ 15:3- 16. إرميا من لبنة: هو ثالث إرميا يذكر في إر: 1: 1؛ 3:35.
آ 2- نجد هنا عبارة اشتراعيّة مقولبة تدلّ على عدم موافقة على هذا الملك دون أن تُذكر خطاياه. بما أن صدقيا خضع للبابلونيين، فقد تصرّف كما تصرّف يوياقيم الذي خضع لمصر رج 37: 1- 2 بالنسبة إلى رذل صدقيا. رج 15: 4 وربط مصير أورشليم بما فعله ملك سابق هو منسّى.
آ 3- "لأن غضب الربّ...". رج 32: 31 والكلام عن غضب الله كسبب للسبي. آ 3 ب- 11= 2 مل 24: 20 ب- 7:25 (مع بعض الاختلافات). رج 39: 1- 2، 4-7.
آ 4- سب (فاتيكاني، سينائي): التاسع. (اسكندراني): السابع. مس: العاشر (الشهر). "دي ق"، مترسة. رج 2 مل 25: 1؛ حز 4: 2 ؛ 17: 17؛ 21: 27؛ 26: 8. نشير هنا إلى أن نبوخذ نصر لم يضع بنفسه الحصار حول أورشليم، بل ظلّ في ربلة على العاصي (رج آ 9- 10، 26- 27؛ 39: 5- 6).
آ 6- رج 2 مل 25: 3. لا نجد في سب "في الشهر الخامس". "شعب الأرض"، يدلّ على عامّة الشعب (2:37؛ 2:44) لا على الوجهاء (19:34؛ رج 1: 18).
آ 7- نقرأ في 39: 4: وحين رأى صدقيا كل رجال الحرب. لقد كان مع الفارين. لا نجد في سب "هربوا" و"من المدينة". "بين السورين": رج أش 22: 11؛ حز 12: 12 – 14.
آ 8- لاحقوا الملك وأخذوا صدقيا: رج 39: 5 (لاحقوهم وأخذوا صدقيا). في 2 مل 25: 5، حسب سب: لاحقوا الملك وأخذوه. في صحراء اريحا. تقع جنوبيّ اريحا. سب: في عبر أريحا. "تفرّق عنه جيشه": أو هم تركوه، أو هم هربوا حين رأوا جيش الكلدانيين.
آ 9- لا نجد في 2 مل 6:25 (سب) "في أرض حماة".
آ 12- آ 12- 16= 2 مل 8:25- 12 (مع اختلافات طفيفة). رج 8:39- 10. "اليوم العاشر". في 2 مل 8:25 "اليوم السابع". لا نجد في سب "التي كانت السنة التاسعة عشرة للملك نبوخذ نصر ملك بابل". هذا يعني سنة 587، إذا نحن عدنا إلى سنة 605، وهي السنة التي فيها تسلّم السلطة. إن آ 28 تشير إلى سنة الجلاء بعد سقوط أورشليم كالسنة الثامنة عشرة لنبوخذ نصر نبوزردان هو عبد ملك بابل حسب 2 مل 8:25.
آ 13- "وأحرق كل بيت" هي إضافة (بهس).
آ 15- لا نجد آ 15 في سب. فإن آ 15 وآ 16 تبدآن باللفظة العبرية عينها "و م د ل وت" (من مساكين الشعب).
آ 16- سب: وسائر الشعب (مس: مساكين الأرض). لا نجد في سب 2 مل 25: 12 "نبوزردان"
آ 17- آ 17- 23= 2 مل 13:25- 17 (نسخة أقصر). نجد خبراً عن آنية الهيكل في 1 مل 7: 15-50. "وحملوا كل نحاسها إلى بابل": 2 مل 13:25. لا نجد في سب "كل".
آ 18- آ 18- 19= 2 مل 25: 14- 15 (أقصر).
آ 20- لا نجد في 2 مل 25: 16 "الاثني عشر ثوراً من نحاس. التي تحت" (البحر). رج 2 مل 8:16، 17 حيث أخذ أحاز كل هذا ودفعه إلى الأشوريين لكي يهاجموا أعداءه (نسي ف 52 هذه النقطة). لا نجد في سب "كل هذه الاواني" في نهاية آ 20. نجد في 1 مل 27:7 "القواعد العشر". ولا نجد الرقم هنا كما أضافته بهس.
آ 21- لا نجد في 2 مل 17:25 "العمودان". سب: خمساً وثلاثين ذراعاً (2 أخ 15:3). مس: ثماني عشرة ذراعاً. لا نجد في 2 مل 7:25 "ومحيطه... أجوف".
آ 22- إن 2 مل 17:25 يجعل الارتفاع ثلاث أذرع. وهنا: خمس أذرع.
آ 23- لا نجد في 2 مل ما يقابل آ 23. حسب 1 مل 7: 20 كانت الرمانات مئتين. وقد وُضعت في صفّين.
آ 24- آ 24- 27= 2 مل 18:25- 25. لا نجد في سب أسماء الأشخاص الرسميين: رج 1 أخ 39:5- 41 من أجل سرايا حفيد حلقيا عني كهنة يوشيا. وصفنيا قد يكون الكاهن المذكور في 29: 24- 29؛ 3:37. "حفظة الأعتاب". هي وظيفة هامّة في الهيكل.
آ 25- لا نجد في سب "ومن المدينة". "خصياً واحداً". أي موظفاً كبيراً كما في 2:29 ؛ 34: 19؛ 7:38؛ 3:39، 13؛ 41: 16. وقد يكون الموظّف هنا موظفاً عسكرياً. نقرأ هنا "سبعة رجال". وفي 2 مل 19:25 "خمسة رجال".
آ 27- لا نجد في سب "وقتلهم" (هي تكرار "ضربهم") و"أجلى يهوذا من أرضهم".
آ 28- لا نجد سب 2 مل 25 في إر 28:52- 30. أضافت بهس "عشرة". فصارت السنة السابعة عشرة (بدل السنة السابعة)، وهكذا ارتبطت آ 28 بجلاء بني يهوذا وآ 29 بجلاء سكّان أورشليم: رج 7:34. أما مس فعادت إلى سنة 598- 597. رج 2 مل 24: 10- 16 حيث 18000 هو عدد المسبيين.
آ 29- رج آ 12 مع "السنة التاسعة عشرة لنبوخذ نصر".
آ 31- آ 31- 34= 2 مل 27:25- 30 (مع اختلافات طفيفة). مس: اليوم الخامس والعشرون. في 2 مل 25: 27: اليوم السابع والعشرون. في سب: الرابع والعشرون. اويل مروداك. شوّه الكاتب الاسم عمداً من "اميل" (ابن) إلى اويل (البليد، المجنون)، ومن مردوك (إله بابل) إلى مروداك (على وزن رجل الخزي). كان اويل مروداك ابن نبوخذ نصر، وقد حكم سنة 561- 565. عفا الملك البابلي عن يوياكين، ربّما بمناسبة اعتلائه العرش. وهكذا نكون في بداية حكم اويل مروداك.
آ 33- يتناول الطعام (ل ح م، الخبز) في حضرته. "كل أيام حياته". هل هذا يعني حياة اويل التي انتهت سنة 560، أو حياة يوياكين؟ المهمّ هو أن يوياكين بدأ يستعيد الحريّة كاستباق للحريّة التي سيعيشها شعبه. هذا ما يهمّ الكاتب بشكل خاصّ. رج آ 34.
آ 34- مس: إلى يوم وفاته. لا نجد هذه العبارة في 2 مل 25: 30، كما لا نجد في سب "كل أيام حياته". وهكذا تكون مس دمجاً لاختلافتين.
ب- التفسير
آ 1- بحر الملك وعمره حين تولّى العرش. وذُكر اسم أمّه (فاليهوديّ يهوديّ بواسطة أمّه) التي كانت من لبنة، وهي مدينة واقعة على شاطئ البحر المتوسط (رج يش 10 :29)، وهي تبعد 40 كلم إلى الغرب من أورشليم.
آ 2- هنا نقرأ حُكم الكاتب الاشتراعي على صدقيا الذي كان شريراً مثل يوياقيم. هذا خضع لمصر، وصدقيا لبابل.
آ 3- بسبب خطيئة هذين الملكين، غضب الربّ. وكانت نتيجة بداية غضبه أن صدقيا تمرّد على ملك بابل. والعاقبة: سنة 587 وما جرّت معها من ويلات.
آ 4- في نهاية شهر كانون الأول، أي خلال فصل المطر، جاء نبوخذ نصر، ولم ينتظر بداية الربيع. حين يقول الكتاب عن نبوخذ نصر إنه حاصر المدينة، فهو يدلّ على الجيش، لأننا نعرف أن ملك بابل جعل مركز القيادة في ربلة على العاصي.
آ 5- وطال الحصار حتّى بداية صيف 587.
آ 6- وفُتحت ثغرة في الأسوار، في نهاية حزيران 587 بعد أن كان انتشر الجوع، فهرب المقاتلون وتوجّهوا إلى جهة أريحا ونهر الأردن. أخذوا الباب الجنوبيّ لأنهم اعتبروا العدوّ في الجهة الشماليّة. "طريق الغور" أو "طريق غور الأردن" أو "طريق العربة". وترك المقاتلون الملك، فأمسكه البابليون وأخذوه إلى نبوخذ نصر المقيم في ربلة.
آ 10- هنا نتنهد أعمال العنف التي تعرفها الشعوب خلال الحروب. ذبح ملك بابل بني صدقيا كما ذبح رجاله أمام عينيه. وفقأ عيني الملك لكي يكون هذا المشهد المرج آخر ما تريان. ثم قيّده بسلسلتين، لا بسلسلة واحدة، وأرسله أسيراً إلى بابل.
آ 12- وفي نهاية تموز سنة 587 (رج 25: 1)، جاء رئيس الحرس لدى نبوخذ نصر، فأحرق الهيكل والقصور والبيوت. وهُدمت الأسوار، وسُي الصناع المهرة لئلاّ يصنعوا السلاح من بعد، ولكي يكونوا في خدمة ملك بابل.
آ 17- وبهر الهيكل وآنيته التي صنعها الملك سليمان. كل هذا أُخذ. وأطال الكاتب الحديث عن هذا الهيكل عائداً إلى 1 مل 15:7- 45 الذي يتحدّث عن بناء الهيكل الأول.
آ 24- وسمّى الكاتب الوجهاء والموظّفين الذين أُخذوا من المدينة إلى ربلة. فأمر ملك بابل بقتلهم.
آ 28- في السبي الأول (سنة 597): 3023. وفي السبي الثاني (سنة 587، رج 25: 1): 832. وفي السبي الثالث (582- 581) الذي فيه رافق اليهوذاويين الموآبيون والعمونيون، كان عدد مسبيّي يهوذا 745. وهكذا يكون عدد الذين ذهبوا إلى الجلاء: 4600 شخصاً. هذه الأرقام هي أقرب إلى الواقع من تلك المذكورة في 2 مل 24: 14 (10000 شخص). فمملكة يهوذا صغيرة وقليلة السكّان. وقد سبى منها البابليون القوّاد والصنّاع والوجهاء وتركوا شعب الأرض لكي يدفعوا الجزية.
آ 31- وينتهي سفر إرميا مع كلمة الرجاء: أفرج عن الملك يوياكين، وأعيدت إلى نسل داود كرامته (رج 2 مل 25: 30). كان ذلك سنة 561- 560، ساعة اعتلى اويل مروداك العرش.
ج- دراسة عامّة
لا ينتهي كتاب إرميا بكلمات النبيّ وأعماله (رج 51: 64)، بل بملحق أُخذ من التاريخ الاشتراعي لملوك اسرائيل ويهوذا (2 مل 24: 18- 25:.3). لماذا؟ هناك شرح أول يرتبط بالرابينيين، بالمعلّمين اليهود، الذين أعلنوا أن إرميا كتب أيضاً كتاب الملوك. لا شكّ في أن هناك مواد مشتركة واسلوباً اشتراعياً واحداً. ومع ذلك يختلف إر 52 عن 2 مل 25. فإرميا لا يتحدّث عن مقتل جدليا (2 مل 22:25- 26)، ويتضمّن سجلاً عن عدد المسبيّين إلى بابل (آ 28-30). نجد مثل هذه المواد في التقليد الاشعيائي حيث يشكل أش 36- 39 خاتمة اش 1- 35 المأخوذة من 2 مل 18- 20. ولكن في هذه المعطيات المشتركة، يبدو أشعيا الوجه المسيطر. أما إرميا فيغيب كلياً عن إر 52 و 2 مل 24: 18- 25: 30. إن اختتام إرميا بملحق مأخوذ من 2 مل، يتوخّى إظهار التوافق مع الخبر الاشتراعي وتتميما لمقدّمة الخبر في كتاب إرميا.
يبدأ القسم الأول من هذا الملحق (آ 1- 3 أ) المتحدّث عن سقوط أورشليم، بكلام عن اعتلاء صدقيا عرش يهوذا (37: 1) ذُكرت هويّته والحكم عليه من وجهة الكاتب الاشتراعيّ. والاشارة إلى الشرّ الذي فعله هو ويوياقيم، تدلّ على ما فعله ملوك يهوذا من "شرّ" قاد أورشليم إلى الدمار.
ونقرأ في آ 3 ب- 11 ملخصاً عن سقوط أورشليم (39: 1- 2، 4- 7)، يقدّم تفاصيل عن دخول البابليين إلى المدينة المقدّسة والقبض على "المتمرّدين". طال الحصار ولم يتحرّك المصريون (37: 5- 7). وجعل اليهوذ اويون أملهم بأسوارهم المنيعة. ولكن فُتحت الثغرة ودخل المهاجمون. وهرب الملك وحرسه الذين سيتركونه...
وبعد شهر على سقوط المدينة، جاء نبوزردان رئيس الحرس، فرتّب الأمور حسب أوامر ملك بابل: دكّ الاسوار، أحرق الهيكل، أخذ من تبقّى من الوجهاء الذين سيقتلهم نبوخذ نصر نلاحظ هنا اختلافات بين نص إر 2:39- 10؛ 6:52- 16 ونص 2 مل 25: 3- 12. هذا يعني أن التفاصيل غابت، فحاول الكاتب هنا وهناك أن يربط بين الوقائع الكبيرة، ويذكر عدد المسبيّين، وما حصل حقاً حين سقطت المدينة وبعد سقوطها. ولكن الخبر لا ينتهي مع آ 9- 16.
ففي آ 17- 23 نجد ملخَّصًا أخذ من التقليد الاشتراعي حول آنية الهيكل التي سبق لآحاز وقدّمها للاشوريين. وها هم البابليون يأخذونها الآن. أجل، لم يبقَ من أثر للمدينة ولا للهيكل ولا لوجهاء الشعب. لقد ضاع كل أمل. فكيف يقدر الربّ أن يعيد بناء شعبه المشتَت. وكانت النهاية (آ 24- 27) مقتل ستين من الأعيان ظنوا أن الأمان عاد إلى المدينة. والعبارة الأخيرة: "سبى (نبوزردان) سكّان يهوذا من أرضهم" (آ 27).
في آ 28- 30 نقرأ عدد المسبيّين من يهوذا على ثلاث دفعات. من أبن استقى الكاتب معلوماته؟ هذا ما لا نعرفه. غير أن هناك فرقاً بين مما في إر 28:52- 30 و 2 مل 24: 14، 16. إن سبي 4600 شخص لا يشكل فراغاً كبيراً، هذا مع العلم أن المسبيّين هم الكهنة والصنّاع... ويُذكر سبيُ 582، الذي قد يكون تمّ بعد مقتل جدليا.
ولا ينتهي هذا الملحق بلائحة المسبيّين بل يرافق 2 مل فيضع بعض الأمل. أُخلي سبيل يوياكين وعُومل معاملة حسنة. وقد يأتي يوم يعود فيه المنفيّون. والكاتب الذي جعل إر في صيغة النهائية، يعرف ذلك وهو الذي وضع اللمسات الأخيرة بعد العودة إلى المنفى

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM