الفصلُ السَابع: خُلَفَاءُ المَلكِ يوُشَافَاطَ

الفصلُ السَابع
خُلَفَاءُ المَلكِ يوُشَافَاطَ
31: 1- 33: 21

أ- المُقدّمة.
نذكر في هذا الفُصل يورام (849- 842)، الذي لم يَسِرْ في طريق داود أبيه، فات غير مأسوفٍ عليه (21: 1- 20)، ثمّ أحزيا (842) الذي قتله ياهو، لأنّه يرتبط بآحاب من أمّه (22: 1- 9)، وعَثَلْيا (842- 837) زوجة يُورام ووالدة أحزيا، التي مَلَكَت على يهوذا بعد موت ابنها، وأفنت النَسْل الملكيّ في يهوذا (22: 10- 23: 21)

ب- تفسير الآيات الكتابيّة
1- الملك يُورام (21: 1- 20)
يتحدّث 2 مل 8: 16- 24 عن الملك يُورام في بضعة آيات (كما فعك مع آسا ويُشافاط)، إلا أنّ 2 أخ، سيتوسّع في الحديث عنه، فينطلقُ ممّا قاله سِفْر الملوك، ويستفيد من مراجع أخرى يصبّها كلَّها في إطار تفكيره، ويطبَعُها بنِظْرته اللاهوتيّة.
كان عهد يُوشافاط عهدًا مجيدًا، أمّا عهد يُورام فقد بدا تعيسًا، بعد أن حكم عليه المُؤرّخ حُكْمًا قاسيًا: سار في طريق ملوك إسرائيل. وكانت نتيجة تصرّفه: هزيمة في الحرب، خِسَارَةُ قِسْم من أرض الربّ، فناء العائلة، مَرَض عُضال. أجل، كان يُورام خاطئًا كبيرًا.
(آ 21: 1)، مات يُوشافاط وملك ابنه يُورام مكانه.
(آ 2-4)، بدأ يُورام فقتل إخوته كلّهم بالسيف. تلك كانت عادة المُلوك عند اعتلائهم عرش المملكة. نقرأ هنا كلمة "إسرائيل" (آ 2- 4)، وتعني مملكة سُلالة داود التي هي إسرائيل الحقيقيّ.
(آ 5- 10) (رج 2 مل 8: 17- 22): مدّة مُلْك يُورام (8 سنوات)، عمره (32 سنة)، خيانتُه للربّ على مثال آحاب، بعد أن تزوّج ابنته عثليا، ثورة بني أدوم على يهوذا، خروج مدينة لبنة على سُلطان يُورام.
ولكن رغم شرّ الملك، لم يُرِدِ الربّ أن يُبيد بيتَ داود، من أجل العهد الذي بتّه معه. وإذا كانت لبنة خرجت على طاعة يهوذا، فلأنّ ملك يهوذا خرج على طاعة الربّ، وترك إله آبائه.
(آ 11- 19)، خان يُورام الربّ، فوبَّخه إيليا توبيخًا علنيًا (لا نجد مُقابلاً لهذه الآيات في 2 مل). إجتاح العدوّ الآتي من الجنوب (الفلسطيون، العرب، الأحباش) أورشليم. مرض يُورام ومات وهو شابّ، فكان موتُه المُبكّر دليلاً على خيانته لربّه.
كيف يُحدّثنا هذا النصّ عن إيليا، ونحن نعرف أنّ إيليا التشيي، مات في عهد يُوشافاط؟ هناك افتراضان: إفتراض أوّل يقول: كان نبيّ آخر اسمه إيليا (إفتراض ضعيف). إفتراض ثان يقول: إنّنا أمام كلام يُشبه الكلام الذي قاله إيليا لآحاب ومضمُونه: الملك الذي يقود شعبه إلى الابتعاد عن طريق الله، يُعاقَبُ أقسى عِقاب.
(آ 20)، تُردّد مضمُون آ 5: مات الملك يُورام غير مأسُوف عليه. دُفِنَ في مدينة داود، ولكنّه لم يُدفن مع آبائه.
2- الملك أحزيا (22: 1- 9)
(آ 22: 1- 4)، دام مُلْك أحزيا سنة واحدة. أعلنه أهل أورشليم ملكًا، وهذا يعني أنّ المُنازعات داخل العيلة المالكة، جعلت الشعب يختار مَلِكَه الجديد. ويُشدّد المُؤرّخ على تأثيرعثليا، أمّ الملك، على ابنها، وعلى شرّ مشورة بيت آحاب. كلّ هذا يُفسّر لنا أنّه لم يملك إلاّ سنة واحدة
(آ 5- 9)، نقرأ هنا نهاية أحزيا المأسويّة. ذهب الملك للمُعالجة في يزرعيل، فقتله ياهو بن نَمْشي، لأنّ فيه أثرًا من آحاب بواسطة والدته عثليا. ويزيد المُؤرّخ: كان ذلك من قِبَل الربّ، لأنّه صنع الشرّ مثل بيت آحاب. أجل، إنّ الربّ يُعاقب بسرعة الملوكَ الأشرار.
3- الملكة عثليا (22: 10- 23: 21)
مع الملكة عثليا نعيش الانقطاع الوحيد في التسلسُل الملكيّ في أورشليم، سحابة أربع مئة سنة. وسيكون هذا الحَدَث، موضع تأمّل الكاتب الاشتراعيّ (2 مل)، والمُؤرّخ الكهنوتيّ (2 أن).
لم يكن حُكْم عثليا بحَسَب موعد الله، وكيف يكون مع امرأة هي ابنة آحاب، ملك إسرائيل، وإيزابيل عابدة البَعْل؟ أمّا عثليا فقد شيّدت هيكلاً في أورشليم (23: 17).
(آ 22: 10- 12) (رج 2 مل 11- 13)، أرادت عثليا أن تُفني العائلة الملكية، ولكنّ يوَاش بن أحزيا أفلت من يدها. أنقذته يوشَبعَت زوجة يُوياداع الكاهن.
(آ 23: 1- 15)، وحين صار يُوَاش ابن سبع سنوات، هيأ يوياداع مُوآمرة أطاحت بالملكة عثليا، فماتت عند مدخل القصر الملكيّ. بعد ذلك جُعِل يُوآش مَلِكًا على يهوذا.
(آ 16- 21)، عاد المُلك إلى نَسْل داود في شخص يُوآش، وعادت الأمور إلى ما كانت عليه، فعمد الكهنة واللاويُون إلى تنظيف الهيكل من رجاسة لأوثان.
كلّ ماكتبه 2 أخ عن عثليا، إستقاه من 2 مل 11: 4- 20، فتوسّع فيه وزاد عليه بعض المعلومات، مُشددًا على فكرة لاهوتيّة ونظرة وطنية.
أولاً: قال 2 مل، إنّ الحرس الوطني وجيش المُرتزقة، نفذّوا المُوآمرة وقتلوا عثليا. أمّا 2 أخ فاعتبر أنّ المُوآمرة هي ثورة الكهنة واللاويين على عثليا. ثمّ كيف نسمح لغير بني لاوي أن يدخلوا الهيكل (لو لم تكن يُوشبعت إمرأة الكاهن يوياداع، لما حُقّ لها أن تدخل الهيكل ولما استطاعت أن تُنقذ يُوآش). فالبّوابون الذين هم من بني لاوي، قاموا بحراسة أبواب الهيكل فلا يدخلها نجس، والباقون حملوا السلاح، سلاح داود، وتهيأوا للقتال. قاموا بعملهم، وكأنّهم في احتفال ليتورجيّ: بعضهم نفخ في البوق، وبعضهم غنَّى، وكلهم عاشوا جوّ العيد بالفرح، لأنّهم تأكدوا أنّ الله سينتصر على من نجّس هيكله، ومنع المُؤمنين من مُمارسة وصاياه.
ثانيًا: كان الانقلاب على عثليا حدثًا دينيًا، وكان أيضاً حدثًا وطنيًا. فالشعب كلّه شارك فيه، والجماعة كلّها ألزمت نفسها بتنفيذ المُوآمرة على الملكة. كلّ يهوذا نفّذ الأوامر، كلّ الشعب أحاط بمَلكه، وسِلاحه بيده: جاءت عثليا فسمعت صوت الشعب يهتف لمَلِكه، ورأت تجمّعًا كبيرًا. ونتساءل: كيف لم تفطن الملكة لاجتماع كلّ شعب البلاد؟ أتراهم استفادوا من جوّ العيد، فأطاحوا بالملكة؟ هذا أمر معقول. بالإضافة إلى ذلك، حين نقرأ 2 مل 11، نفهم أنّ المُوآمرة بقيت سريّة، فأخذت عثليا على حين غفلة. أمّا 2 أخ، فأعطى الآنقلاب بُعْدًا وطنيًا (تجمعّ الشعب وكهنته) وجعله ثورة على الملكة، وأعطاه بُعْدًا دينيًا، سنكتشفه في إصلاح مراسم العبادة بحَسَب ما تفرضه شريعة موسى وكلمات داود

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM