الفصل التاسع: اِلربّ يتدخّل

الفصل التاسع
اِلربّ يتدخّل
9: 1- 25

الشعب جماعة يئس منها النبيّ. أتراه سيتركها ويهرب منها إلى البريّة؟ أتراه يحن إلى البريّة في خطّ هوشع (هو 16:2: أجيء بها إلى البريّة)، فيأخذ معه الشعب من أجل ارتداد حقيقيّ لا يكون مثل الندى الذي يتبخّر في الصباح (هو 6: 4)؟ ويعود النبيّ إلى الحكمة الحقة التي هي معرفة الله، بعد البكاء على مدينة حل بها مثلُ هذا الخراب.

1- الكذب في كل مكان (9: 1- 15)
نستطيع أن نعنون هذا المقطع: مات الحق. منذ 5: 1- 3 و28:7 يبكي النبيّ (9: 1- 5) بل يبكي الله نفسه (آ 6- 8) بعد أن ضاع الحق في العلاقات البشريّة (أش 59: 15؛ هو 4: 1- 2 ؛ مز 5 :7؛ 3:12- 5؛ 34: 14؛ أم 12: 19- 22؛ سي 24:20- 26).
أ- قراءة النصّ
آ 1- آ 1- 5- رج آ 2- 6 حسب اليونانيّة واللاتينيّة. "م ل ون. ا ر ح ي م "، كوخ القوافل. في اليونانيّة: كوخ بعيد جذًا، آخر كوخ.
آ 2- هناك من قرأ النص الماسوري كما يلي: "لووا ألسنتهم وقوسم كاذبة، وليس للحق (أو الصدق) يتقوّون في الأرض". "يقول الربّ". عبارة غير موجودة في اليونانيّة (أضيفت في النصّ الماسوريّ).
آ 3- "كلّ أخ يتعقب أخاه" على مثال يعقوب (تك 27: 36) الذي تعقّب أخاه.
آ 4- في العبريّة: "أتعبوا نفوسهم ليقترفوا الإثم" (جهدوا في الإثم). هناك من يترجم: "اقترفوا الإثم فعجزوا عن الرجوع عنه".
آ 5- "سكناكم وسط المكر وبالمكر أبدًا". في اليونانيّة: "إقترفوا الإثم، ويعجزون عن الرجوع. عنف فوق عنف، مكر فوق مكر، لا يريدون أن يعرفوني، يقول الربّ " (آ 6). أمّا التقليد اليهوديّ اللاحق فقال: "يتعبون في الإثم (5) سكناك وسط المكر وفي المكر رفضوا...".
آ 6- آ 6- 8= آ 7- 9 في اليونانيّة واللاتينيّة. "فكيف أصنع من أجل بنت شعبي"؟ في اليونانيّة: "لأنّي سأصنع من أجل ضعف بنت شعبي".
آ 7- "ش و ح ط" (كت). قر: "ش ح و ط". اسم الفاعل (اليونانيّة) أو اسم المفعول (الترجوم، السريانيّة) "لسانهم" أو "لسانه" لان ما تبقى هو في صيغة المفرد.
آ 8- رج 5: 9، 29: "أفلا أفتقد (أعاقب) على هذا؟ أفلا أنتقم من أمّة كهذه"؟
آ 9- "إ ث ا" (أبدأ بالبكاء). هو كلام يتوجّه إلى الجماعة. إذن، صيغة الجمع لا المفرد، كما في اليونانيّة. لا نجد "العذب" (و. ن ح ن) في اليونانيّة، بل البكاء (ب ك ي) فقط.
آ 10- رج 37:51. تشابهات بين الآيتين. "ستصبح بابل رجمًا ومأوى لبنات آوى".
آ 11- يرى بعضهم في آ 11- 15 قطعة نثريّة. واعتبرها بعضهم الآخر نثرًا مطعّمًا بالشعر (مثلاً آ 11 ب، 14 ب). "و ي ب ن"، فهم، تبيّن. هناك من يجعل الفعل مزيدًا: شرح، بيّن.
آ 13- "قلوبهم الشرّيرة". رج24:7.
آ 14- في العبريّة: "أطعمهم هذا الشعب". تركت اليونانيّة "الشعب"، وقالت فقط: "أطعمهم".
ب- التفسير
آ 1- يودّ النبيّ أن يترك شعبه (رج 1 مل 3:19- 4 وما فعله إيليّا، مز 55 :7- 9). لماذا؟ هم من الخونة (فسّاق) والماكرين (5: 7- 8؛ 23: 10).
آ 2- الخطيئة الأولى هي خطيئة اللسان: الكذب لا الحقّ. الشرّ فوق الشر والخطيئة الكبرى: لا يريدون أن يعرفوا الله (23:9 ؛ هو 4: 1).
آ 3- على الإنسان أن يأخذ الحذر من أخيه (12: 6؛ مي 7: 5؛ مز 41: 10) بعد أن ضاعت الأمانة في الأرض: الواحد يتعقّب الآخر كما فعل يعقوب مع عيسو، بالعمل والنميمة (6: 28).
آ 4- ويعود إلى خطايا اللسان (مز 12: 120).
آ 5- ويعود القرار: "أبَوا أن يعرفوني".
آ 6- من أجل هذا الشرّ الذي يحلّ في البلاد، فالربّ سوف يتدخّل. سيعامل شعبه كالمعادن التي تمرّ في النار فيزول منها الزغل (27:6؛ أش 1: 25).
آ 7- ويعود الكاتب إلى موضوع آ 2- 5 فيقابل بين الشفتين والقلب (مز 3:28 ؛ سي 16:12)، ويشبّه اللسان بالسهم (18:18 ؛ مز 5:57؛ 64: 4) القاتل.
آ 8- أعاقبهم (في العبريّة: ف ق د). زار، افتقد. رج 5: 9، 29. يفتقد الملك (الربّ) مدينته فيعيد إليها النظام (32: 18؛ 44: 22). يعاقب، يحاسب، فيدلّ على اهتمامه بأخصّائه (15: 15 ؛ 27: 22؛ 29: 10؛ 32: 5). بما أنّ هناك معنيين، نقول: افتقد، اهتمّ بالأمور، أعاد الحقّ إلى نصابه. في خر 3: 16 يفتقد الله شعبه أي يعمل من أجله. في عا 3: 2، حاسب ثمّ عاقب أو جازى المجازاة الحسنة. فقد يكون الافتقاد خلاصًا ونعمة، وقد يكون عقابًا. رج إر 23: 12.
آ 9- الكارثة آتية، وهنيئًا لمن يفهم السبب (3: 6، الشقاء دعوة إلى التوبة). هذا هو الحكيم الحكيم. بل الكارثة قد مرّت من هنا. لم يبقَ شيء بعد النار في المدينة، والسلب والنهب في كلّ مكان (25:4؛ 4:12؛ صف 1 :3).
آ 10- سأجعل في صيغة المضارع (المستقبل). في الواقع، صارت أورشليم رجمة (لا رجسًا) (26: 18؛ 51: 37).
آ 11- الحكيم وحده يفهم، وحده يميّز (تث 29:32؛ هو 14: 10؛ مز 43:107).
آ 12- ولكن شعب أورشليم ترك الحكمة، رفض التعليم، رفض أن يسمع صوت الله ويتبعه. بل فضّل البعل (17:3 ؛ أش 65: 2) كما فعل الآباء منذ أيام الخروج والبريّة (آ 13).
آ 14- والنتيجة: الربّ سيعاقب. بل هو زار مدينته وعاقب... لاحق شعبه بالسيف مستعملاً يد البابليّين وحلفائهم (15: 14 ؛ 37:49).
ج- دراسة عامّة
نقرأ هنا (آ 1- 5) قطعة مختلفة بعد الرثاء على قتلى الشعب. مع أنّ النصّ يردُ في صيغة المتكلّم المفرد (أترك أنا)، فالمتكلّم يفترق عن صاحب الرثاء، لأنّ هناك اختلافًا في الوجهتين حول طبيعة الجماعة، ولأنّ جوابيهما يكشفان موقفين من الشعب (وقد نكون أمام وجهتين لدى متكلّم واحد هو النبيّ إرميا أو تلميذ من تلاميذه). وُضعت القصيدتان الواحدة بقرب الأخرى بسبب عناصر مشتركة بين الاثنتين. الأولى هي رثاء. والثانية تبدأ وكأنّها رثاء. وفي كلتيهما يكلّم الشاعر نفسه. إنّ الصراخ من البعيد في 19:8 يحد صداه لدى تمني المتكلّم بأن يهرب بعيدًا عن شعبه (آ 1). ولكنّ الوضع يختلف بين قصيدة وقصيدة. في آ 1- 5، يئس الشاعر من تصرّف الجماعة الاجتماعيّ. متى قيل هذا الكلام؟ ربّما في عهد يوياقيم. أو في زمن آخر.
تمثّل هذه القصيدة الجماعة كوحدة تتفكّك بسبب الفساد الذي فيها: الزنى، المكر، الكذب، الأعمال الشرّيرة، الظلم، عدم معرفة الله. مثل هذه الجماعة هي في حرب مع نفسها. لهذا يودّ الكاتب أن يتركها ويذهب إلى البريّة. مجتمع يلعب المكر فيه، فلا يستطيع الواحد أن يكون في سلام مع الآخر.
اعتبر بعض الشرّاح آ 1- 8 وحدة تامّة، مع أنّ آ 8 تشبه 5: 9، 29. ولكن يبدو أنّ آ 6- 8 تنفصل عن 1- 5. نحن هنا أمام قول إلهيّ حول 27:6 حيث المتكلّم سوف يمتحن شعبه كما يُمتحن المعدن.
في آ 9، نجد جزءا من رثاء حول دمار الأرض. اختلف النصّ الماسوريّ عن النصّ اليونانيّ حول المتكلّم: هل هو شخص فرد (العبريّ) أو الجماعة التي بدأت تنتحب على سقوط الأرض. ويتركّز الرثاء على نتائج هذا الدمار العظيم.
وفي آ 10، عبد أيضًا قطعة صغيرة حول دمار أورشليم ومدن يهوذا، تعكس نظرة الله. لا نفهم الصور هنا في المعنى الحقيقيّ. هي عبارات مقولبة (10: 22؛ 18:26؛ 49: 33؛ 51: 37). إن آ 9- 10 تنتميان إلى فترة ما بعد الكارثة فتربطان آ 1- 6 بسقوط أورشليم.
إنّ شكل السؤال والجواب في هذه القطعة النثرية (آ 11- 15؛ رج 19:5؛ 16: 10-13 ؛ 8:22- 9 ؛ تث 24:29-28) هو نتائج طبقة اشتراعيّة في تقليد إرميا. هناك شطران شعريان (آ 11 ب، 15 ب) في خطبة لاهوتية قصيرة حول مدلول سقوط أورشليم مع ألفاظ تث ولاهوته. الشطر الأول (آ 11 ب): "لماذا بادت الأرض واحترقت فصارت كالقفر لا يجتاز فيها أحد"؟ يكون الجواب في إطار المنفى. وحدها الحكمة الحقة تقدّم الجواب الصحيح على هذا السؤال. إن السؤال حول الرجل الحكيم لا يعبَّر عنه في ألفاظ الحكمة القديمة المبنيّة على الخبرة، بل يعكس نمطاً من البحث في خط الأنبياء. فمن عرف الجواب على هذا السؤال، دلّ على أنه تسلّم كلمة من الله (إلى من تكلّم الربّ). فدمْجُ الحكمة والنبوءة يميّز الفكر الاشتراعي. والجواب يُعطى في آ 12 كقول إلهي.
حين يتكلّم الربّ فهو يفعل في لغة اشتراعية (كما بالنسبة إلى الأمم الغريبة، 32: 9، ومنها البابليّة 40: 2- 3). خربت الأرض لأن الشعب ترك الربّ وسار وراء البعل. عبادة البعل هي التي سبّبت سقوط أورشليم وذهاب المواطنين إلى المنفى. هذا ما تعلّموه من آبائهم (7: 26؛ 16: 12)0 اذا كانت الحكمة حقة، تفهم الكارثة، وتتأمّل في التاريخ، وتأخذ العبرة. هذا ما نجده في هو 9:14؛ مز 107: 43.
والشطر الثاني (14 ب): "ها أنا أطعم هذا الشعب افسنتنيا، وأسقيهم ماء السمّ". هي صورة عن الكارثة في شكل آخر (8: 14؛ 15:23). نتيجة هذا الطعام هو دمار الأمّة. حسب الاستعمال الاشتراعيّ، خدمةُ سائر الآلهة تُنتج نباتاً ساماً. وهكذا يغتذي الشعب من ثمرة تعبّده للالهة فينتج الموت عن ذلك.

2- استغاثة سكان أورشليم (9: 16- 25)
بما أن الموت حلّ في البلاد، والخراب في أورشليم، بما أن الشعب تشتت والسيف يلاحقه، لم يبقَ سوى دعوة البكّاءات، ودعوة كل انسان لكي يكتشف الحكمة الحقيقيّة التي هي معرفة الله. كل الشعوب تتشابه. هناك من لم يُختنوا في الجسد، وبنو اسرائيل لم يُختنوا في قلوبهم. فلماذا تتميّز يهوذا وأورشليم عن مصر ويهوذا وأدوم...؟
أ- قراءة النصّ
آ 16- آ 16- 21= آ 17- 22 في اليونانيّة واللاتينيّة. "هـ ت ب ن ن و" (تبيّن، تأمل). لا نجد هذا الفعل في اليونانيّة. يبدأ النصّ: "استدعوا الراثيات. في الماسوري: ليقبلن (بسرعة). في اليوناني: ليأتين ويرفعن الصوت.
آ 18- "من صهيون". في اليونانيّة: في صهيون (بعض المخطوطات). هدموا مساكننا. أو: طردونا من مساكننا.
آ 20- "دخل قصورنا": في اليونانية: دخل أرضنا.
آ 21- نقرأ في العبرية: تكلم: هكذا قال الربّ. في اليونانيّة، غابت العبارة، وبدأت الآية: إن جثث البشر هناك ترجمات فهمت "د ب ر" على أنها "الولاء" لا فعل تكلّم. في الماسوري: يسقطون (و ن ف ل و). في اليونانية: يكونون. في الماسوري: كالزبل (ك. د م ن). في اليونانية: عبرة ومثل. رج 2 مل 9: 37: وتكون جثة إيزابيل كالزبل على وجه الحقل.
آ 22- "ي ت هـ ل ل" يتهلّل، يفتخر رج 2:4.
آ 24- المختونين في الغلفة. في اليونانية: المختونين اختتاناً. في الماسوري: مع الغلفة. أي ختنوا ولكنهم حافظوا على الغلفة. هو ختان فقط على مستوى اللحم.
آ 25- "كل مقصوصي الزوايا"، أي زوايا الشعر (23:25 ؛ 49: 32)0 اسم بعض القبائل العربية التي كانت تقصّ شعر رجالها بطريقة ممنوعة عند بني اسرائيل (لا 19: 27).
ب- التفسير
آ 16- دعا الربّ البكّاءات (جا 12: 5). فهو قد تأثّر بالمصيبة التي تحلّ بشعبه. بعد أن فعل ما فعل، ولم يرتدّ الشعب، بل فضّل الخزي والعار، عبّر الربّ عن ألمه.
آ 17- أترى سيبكي الشعب خطيئته (23:8)؟
آ 18- أجل، من صهيون يُسمع صوت الندب أمام كل هذا الخراب (13:4). "تهدّمت مساكننا" أو كما قال بعض الشرّاح اليهود: "طُردنا من منازلنا".
آ 19- ويدعو النبيّ النسوة ليسمعن كلمة الربّ ويوصلنها إلى بناتهنّ.
آ 20- نقرأ هنا لوحة عمّا حصل حين احتلّ العدوّ المدينة وأعمل فيها القتل: الأطفال والشبّان.
آ 21- نجد هنا صورتين. تجمّعت الجثث كالزبل (8: 2). ثم: توزّعت كالحزم وراء الحاصد (أي 5: 26)، وتُركت هناك.
آ 22- لا تنفع الحكمة (أم 5:3؛ 21: 30؛ جا 9: 11)، ولا القوّة، ولا الغنى (سي 10: 22) في هذه الظروف العصيبة.
آ 23- ما ينفع هو معرفة الله الحاضر في حياة البشر وهو يطلب: الرحمة، والحقّ، والعدل في الأرض.
آ 24- فما يهمّ ليس ختانة على مستوى اللحم، بل ختانة القلب. وفي هذا المجال بنو اسرائيل هم كسائر شعوب: غير مختونين. فكما ستُعاقب هذه الشعوب، كذلك سيُعاقب اسرائيل. نشير هنا إلى أن أبناء اسماعيل (تك 23:17)، المقصوصي الشعر، مارسوا الختان. يبدو أن عادة ممارسة الختان أخذت تتضاءل، ما عدا عند اليهود. رج 4: 4؛ تث 16:10؛ 6:30.
ج- دراسة عامّة
إن العنصر الرثائي في آ 9، يعود في قصيدتين (آ 16- 18، 19- 21). قد كانتا منفصلتين في الأصل، ولكنما جُمعتا وموضوعهما واحد هو موت الجماعة. وقد بدتا قولاً من قبل الله. وهكذا انطق الكاتب كعادته من الواقع البشري وجعله قولاً إلهياً.
دُعيت النسوة المحترفات إلى البكاء بحيث ينضمّ إليهن الشعب. والكارثة من العظمة، بحيث دُعيت النسوة في الجماعة لكي يعلّمن بناتهنّ الرثاء. ويبدو الموت بشكل قاسٍ : صعد إلى الكوّة، دخل إلى القصور، اكتسح الأطفال والشبّان (زك 8: 4- 5).
في آ 22- 23، يُدعى الحكيم ليفهم مدلول ما حدث بعد أن وصلت إليه كلمة الربّ. فالحكة الحقة، والقوّة الحقة، والفن الحقيقي، هي معرفة الله. والمعرفة هي ممارسة العدل والرحمة والاستقامة. فلا افتخار إلاّ في معرفة الله.
والقطعة الأخيرة (آ 24- 25) هي صدى لجدال حول طبيعة الختان ومعناه. ما يكون دوره في تلك الأيام؟ يتوجّه الكلام إلى الأمم كما إلى يهوذا. مع أن كل هذه الشعوب قد مارست الختان، فقد كانت موضوع عقاب الله. كان الختان علامة تدلّ على ابن القبيلة وتميّزه عن الذي من خارج القبيلة. قد نكون هنا أمام تحالف من المختونين بوجه البابليين اللامختونين: نشير إلى أننا نجد اللائحة عينها في أقوال ضدّ الأمم (ف 46- 49) التي اعتُبرت غير مختونة، شأنها شأن الفلسطبين. كان تحالف هذه الأمم بقيادة مصر، ولكن المعلومات مازالت ضئيلة، وهكذا نبقى أمام فرضيّة معقولة.
إن مدلول هذه القطعة (آ 24- 25) هو أن الختان لا يحمي الانسان من غضب الله. الختان ليس وصفة خاصة من أجل الشدّة. هو ممارسة يشارك فيها بنو اسرائيل سائرِ الشعوب. هناك ممارسة على مستوى اللحم. هي تبقى خارجيّة بالنسبة إلى الانسان. وهناك ختان على مستوى القلب، أي انفتاح على كلام الله وحضوره (4:4 ؛ 6: 10). في حضارة كان الختان مهماً وفاعلاً بشكل آلي، ضعُف وضعُه الرمزيّ. فأين هو شعب يهوذا وأورشليم؟ أما اكتفوا بختان على مستوى اللحم ونسوا ختانة القلب؟ ولكن بعد المنفى، سيكون للختان دور هام في شعب يهوذا بحيث يصبح علامة الانتماء إلى شعب الله. يبقى على المؤمن أن يكون منطقياً مع نفسه فلا يتوقّف عند ممارسة خارجيّة، بل ينفتح على الله في ممارسة الرحمة والعدل والاستقامة

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM