المؤمن في ضيافة الله

المؤمن في ضيافة الله
المزمور الخامس عشر

1. المزمور الخامس عشر هو مزمور يتلوه الحجّاج الآتون إلى أورشليم: هم ينشدونه عندما يصلون إلى باب الهيكل. نجد فيه تعليمًا عن الوصايا العشر المحفووة، لا على ألواح في جبل سيناء، بل في مدينة صهيون. كما نجد فيه جوابًا عن الشروط الضروريّة للدخول إلى الهيكل.

2. المؤمن ضيف الله وجاره.
آ 1: سؤال يطرحه الحجّاج القدمون: من يحقّ له أن يكون ضيف الله وجاره؟ من يحقّ له أن يسكن قرب الله، وفي جبله المقدّس حيث يرتفع الهيكل؟
آ 3- 5 أ: ويجيب الكهنة من الداخل، ويدعون القادمين إلى ارتداد إلى الرب بالعيش حسب الوصايا العشر التي تتلخّص بالمحبّة نحو القريب. ونلاحظ أن المزمور لا يتوقّف على فرائض الطهارة كما نقرأها في سفر اللاويين (ف 11- 16)، بل يتعدّاها إلى الحياة الأدبيّة والأخلاقيّة.
آ 5 ب: الخاتمة: وعدُ الله لضيفه الحافظ وصاياه: فمن عمل بهذا كله لن يتزعزع.

3. يسأل المؤمنون الكهنة، والكهنة يجيبون (زك 7: 1 ي؛ 2 صم 21: 1 ي؛ مي 6: 6- 8) باسم الرب، وينقلون إلى الشعب إرادته. في هذا المزمور يعدّد الكاهن الوصايا العشر، وهي تتعلّق كلّها بالقريب: ممارسة العدالة، التكلّم بقلب صادق، عدم الاغتياب. المؤمن لا يفعل سوءًا، ولا يُلقي لومًا على أحد. المؤمن يمتنع عن كل ضرر بالجار والقريب.
ويتابع المزمور رسم صورة محبّ الله: هو يحتقر السافل، يكرّم من يخاف الرب، لا يرجع عن حلفه ولو لحقه الضرر من جرّاء ذلك. وبعد أن يذكر خطايا اللسان، يتوقّف عند الخطايا المتعلّقة بالمال: المال لا نعطيه بالربا فنسرق القريب (تث 32: 19 ي)، والرشوة لا نقبلها من القويّ فنقتل البريء.
مثل هذا البار يكون ضيفَ الله في خيمته، في مسكنه. والخيمة تذكّرنا بخيمة الاجتماع في الصحراء حيث كان موسى يكلّم الله وجهًا لوجه. أما السكن في صهيون، فهو يعني الإقامة في هيكل الرب، وحضور الاحتفالات الدينيّة، والمشاركة بالليتورجيا، وتلك كانت أعظم فرحة للمؤمن الآتي من البعيد إلى أورشليم.

4. المسيح هو البار الكامل الذي يتقبّله الله دائمًا تحت خيمته، وعلى جبله المقدّس، لأنه مرّ على جبل الجلجلة، فسفك دم العهد الجديد من أجل البشر (مر 14: 24). والمؤمنون يعرفون أن محبّة القريب هي علامة الكنيسة. ولقد نبّه يسوع تلاميذه إلى أن يحبّوا القريب حبّهم لأنفسهم، وأن لا يدخلوا أمام مذبح الله إلاّ عبر بوابة السلام الأخويّ (مت 5: 24). إن محبّة القريب تمرّ قبل كل التقدّمات والذبائح. وعنها يحدّثنا القديس يوحنا في رسالته الأولى (4: 20- 21) فيقول: "من قال: أنا أحب الله، وهو يبغض أخاه فهو كاذب، لأن من لا يحبّ أخاه الذي يراه لا يستطيع أن يحبّ الله الذي لا يراه. ولنا منه هذه الوصيّة: من يحبّ الله يحبّ أخاه أيضًا".

5. الوصايا العشر
نكتشف في هذا المزمور ترديدًا للوصايا العشر. ولكن المرتّل لا يتوقّف على الوصايا الخاصّة بالله، بل ينتقل حالاً إلى الوصايا الخاصّة بالقريب. من عملَ بها، كان من السالكين في طريق الكمال.
يُمنع المؤمن من التخفّي، ويُفرض عليه الصدق والتكلّم بالحقّ. يُمنع المؤمن من الاغتياب والنميمة ومن فعل الشرّ. فالشرّ يكون ماديًا حين نسلب القريب أو نقتله. ويكون معنويًا حين نحاربه باللسان، واللسان ينبوع كل الشرور.
المؤمن لا يعيِّر القريب، لا يهزأ به، ولا يشتمه ولا يلعنه. والمؤمن يعطي لكل صاحب حقّ حقّه. يعطي الكرامة للأتقياء، والاحتقار للذين خرجوا على جماعة بني إسرائيل بتصرّفاتهم أو باستهانتهم بعهد الله. هو لن يرافق مثل هؤلاء، بل يبتعد عنهم بُعده عن النار. والمؤمن لا يحلف، وإن حلف، فهو لا يخلف ولا يعود عما أقسم به.
وبعد أن يتكلّم المرتّل عن خطايا اللسان، يتطرّق إلى الخطايا الآتية عن المال: فالمؤمن لا يقرض فضته بالربى، لأن مثل هذا العمل يُعدّ سرقة وقتلاً للقريب. والمؤمن لا يقبل الرشوة، أكان قاضيًا أم شاهدًا، لأنه يضحّى بالحقيقة من أجل الربح.
وتنتهي الوصايا بوعد من قبل الله: من عمل بهذا لا يتزعزع.
هذا ما يأمرنا به الرب ويعدنا به. هذه هي قاعدة الجماعة التي مارسها ربنا يسوع وعلّمنا أنها تتلخّص كلّها في هذه الوصية: أحبب قريبك كنفسك.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM