الفصل الثالث: مَواليدُ شمعُون وَرَأوبينَ وَجَادَ وَمَنَسّى

الفصل الثالث
مَواليدُ شمعُون وَرَأوبينَ وَجَادَ وَمَنَسّى
4: 24- 5: 26

أ- المُقدّمة.
لائحة بني شمعون قصيرة لسببين: الأوّل، لأن هذه القبيلة قد امتصّها سبط يهوذا، في زمن داود أو قبله. الثاني، لأن المؤرّخ يريد أن يُوجّه أنظارنا، بالدرجة الأولى، إلى بني يهوذا وبني لاوي. إرتبطت قبيلة شمعون بقبيلة يهوذا، منذ زمن احتلال بني إسرائيل لأرض الموعد (قض 1: 1- 3)، فأقامت جنوبيّ مملكة يهوذا. ورُغْمَ صِغَرها وضعفها، ظلّ أعضاؤها يتعلّقون بأصلهم، حتّى بعد زوالهم كقبيلة مستقلة. يُفسّر تك 49: 5- 7 هذا الزوال، بسبب العُنْف الذي مارسه بنو شمعون مع بني لاوي ضد أهل شكيم.
ويذكر الكاتب، بعد يهوذا وشمعون، القبائل التي أقامت شرقيّ الأردن، أي رأوبين وجاد ونصف منسّى. هذه القبائل لم تلعب دوراً هامّاً في تاريخ شعب الله. لذلك لا يهتمّ بها الكاتب كثيراً.
نحن هنا أمام صورة مِثاليّة لبني إسرائيل، العائشين في أرض، حصلت كلّ قبيلة على نصيبها منها، بعد التَيَهان في البريّة. هذا ما يقوله المؤرّخ على خُطى يشوع (1: 12- 18). ولكن يوم كُتِبَتْ أخبار الأيّام، لم تعد شرقيّ الأردن خاضعاً لبني إسرائيل.

ب- تفسير الآيات الكتابية
1- مواليد شمعون (4: 24- 43)
(آ 4: 24- 27)، لائحة بمواليد شمعون، كما نقرأها في تك 46: 10؛ خر 6: 15؛ عد 26: 12- 14. في آ 27، نقرأ عن شمعي ولا نقرأ عنه إلاّ في هذا المكان، فنكون إذن أمام مصادر قديمة.
لم يكن لإخوته بنون كثيرون... هذا هو الواقع التاريخيّ الذي جعل بني شمعون تابعين لبني يهوذا.
أمّا السبب اللاهوتيّ، فهو أنّ فضل الرب توجّه إلى يهوذا، فباركه بالبنين العديدين.
(آ 28- 33)، الأماكن التي أقام بها مواليد شمعون: جنوبيّ كنعان (يش 19: 1- 8)، وفي أماكن معروفة، مثل بئر سبع، مولادة، حصر...
هذه هي مُدُنهم إلى عهد الملك داود. هذا يعني أنّهم زالوا كقبيلة مستقلّة في عهد داود. بلدة بعالة تقع في الجنوب (يش 19: 8)، وترتبط بالإله بعل.
(آ 34- 43)، رؤساء عشائر سِبْط شمعون
نقرأ هنا معلومات عن أحداث من تاريخ شمعون، لا نجدُها إلاّ في هذا المكان من التوراة. أولاً: وَجَلَوْا إلى جَدور (أو جرور القريبة من غزة. رج تك 20: 1؛ 26: 7)، بقايا المقيمين فيها. ثانياً: ذهبوا إلى منطقة أدوم (جبل سعير جنوبيّ الصحراء)، وقتلوا ما تبقّى من بني عماليق، وسكنوا هناك. ثالثاً: هدموا خيام المعونين (ار 48: 23: بيت معون هي مدينة في موآب). وسكنوا في أماكنهم.
نستشف من هذه الأحداث، صورةً عن الصراع الدائم بين بني إسرائيل وجيرانهم، كما نفهم مدى البغض بين شعب إسرائيل من جهة، والكنعانيين، بني حام، وبني عماليق من جهة ثانية.
2- قبائل شرقيّ الأردن: رأوبين، جاد، منسّى (5: 1- 26)
(آ 5: 1- 10)، مواليد رأوبين.
رأوبين هو بكر يعقوب. نحن هنا أمام تقليد قديم، يعود إلى زمن، كانت رأوبين قبيلة عظيمة وقوية. أمّا لماذا ضعفت؟ فلأن رأوبين ضاجع سَريّة أبيه (تك 35: 22). حينئذ خَسِرَ حقّ البُكورية الذي عاد إلى يوسف، الذي أخذ سهمين من ميراث والده (منسّى وأفرائيم). ولكن المؤرّخ يتطلّع بالحريّ، إلى يهوذا الذي منه سيخرج الملك داود.
يذكر النصّ بني رأوبين (آ 1- 3)، ومواليد يوئيل (آ 4- 6)، ومساكن بئيرة (آ 7- 9)، الذين حاربوا الهاجريين (أبناء هاجر، أم إسماعيل، وهم شعب عربيّ). هذه المعلومات (ما عدا قصة الهاجريين)، إستقاها الكاتب من عد 26: 5- 6؛ تك 46: 9؛ خر 6: 14؛ يش 13: 15- 23.
(آ 11- 17)، مواليد جاد.
يذكر المُؤرّخ موضع إقامتهم (آ 11)، ورؤساء عشائرهم (آ 12- 17).
(آ 18- 22)، نقرأ هنا حديثاً، عن حرب قبائل شرقيّ الأردن مع شعوب عربيّة. سينتصر بنو إسرائيل وَيَغْنَمُونَ الأسلاب، ويمتلكون المراعي. "صرخوا إلى الربّ في القتال، فأعانهم لاتكالهم عليه". هو الربّ من يحارب عن بني إسرائيل، إن كانوا أمناء له.
يذكر المُؤرّخ موضع إقامتهم (آ 23)، ورؤساءهم، (آ 24)، ومصيرهم المُرتبط بمصير جاد ورأوبين، حين ذهبوا إلى السَبْي، على يد تغْلَت فلاسّر، ملك أشور (آ 25- 26). "خطئوا باتباع آلهة أخرى"، فأرسل الربّ من سباهم (2 مل 15: 19- 29).
يمزج الكاتب الإخباريّ بين سببين اثنين. الأوّل، نقرأ عنه في 2 مل 15: 29، والثاني في 2 مل 17: 3- 6، ويذكر اسم ملكين أشوريين، هما فول وتغلت فلاسّر، وهما اسم شخص واحد (2 مل 15: 19). علاوة على ذلك، يجدُر القول إنّ شلمنصر وسرجون، هما اللذان أمرا بالسَبْي الثاني. ولكن هذه التفاصيل التاريخية، لا تشغل بال الكاتب، بقَدْر ما يهمّه أن يُبيّن أن ما حدث لبني إسرائيل، كان عِقاباً لهم على خيانتهم للربّ

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM