الفصْل الحَادي عَشر: خَطيئة دَاوُد

الفصْل الحَادي عَشر
خَطيئة دَاوُد
9 : 1 – 12 : 31

أ- المقدّمة
ويتابع الكاتب الاشتراعي تاريخه، فيُحدّثنا عن حروب داود وانتصاراته على الفلسطيين والموآبيين والآراميين والأدوميين والعمّونيين. وفي معرض الحديث عن حرب بني إسرائيل مع بني عمّون، يُورد الكتاب خبر خطيئة داود: قتل أوريا الحثي وأخذ زوجته، ثم ندم بعد أن وبّخه ناتان النبي.

ب- تفسير الآيات الكابيّة
1- داود ومفيبوشت (9: 1-13)

بدأت حرب الخلافة منذ دخل داود مدينة أورشليم، وجاءت هذه النصوص تُبيّن لنا كيف تصرف أبناء داود الواحد بعد الآخر: أمنون (13: 1 ي) أبشالوم (ف 14- 20) أدونيا (1 مل 1-2). ولقد اختار الكتاب بعض أحداث، ليُبرهن لنا أنّ سليمان هو وارث داود، وأنّ الله اختاره، فأزاح من طريقه كلّ مزاحم له. اما ف 9 فهو لا يحكي عن بني داود مُباشرة، بل عن نَسْل شاول. فإذا أراد سليمان أن يملك، يجب أن تُزال من طريقه سُلالة شاول. لا شكّ أنّ مفيبوشت "الزمن الرجلين" (4: 4)، لا يُشكّل خطرًا، ولكنّه يستطيع أن يطالب بحقوقه، إذا حدثت أزمات (3:16). أمّا موقف داود فهو موقف مُلْتَبِس: فهو من جهة، يذكر أمانته وعهده ليوناتان، والد مفيبوشت (1 صم 3:18؛ 20 : 6؛ 18:23)، ومن جهة ثانية، يجعل مفيبوشت في الإقامة الجَبْرية. ولكنّ ما فعله من أجل مفيبوشت من تكريم إذ جعله يأكل على مائدته (آ 11)، سيستميل إليه مُحازبي شاول. يعتبر الكاتب أنّ ما فعله داود هنا، وما سيفعله من أجل شمعي بن جيرا (16: 5-12، 17:19-24)، هو دليل على حِلْمِه وكرَم نفسه، ولكنّنا نعرف أنّه عمل سياسيّ وحيلة مؤقتة (1 مل 36:2-46).
(آ 9: 1) أصنع له رحمة من أجل يوناتان. نذكر هنا محبّة يوناتان لداود (1 صم 18: 1 ي).
(آ 2) سيلعب صيبا دورًا مشبوهًا فيما بعد (16: 1-4؛ 19: 27-31).
(آ 4) ابن ليوناتان هو مفيبوشت (آ 6؛ 4: 4) أو مريبعل. ماكير هو شخص معروف (17: 27). لودبار تقع في شرقيّ الأردن.
آ 7) أنت تأكل على مائدتي. هذه علامة رضى داود عليه، وهي مُناسبة لكي يُراقب تحرّكاته.
(آ 12) ميكا بن مريبعل، سيَلِدُ أبناء يكونون نَسْل شاول (1 أخ 32:8 ي)، ولكنّهم لن يلعبوا أيّ دور سياسيّ.
2- المعركة الأولى مع بنى عمّون (10: 1-19)

بعد مقدمة (آ 1-6) تربطنا بما سبق، وتضعنا في جوّ القِصة، نقرأ خبر معركة يوآب ضِدّ عمّون وأرام (آ 7- 14)، ثم حرب داود على أرام (آ 15-19). هذا الخبر يرويه 1 أخ 19: 1- 20 ولا يروي سواه، وهو يهيئنا لقِصّة بتشابع زوجة أوريا، وولادة سُليمان وارث داود.
ناحاش والد حنون، ورد ذكره في 1 صم 11: 11؛ 12: 12، موقف أمراء عمّون يذّكرنا بموقف يوآب (3: 24-25). أما إرسال الجواسيس ليجسّوا ثغور البلاد، فأمر معروف في الكتاب المقدّس (عد 01: 32؛ تث 1: 24؛ يش 2: 1، 7: 2). عاصمة بني عمّون هي ربّة (11: 1) أو ربّة بني عمّون (26:12).
أهان بنو عمّون رُسُل داود (حلقوا لهم نصف لِحَاهم)، وتحدّوا الملك، فاستأجروا أناسًا ليُحاربوه من بيت رحوب (قرب دان) ومعكة (يش 13: 11) وطوب (قض 3:11، 5) في شرقيّ الأردن، فحاربهم جيش داود وانتصر عليهم.
في آ 12 نقرأ مُدُن إلهنا أو مدينة إلهنا أورشليم.
في آ 15-19، نجد نفوسنا أمام خبر مستقل عمّا سبق، وفيه تضخيم للأعداد، ومُغالاة في تصوير المعركة.
هدد عازر هو رئيس الممالك الأرامية، وكان يرغب أن يوسعّ ملكه نحو الفرات. حاول مرة أولى ومرة ثانية فكسره داود وحلفاؤه الآتون من عبر الفُرات. حينئذ كان صُلْح بين داود وبني أرام، وامتنع الآراميون عن نَجْدة بني عمّون.
حيلام (1 مك 26:5) تقع في سهل حوران.
3- المعركة الثانية مع بني عمّون. داود وبتشابع (11: 1-27)

تشكّل الحرب مع بني عمّون الإطار لقِصّة داود وبتشابع. إلا أنّ المؤرخ الكهنوتي، سيَغْفَل عن ذكرها، لئلا تتشوّه الصورة التي رسمها عن داود.
(آ 11: 1-13) داود وبتشابع: في آ 1-5: داود يرى بتشابع وهي تستحمّ، فيدعوها ويُضاجعها. في مدار السنة أي في الربيع، ساعة تبدو السنة، وكأنّها تعيد دورتها. أوريّا الحثيّ هو أحد أبطال داود (28:23) الذين لم يكونوا كلّهم من بني إسرائيل.
في آ 6-13: يدعو داود أوريا، ويُرسله الى بيته ليُخفي عمله، ولكنّ أوريّا رفض أن يذهب إلى بيته، مع أنّ الملك جعله يشرب ويسكر. وهكذا رقد أوريّا مع أفراد الحرس عند باب الملك، ولم يذهب إلى بيته.
(آ 14-27) مقتل أوريا: قَتْلُ داود لأوريّا يشبه، إلى حدّ بعيد، قَتْل إيزابيل لنابوت اليزرعيليّ (1 مل 21: 2 ي). لا يقول الكاتب شيئًا عن يوآب الذي أطاع أمر قائده. ولكن من سُخريات القدر، أنّ داود في آخر حياته (1 مل 2: 5 ي)، يذكّر ابنه سليمان بأنّ يوآب قتل أبنير وعماسا، (20: 4-13). نحن نقابل الأحداث بعضها ببعض. أمّا الكاتب فلم يفعل، بل اكتفى بسرد الوقائع، تاركًا القارىء أن يستنتج العِبْرة من ذلك، لا سيَّمَا وأنّ النص ينتهي بهذه الكلمات: وساء ما صنعه داود في عيني الربّ (آ 27).
مات أوريّا فهدأ غضب داود، وبعد أن ناحت بتشابع سبعة أيّام (1 صم 31: 13)، جاء بها داود إلى بيته. تبدو بتشابع هنا امرأة خاضعة، ولكنّنا سنتعرف إليها في ما بعد (1 مل 1-2) امرأة قويّة، تُحاول أن توصل ابنها إلى سُدّة الملك.
4- ندامة داود بعد أن وبّخه ناتان (12: 1-31)

(آ 12: 1-15) ناتان عند داود: أعطى ناتان داود مثل الراعي الغنيّ الذي يستولي على نعجة الفقير. هكذا أخذ داود امرأة أوريّا، ولهذا سيأخذ الربّ له نساءه، ويُعطيهن لآخرين (هذا ما سيفعله أبشالوم: 16: 20- 21). حينئذ أقرّ داود بذَنْبه، فأعلن له النبي أنّ الله غفر له لأنّه لا يُريد موت الخاطىء، ولكن أكدّ له أنّ الابن الذي سيُولد له يموت.
أجل، كما أرسل الله نبيًّا لشعبه يُوبّخهم على خطيئتهم (قض 8:6؛ 1 صم 8:12، 11)، هكذا أرسل ناتان إلى داود. فعلوا الشرّ فعاقبهم، وفعل داود الشرّ فعاقبه بحسب شريعة المثل (خر 21: 37)، قتَلَ داود؛ وأبناؤًُه (أمنون، أبشالوم، أدونيّا) سيُقتَلون. وكان جواب داود: خَطِئت إلى الربّ.
وبخّ ناتان داود، وسيُوبّخ إيليا الملك أحاب وزوجته إيزابيل، لقَتْلا نابوت. وهكذا يبدو النبيّ وسيطًا، يحمل كلام الله إلى الناس. ثمّ لا ننسى أنّ من أعلن لداود مُلكًا يدوم (7: 1 ي)، هو الذي أعلن له عِقَاب الله.
(آ 16-25) موت ابن بتشابع ومولد سُليمان: رغم خطيئة داود، سيكون سُليمانُ الملك، والله يستخرج من الشرّ خيرًا (تك 50: 20). صلّى داود ما دام له أمَل في شفاء الولد. ولمّا مات الولد، قام عن الأرض وأكل، وقال: لا أستطيع أن أردّه بعد.
ثمّ اضّجع مع بتشابع، فولدت ابنًا، دعاه سُليمان، وحبيب الرب.
(آ 26- 31) إحتلال ربّة: وبعد هذا الاستطراد، نعود إلى الحديث عن حرب بني عمّون مع بني إسرائيل. انتصر داود وفرض على بني عمون الأشغال الشاقّة: جعلهم يقطعون الحطب والحجارة، ويعملون من الطين حجارة.

ج- أنت هو الرجل
نقرأ أمجاد داود فنؤخذ بها وندهش، ونتعرّف إلى خطيئته فنعود إلى ذواتنا. هذا الحدث في حياة الملك الذي اختاره الله، يُمثّل بالنسبة إلينا أمثولة عن الخطيئة الفاعلة في قلب الانسان، وعن نعمة الله التي تُلاحق الإنسان في أعماق شقائه.
ولكن ما هي الخطيئة ومن يُمكنه أن يحدّثنا عنها؟ هي سرّ قبل كل شيء، وهي شرّ يجب أن نتجنّبه، وهي واقع من الوجود البشريّ يحيط بنا من كلّ جانب. بالخطيئة نعرف ذواتنا وموقعنا بالنسبة إلى الله وإلى القريب. فمن قال عكس ذلك، وحسب نفسه مُغايرًا لسائر الناس، جَعَل نفسه خارج البشريّة وجعل نفسه ملاكًا، ومن جعل نفسه ملاكًا يجعل نفسه بهيمة.
فالخطيئة تهدم ما في الانسان من طموح، ليُبرز نفسه ويُنجّح حياته، دون الرجوع إلى الله. ألخطيئة تبيّن للإنسان حدوده وخطأه، والخطر الذي تشكلّه، في مُمارسته لحريته. من عرف خطيئته كان في الحقّ، وأبان أنّ تفكيره سليم. ولكن لا يبلغ الإنسان مرحلة النُضوج، إلاّ إذا أخذ على عاتقه كلّ ذاته، بما فيها من خير أو شرّ، دون أن يزيد أو ينقص، فلا يحسب نفسه أفضل ممّا هو، ولا يُذلّ نفسه في تواضع كاذب.
من وعى هذا الواقع في العُمق، سيصل به هذا الوعي إلى التواضع الحقيقيّ، إلى روح المساكين الذي يُفهمنا، أنّنا لا نملك شيئًا بذاتنا بل نأخذ كلّ شيء من الله. وإذا رفضنا هذا الواقع، كانت الخطيئة بمثَابة صدمة، تُفهمنا كلام يسوع الذي لم يأتِ للأبرار بل للخطأة (مر 2: 17). ألحقيقة مُزعجة ومُؤلمة. ولكنّ الحقيقة تُحرّر الإنسان وتنقله من الظُلمة إلى النور.
أخطأ داود وانحدر في هوّة الشرّ، وتحمّل نتائج خطيئته فغفر الله له. لم يُصمّ أذنيه أمام صوت الله الصاعد من أعماق ضميره، وبواسطة النبي ناتان، ولم يُقسّ قلبه، فتاب إلى الربّ وانتصر على الشرّ. كان قريبًا منّا في خطيئته، وكلّنا خاطئون، وبقي قريبًا منا عندما صرّح: خَطِئْتُ إلى الربّ، إرحمني يا الله كعظيم رحمتك.

الفصْل الثّاني عَشر
ثَورَة أبشَالُوم
13 : 1 – 20 : 26

أ- ألمقدّمة
يروي هذا الفصل ما حدث لبيت داود، بسبب أبشالوم الذي قتل أخاه وثار على والده، فبرزت سلسلة من الأزمات السياسية التي ستُبيّن الخلافات الموجودة داخل الشعب، وتُهدّد مُستقبل المملكة.
قتل أبشالوم أمنون أخاه من والده، لانّه فعل الشرّ مع تامار أخته، ثمّ هرب، ولكنّ يوآب توسّل إلى الملك، فرجع أبشالوم الذي كان يُخطّط للاستيلاء على الحكم: إذا سمعتم صوت البوق فقولوا: قد مَلَك أبشالوم (15: 10). حينئذ هرب داود من أورشليم، ومعه تابوت العهد، وعَبَر الأردن. ثم كانت المعركة التي مات فيها أبشالوم، وعاد داود بعدها إلى عاصمته حزينًا على ابنه: يا ابني أبشالوم، يا ابني أبشالوم، يا ليتني مُتّ عِوضًا منك، يا أبشالوم (1:19).

ب- تفسير الآيات الكتابيّة
1- أمنون وتامار (13: 1- 39)

أخطأ أمنون مع تامار فقُتل، وكان ذلك سبب النزاع بين داود وأبشالوم. إنّ أحداث "خلافة داود"، قد انطلقت من حادث أثارته شهوة بشريّة، فبدا الله وكأنّه لا يتدخّل. أمّا الكاتب المُلهم، فلم يُرد أن يُعطينا أمثولة مجرّدة، بل ترك لنا أن نقرأ الخبر، ونستنتج منه العِبْرة.
(آ 13: 1- 22) وأحبّ أمنون تامار: كان أمنون بكر داود وابنه من أحيونعم أليزرعيلية، (3: 2؛ 1 صم 43:25)، وكان أبشالوم ابنه من ملكة بنت تلماي ملك جشور (3: 3). كانت تامار أخت أبشالوم وأخيّة أمنون (آ 20). كان زواجها مُمكنًا بحسب التشريع القديم (تك 20: 12) الذي سيُلغى فيما بعد (لا 18: 11؛ 17:20؛ تث 27: 22): ولكن هذا لا يُفعَل الآن في بني إسرائيل، فهو أمر قبيح (آ 12).
كانت بنات الملك تَعِشْن في القصر (آ 7)، وكان لكلّ واحد من الأبناء قصر خاصّ به (آ 8، 20). لم يتوّقف أمنون عند شناعة ما سيَفعل، بل عند الصُعوبات التي تمنعه من اللّقاء بتامار. ولكن وجد في صاحبه رجلاً ذكيًا جدًا، سيعلّمه كيف يتغلّب على كلّ ما يقف بوجهه، من أجل إشباع شهوته. يوناداب هو ابن عم أمنون، وابن شمعة أخي داود (1 صم 16: 9؛ 17: 13).
ضَعْفُ داود بالنسبة إلى أولاده (آ 47، 21)، يشبه الى حدّ بعيد، ضَعْف عالي كاهن شيلو (1 صم 22:2- 25)، تُجاه ابنيه.
إغتصب أمنون تامار، ثمّ أبغضها وطردها من بيته، فذهبت وهي تصرخ. عرف أبشالوم بالأمر، فأضمر الشرّ في قلبه، لا سيّمَا وأنّ داود ما أراد أن يُغيظ أمنون، لأنه بِكْره، والمحبوب إلى قلبه.
(آ 23- 39) أبشالوم يقتل أمنون، ويهرب من وجه أبيه: إنتظر أبشالوم سنتين، قبل أن يأخذ بثأره، من أجل أخته تامار. ولكنّه كان يُخطّط لمشروع آخر.
أقام مأدبة ودعا أخاه أمنون، وأمر غِلْمانه فقتلوه. قالوا للملك: قُتِل أبناؤك، ولكنّ يوناداب بن شمعة، أفهمه أنّ هذا نتيجة اغتصاب أمنون لتامار.
وهرب أبشالوم، والتجأ إلى تلماي بن عميهود ملك جشور (مملكة آرامية 3: 3)، إلى أرض أخواله.
2- عودة أبشالوم (14: 1- 33)

(آ 14: 1- 24) يوآب يُفاوض في أمر أبشالوم: كما أعطى ناتان داود مثلاً، فاعترف بَخَطإه (12: 1- 6)، هكذا أرسل إليه يُوآب امرأة وعلّمها مثلاً، فأجبر داود على التفكير بأمر أبشالوم... وكانت النتيجة أن قال داود ليُوَآب: إذهب وأرْدُد الفتى أبشالوم (آ 21).
تقوع، بلدة عاموس (1: 1) النبي، تقع جنوبيّ أورشليم.
خلّصني أيّها الملك. صرخة النَجْدة (2: 26 ي) تُطلقها المرأة، والملك قريب من شعبه، يسمع تشكّياتهم ويحُلّ مشاكلهم (1 مل 16:3 ي؛ 2 مل 3:8 ي).
ذكرت المرأة دورها، وجعلت نفسها محلّ الشعب المهدّد، إن لم يَرْضَ داود عن ابنه أبشالوم. ألملك يفهم الشرّ والخير (آ 17)، هو القاضي الأوّل في مملكته، وهو بهذا يُشارك الربّ في ممارسة العَدْل والإنصاف. هو ليس كالله، ولكنّه كملاك الله.
ولكنّ الملك لم يغفر لأبشالوم غُفرانًا كاملاً، فلم يسمح له بأن يَقِفَ في حضرته.
(آ 25- 33) أبشالوم يستعيد رضى أبيه: هذه الآيات تُحدّثنا عن أبشالوم الذي كان بطلاً من الأبطال (21: 15- 22؛ 23: 8- 39) وكان مُحبّبًا إلى قلب الناس، والدليل على ذلك، ألجماعة التي تَبِعَته يوم ثار على والده. لم يرضَ أبشالوم أن يبقى بعيدًا عن والده. توسّط يُوآب من أجله، فقبَّله الملك، غافرًا له عمله.
3- ثورة أبشالوم وهرب داود من أورشليم (15: 1- 17: 29)

(آ 15: 1- 6) مكايد أبشالوم: إستفاد أبشالوم من تَمَلْمُل قبائل الشمَال، فجمع حوله بعض أبناء الجنوب، وذهب إلى حبرون، حيث مُسِحَ والده مَلِكًا (2: 1- 4). وكان أبشالوم بعمله هذا، يُعِدّ الطريق لثورة شابع من حيث لا يدري (20: 1- 22)، فهدّد وحدة المملكة الهزيلة.
إتّخذ أبشالوم له مركبة وخيلاً (آ 1)، فتصرف على مثال أدونيا (1 مل 1 :5)، وكأنّه ملك (1 صم 8: 11) أو كأنّه يطمح إلى ذلك. وأخذ يقضي في الشعب (وهذا عَمَلُ الملك 17:14)، ويُزعزع ثقتهم بالمَلِك داود: ليس لك عند الملك من يسمع لك.
(آ 7- 12) ثورة أبشالوم: بعد أربع سنوات، كما تقول اليونانية والسريانية (لا أربعون سنة)، أراد أبشالوم أن يُحقّق ما قصده، فاستأذن والده بالذهاب إلى حبرون، ليستميل إليه قبائل الجنوب، كما استمال من قَبْلُ الشمَال (15: 10؛ 19: 10)، وتظاهر أنّه ذهب ليفي نَذْرًا (كما فعل يعقوب: تك 28: 20- 22).
أرسله داود بسلام، وكان حبّه الوالدي يمنعه من النظر إلى الأمور نِظْرة واعية. ولكنّ أبشالوم أرسل جواسيسه: إذا سمعتم صوت الوق، فليس هو صوت الحرب (قض 27:3؛ 34:6؛ 1 صم 3:13)، بل هي العلامة بأنّ أبشالوم مُسح ملكًا (1 مل 1 :34 ؛ 2 مل 13:9).
من هم رفاق أبثا لوم ومَدعوّوه؟ أحيتوفل، ألمشير الرهيب (آ 12، 31)، ورجال بني إسرائيل الذين ساروا معه. وكان مع داود عبيده (آ 15- 18)، ولا سيّمَا المرتزقة، بينهم أتاي الجتي (آ 16- 22) والكاهنان صادوق وأبياتار (آ 24- 29)، وحوشاي الأركي (آ 32- 37) الذي سيُرسله داود إلى أبشالوم، يُعارض مشورة أحيتوفل.
جيلو مدينة في جبل يهوذا (يش 15: 51)، تقع شماليّ غربي حبرون.
(آ 13-23) حرب داود: قِصّة حرب داود، تشمل مقاطع عديدة وأحداثًا مختلفة. في هذا المقطع، يُصوّر لنا الكاتب الرُّعْب يسيطر فجأة على أبناء أورشليم وملكهم (آ 13- 15)، ثمّ يُحدّثنا عن أتاي الجتي (آ 16- 23)، ألرجل الغريب عن شعب الله، الذي يُريد أن يكون مصيره مصير بني إسرائيل، فلا يُفارقهم.
ظنّ داود أنّه لم يخسر بعد كلّ شيء، ولهذا ترك بعضاً من مُحازبيه في المدينة (آ 27 - 28، 34- 36)، ولكنّه تراجع تراجعًا استراتيجيًا، وقد أحسّ أنّه وقع بين الثُوّار الآتين من الشَمَال، والثوّار الآتين من الجنوب.
من هو أتاي الجتي؟ أيكون أحد امراء الفلسطيّين الذي سار برجاله، وجعل نفسه في خدمة داود، كما سبق لداود أن فعل يوم هرب من وجه شاول.
وادي قَدْرون، تقع بين أورشليم وجبل الزيتون.
(آ 24- 29) مصير تابوت العهد: وحمل اللاويّون تابوت العهد، ولكنّ داود أمرهم بأن يُعيدوه إلى المدينة، مُستسلمًا لمشيئة الله. غير أنّ هذا الموقف لن يمنعه من التصرّف بحنكة، فنظّم استخباراته بواسطة احيماعص بن صادوق ويوناتان بن أبياتار (15:17- 22؛ 19:18- 30).
مَسْكِنُ تابوت العهد أو مَسْكِنُ الربّ هو في صهيون (2:7- 5).
ألبرّية القَفْر (آ 28) هي المِنطقة القاحلة، ألواقعة بين أورشليم والأردن. هناك انتظر داود أن تأتيه الأخبار عن تقدّم الثُوّار.
(آ 30- 37) دور حوشاي: أرسل داود حوشاي الآرامي (من قبيلة تُقيم جنوبيّ بيت إيل يش 16: 2) إلى أبشالوم، ليُبطل مشورة احيتوفل.
ثياب ممزّقة، ألتراب على رأسه. تلك هي علامات الحزن (19: 5؛ حز 7:24).
ووسائل للتعبير عن عُمْق الألم (ار 3:14- 4؛ 1 مل 12:6؛ مي 1 :8).
ستلعب مشورة المُشيرين دورًا هامًا في معركة خلافة داود 16: 20، 23؛ 17: 7، 14، 23؛ 1 مل 1: 12)، ولكنّ الربّ يُنجح هذه المشورة ويُفشل تلك (17: 14). سيُصلّي داود إلى الربّ، فيُبطل مشورة أحيتوفل (آ 31)، وسيتمّ له ذلك بواسطة حوشاي.
(آ 16: 1- 4) داود وصيبا: في حرب الخلافة، تظهر نِزاعات داود مع بيت شاول وأعوانه (9: 1 ي، 19: 6- 31). وها صيبا، عَبْدُ مفيبوشت، يُظهر أمانته لداود الذي أنعم عليه بالخير، فيروي له ما يطمع به معلّمه. فيُجازيه داود لعمله خيرًا: كلّ ما لمفيبوشت هو لك (آ 4).
يتحدّث مفيبوشت عن آل اسرائيل، أي عن أبناء مملكة الشمَال (12:1؛ 8:12)، مُعارضًا بذلك بيت يهوذا (2: 4، 7، 10، 11)، وهو يرجو أن يملك عليهم. ولكن هل ما قاله صيبا صحيح أم تُهمة باطلة؟ سيُداع مفيبوشت فيما بعد عن نفسه (27:19- 28)، غير أنّ داود لن يحكم بينهما، بل يكتفي بأن يُقسّم الحقول بين ابن شاول وعَبْدِه (19: 30).
(آ 5- 14) داود وشمعي: شمعي هو من عشيرة بنيامينيّة (تك 46: 21؛ قض 3: 15)، وبحوريم مدينة بنيامينية، تقع شرقيّ جبل الزيتون، وقُرْبَ الطريق التي تربط أورشليم بوادي الأردن (16: 5؛ 19: 17- 18).
شمعي هو مُحازب لشاول، لم يغفر يومًا لداود ما فعله ببيت شاول (آ 8 ؛ 3:9 ؛ 7:21- 8). لهذا لعن داود، فَقَبِلَ داود اللعنة، وترك للربّ أن يُجازيه على تقبّله المصائب الحاضرة (آ 11، 12). لعن شمعي داودَ، ولكنّه لم يلعن الوارث الشرعيّ. حين انتصر داود، غَفَر لشمعي عدوّه اللدود (19: 24)، من أجل توطيد سُلالته في المُلْك، ولكنّه سيطلب إلى ابنه في وصّيته، أن يقتل مَنْ "لعنه لعنة فظيعة، يوم هرب إلى محنائيم " (1 مل 8:2- 9).
(آ 15- 19) حوشاي وأبشالوم: جاء رجال إسرائيل، أي أبناء مملكة الشمال الذين استند إليهم أبشالوم في ثورته على أبيه.
وجاء شمعي إلى أبشالوم: كما خدمتُ أباك أكون خادمًا لك، ولكنّ أبشالوم لن يسمع له في المرّة الأولى، بل يعمل بمشورة أحيتوفل، فيدخل على سراري أبيه. يتصرف شمعي بطريقة لا أخلاقية، ويتكلّم بالكَذبِ كما يفعل كلّ المُخبرين والجواسيس.
(آ 20- 23) أبشالوم وسراري أبيه: دفع أحيتوفل أبشالوم إلى اتخاذ موقف رمزيّ، ألا وهو احتلال حَرَم والده، وهكذا تنتفي كلّ مُصالحة بين الوالد وابنه. أمّا أبشالوم، فأعلن بهذه الطريقة حقّه في خلافة أبيه.
(آ 17: 1- 16) حوشاي يُبطل مشورة أحيتوفل: أشار أحيتوفل على أبشالوم بالهجوم على داود (آ 1- 4)، غير أنّ حوشاي الاركي طلب إليه أن يتريّث. فقال أبشالوم: مشورة حوشاي خَيْرٌ من مشورة أحيتوفل (آ 4).
وبعد ذلك أرسل حوشاي من يُخْبِر داود أنْ لا يبيت الليلة في البرّية، لئلا يفنى هو وجيشه (آ 16).
(آ 17- 27) داود يَعْبُر الأردن: وصل الخبر إلى داود، بواسطة خادمة كلّمت أحيماعص ويوناتان عند عَيْنِ روجل، ألقريبة من أورشليم (يش 15: 7)، فعبر الأردن هو وكلّ الذين معه.
(آ 24- 29) داود في محنائيم: وافى داود إلى محنائيم في شرقيّ الأردن (2: 8؛ تك 32: 3)، وعَبَر أبشالوم الأردن. وأقال أبشالوم يوآب، وسلّم قيادة الجيش إلى عماسا. هذه التسمية سيؤكّدها داود، وهمّه أن يربح وِدّ بني يهوذا ويُبعد يوآب (14:19)، إلا أنّ يوآب سيتخلّص من ابن عمّه (13:2)، فيضربه بالسيف في بطنه، فتَنْدَلِق أمعاؤه إلى الأرض (20: 4- 10).
4- موت أبشالوم ورجوع داود (18: 1- 26:20)

(آ 18: 1- 8) هزيمة أبشالوم: قسم داود جيشه ثلاثة أقسام: قِسْم مع يوآب، وآخر مع أبيشاي، وثالث مع أتاي، وأمرهم فقال: ترفّقوا لي بالفتى أبشالوم. أجل ما يهمّ داود، هو مصير ابنه أكثر من مصير المعركة. وعندما يعم أنّ ابنه مات، لن يعود يهمّه شيء (19: 1-5).
كانت المعركة في الغابة، وانكسرت جماعة أبشالوم.
(آ 9- 18) موت أبشالوم: دخل بغل أبشالوم تحت أغصان سنديانة، فتعلّق رأسه بالسنديانة. عرف به يوآب، فأنشب ثلاث حِراب في قلب أبشالوم، وأرسل رجاله فأخذوا الجثّة وطرحوها في جُبّ عظيم، وجعلوا فوقها الحجارة، فعاملوا أبشالوم كمُجْرم (يش 26:7 ؛ 29:8).
(آ 19- 32) داود يعرف بمَقْتَل ابنه: جاء أحيماعص، فأخبر الملك بهزيمة الأعداء، ثم جاء إنسان كوشيّ وأخبر الملك بموت ابنه.
(آ 19: 1- 9) حزن الملك على ابنه: سمع الملك بخبر موت ابنه، فارتعش وصعد إلى العِلّية، وكان يبكي ويقول: يا ابني أبشالوم، يا ابني أبشالوم، يا ليتني مُتّ عِوضًا منك (1:19).
هذه هي مأساة الوالد الذي فَقَدَ ابنه. ولكنّ يوآب الشجاع، سيقسّي قلبه، ويُكلّم الملك بحرّية: تَحبّ مُبغضيك وتُبغِض محبّيك. أهذا جزاء الذين حاربوا معك، ونجَّوا نفسك وأنفس بنيك وبناتك؟
(آ 10- 15) عودة داود إلى أورشليم: خطا أبناء الشمَال الخُطوة الأولى، ثمّ تبعهم أبناء الجنوب. حاول داود أن يستميل إليه عماسا، ابن أخيه، على حساب يوآب (آ 14). لكنّ يوآب سيتخلّص من عماسا، ويظلّ قائدًا للجيش حتى موت داود (1 مل 5:2 ي).
(آ 16- 24) في طريق العودة: شمعي: إستمال أبشالوم ابناء الشمَال، ولكنّه خيّب آمالهم، فتركوه وعادوا إلى داود. فأخذ داود يدفع أبناء يهوذا، ليغاروا من أبناء الشَمال (آ 41- 44)، فأمال إليه قلوبهم.
في طريق العودة، سيلتقي الملك بالأشخاص الذين التقى بها وهو هارب من أورشليم. سيلتقي بشمعي ويغفر له: أفي هذا اليوم يُقتل أحد في إسرائيل؟
(آ 25- 31) مفيبوشت: الملك إلى مفيبوشت يشكو له عبده صيبا، ولكنّ الملك لن يستعيد ما أعطاه لصيبا، ففسّم بين مفيبوشت وصيبا الحقول.
(آ 32- 40) برزلاي: كلّ شيء يتمّ بحسب مخطّط الله، وليس فقط بحسب الحكمة البشرية التي بانت عند داود، وكأنّنا أمام تنصيب ملك جديد. هكذا سيكون لسليمان، عندما يعتلي عرش بني إسرائيل. مع برزلاي سيُبدي داود امتنانًا وكَرَمًا لمَن "عال الملك عند إقامته بمحنائيم "، وقد كان غنيًا جدًا (آ 33). قال الملك: أُعبر أنت معي، وأنا أعولك معي في أورشليم، ولكنّ برزلاي استأذن الملك، وأعطاه ابنه كمهام ليكون معه.
(آ 41- 44) يهوذا وإسرائيل يتنازعان داود: أراد بنو إسرائيل أن يحتفظوا بداود لديهم لأنّهم الأكثرية، فعارضهم بنو يهوذا لأنّ الملك ذو قرابة لهم، وأخذوا الملك إلى أورشليم.
(آ 20: 1- 3) ثورة شابع: من نتائج تمرّد أبشالوم كانت ثورة شاج ابن بكري التي قمعها داود بسرعة، بعد أن استعاد ألملك. هذا الحدث يدلّ على أنّ الوحدة بين القبائل وحدة هشّة (3:5)، ويُنبئنا بمَا سيصنعه يربعام بعد موت سليمان (1 مل 12: 1 ي). فالثورة لا تقتصر على بيت بنيامين، بل على كلّ إسرائيل أي الشمَال: لا نصيب لنا مع داود، ولا ميراث لنا مع ابن يسَّى (آ 1)، فترك بنو إسرائيل داود، وتبعوا شابع.
(آ 4- 13) مقتل عماسا: أرسل داود أبيشاي (شقيق يوآب: 19: 14) مع الكريتيين والفلطيين، ليُلاحقوا شابع.
في هذا الوقت، سيغتنم يُوآب الفرصة فيقتل عماسا، ويدعو الناس إلى السير وراءه لمُلاحقة شاج: من أحبّ يوآب ومن كان لداود، فليتبع يوآب (آ 11)، قال هذا، فسار الجيش وراءه.
(آ 14- 22) نهاية التمرّد: ذهب شاج إلى اقصى الشمال، إلى آبل بيت معكة قرب دان (1 مل 15: 20؛ 2 مل 15: 29)، فلحقه يُوآب وحاصر المدينة، إلى ان فاوضه السكّان، ورموا له برأس شابع من على السور، فارتدّ يوآب عن المدينة، وانصرف كلّ امرىء إلى خيمته.
(آ 23- 26) قُوّاد داود العظام: مع هذه الآيات نختتم قصّة تمرّد أبشالوم ونتائجه المُباشرة. إلا أنّ صلابة يوآب، جعلت النظام يسود. وبمَا ان المُلكَ ثبت والسلام عمّ، يُمكن للملك أن يعيّن القوّاد الذين يهتمون بأمور المملكة.

ج- مُلاحظة: أزمة كبرى في عهد داود
1- وكان بعد ذلك أنّ أبشالوم... أجل، لا يريد أبشالوم أن ينتظر موت أبيه ليخلفه، وهو لا يُخني طموحاته وأعماله، تل يتواقح فيأخذ بكلّ الأساليب ليصل إلى ما يريد. لقد قرّر الابن أن يحلّ محلّ أبيه، مُمارس أعمال المُلك، وأوّلها القضاء في الناس. "من يجعلني قاضيًا في البلاد، فيأتيني كلّ ذي خُصومة ودعوى فانْصِفه " (15: 4)؟
وبدأ أبشالوم حملته في مناطق البلاد الشمّالية،ْ التي لم تتّحد يومًا بمملكة الجنوب اتحادًا صريحًا كاملاً. ثمّ إنّ الجنوب قد تعب من داود الشيخ العاجز، الذي خلق جمهرة من المُعارضين بتصرّفاته التي حدَّت من سلطة الزعماء المحليّين، وقلّلت من أهميّة الملاكين الكبار.
زرع أبشالوم جواسيسه واستعدّ لليوم المُعيّن. دعا الناس إلى ذبيحة يقدّمها في حبرون، حيث مُسح الوالد بالزيت المقدّس. ولكنّ الفرق بين داود وأبشالوم، هو أنّ داود وقّر "مسيح الرب" ولم يرفع يده عليه، أمّا أبشالوم فلم يَقْتَدِ بوالده في هذا المجال.
2- ما يكون موقف داود والرُّعب سيطر على أورشليم؟ أيُقاوم أبشالوم بالسلاح؟ إنْ انتصر مات ابنه، وإنْ انكسر ستُقترف الكثير من الفظائع التي لا يعرف مداها إلا الله. أيتنازل فيجعل الحقّ بجانب العُنْف والحيلة والرُعونة؟ بل لو فعل لخيّب أمل شعب تعلّق به ملكًا. لم يبق أمامه إلا الهرب، كما فعل في الماضي أمام شاول، مُسلّمًا أمره كليًّا إلى الرب.
وتوقّف، في حربه، على جبل الزيتون قُبالة أورشليم، ألمدينة العزيزة على قلبه، قبل أن يبتعد إلى مصير مجهول. قلبه ممّزق لأنّه يحارب ابنه، ولأنّه يعرف أنّ هذا الابن صاحب طموح لا حدّ له. إنّه يُشبهه في شبابه فلا يقف شيء بوجهه. ولكنّه ما لبث مؤمنًا بأنّه ما يزال "مختار الرب "، وهذا الإيمان برسالته، جعله يتغلّب على الصِعاب ويجتاز الأزمة بنجاح.
3- إستند داود إلى أمانة حرسه الخاصّ ومحبّة المُقرّبين إليه. واتّكل على إيمانه بالربّ، وفضّل أن يبقى تابوت العهد حارسًا لأورشليم. قال لصادوق: "رُدَّ تابوت الله إلى المدينة، فإن كان الربّ راضيًا عليّ، فإنّه يردّني إلى أورشليم ويُريني مسكنه المقدّس" (15: 25). لمّا كان شابًا كانت له قوّة الشباب، فأدخل تابوت العهد إلى أورشليم بالفرح والحماس، أمّا الان فهو يحسّ أنّه يسير إلى الخراب. أيكون الله تخلّى عنه؟ إلى يَعُد الله معه؟
مرّ داود في فترة النَشْوة والانتصار، فعرف أن يشكر الربّ، لما ميزّه به عن غيره، ولكنّه سيعرف في فترة الضيق والشدّة والضعف، أن يتكلّ على الله ويستسلم إلى مشيئته بقلب حرّ متواضع. والله لا يرذُل المُتواضعين المُتألّمين

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM