الفصْلُ الثالِث: النظَامُ المَلكي

الفصْلُ الثالِث
النظَامُ المَلكي
8 : 1 – 12 : 25

أ- المُقدّمة
نحن هنا على مُفترق طرق في تاريخ بني إسرائيل السياسيّ والدينيّ. فمعبد شيلو حيث تابوت العهد، رمز وحدة الشعب، قد هُدِم وزال، غير أنّ الشعب ما زال يَحِنّ إلى وحدة يراها ضرورية بوجه قُوةً الفلسطيين المُتزايدة. لهذا تذكّر قِسْم من الشعب، أنّهم طلبوا إلى جدعون أن يتسلّط عليهم (قض 8: 22). فرفض قائلاً: لا أنا أتسلّط عليكم، ولا أبني يتسلّط عليكم، بل الربّ يتسلّط عليكم. وحاول أبيملك أن يتسلّط عليهم وحده، عِوَضًا من سبعين رجلاً (قض 9: 1ي)، غير أنّ محاولته باءت بالفشل. حينئذ طلبوا أن يكون لهم ملك يقضي بينهم كجميع الأمم (8: 5)، فعارضهم تيّار شعبي يعتبر الله وحده ملكًا في شعبه، يختار من يشاء لقيادة بني إسرائيل كما فعل في زمن القُضاة. تغلّب التيّار الأوّل، وكان لبني إسرائيل ملك لا يختلف كثيرًا عن القُضاة السابقين. إختار الربّ شاول (9: 16، 10: 24)، فأحلّ عليه من روحه (10: 10)، ففرض نفسه على الشعب، وخلّصهم من بني عمّون (11: 5- 11). ولكنّ النظام الملكيّ، سيتجسّد حقًا في داود الذي جمع في شخصه الوُجهة الدينيّة والوُجهة السياسيّة، فلم يتخاذل الحاكم يومًا أمام واجباته، كشخص اختاره الله ومسحه لخدمة شعبه وهيكله.
مسح صموئيلُ شاولَ، فأقرّت به جماعة الشعب في الجِلْجال (15:11) وفي المصفاة (17:10)، وظلّ بنو إفرائيم يُعارضون طويلاً ذلك الآتي من قبيلة بنيامين.

ب- تفسير الآيات الكتابية
1- ألشعب يطلب ملكًا (8: 1-22)

(آ 8: 1-9) أقِم علينا مَلِكًا: هذا المقطع هو امتداد لما سبق. لِم يكن ابنا صموئيل كوالدهما، فطلب الشعب مَلِكًا. ولكنّ صموئيل اعتبر طلبَهم إهانةَ للربّ، فلم يُرِد أن يوافقهم. ولكنّ الرب قال له: إسمع لصوتهم، سيكون لبني إسرائيل ملك، ولكنّهم سيندمون (رج17:10-24؛ 12: 1ي).
أوكل صموئيل القضاء (أي جعلهم حكّام مقاطعات) إلى ابنيه، ولكنّهما لم يكونا أفضل من ابني عالي الكاهن (2: 22 ي). إسمهما: يوئيل أي الربّ هو إلهي، وأبيا أي يهوه هو أبي.
بئر سبع تقع في جنوبيّ أرض إسرائيل، على بعد خمسين ميلاً من أورشليم.
أقِمْ علينا مَلِكًا (آ 6). لقد نسي بنو إسرائيل أنّهم ليسوا كسائر الشعوب، وهم إذ يسيرون على خُطى الممالك البعيدة أو المجاورة (تث 17: 14) يتخلّون عن طابعهم القدسي.
أنا يرفضونني (آ 7). هذه هي النظرة التيوقراطية إلى الامور، وهي تعتبر أنّ الربّ وحده سيّد في شعبه (12: 12؛ قض 8: 22-23). ولكن يبدو الربّ وكأنّه يتنازل عن حقّه فيلبّي رغبة شعبه، رغم أنّهم سيتركونه ويلتحقون بالآلهة الغريبة (قض 10: 13؛ 1 مل 9: 9). حقوق الملك، (آ 9) مشروعة كانت أو غير مشورعة، تبدو وكأنها آتية من الربّ، وسيسمح الربّ بتجاوزات السُلطة ليُعاقب شعبه.
(آ 10-22) سيّئات النظام الملكيّ: وتُروى سيئات النظام الملكيّ، كما عرفها الشعب، خاصّة في عهد سليمان وخُلفائه: في الجيش، في الحاشية، في الإدارة. في آ 11 نقرأ تلميحًا إلى مركبات سليمان (1 مل 6:5)، وفي آ 14 إلى ما فعله آحاب بنابوت اليزرعلي (1 مل 01: 1-24)، وكلّ هذا قليل من كثير، ممّا فعله ملوك أورشليم والسامرة، على غِرار ما يُفعل في أوغاريت ودمشق وحماة وغيرها من الممالك.
إختار الشعب مَلِكَه (آ 18)، ولكنّ الربّ كان قد عيّنه ومسحه ليحكم شعبه (15:9؛ 24:10؛ 6:11).
إنصرفوا الآن (آ 22). بهذه الآية يُقحم الكاتب مشهد اختيار شاول (9: 1- 10: 16 وهو تقليد ملكي) داخل خبر يتحفّظ على النظام الملكيّ، وسيستأنف الحديث عنه في 17:10- 24.
2- لقاء شاول بصموئيل (9: 1-10 :27)

(آ 9: 1-10) شاول وأتُن أبيه: يبدو صموئيل في هذا الخبر لا قاضيًا بل رائيًا ونبيًا. لا يعرفه شاول بل التقى به صُدفةً واتفاقًا. ولكن الرائي سيعرف من هو، فيمسحه مَلِكًا. نحن هنا في التقليد الذي يعتبر الملك مختار الله ومسيحه: شاول شاب جميل مثل داود (16: 12).
شاول أي المسؤول، أي الذي سأله أهله من الله وطلبوه (تك 37:36، 38؛ 46: 10؛ 1 أخ9:6).
أرض شليشة تقع إلى شمالي لُدّة. أرض شعليم (أو شعلبيم قض 1: 35) تقع شمالي أيالون. في أرض صوف تقع مدينة الرامة (1: 1). طريق معرّجة وغريبة، يسير فيها شاول قبل أن يلتقي بصموئيل.
ماذا تقدّم له (آ 7)؟ كان يقدّمون للرائي تَقدِمة قبل أن يسألوه سؤالاً (عد 22: 7 ؛ 2 مل 5:15).
(آ 11-27) شاول لدى الرائي: رأس التلّة (آ 12) أو المُشرف، هو معبد يقع خارج المدينة، وهو مخصّص لذبائح السلامة.
إلتَفَتُ إلى صراخ شعبي (آ 16). صرخ الشعب في الماضي فأعطاهم الربّ موسى (خر 7:3-10)، وصرخوا اليوم فأعطاهم شاول مخلّصًا جديدًا، على مثال أول مُخلّص لبني إسرائيل. سيكون " النجيد" أي الرفيع والشُجاع والمُحارب الذي يحمل إلى شعبه العون والغَلَبة (2 صم 2:5-3؛ 21:6؛ 1 مل 1 :35).
لِمَن ستكون كلّ ثروة (آ 20)؟ أعلن صموئيل لشاول الدور الذي سيلعبه، فارتبك واحتار (قض 6: 15، هذا ما قاله جدعون)، وبدأ فأعطاه أفضل جُزء من الذبيحة (آ 24).
(آ 10: 1-8) صموئيل يمسح شاول: كان رجال الله (كاهن أو نبيّ) يمسحون الملوك في بني إسرائيل (16: 13؛ 1 مل 1: 39؛ 2 مل 9: 6)، ليدلوا على طابع الملك المقدّس: هو مسيح الرب. المَسْح بالزيت والقُبلة (مز 2: 11) علامة الخضوع (2 مل 6:9).
قبر راحيل يقع على الحدود بين أرض بنيامين وأرض إفرائيم. تك 35: 19 يجعل إفراتة بيت لحم بالذات. صلصح مكان غير معروف. بلوطة تابور (أو بلوطة البكاء تك 35: 20؛ 7:48) قريبة من بيت إيل، وفيها دُفِنَت دبورة مربيّة راحيل. تلّة الله في جبعة (موطن شاول)، تقع شماليّ أورشليم، والجِلْجال قُرْب أريحا.
جماعة من الأنبياء (آ 5). كانوا يعيشون معًا، وعلى أنغام الموسيقى يقومون بحَرَكات تنتقل إلى الحاضرين كالعَدْوى (19: 20-24 ؛ 1 مل 22: 10 ي). هذا النوع من الممُارسة الدينية المنحطّة عرفه الكنعانيّون (1 مل 18: 25-29 وكهنة البعل)، وعرفه بنو إسرائيل أيضًا (2 مل 3:2؛ رج 38:4 وتأثير أليشع عليهم).
(آ 9-16) رجوع شاول: تمّت الآيات الثلاث: إلتقى رجلين فأخبراه أنّ الأُتُن وُجدت. قدّم له ثلاثة رجال رغيفين، صادف جماعة من الأنبياء، بدّل الله قلب شاول (آ 9). حلّ روح الرب عليه، بعد أن مُسِح بالزيت، فاستعدّ لأعمال حربية من أجل خلاص شعبه (قض 3: 10).
ولم يُخبر أحدًا (آ 16). كلّ هذا تمّ في الخفاء. أيكون خوفًا من الفلسطيين؟ ألأمر معقول، وسيُعلَن عنه في الوقت المناسب.
(آ 17-27) شاول ملك: هنا نعود إلى التقليد الرافض للنظام الملكيّ (رج 8: 22). يدعو صموئيل الشعب إلى المِصْفاة (7: 5 ي)، ويقول لهم: أدته هو من يُنْقِذ الشعب (آ 18) لا الملك.
ألقى القُرعة (يش 16:7-18) ليعرف إرادة الربّ، ويقطع الطريق على المُعترضين. طلب الشعب مَلِكًا (7:8)، فرأى صموئيل في طَلَبهم رَفْضا لمُلْك الله، ولكنّ الربّ قبل طلب شعبه (8: 7، 9-22)، واختار هو (10: 24) الشخص الذي يحكم شعبه (13:12). حقوق الملك ستُحدّدها شِرْعة خاصّة (10: 25) تختلف عمّا قرأناه في 8: 11-18، وهكذا يبقى الربّ سيدًا، فلا يستطيع الملك أن يكون صاحب سُلطان مُطلق، بل يخضع لسُلطان الله ووصاياه (عبر الكهنة والأنبياء).
وذهب معه رجال أشداء (آ 25) أي نظّم جيشًا (52:14)، رغم مُعارضة المُعارضين له (آ 27).
جاء شاول يبحث عن أُتنه، فوجد تاجًا وأعطي له ملكًا على شعب الله. شاول هو من قبيلة بنيامين التي أعطت للشعب أهود بن جيرا الذي قتل عجلونَ ملك موآب، وخلّص بني إسرائيل من شرّه (قض 3: 15-30). صارت قبيلة صغيرة، بعد أن قامت عليها سائر القبائل بسبب اللاوي الذي لجأ إليها (قض 19- 21)، ولكنّها كَبُرت يوم اختار الله منها مليكه، وارتفعت بعد انحطاط. قال شاول: "أنا بنيامينيّ من أصغر أسباط إسرائيل، وقبيلتي أصغر قبائلها" (9: 21). ولكنّ النصّ يُورد آباء شاول إلى الجيل الرابع، وهذا يعني رِفْعة أصله. كان أبوه رجلاً جبّارًا (9: 1)، ومُزارعًا في مِنطقة تقع جنوبيّ أورشليم.
طَقس مَسْحِ الزيت على الرأس، يُكوّن علاقة خاصّة بين "الممسوح " والربّ الذي يُعِدّ من يختار لعمل وخدمة ومسؤولية سامية. والطقس يعني أنّ الله يمنح الممسوح القوة والكفاءة والجدارة الضرورية، يمنحه روحه وهذا يكفي.
لم يكن هذا الطقس خاصًا بشعب إسرائيل. فهناك رسالة من تلّ العمارنة، تُعلمنا أنّ ملوك آرام وفينيقية وكنعان، كانوا يُمْسَحُون ملوكًا، على يد رسولٍ من عند فرعون، وقد وُجِدَ في أحد مقابر ملوك جبيل إناء يُوضَعِ فيه البَلْسَم (هذا السائل العِطري) من أجل تنصيب الملوك على عروشهم. ونعرف أيضَا أنّ الموظفين الكبار في مصر، كانوا يُمسحون بالزيت قبل أن يتسلّموا مهامهم. وهكذا يتبين لنا أن طقس المسح بالزيت، جاء إلى العبرانيين من مصر.
ألزيت مادة ثمينة ونادرة. هي علامة الوَفْر والغنى. عندما يكون الإنسان سعيدًا يَدْلِكُ بَدَنه ووجهه بالزيت، فيُعبّر بذلك عن ارتياحه الداخليّ وصِحّة نفسه وجسمه. والزيت رمز الفرح، إن نَقَصَ في البيت كان ذلك علامة لَعْنة، وإن امتنع إنسان عن استعماله، دلّ على الحُزْن والحِداد. ألزيت مبدأ الحياة والنور، وإذ يرتبط بمواعيد الله وبركاته، فهو يُعطي الانسان الصِحِّة والقداسة.
ألنبي يصنع المَلِك. إنّ النظام الملكيّ يرتبط بالنبوّة منذ بدايته، لأنّ حضور الروح يسبق سُلطان البشر. فمن ناتان إلى إرميا، لم يتأخّر نبيّ عن التدخّل في أعمال الملك عندما لا تتوافق وشريعة العهد، فيُسمعِ صوتَ الله عاليًا، ويؤكّد حرية الله في أن يختار من يشاء ويَعْزِل من يشاء. لا شكّ في أنّ الأنبياء سيُقرّون بسُلطة المَلِك ورسالته، ولكنّ كلمتهم لم تكن يومًا مقيّدة. وهذا التدخّل قد كلّف بعضهم الهزء والاحتقار والمُلاحقة والاضطهاد. قاسوا الجَلْد والقيود والسَجْن، رُجِمُوا وتشرّدوا وقُتِلوا بحدّ السيف (عب 36:11-37) من أجل إيمانهم بالرب.
3- نَصْر على بني عمّون (11: 1- 15)

(آ 11: 1- 11) حرب ونَصْر: ونعود هنا إلى التقليد الملكيّ (رج 10: 16) وجوّ سِفر القُضاة.
ناحاش (أي الحيّة) سيكون ملكًا على بني عمّون حتى عهد داود (2 صم 3:10).
يابيش جلعاد تقع شرقيّ الأردن، حيث تلتقي وادي يابيش بوادي الأردن.
حلّ روح الله على شاول (10: 10)، كما حلّ على شمشون (قض 6:14، 19؛ 15: 14) وعتنيئيل (قض 3: 10) وجدعون (قض 6: 34) ويفتاح (قض 11: 29). أخذ ثورين وقطعت (آ 7). نحن هنا أمام عهد يقطعه شاول مع أهل يابيش جلعاد (تك 15: 10، 17؛ ار 18:34).
بازاق تقع بين نابلس وبيت شان. نحن هنا أمام أعداد هائلة (350000 شخص). يهوذا هو عشر إسرائيل (اش 13:6).
(آ 12-15) ألجيش ينادي بشاول ملكًا: بعد النصر ينادي الجيش بشاول ملكًا. وذهب الشعب إلى الجِلْجال، ذاك المركز السياسيّ والدينيّ في عهد شاول (13: 4-15؛ 15: 12-13)، بعد أن كان في عهد يشوع المقام المُقدّس لقبيلة بنيامين (هو 4:8).
في هذا المكان، نتوقّف لنتعرف إلى أصل المَلكية، فنكتشف ثلاثة تقاليد في هذه المرحلة الهامة من تاريخ شعب الله. الأول: شاول هو بطل يابيش جلعاد، فينادي به الشعب ملكًا. الثاني: شاول المُحارب الشاب يبحث عن أتُنِه، فيمسحه صموئيل، فيحلّ عليه روح الربّ. الثالث: شاول الشاب المعروف في قبيلة بنيامين. ألقيت القُرعة، فصار ملكًا في شعب إسرائيل، تجاوبًا مع رغبة الشعب وتنازُلاً من قِبَل الله. وتبقى تقاليد أخرى مذكورة في 26:10 ي و11 :12 ي.
لا نحاول أن نجمع بين هذه التقاليد التي تنطلق كلّها من الاعتقاد بأنّ الله هو الذي يوجّه التاريخ، وبأنّ الوحده في الأخبار، يجب أن تُحافظ على تنوّع المعلومات الأتية من هنا أو هناك.
تساءل الشعب: لماذ ظهرت المَلَكية في هذا الوقت من تاريخه؟ وتنوّعت الأجوبة: حاجة سياسية، ضَغْطُ الفلسطيين فرض نظامًا جديدًا وعملاً موحّدًا. لسائر الأمم ملوكهم، وقد مارس بعض "القُضاة" السلطات المَلكيّة، وما نقصهم إلا اللَقَب. علاوة على ذلك، كانت المَلَكية عطيّة من الله، مع أنّ الذين كتبوا تاريخها، كتبوه بعد أن ذهب المَلِك إلى المنفى في بابل. أعطى الربّ الملكية تجاوبًا مع رغبة البشر، وأعطى معها الانبياء الذين سينتقدون نظامًا ارتبط بالنَقْص والخطأ. فالمَلَكية قادت الشعب إلى الكارثة. ولكنّ الملكيّة كانت أيضا ينبوع بركة: فالمَلِك مختار الله، ووسيط بركة الله، ومسيحه وسراج شعبه (2 صم 17:21). وسينطلق بنو إسرائيل من هذه النظرة، ليتطلّعوا إلى المسيح، ألقائد المُختار من نَسْل داود، ألخاضع حقا للربّ على مثال داود.
4- صموئيل يودّع شعبه ويعتزل الحُكْم (12: 1- 25)

نتابع هنا التقليد المُعارض للملك (17:10-24). بعد أن نادى الشعب بشاول ملكًا، لم يبق لصموئيل إلاّ أن يعتزل الحُكْم أمام الملك الجديد. وقبل ذلك، ألقى خطابًا يُشبه خطاب يشوع في نهاية حياته (يش 24: 1 ي): ألقى نظرة إلى الماضي (رج قض 6:2-6:3) وإلى سلوكه وسط الشعب، وحرضّهم على السَيْر بحسب وصايا الله في المستقبل: أعبُدوا الله من كلّ قلوبكم، ولا تلتفتوا إلى الأصنام الباطلة التي لا تنفع ولا تُخلّص (آ 25- 21).
(12: 1-6) طلب صموئيل من الشعب أن يتركه يعتزل الحُكْم: ألملك يسير أمامكم (آ 2)، كما يسير الراعي أمام قطيعه (عد 27: 16-17). قال: هل أخذت ثور أحد أو حمار أحد (آ 3)؟ تصرف صموئيل كما تصرّف موسى مع الشعب (عد 16: 15) وقال: هل ظَلَمْتُ، هل ارتشَيْت؟ هذه هي خطايا الرؤساء في مجال العدالة الاجتماعية، والتي تحدّث عنها صموئيل (8: 11-17) فقال: هذه حقوق الملك الذي يملك عليكم.
(آ 7-15) ويُحاكم صموئيل الشعب: يذكّرهم بما فعله الله لأجلهم، منذ موسى وعهد القُضاة إلى يوم شاول. يُلقي فيهم خُطبة بأسلوب الكاتب الاشتراعي، كما في سِفْر القُضاة (10: 10-16؛ رج تث 1: 26؛ 2: 15 ؛ 13: 5). يُورد اسم سيسرا (قض (قض 4- 5) والفلسطيين (قض 13-16) وملك موآب (قض 3: 12-30) ويتحدّث عن توبة بني إسرائيل، قبل أن يرسل الله إليهم مخلصًا في شخص يربعل (أو جدعون قض 6- 8) وباراق (قض 4- 5) ويفتاح (قض 10: 17- 12: 7) وشمشون (قض 13-16).
نقرأ باراق بدل بدان، وهم اسم غير معروف، على خُطى اليونانية والسريانية، كما نقرأ شمشون بدل صموئيل على خُطى السريانية أيضًا. أما يربعل فهو جدعون، وقد تحدّثت السريانية عن دبورة التي ارتبط احمها باسم باراق.
(آ 16-18) واجترح صموئيل آية أمام الشعب. أحدث رعودًا ومطرًا، رغم أنّ الزمان زمان الحصاد، فخافوا وطلبوا إلى صموئيل أن يصلّي لأجلهم.
(آ 19-25) صلّى صموئيل لأجلهم، ونصحهم وشجّعهم وهددهم: كان النظام الملكيّ خطيئة كبيرة، ولكنّ الله لا يَرْذُل شعبه (مز 94: 14)، شرط أن يبقى الشعب أمينًا لربّه (تث 17:26-18؛ 9:27). أعطى الله ملكًا لشعبه (كما اختار موسى ويشوع)، ولكنّه جعله أول عبيده، جعله في خدمة الشعب. لم يُعْطهم كسائر الأمم ملكًا، يمثّل الإله على الأرض، بل وكيلاً له، وهو الله القدّوس والسامي، ليعمل من أجل ملكوت الله على الأرض

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM