خاتمة

خاتمة

أي تعليم نستنتج من كتاب صموئيل؟
لا يتوّقف التاريخ هنا. فكتاب صموئيل هو جزء من عمل واسع، يبدأ بسِفْر التثنية وينتهي بسِفْر الملوك الثاني. كان موت شاول حدًا فاصلاً، بين 1 صم و 2 صم، والإضافات التي قرأناها في 2 صم (ف 21-24) تجعلنا نرتاح، قبل أن نقرأ في 1 مل ما يتبع من أخبار داود قبل موته.
كانت الترجمة اليونانية تُسمّي أسفار صموئيل والملوك، أسفار الممالك الأربعة، وهذا يعني أنّ هذه الأسفار الأربعة، تُحدّثنا عن ملوك يهوذا وإسرائيل منذ عهد شاول، أوّل ملك في شعب الله، إلى صدقيا ابن يُوشيّا آخر ملوك يهوذا (2 مل 18:24).
سنكتشف في كتاب صموئيل ثلاثة أمور: ألكهنوت الحقيقيّ، الهيكل الحقيقيّ، والمَلِكَ الحقيقيّ. يُحدّثنا عن الكهنوت، دون مُقدّمات، عن صادوق الكاهن (17:8 ؛ 24:15) الذي سيحلّ محلّ أبياتار بطريقة نهائية في عهد سليمان (1 مل 2: 26 ي)، وبشكل رئاسة الكهنوت الشرعيّ في أورشليم (1 أخ 6: 1-15). ويحدّثنا عن الهيكل الحقيقيّ، فيروي لنا قصّة احتلال أورشليم (ف 5) وانتقال تابوت العهد إليها، وهو رمز حضور الله وسط شعبه (ف 6)، ورغبة الملك في أن يبني بيتًا لله (ف 7). لا شكّ في أنّ داود لن يبني للربّ بيتًا، ولكنّه يشتري مكانًا (1 أخ 22: 1)، يبني عليه سليمان ابنه بيتًا يليق بالربّ. ويُحدّثنا عن الملك الحقيقي في شخص داود الذي ستدوم سُلالته زهاء400 سنة. مهما قال الكاتب في انتقاده للنظام الملكيّ، إالا أنه لا يُمكنه أن يُنكر أنّ الله اختار داود. لا شكّ في أنّ المَلَكية نظام بشريّ، وتعبير ناقص عن إرادة الله في شعبه. يُمكن أن يقع الملك في خطأ فيرذُله الله. هذا ما حدث لشاول وأبشالوم، لأنّ المَلِكُ يقع تحت حُكْم الله. عاقب داود على ما فعل، ولكنّه لم يرذُله، وعاقب سليمان لأنّه اتخذ زوجات وثنيات، بنى لهنّ هياكل لآلهتهن، ولكنّ الربّ ظلّ على أمانته لداود، فأبقى له بقيّة في أرض يهوذا وأورشليم، تسير بقيادة سُلالته حتى زمن الجلاء سنة 587.
ولكن عندما دوّن الكاتبُ الاشتراعي كتاب صموئيل، كان الهيكل مُدمّرا والمدينة خرْبَةً، كان المَلِكُ في المنفى والأرض مدوسة تحت قَدَم الأجنبي. فما معنى هذا التأكيد بأنَّ الربّ اختار سُلالة داود، وأنه سيبقى أمينًا لاختياره إلى الأبد؟ إلة بركة هذه التي تحلّ على الشعب العائش في يُؤس المنفى وَذُلّ الآسْر؟ يرتكز التأكيد على تاريخ ما فعله الله. أعطى شعبه أرضًا، ولكنّ الشعب خَسِرَ هذه الأرض، فبقي له وَعْدٌ بدخول جديد، عندما يُطيع وصايا ربّه. جعل من بني إسرائيل شعبًا واحدًا، بقيادة ملك حقيقيّ، وحول موضع واحد للعبادة، ولكن الوحدة حُطِّمت والشعب تشتّت، والهيكل والملك راحا دون رَجْعة. ولكن يبقى أنّ مواعيد الله ثابتة. إنّ خطيئة الإنسان يُمكنها أن تُؤخّر مُخطط الله لا أن تُغيّره. والماضي هو الذي يعلّم الشعب أن يفهم كُليًّا وَعْدَ الله. وهكذا صار الكاتب الاشتراعي، معلمًا للشعب، ومفسرًا لاهوتيًا يروي خبره بطريقة شيّقة. ولكن إن توقّف القارىء عند الخبر الشيّق، يكون قد عرف شيئًا من الكتاب المقدّس وفاتته أشياء، فالأسفار المُسمّاة تاريخية، هي في الواقع أسفار نبَويّة، بمعنى أنّها نظرة الله إلى التاريخ، يُعبّر عنها الكاتب الاشتراعي بإلهام من الله. وهي تُعلّمنا نتيجة الطاعة لله والعصيان لأوامره. مثل هذا التعليم نقرأه في سِفْر المزامير والكتب الحكمية، فنفهم أنّ طريق المُنافقين تقود إلى الهلاك، بينمَا يصون الله طريقَ الصِدّيقين

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM