الفصل التاسع: الآستعدادات لبناء الهيكل

الفصل التاسع
الآستعدادات لبناء الهيكل
33: 1- 36: 33

أ- المُقدّمة.
نقرأ في هذا الفصل الاستعدادات لبناء الهيكل، وتنظيم الأشخاص الذين يعملون فيه. وكأنيّ بداود سيُكرّس ما تبقى من حياته لهذا العمل العظيم. كان داود أوّل من فكر ببناء الهيكل، بل أعدَّ العُدّة كاملة، وكأنّه قام بعمل البناء.
ما نقرأ هنا، لا نجده في أسفار صموئيل والملوك. قد وضعه المؤرّخ راجعاً إلى مصادر قديمة، أو زاده أحد تلامذته فيما بعد. بعد أن هيّأ داود القلوب لبناء الهيكل (22: 1- 19)، نظمّ اللاويين (23: 1- 32) وقَسَم العمل بين الكهنة واللاويين (24: 1- 30)، واهتمّ بالمُغنين (25: 1- 31) والبّوابين، وسائر اللاويين العاملين في الهيكل (26: 1- 32).

ب- تفسير الآيات الكتابية.
1- الاستعدادات القريبة لبناء الهيكل (22: 1- 19)
(آ 22: 1)، هنا يكون بيت الله، وهنا يكون المذبح الذي يقدِّم عليه بنو إسرائيل تقادمهم
(آ 2- 5)، تهيئة العمّال والمواد: جهّز النحّاتين والحديد والخشب... يجب أن يكون الهيكل عظيماً ومجيداً، لأن تابوت العهد سيُوضع فيه. لذلك كل ذهب الأرض وفضّتها غير كافيان: مئة ألف قنطار من الذهب، مليون قنطار من الفضّة، بل كميّة لا تُحصى من الذهب والفضّة والنحاس والحديد (آ 14- 16).
العمل عظيم، وسُليمان شابّ لا خبرة له، فكيف له أن يقوم بهذا العمل؟ لذلك جهّز له والده كل هذا الغنى، وعلّمه كيف يفعل.
(آ 6- 16)، كلام داود لسُليمان. حثه على بناء الهيكل، لأنّ الربّ طلب ذلك من سُليمان (واسمه يعني السلام). إعتنى داود بَجَمْع الغنى، ولكنّه لن يبني بيت الرب، لأنّ رجل الحرب لا يحق له أن يقوم بمثل هذا العمل المُقدّس.
(آ 17- 19)، كلام داود لرؤساء الشعب. حضَّهم فيه على مُعاونة سُليمان. مسؤوليتهم عظيمة، وعليهم أن لا يتأخروا في العمل. سيقول لهم داود هذا الكلام، مرة ثانية قبل موته (28: 1 ي).
2- تنظيم اللاويين (23: 1- 32)
قبل أن يموت داود، عيّن سليمان مَلِكاً على بني إسرائيل، وقام بإحصاء المُوظّفين الدينيين والمدنيين (ف 23- 27). أحصى اللاويين، ثمّ الكهنة، ثمّ المُغنّين والبوّابين، وأخيراً قّواد الجيش والعاملين في البلاط الملكيّ. وبدأ بإحصاء اللاويين وتنظيمهم فَرقاً.
(آ 23: 1- 2)، المُقدّمة:
أقام داود سُليمان ملكاً، وجمع حوله الرؤساء والكهنة واللاويين.
(آ 3- 5)، طريقة الإحصاء.
من ابن ثلاثين فما فوق. في آ 24: 27: من ابن عشرين سنة وما فوق (عد 4: 3، 23-35). قَسّمهم إلى بوّابين وعازفين... بحَسَبِ أمْرِ الربّ له.
(آ 6- 23)، بيوت وفِرَق اللاويين.
يُورد المُؤرّخ لائحة طويلة باللاويين، بحَسَب بيوتهم (أو عائلاتهم) وفِرَقهم: جرشون، قهات، مراري.
(آ 24- 32)، وظائف متعدّدة.
تذكر هذه الآيات الوظائف التي يقوم بها بنو لاوي، وقد جاءت من تقليد آخر، فجعلها المؤرّخ في هذا المكان، فلا يضيع شيء من تقاليد الله في شعبه.
هل وجد المؤرّخ هذا النصّ فنقله، أم أنّه الفّ بين عناصره؟ المُهمّ أن داود جهّز كلّ شيء، ونظّم كلّ شيء من أجل بناء الهيكل وشعائر العبادة.
3- الكهنة واللاويون (24: 1- 31)
نحن هنا أمام لائحتين: لائحة أولى بالكهنة المَقْسُومين إلى 24 فرقة (آ 1- 19)، ولائحة ثانية (آ 20- 31) باللاويين الذين لم يَرِد اسمهم في ما سبق (23: 1 ي). (آ 24: 1- 19)، لائحة الكهنة.
يُمكننا أن نقابل هذه اللائحة، مع نح 7: 39- 42 (رج عز 2: 36- 39)؛ 10: 2- 8؛ 12: 1- 7، 12- 21، فزى فوارق هامّة في عدد البيوت (أو العائلات) وأسماء الأشخاص. فعدد نَسْلِ ألعازار، هو ضُعْفُ عدد نَسِل إيتامار (16 إلى 8)، وهذا يُبيّن لنا الصراع بين أعضاء العائلتين: يكون هؤلاء رؤساء في المعبد، وأولئك رؤساء في خدمة الله.
العدد 24 معروف عند المُعلّمين، يذكر لوقا (1: 5) أنّ زكريا، والد يوحنا المعمدان، كان كاهناً من فِرقة أبيا. بعد أن انتهى من الخدمة مع فرقته، عاد إلى بيته.
(آ 20- 31)، لائحة اللاويين.
هذه اللائحة قريبة من تلك التي قرأناها في 23: 6- 23، مع بعض فوارق في التفاصيل. إستقاها المؤرّخ من تقليد آخر، وأدخلها في سِياق كتابه.
4- المُغنّون (25: 1- 31)
نظمّ داود الكهنة واللاويين والمغنين، كلا منهم في 24 فرقة.
المغنّون هم أيضا من قبيلة لاوي، عَبْرَ بنيه أساف وهيمان ويدوتون (أو إيتان في 6: 44).
نلاحظ أولاً: أن المغنين يخدمون بالتناوب: بنو آساف ثمّ بنو يدوتون ثمّ بنو هيمان.
نلاحظ ثانياً: أنّ المؤرّخ الذي يبدو مهتماً بالمُوسيقى والغناء، رجع إلى الوثائق، وأعطانا لائحة مُكتملة عن هؤلاء المغنين على غرار لائحة الكهنة (24: 1- 19) واللاويين (23: 1 ي).
نُلاحظ ثالثاً: أنّ عائلة هيمان، هي أكبر العائلات (14 مُقابل 4 لآساف، 6 ليدوتون).
نلاحظ رابعاً: أن المُغّنين لعبوا دوراً نبويّاً (آ 1، 2، 3)، وهذا يعني، أنّه كان في شعب الله أنبياء يرتبطون بالمعابد، وأنّ وظيفة الكهنة والمُغّنين كانت وظيفة نبويّة.
5- البوّابون وغيرهم (26: 1- 32)
تُكمّل هذه الآيات لائحة الأشخاص العاملين في الهيكل، فتذكر البوّابين (آ 1- 19) ووظائف الخازنين والقضاة والموكلين (آ 20- 32).
(آ 26: 1- 11)، لائحة البوّابين.
تُورد هذه الآيات لائحة بالبوّابين بحَسَب بيوتهم.
(آ 12- 19)، وظائف البّوابين.
كانوا يحرسون أبواب الهيكل من جهاته الأربع: يفتحونها، يُغلقونها، ولا يسمحون بالدخول فيها، إلا من له الحقّ بذلك.
هؤلاء البّوابون هم من بني لاوي، القبيلة التي ذكرت بكلّ أنسابها (6: 1 ي): ابناء قورح هم من سُلالة قهات ابن لاوي. كان سِفْرا عزرا (2: 42، 70؛ 7: 24؛ 10: 24) ونَحَمْيا (7: 45؛ 11: 19)، قد فَصَلا اللاويين عن المُغّنين والبّوابين. أمّا سِفْرا الأخبار، فيعتبران جميع العاملين في الهيكل مُثبّتين في وظائفهم منذ زمن داود، ومتحدّرين من سِبْط لاوي.
نقرأ هنا ثلاث عائلات من البّوابين: مشلميا، عوبيد أدوم، حوسة. حُوسة هو من نَسْلِ مراري بني لاوي (6: 1). عوبيد أدوم هو من الفلسطيين ومن سكّان جت (13: 13)، وهو من المُغّنين (15: 21؛ 16: 5). باركه الله بَرَكة خاصة، يوم استقبل تابوت العهد، فارتبط بقبيلة لاوي. مشلميا اسم يرد مراراً في التوراة بشكل مشلام (3: 19؛ 5: 13؛ 8: 17) أو شلوم (9: 17؛ نح 1: 191).
(آ 20- 32) وظائف أخرى.
مسؤولون عن خزانة بيت الله والأقداس (آ 20- 28) ومسؤولون عن الأعمال الخارجية في الهيكل (عُرفاء، قضاة، موكلين: آ 29- 32). إن حياة الشعب تتحرك في إطار الهيكل، وكل تنظيم يرجع إلى داود، وكلّ عامل في الهيكل يرتبط ببني لاوي

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM