الفصل العشرون: شعب المستقبل وأقوال للأمم

الفصل العشرون
شعب المستقبل وأقوال للأمم
24: 1 – 25: 38

نجد في هذا الفصل قسمين متميّزين جذّا. الأول (24: 1- 25: 14) يحملنا إلى زمن المنفى حيث يتهيّأ الشعب للعودة إلى أرضه بعد أن استعاد كلمات إرميا واستنار بها في ضوء الواقع الذي حل بالمدينة والملك والشعب. والقسم الثاني (25: 15- 38) هو مقدّمة للأقوال ضدّ الأمم، التي نقرأها موسّعة في نهاية سفر إرميا (ف 46- 51).

1- العودة من المنفى (24: 1- 10)
بعد سنة 597، والذهاب الأول إلى المنفى مع الملك يوياكين، ظنّ الذين لبثوا في أورشليم أنّهم وحدهم أبرياء، أبرار (ولهذا لم يذهبوا إلى المنفى، لم يعاقبهم الله)، وأن الذين سُبوا كانوا خطأة فنالوا عقاب خطاياهم. فجاءت رؤية إرميا توضح الأمور: كل الشعب، سواء ذاك الذي لبث في المدينة أو ذاك الذي ذهب إلى المنفى، يخصّون الربّ. مازالوا كلّهم شعبه. وهذا يعني أنّ نظرة الربّ ليست نظرة الغضب على الذين سباهم البابليّون، ونظرة الرضى على الذين لم يتركوا البلاد. فالرجاء واحد (32: 15؛ 33: 1- 18) للفئتين. ومنهما سينطلق الربّ ليبني شعبه من جديد، شعبًا تنقى في المحنة والألم.
أ- قراءة النصّ
آ 1- أراني الربّ. جعلني أرى. رج عا 7: 1، 4، 7 ؛ 8: 1 (هكذا أراني). "م وع د ي م"، مصفوفين، مرتّبين. التين مصفوف في السلّة، في الزنبيل. "هـ م س ج ر". لا شكّ في أنّنا أمام أصحاب الصنع (الخشب وبالأحرى المعادن). في اليونانيّ: "والأسرى". آ 1 ب= 2 مل 24: 14 ما عدا الشطر الأخير؟ رج إر 29: 2؛ 2 مل 24: 14- 16. أقحمت اليونانيّة بعد "الحدادين" (أو: النجارين): والأغنياء.
آ 5- ألغت بهس "هكذا قال الربّ إله إسرائيل". نحن أمام قول خاص يصل إلى إرميا من قِبَل الله (رج آ 4). ونقول الشيء عينه عن آ 8.
آ 6- "عيني" (في المفرد). بعض المخطوطات: الجمع (في العربيّة، المثنّى، عينيّ). أبني، أهدم... رج 1: 10؛ 12: 14- 17؛ 18: 7- 10؛ 31: 28، 40؛ 10:42؛ 4:54.
آ 7- ليعرفوني. رج 16:22 (معرفتهم لي). ق 23:9 (بحيث يعرفونني). "فيكونون لي شعبًا... ". رج31: 33.
آ 8- "لأنّه هكذا قال الربّ". إضافة تدوينيّة. رج آ 5.
آ 9- "ل. زوع ه. ل. رع ه": (انزل بهم) رعب الشرّ. رج 15: 4؛ 18:29؛ 17:34؛ ق تث 28: 25؛ حز 23: 46. في اليونانيّة: أين تشتّتوا في كلّ مكان. "في جميع المواضع". رج تث 37:28.
آ 15- لا نجد لفظة "لآبائهم" في اليونانيّة.
ب- التفسير
آ 1- نحن هنا سنة 597 مع الذهاب إلى السبي (28:22؛ 2 مل 15:24). في هذا السياق، رأى النبيّ سلّتين من التين. تشبه هذه الرؤية ما في عا 8: 1. رج إر 1: 11 - 12 حيث ينطلق النبيّ من الواقع فيقرأ فيه مخطط الله على ضوء حضور الله.
آ 2- ومن التين نوعين، الجيّد والرديء.
آ 3- ودعا الربّ النبيّ لكي يرى. ستكون الرؤية ماديّة (تين). الربّ سيعطيها المعنى العميق.
آ 4- انطق الربّ ممّا رآه النبيّ. نظرةُ الربّ إلى الذاهبين إلى السبي هي نظرته إلى التين الجيّد. سيكونون باكورة الشعب الجديد الخارج من ألم المنفى. هنا نعود إلى بداية إرميا حيث يحلّ البناء محل الهدم (1: 10). بل نعود إلى زمن الخروج والحياة في البرّية: يعرفون، يكونون شعب الله، يكون الربّ إلههم، يرجعون (آ 7). رج 22:35 ؛ خر 7:6؛ تث 8:26. ظنّ الذين لم يذهبوا إلى المنفى أنّهم وحدهم التين الجيّد. ولكن الربّ نظر نظرة الرضى إلى الذين في المنفى.
آ 8- التين الرديء يدلّ على الملك صدقيا والذين ظلّوا معه في أورشليم. كما بدلّ على الذين ذهبوا إلى مصرحين أحسّوا بالخطر لدى مجيء نبوخذ نصر وجيشه. هذا التين هو موضوع لعنة وسيأتيه العقاب.
ج- دراسة عامّة
نحن هنا (آ 1- 10) أمام وحدة تميّز بين الذين لبثوا في المدينة والذين مضوا إلى المنفى (رج 8:21- 10). ومع الذين لبثوا في المدينة، نجد أولئك الذين هربوا إلى مصر ستأتي سنة 587 فتكون أقسى ممّا حصل سنة 597. في نظر إرميا، وهذا هو الواقع الذي سوف نراه، قيامةُ شعب الله سوف تنطق من المنفى.
د- خلاصة
في ف 24 الذي ينهي بطريقته القسم الأول من الكتاب (بداية ف 25 هي الخاتمة، والقسم الثاني من ف 25 هو مقدّمة الأقوال على الأمم)، نقرأ خبر رؤية سلّتين من التين مع تفسير لهذه الرؤية. وسوف نجد نفوسنا أمام نصّ أعيدت قراءته أكثر من مرّة.
يتضمّن الخبر القديم (آ 1- 5) رؤية وتفسيرها الرمزيّ (نضع جانبًا آ 1 ب العائدة إلى 2 مل 24: 14- 15، وآ 2 التي تستبق جواب إرميا على سؤال الله كما في آ 3، والتي تبدو لا ضروريّة لفهم النصّ). معنى الرؤية واضح: أكّد الله بواسطة نبيّه أنّه يريد خير منفيّي يهوذا الذين راحوا إلى بابلونية سنة 597 (آ 1 ب). فهم التينة الصالحة. والتينة الرديئة تدلّ على اليهوذاويّين الذين ظلّوا في فلسطين. لماذا هذا التمييز وهذا الحكم؟ هنا نعود إلى حز 015:11 اعتبر الذين لبثوا في فلسطين أنّ المنفيّين لا ينعمون بحضور الله لأنّهم في أرض غريبة، بينما الباقون في الأرض ينعمون بعطايا الله. هي نظرة غريبة إلى الله وإلى عمله حيث يكون لحضور الله "الجسديّ" في أرض إسرائيل دور سحريّ ومطلق: أرض فلسطين أرض الربّ. كل أرض غيرها ليست أرض الربّ: قلب إرميا الأمور، وأكد أنّ الله لا يتخلّى عن المنفيّين، بل هو يعتني بهم.
وجاء التفسير (آ 6- 10) بعد كرازة إرميا بزمن طويل، وذلك على مرحلتين. إنّ آ 6 تشرح آ 5 وتستعمل الأفعال التي طبِّقت في 1: 10 على الأمم والممالك، وحُصرت هنا في إسرائيل مع كلام عن العودة إلى البلاد. واستعملت آ 7 ألفاظًا مأخوذة من حزقيال لان عطيّة القلب من أجل المعرفة لا نجدها في إر 31: 31- 34 بل في حز 11: 19 (رج 36: 26). وإنّ عبارة "لتعرفوا أنّي أنا الربّ" تذكرنا بما في حز 11: 12؛ 13: 14، 23. وعبارة "يكونون شعبي وأكون إلههم" نجدها في إر 33:31 وفي حز 11: 20.
أمّا آ 8 فتقول من هو التين الخبيث (وهذا ما لم يفعله النبيّ): الملك صدقيا وموظّفوه، وبقيّة أورشليم، والذين لبثوا مقيمين في الأرض والذين مضوا إلى مصر نحن هنا أمام حكم يصدر بعد أحداث 587، بل بعد العودة من المنفى، يصدر عن الذين يحسبون نفوسهم التين الجيّد. أكّد المنفيّون العائدون إلى فلسطين أنّ لهم قيادة الجماعة لأنّهم يمثلون بقيّة إسرائيل الحقيقيّة. مثلُ هذا التفسير يرجع إلى زمن العودة من المنفى ويدلّ على التوتّرات داخل الجماعة في ذلك الوقت. فالعقاب الذي حلّ بأورشليم لم يمنع من أن يبقى يهوذاويّون في الأرض حتّى بعد مقتل جدليا. إلى هؤلاء يتوجّه 8:24- 10.

2- أقوال إرميا (25: 1- 14)
هنا يتذكّر"الناشر" ما قاله إرميا خلال حياته، أي قبل المنفى. يتذكّر العناصر الهامّة في كرازة إرميا. هي الآن تُفهم على ضوء ما حدث للمدينة وللشعب. ولكن برز عنصر جديد هو أنّ المنفى يدوم 70 سنة (آ 11). هذا يعني أنّ الشعب العبرانيّ عاد من المنفى. وبعد السبعين سنة، سيُعاتَب بدوره ذاك الذي كان موضوع غضب الله (رج 2: 3). في اليونانيّة لا تحدّد هويّة هذه الأداة (آ 9، 12). أمّا موضوع آ 12- 14 فيأتي عشر سنين بعد التاريخ المذكور في آ 1، أي السنة الأولى لحكم نبوخذ نصر أي سنة 605 ومعركة كركميش.

أ- قراءة النصّ
آ 1- لا نجدني اليونانيّة الشطر الأخير: "وهي السنة الأولى لنبوخذ نصر، ملك بابل" بالنسبة إلى التعابير التي تتحدّث عن تقبّل كلمة الله، رج 14: 1؛ 32: 1؛ 34: 1؛ 35: 1.
آ 2- لا نجد في اليونانيّة "النبيّ".
آ 3- لا نجد في اليونانيّة "كانت إليّ كلمة الربّ". نقرأ في البداية "من" (السنة 13). في اليونانيّة: "في". لا نجد أيضًا في اليونانيّة "فلم تسمعوا". "مبكرًا في التكلّم". رج المخطوط في مخبأ القاهرة الذي حافظ على اللفظة التقليديّة "هـ ش ك ن" بدل "أ ش ك ي م" التي نجدها هنا. رج 13:7، 25. ألغت بهس "فلم يسمعوا" و"عبيده الأنبياء" (آ 4) على أنّها إضافة من 13:7، 25- 26؛ 11: 7- 8. هذا يجعل من آ 5 بلاغ آ 3. ووجود "في" (اليونانيّ) بدل "من" (العبري) يعكس 1: 2.
آ 4- "وأرسل يهوه". في اليونانيّة: ومرسلاً (وأرسل، رج 7: 25)0 الماسوري: كلّ عبيده (هو). اليونانيّ: كلّ عبيدي (أنا). لا نجد في اليونانيّة "ل ش م ع" للسماع (لتسمعوا).
آ 5- "أعطى يهوه". اليونانيّ: أعطيتُ (أنا).
آ 6- ألغت بهس آ 6 كإضافة متأخّرة (رج 35: 5). في الماسوري: لا أسيء إليكم. في اليونانيّة: حتّى أسيء إليكم (= ل. هـ رع).
آ 7- لا وجود في اليونانيّة لعبارة "ن أم. ي هـ و ه". قال الربّ. كلّ ما نجد في اليونانيّ: ولكنّكم لم تسمعوا لي. فالنصّ الطويل في الماسوريّة يدلّ على أنّ آ 6 ب وُضعت في آ 7 ب.
آ 8- "لم تسمعوا". في اليونانيّة: لم تؤمنوا، لم تصدّقوا.
آ 9- الماسوري: "كل عشائر الشمال. رج 1: 15. في اليونانيّة: عائلة من الشمال. لا نجد في اليونانيّة "ن أم. ي هـ وه"، قال الربّ، ولا "من نبوخذ نصر، ملك بابل، خادمي". رج 6:27؛ 43: 10. تبعت بهس اليونانيّ. نقرأ في الماسوري: "وعلى هذه الأمم من حولها". هذه الإضافة تعكس وتستبق آ 15- 16. لا نجد في اليونانيّة "هذه" (الأمم). الماسوري: أبسلهم أي أحرّمهم، أجعلهم حرامًا. عمليًّا: أدمرّهم. هذا ما كان يحدث في الحرب المقدّسة. تكرَّس الأشياء لله فتصبح حرامًا بالنسبة للمقاتلين (لا يحقّ لهم أن يستفيدوا منها)، فتدمَّر. رج يش 8:7؛ 1 صم 15: 1- 9. "ش ر ق"، صفر (صفير الدهشة والتحسّر). رج 8:19؛ 9:25، 18؛ 17:49؛ 50: 13؛ 37:51. الماسوري: أخربة أبديّة. في اليونانيّ: توبيخ أبدي، لوم أبدي.
آ 10- "صوت الرحى". يدلّ على أنّ الناس ما زالوا أحياء (لم يموتوا)، ويمارسون حياتهم العاديّة (جا 12: 3). تحدّثت اليونانيّة عن "رائحة المرّ" (ر ي ح. م د).
آ 11- لا نجد في اليونانيّة "هذه (الأرض) خرابًا". رج 7: 34 (لأنّ الأرض ستكون قفرًا). هناك تقارب بين آ 15- 11 و7: 34. نقرأ في اليونانيّة "ويتعبّدون بين الأمم سبعين سنة" دون الإشارة إلى "ملك بابل" كما في الماسوريّة.
آ 12- ألغت بهس هذه الآية على أنّها ليست أصيلة. رج 29: 10 (بالنسبة إلى آ 12 أ)؛ 26:51، 62 (بالنسبة إلى آ 12 ب). لا نجد في اليونانيّة "على ملك بابل و"، و "ن أ م. ي هـ و ه"، قال الربّ، "لأجل اثمهم وأرض الكلدانيّين". وهكذا يصبح النصّ اليونانيّ: وعندما تتمّ "السبعون سنة، أنتقم من هذه الأمّة وأجعلهم دمارًا أبديًّا).
آ 13- كت: و هـ ب ا ي ت ي. قر: وهـ ب ا ت ي، أجلب. "هـ هـ ي ا". هذه الأرض كما في آ 12، 14 (أي أرض بابل). أما بهس فتعتبر "هذه الأرض"، أرض إسرائيل، وهكذا تفصل آ 13 عن آ 12 وآ 14. رأت بهس أنّ ما "تنبّأ به إرميا على جميع الأمم" هي إضافة على آ 15- 38 (رج آ 9) لا نجدها في اليونانيّة. "كلّ ما كُتب في هذا الكتاب": قد يكون هذا تلميحًا إلى كتاب يتضمّن أقوالاً نبويّة كُتبت ضدّ بابل (51: 60). وقد يكون تلميحًا جانبيًّا إلى الدرج الذي تضمّن كلمات إرميا (36: 2) بحيث صارت آ 1- 13 أخاتمة لدرج باروك. ينتهي المقطع هنا في اليونانيّة بحيث لا وجود لما في آ 13-14.
آ 14- لا نجد هذه الآية في اليونانيّة، ولكن 25: 14- 38:32 (كما في اليونانيّة) يشمل الأقوال ضدّ الأمم التي نقرأها في ف 46- 51 في النصّ الماسوريّ. و 25: 15- 38 يقع في ترتيب مختلف. نقرأ في الماسوريّ "حتى عبدوا (خدموا) بينهم حتى أممًا كبارًا". يبقى المعنى غامضًا. قد تكون إشارة إلى الأمّة المذكورة في آ 12، والمتأثرة بما في آ 15- 38 من كلام على الأمم. قرأت بهس: جُعلوا ليخدموا. رج 13:22 (ع ب د. ب)؛ أ 4 1 أ= 7:27 ب؛ آ 14 ب= 50: 29.
ب- التفسير
آ 1- السنة الرابعة ليوياقيم هي سنة 605 (نتذكّر أنّ يوشيّا مات في معركة مجدو سنة 609، فخلفه شلوم مدّة شهر ثمّ يوياقيم). رج 12:52، 28- 29. في تلك السنة، تسلّم نبوخذ نصّر السلطة، بعد معركة كركميش (رج 46: 2). في 6 أيلول سنة 605. قبل ذلك، كان وليَّ العهد، وقائدَ جيوش أبيه نبوفلاسر توفّي الوالد فجأة في بابل، في شهر آب، فعاد الابن حالاً إلى بابل وهناك توِّج. وبعد قليل، استعاد مسيرته نحو فلسطين (رج 20: 4).
آ 3)- بدأ النبيّ إرميا يعلن كلام الله في السنة 13 لملك يوشيّا، ملك يهوذا. أي سنة 627. رج 1: 2؛ 36: 2.
آ 4- أرسل الربّ عبيده الأنبياء ليدعوا شعب يهوذا وسكّان أورشليم إلى التوبة.
آ 6- ويدعوهم إلى ترك الآلهة والممارسات (= أعمال أيديهم، رج 1: 16) الأصناميّة. رج 7: 14؛ 32: 30 ؛ 8:44.
آ 7- وكانت النتيجة أنّهم لم يسمعوا. تعمّدوا أن لا يسمعوا تعلّقًا ببعل وإغاظة ليهوه. رج 29:32؛ تث 31: 29.
آ 8- بما أنّهم لم يسمعوا، فسيدعو الربّ شعوب الشمال. نلاحظ هنا الأسلوب الاشتراعيّ الذي نجده مثلاً في بداية سفر القضاة: "فعل بنو إسرائيل الشر.. فغضب الربّ... وسلّمهم إلى أيدي الناهبين فنهبوهم" (2: 11- 14). كما نقرأ في 2 مل 17: 7 ي اعتبارات في هذا المعنى، حول سقوط السامرة بيد الأشوريّين.
آ 10- تزول الحياة من البلاد. لن يعود يُسمع صوت الرحى. لن يوجد سراج يضيء المنازل. لا زواج ولا فرح... بل الموت والخراب.
آ 11- سبعين سنة. إذا حسبنا المنفى الأول سنة 597 والعودة سنة 538 فنكون أمام ستين سنة تقريبًا. قد يكون الرقم 70 أقل من ثمانين، وبالتالي أقلّ من جيلين، والجيل هو 40 سنة. هذا يعني أنّ سنوات المنفى لن تتعدّى الجيلين. وهكذا تُطلّ فسحة من الأمل في ليل "أبدي" (آ 9، ع و ل م). في الواقع، لا تتجاوز فترة العقاب حياة الإنسان (مز 90: 10؛ رج زك 1: 12)، والربّ، سيّد التاريخ، لن يسمح لبابل أن تتعدّى هذه الفترة من الزمن (رج 1: 10). هذا تفسير ثان. وهناك تفسير ثالث لرقم 70 يقدّمه المؤرّخ الكهنوتيّ: بما أنّ الشعب لم يحفظ سبوته، فإنّ الأرض تسبت (تبقى بورًا، لا تُفلح ولا تُزرع) سبعين سنة (10× 7، نلاحظ هنا أهميّة هذين الرقين). رج لا 26: 35. أمّا دا 9 فيتحدّث عن عشر دورات سبتيّة (لا 2:25- 7؛ تث 15: 1 11)، ويربط اضطهاد أنطيوخس الرابع أبيفانيوس بزمن المنفى البابليّ.
آ 12- في آ 1- 11، تذكّر الناشر أقوال النبيّ إرميا قبل ذهاب الشعب إلى المنفى. وهو هنا يقرأ التاريخ على ضوء ما حدث لبابل سنة 550 على يد المادايّين والفرس. إنّ الربّ يعامل البابليّين أو الكلدانيّين كما عاملوا سائر الشعوب (هي شريعة المثل، سن بسنّ، عين بعين). دمّروا الممالك ولاسيّمَا مملكة يهوذا بعاصمتها أورشليم، فدُمّرت مملكتُهم وخربت عاصمتُهم.
آ 14- بعد آ 14، وضعت النسخة اليونانيّة الأقوال على الأمم كما نقرأها في النصّ الماسوريّ في ف 46- 51. جاء النصّ اليونانيّ أكثر منطقيّا، فجعل آ 15- 38 بعد الأقوال (وكخاتمة) للأقوال على الأمم، فكانت فيه ف 26- 45، 52، في نهاية الكتاب.
ج- دراسة عامّة
يشكّل 25: 1- 14 ملخّص القسم الأول وخلاصته. والقسم الثاني مع الأقوال على الأمم (رج أش 13- 23؛ حز 25- 32) يبدأ مع آ 15، ويُقطع في آ 38 بالقسم الثالث في النصّ الماسوريّ (لا في النصّ اليونانيّ). ويتكوّن الملخّص من جزئين. الجزء الأوّل (آ 1- 7) هو ملخّص أقوال إرميا في إطار اشتراعيّ، من سنة 627 حتى سنة 605. أمّا آ 6- 11، 13 فهو نصّ بعد اشتراعيّ، يعكس حقبة السيطرة البابليّة. وآ 12، 14 هما هجوم على بابل. هذا هو الجزء الثاني.
إنّ ملخّص كرازة إرميا من سنة 627 حتى سنة 605 ترجع إلى 7: 1- 3:8؛ 11: 1- 13؛ 44: 2- 6. يتكلّم النصّ عن إرميا الذي بدأ يتنبّأ سنة 627، أي السنة 13 لحكم يوشيّا. وظل يعظ 23 سنة، حتى السنة الرابعة في حكم يوياقيم (605). لاحظ الماسوريّ أنّ تلك السنة هي بداية حكم نبوخذ نضر أمّا مضمون العظة فنجده في آ 5: توبوا عن شرّ أعمالكم، أتركوا العبادات الكاذبة.
وتصل كلمات إرميا (1: 1) إلى نهاية مع خاتمة (آ 8- 14) تتحدّث عن نتائج رفض كلام الله. أوّل "نشرة" لهذا الكلام، عرف عدوًا آتيًا من الشمال يجتاح أرض يهوذا ويخضعها، ويلغي الحياة الاجتماعيّة فيها (الأعراس، الرحى، السراج)، ويشتّت السكّان وسط الأمم. في "نشرة" ثانية، نعرف أن العدوّ هو نبوخذ نصر، ملك بابل، كما نعرف أنّ هذا العدوّ سيدمَّر بدوره.

3- أقوال على الأمم (25: 15- 38)
يرد هنا في النصّ الماسوريّ "ملخّص" عمّا قاله النبيّ على الأمم الوثنيّة المحيطة بأرض يهوذا. أمّا الكلام الموسّع على الأمم فنقرأه في ف 46- 51. أمّا نحن فتبعنا النصّ العبريّ. وهنا نحن نشرح 25: 15- 38 في هذا الموضع على أن نعود إلى أقوال على الأمم في حينه.
أ- قراءة النصّ
آ 15- آ 15- 29= 32: 1- 24 في اليونانيّة. افتتحت اليونانيّة هذا القسم مع 13:25 ب كعنوان: الذي تنبّأ به إرميا على الأمم. بهس جعلت آ 13 ب كمقدّمة لما في آ 15- 29. في الماسوريّ "ك ي" (لأن) هي رباط ثانويّ مع آ 14، 15. لا نجد في اليونانيّة "ا ل ي"، لي (قال لي). "خذ كأس خمر غضبي من يدي". حرفيًّا: كأس خمر، الغضب هذا. في اليونانيّة: خمر غير ممزوجة. رج مز 75: 9. إجعل الأمم تشرب من هذه الكأس أو من هذه الخمر.
آ 16- "فيشربون ويترنحون". في اليونانيّة: ويتقيّأون. آ 16 ب: "من السيف...". تعتبر بهس أن هذه الجملة قد أضيفت بعد أن أخذت من آ 27 ب.
آ 18- "ولعنة كما في هذا اليوم": غير موجودة في اليونانيّة. المدن تدمَّر، لا الملوك والرؤساء. لهذا اعتبر بعضهم آ 18 مضافة. رج آ 9 ب، 11 أ؛ 6:44، 22 (رج. بهس).
آ 20- "كل اللفيف". في العبريّة: ك ل. هـ. أرب. نقترح: كل العرب، لاسيّمَا وأنّ النصّ يذكر بعد ذلك ملوك أرض عوص فيصل إلى مدن الفلسطيّين، أي من الشرق إلى الغرب (رج أع 2: 9- 11 وطريقة عدّ الشعب بمن فيهم العرب). في اليونانيّة: ومزيج الشعب كلّه، كامتداد لما في آ 19، كعودة إلى أولئك الخاضعين لفرعون (خر 12: 38). لا نجد في اليونانيّة: "كلّ ملوك أرض عوص". رج مرا 4: 21 الذي يجمع عوص إلى أدوم (قد تخصّ هذه الجملة آ 21). ألغت بهس "وكلّ ملوك أرض الفلسطيّين". نستغرب غياب جتّ من لائحة مدن الفلسطيّين الخمس (بنتابوليس)، وهي غائبة أيضًا من آ 47. والإشارة إلى "بقيّة أشدود" قد تعكس حملة مصر مع بساميتيك الأوّل ضدّ هذه المدينة التي دمّرها بعد حصار طويل (رج هيرودوتس 57:2 الذي يتحدّث عن 32 سنة من الحصار). تركت اليونانيّة "واو" العطف أمام المدن (1 ت. ا ش ق ل ون...) فجعلت منها لائحة جديدة تزورها كأس الخمر (آ 19، ات، ف رع ه، أي الفرعون).
آ 22- وملوك الجزر أي السواحل حيث يقيم الفينيقيّون. في اليونانيّة: "ملوك في (مناطق) تقع عبر البحر" اعتبرت بهس آ 22 آية ثانويّة.
آ 23- كل مقصوصي الشعر. رج 9: 25. هي قبائل عربيّة. في اليونانيّة: كلّ الذين يحلقون حول وجههم.
آ 24- "وكلّ ملوك العرب". رج آ 20 أ. لا نجد هذه العبارة في اليونانيّة. لا تحتفظ بهس من آ 24 إلاّ بما يلي: "الساكنين في البريّة".
آ 25- أين تقع زمري؟ هذا ما نجهله. لا نجد في اليونانيّة "كل ملوك زمري".
آ 26- "كلّ ممالك الأرض". لا نجد "الأرض" في اليونانيّة، ونقرأ في مخطوط عبري: على وجه الأرض (وكذلك في اليونانيّة). قد يكون "شيشاك" رمزًا إلى عيلام (وهكذا لا تعود آ 26 إلى ما قبل سنة 539، فتكون صدى لطقس سحريّ في إطار آ 15- 29). تأتي الآية في اليونانيّة (32: 26) مع "على وجه الأرض". وتترك جانبًا "وبعدهم ملك بابل يشرب". أمّا الترجوم فيتكلّم عن "بابل" (= شيشاك). تعتبر بهس آ 25- 26 كنصّ ثانوي.
آ 29- لا نقرأ في اليونانيّة "يقول ربّ الجنود".
آ 30- آ 30- 38- 32: 30- 38 في اليونانيّة. "مسكن قدسه". في اليونانيّة: مقدسه. إنّ موضوع الربّ الذي يزأر من معبده في صهيون نجده أيضًا في عا 1: 2؛ يوء 4: 16؛ رج أش 66: 6. "كالدائسين (على العنب) يجهر بهتاف". رج 48: 33 ؛ 51: 14؛ أش 16: 9-10. تقرأ بهس (ومعها اليونانيّة) الشكر الأخير (على كلّ سكان الأرض) مع آ 31. واعتبرت بهس أيضًا أنّ آ 30- 31، 33 هي نصّ ثانويّ.
آ 31- "دفعهم إلى السيف". في اليونانيّ: دُفعوا. في السريانيّ: دفعتُهم. نجد موضوع خصام الربّ مع الأمم في 9:2؛ أش 13:3 (مع يهوذا، 50؛ 33- 34).
آ 33- "في ذلك اليوم". في اليونانيّة: "في يوم الربّ". لا نجد في اليونانيّة "لا يُلطم عليهم ولا يُضمُّون". هذه الآية النثرّية نجدها في التقليد (2:8 ب؛ 12: 12؛ 16: 4)، وطُبّقت هنا على الأمم، فقطعت الرباط بين آ 32 وآ 34.
آ 37- بعضهم يلغي "شدّة غضب الربّ" لأنّها تتكرّر في آ 38، وهي غير موجودة في اليونانيّة.
آ 38- "كالشبل". تركت بهس "ك" فقالت: الشبل. "من حنق القاهر وشرّ غضبه". في اليونانيّة: أمام السيف العظيم. رج 46: 16.
ب- التفسير
آ 15- هنا يُرسل إرميا كلامًا، لا إلى يهوذا وأورشليم، بل إلى الأمم. فهو منذ دعوته، "نبيُّ الأمم". لا نعرف كيف فعل النبيّ ليُوصل كلامه. قد بكون أرسل من قبله من يوصل كلمة الله كما فعل إيليّا مع أليشاع. وقد يكون تلاميذه قالوا كلمة الله انطلاقًا من الوضع الذي رأوه لدى هذه الأمم. إنّ كأس الخمر ترمز إلى العقاب الذي يحتفظ به الله للذين يرفضون الخضوع له. قرأت السريانيّة واللاتينيّة: كأس خمر الغضب. واعتُبرت لفظةُ "غضب" إضافة يمكن الاستغناء عنها.
آ 17- تذكر أمم عديدة. لا يبدو أنّ هذه اللائحة تعود إلى إرميا نفسه، بل إلى كاتب لاحق، أراد أن يُسبق مجمل الأقوال حول الأمم بلائحة مفصّلة. لسنا هنا أمام عمل أدبيّ، أو جغرافيّ، أو تاريخيّ. بل أمام اهتمام لاهوتيّ: عملُ الله بشمل جميع الشعوب، ولا ينحصر في شعب يهوذا وإسرائيل. أمّا اللائحة فتنطلق من أربعة زوايا الأرض.
آ 18- هي حاشية أضافها تلميذ إرميا بعد الأحداث التي حصلت سنة 587. رج 44: 6، 22.
آ 20- "ع ر ب". نستطيع أيضًا أن نقول: الأقوام الغريبة التي تقيم في مصر أرض عوص تقع جنوبيّ البحر الميت وهي موطن أيوب (أي 1: 1؛ مرا 4: 21). أشقلون، غزة، عقرون، أشدود: مدن الفلسطيّين الخمس، ولكن لم تُذكر جتَّ لسبب لا نعرفه. تحدّث عن بقيّة أشدود بسبب حصار المصريّين لها. وهو حصار دام طويلاً.
آ 21- أدوم: شعب أقام جنوبيّ البحر الميت واعتُبر من نسل عيسو (عا 1: 11). موآب: مملكة مجاورة لمملكة إسرائيل، تقع شرقيّ البحر الميت. رج عا 2: 1. عمون: شعب انتظم في مملكة صغيرة شرقيّ الأردنّ وكانت عاصمته ربّة، أو: ربّة عمون (فيلدلفية. واليوم: عمّان عاصمة الأردن). رج عا 1:13.
آ 23- ددان وتيماء وبوز: شعوب عربيّة.
آ 25- زمري (زمكي) أي عيلام. هناك من قرأ "جومر" الآتي من أرمينيا (تك 2:10-3).
آ 26- ملوك الشمال، أي شاشك، أي بابل.
آ 27- ويعود القرار من جديد بعد هذه اللائحة الموسّعة: اشربوا واسكروا...
آ 29- المدينة التي دعيت باسمي لأنّها تخصّني. هي أورشليم. رج 7: 10.
آ 30- ونسمع في النهاية نشيدًا على مثال ما في حب 3 يدلّ على عمل الله القدير. "من مسكنه المقدّس"، أي من الهيكل. ولكن أيضًا من هيكله في السماء. "رعيّته". مرتعه، مسكنه. في الأصل، أرض يهوذا. ولكنّه توسّع الآن فضمّ جميعَ الأمم.
آ 31- الله يحاكم الناس جميعًا (هو 4: 1؛ مز 50: 6). والمذنب يموت كما في تك 17:2.
آ 32- ويصل حكم الربّ إلى أقاصي الأرض. ولا ينحصر حتى في هذا الشعوب التي وردت لائحتها هنا. رج 23: 19.
آ 33- يشير النصّ هنا إلى العدد الكبير من القتلى الذين لن يكون لهم من يدفنهم.
آ 34- هل ينجو الرؤساء؟ رعاة القطيع، أسياد (كبراء) القطيع؟ كلاّ ثمّ كلا. هم يهلكون مع قطعانهم.
آ 37- ويُذكر السكوت، سكوت الموت بعد أن مرّت الحرب ودمّر السيفُ (سيف الربّ) البلاد. يُذكر الأسد الذي يدلّ على الربّ، كما يدلّ على ملك أرسله الربّ.
ج- دراسة عامّة
ثلاث محطات في هذه الوحدة: تهديد يبدأ موضوعَ دينونة الأمم. لائحة بالملوك والأمم الذين هم ضحيّة هذه الدينونة. وصورة الخمر التي تُشرب فتبرّر دمار الأمم. لا تشكل هذه العناصر الثلاثة وحدة أصيلة، بل هي استُعملت لتبني هجومًا على الأمم.
إنّ صورة كأس الخمر التي تدلّ على غضب الله، هي استعارة معروفة (7:51؛ عو 16 ؛ حز 23: 31- 34؛ أش 17:51، 22 ؛ حب 16:2...). فمن شرب هذه الكأس دلّ على أنّه وعاء يحمل غضب الله. وتقديم الكأس إلى الأمم ليس دعوة لأن تشرب، بل هو أمر لا خيار يقدّم لها. وغياب الخيار يجد تفسيره في آ 29. إن كان الغضب قد حل بأورشليم، فهل تستطع سائر الأمم أن تفلت؟ بدأت الدينونة بمدينة الربّ وستصل إلى أقاصي الأرض.
ونجد في آ 30- 38 قولاً نبويًّا حول البلاغ الذي تحمله الكأس، يختتم مقدّمة الأقوال على الأمم. هذه القصيدة تلائم أيَّ مكان في التقليد، لأنّها تتحدّث بشكل عام عن غضب الله الذي يدمّر أم الأرض، يعاقب الأشرار ولاسيمّا الرؤساء. أمّا الصورة المسيطرة فهي صورة الراعي والقطيع. ظن الرعاة (= الرؤساء) أنّهم ينجون من عقاب الله. ولكنهم مخطئون. حل العقاب بالقطيع، وقريبًا تأتي ساعة الرعاة.
د- الخلاصة
نستطع أن نعنون هذا المقطع (آ 15- 38) "كأس مسكرة". تسلّم النبيّ أمرًا بأن يجعل الأمم تشرب كأسًا مملوءة حمرًا، بحيث تسكر الشعوب التي أرسلت إليها هذه الكأس (آ 15- 17). هذا العمل يرمز إلى دينونة الله على الأمم: مصر، فلسدة، موآب، عمون، أدوم، صور، صيدا، العرب، عيلام، كل ملوك الشمال، كل الممالك التي على وجه الأرض (آ 19- 26). إذن لدينونة الله بُعد مسكوني من أجل تلاميذ النبيّ الذين ضمّوا هذه الأقوال المتقاربة، وجعلوها في مجموعة مميّزة.
إن لائحة الشعوب لا تتطابق كل المطابقة مع أسماء الأمم في لائحة "أقوال على الأمم" (ت 46- 51)، ولا مع الترتيب الذي نجده في النصّ الماسوريّ أو النصّ اليونانيّ. فهي تتوخّى قبل كلّ شيء أن تشدّد على أنّ الله هو سيد الكون. هذا التأكيد اللاهوتيّ كان حاضرًا في أقوال النبيّ، وقد رافق تأكيدًا آخر يعلن قدرة الله الخالق (رج 27: 5). فوجب على هذا التأكيد أن يتعامل مع واقع السلطة السياسيّ، مع إرادة التوسّع لدى المسالك، مع المنازعات التي تجرّ الحروب وما يرافقها من خراب ودمار. وجدت مملكة يهوذا نفسها داخل هذا الإعصار. وأخذت خيارًا سياسيًّا ينتهي بالفشل. في هذا المجال لم تُسمَع نداءاتُ إرميا المتكرّرة، التي نستطيع أن نقرأها على مستوبين: إمّا هي تصوّرُ اللعبةَ السياسيّة لدى الأمم، فنفسّرها بأسباب بشريّة. وإمّا ترتبط هذه اللعبة السياسيّة التي فيها تتسجّل حريّة الشعوب، بالله الذي هو سيّد التاريخ. هذا الإله يدهش القارئ، بل يشكّكه لأنّه اعتاد أن يعرف أن لا شيء يفلت من يد الله، كما يعرف أنّ لله مخطّطًا لا يُلغي حريّة البشر.
وهكذا بدت سيادةُ الله في الكون، الخلفيَّةَ الضروريّة لدينونة الأمم التي تضلّ في كبريائها وعنفها. فالأمم السكرى وملوكها يحاولون أن يترجموا هذه الوجهة من تاريخ الشعوب، بما فيها من فوضى وأمور لا نستطيع أن نشرحها. والكتاب المقدّس يفرض علينا أن نفكّر بالغائيّة الأخيرة لتاريخ الكون. وفي إطار العهد الجديد، نفهم أنّ المسيح مات ليصالح الجميع مع الله، وأنّ هدف الله في النهاية هو "أن يجمع تحت رأس واحد في المسيح، كل ما في السماوات وما على الأرض" (أف 1: 10).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM