صلاة من أجل الملك

صلاة من أجل الملك
المزمور العشرون

1. المزمور العشرون هو مزمور ملكيّ (رج مز 2) ينشده الشعب من أجل الملك عندما ينطلق إلى الحرب أو عندما يتوَّج. وساعةُ التتويج هي ساعة المسؤولية، لأن الخطر يحدق بشعب الله. في ليتورجية الهيكل، كان المرتّلون ينشدون القسم الأول كصلاة توسّل، والقسم الثاني والأخير كصلاة شكر. وبدت آ 7 وكأنها كلام أحد الأنبياء. يقول الكاهن المحتفل: إن الربّ رضي عن ذبيحة ملكه، فاحترقت كلها مع الحجارة والحطب والتراب (1 مل 18: 38): سيتمّم الرب مطاليبك، ويستجيب لك من سمائه المقدّسة.

2. صلاة من أجل الملك ليعطيه الرب البركة والنصر.
آ 3- 6: صلاة من أجل الملك ليعينه الله في الحرب.
يدخل الملك إلى الهيكل، فيستقبله الكاهن بهذه الكلمات: ليستجبْ لك الرب. الملك هو ابن الله، والله يسمع صلاته ويحميه. أما الإشارة إلى إله يعقوب فهو تذكير باختيار اسرائيل وأمانة الله لهذا الاختيار. يرسل الله عونه من صهيون، ويكون مع ملكه في الهيكل حيث تتمّ حفلة التتويج. ويكون العون مثلّثًا: عون إله يعقوب والآباء، عون إله داود وذرّيته، عون إله سليمان والهيكل. وبحمل الملك معه محرقاته وذبائحه: الربّ سيذكرها بالخير ويجدها سمينة، فيقبلها ويعطي الملك كلّ ما يسأل ويرغب. حينئذ يستطيع الشعب أن يعبّر عن فرحه: نهتف فرحًا بانتصارك ونرفع الراية باسم الهنا.
آ 7- 9: نسمع صوتًا نبويًا يعلن للملك أن الله استجاب له وأعطاه الخلاص المطلوب. وينطلق صوت النبيّ أو الكاهن، فيعلن واثقًا بأن الله وحده يحمي شعبه. لا حاجة إلى الخيل وإلى المركبات، فاسم الله يكفي، وهو الراية التي تقود شعبه إلى النصر. ويرى الناطق باسم الله أعداء اسرائيل يخرّون ويسقطون، بينما يبقى شعب الله واقفًا رافع الرأس منتصرًا.
آ 10: وتأتي الخاتمة بشكل صلاة تتجاوب مع الآية الثاني: ليستجب لك الرب. صلاة من أجل الملك ومن أجل الشعب، ومصير الشعب يرتبط بمصير الملك. إذا تمّ الخلاص للملك، كان للشعب السلام والطمأنينة والحياة على بركة الله.

3. قال الشعب لصموئيل: "يخرج الملك أمامنا ويحارب حروبنا" (1 صم 8: 20). هذا هو ملخّص رسالة الملك في إسرائيل: يقيم العدالة داخل المملكة، ويجعل السلام على الحدود ضد خطر الغزو الخارجيّ. والملك يحتاج إلى معونة الله تأتيه من تابوت العهد الذي كان الشعب يحمله عندما يسير إلى الحرب. أما في هذا المزمور، فالمعونة ستأتي من هيكل أورشليم، مكان حضور الله. والملك تنقصه العدّة والعدد: لا خيل له، لا مركبات. سلاحُه الوحيد اسم الله الحاضر في جبل صهيون حيث يتّصل عالم السماء بعالم الأرض، والهيكل الذي هو رمز السماوات المقدّسة.
نرى في هذا المزمور قدرة اسم (2: 6) اله يعقوب (26: 8؛ 75: 10) وإله القبائل الاثنتي عشرة. الله يأتي من هيكل صهيون (3: 5) الذي هو على صورة الهيكل السماوي (1 مل 8: 44- 45) ليتمّم بحضوره الحيّ الفاعل رغبات الملك، ويعطيه النصر بيمينه.

4. هذا المزمور ليس مسيحانيًا، بمعنى أنه لا يتكلّم عن المسيح بصورة مباشرة، ولكن المسيح الآتي يضيء على شخص ملك اسرائيل. فالجماعة اليهوديّة، وقد حُرمت من ملكها بعد الجلاء، انتظرت الخلاص على يد ملك جديد وداود جديدة ونحن شعب العهد الجديد، نستطيع أن ننشد هذا المزمور متطلّعين إلى المسيح ملكنا الذي خضعت له كل رئاسة وكل سلطة وكل قوة (1 كور 15: 24) إلى أن يصير الله كلاً في الكشف. وعندما نصلّي الصلاة الربيّة فنقول: ليأت ملكوتك، ننظر إلى يوم يضع يسوع جميع أعدائه تحت قدميه، والموت آخر عدوّ يبيده (1 كور 15: 25- 26)، وننتظر أن نملك نحن معه ونشاركه في وليمة النصر (رؤ 19: 15- 18).

5. مواضيع لاهوتيّة
إن مواضيع هذا المزمور هي قديمة ومعروفة. أولاً: قدرة الاسم. نقرأ في 44: 6: "بك نقهر (حرفيا: ننطح كالثور) مضايقينا، وباسمك ندوس الهاجمين علينا". هذا الإله هو إله يعقوب. نقرأ في 46: 8: "ربّ الجنود معنا. ملجأنا إله يعقوب". وفي 75: 10: "أما أنا فأخبر إلى الأبد، أشيد لإله يعقوب". وفي 76: 7: "من انتهارك، يا إله يعقوب، هجعت العجلات والخيل".
هذا الإله هو بالتالي إله الأسباط الاثني عشر الذين ارتبطوا في حلف مقدّس يتوزّع خدمة المعبد على الشهور الاثني عشر في السنة. كل قبيلة كانت تؤمّن خدمة المعبد مرّة في السنة. وما كان بالنسبة لاسرائل كان بالنسبة إلى بني اسماعيل وبني مديان، بالنسبة إلى العرب وإلى اليونان. العون يأتي من هيكل صهيون كما يقول 3: 5: "بصوتي إلى الربّ أدعو، فيجيبني من جبله المقدّس". والهيكل هو ما يقابل الهيكل السماويّ كما نقرأ في آ 7: "يستجيب له من سماء قدسه"، من "معبده السماويّ". نقرأ في 1 مل 8: 44- 45 صلاة بفم سليمان: "وإذا خرج شعبك... وصلّوا إليك جهة المدينة التي اخترتها والهيكل الذي بنيته لاسمك، فاسمع من السماء صلاتهم وتضرّعهم".
إن حضور الله المحيي في قلب أعمار البشر، يعطي رغبات الملك ملئها ويتمّمها. هذا ما نقرأ في 3:21: "أعطيته منية قلبه، وما رفضت طلب شفتيه".
وأخيرًا يذكر هذا المزمور الأعمال الخلاصيّة التي اجترحتها يد الربّ القدير. فما بسيوفهم ورثوا الأرض، ولا بسواعدهم نالوا الخلاص، بل بيمينك وساعدك ونور وجهك، لأنك رضيت يا ربّ عنهم" (44: 4). ونقرأ في 48: 11: "التهليل، مثل اسمك يا الله، يصل إلى أقاصي الأرض، ويمينك مملوءة بالعدل". ويدعو المرتّل الله في 74: 11 ليمارس قدرته فيقول له: "لماذا تردّ يمينك يا الله؟ أخرجها من جيبك واضرب".
فالقدرة الحقيقية لدى المقاتل لا تقوم في كثرة الخيول والمركبات. هذا وضع فهمه رعمسيس الثاني فرعون مصر في بداية القرن الثالث عشر ق. م. حيث غرقت خيوله ومركباته في البحر. هذا وضع يرتبط بالحرب المقدّسة التي عرفتها الشعوب القديمة. في هذا يقول مز 33: 17: "الخيل لا تقود إلى الخلاص، وبشدّة عزيمتها لا تؤمّن النجاة". أجل، إن القوّة الحقيقيّة تكمن في العون الذي يقدّمه الله. اعتبر الشعب اعتبارات بشريّة، فقالوا: "على الخيل نهرب... على مركبات سريعة نهرب". فقال الرب: "في التوبة والطاعة خلاصكم، وفي الأمان والثقة قوّتكم" (أش 30: 15- 16).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM