الفصْلُ التّاسِع: مَعركة جبعُون وَالحَملات في الجنوب

الفصْلُ التّاسِع
مَعركة جبعُون وَالحَملات في الجنوب
10 : 1 – 43

أ- المقدمة
1- يتضمّن هذا الفصل ثلاثة أقسام: خبر معركة جِبْعُون (10: 1-15) وفيها يقضي يشوع على المُتحالفين على الجِبْعونيين، خبر الملوك الخمسة الذين اختبأوا في مغارة بمقيدة، كيف قُتلِوا صلبًا (آ 16-27). وهكذا انفتحت امام يشوع طريق جنوبي كنعان ليحتلّه (آ 28-34). يذكر النص الملوك المُتحالفين (آ 1- 5) ومقيدة (آ 10، 16-28) والجِلجال (آ 6-15) ويعود بنا في نهاية الحَمْلة (آ 43)، فيقدّم لنا نصًا تناسقت فيه تقاليد متعدّدة.
2- يرتبط ف 10 في شكله الحاليّ، بأحداث ف 9. إنّ تحالُف الملوك الأموريين المقيمين على التلال الجنوبية، هو نتيجة حِيلة الجِبْعونيين وانتقالهم إلى العدو، كما تقول السبعينية والفولغاتا. على أثر هذا الحدث، سيكون لبني إسرائيل، بواسطة بنيامين، رأس جسر يُضايق به العدو. ولكن هنا نُحسّ الاختلاف بين ف 9 وف 10، في ف 9 يبدو الجِبْعونيون ضعفاء وهم يلتمسون مُعاهدة تجعلهم تابعين لبني إسرائيل. في ف 10 يبدو الجِبعونيون أقوياء، وتخلّيهم عن التحالف سيُضعف النظام الدفاعي على التلال. إذًا، نحن هنا أمام تقليدين متميّزين، وهذا ما يفسّر الاختلاف بينهما.

ب- تفسير الآيات الكتابية
1- معركة جِبْعون (10: 1- 15)

إنّ تحالف الملوك الأموريين وطلب الجبعونيين (آ 1-7)، يشكلان مقدّمة لمعركة جِبْعون (آ 8- 11) التي سيرويها الكاتب بشَكل ملحمة (أ 12-14).
(10: 1) أدونيصادق معناه: ألإله صادق هو الربّ أو ربّي صادق هو، أو رب الصِدْق (رج قض 1: 4-7). إسم أورشليم، ألمذكورة هنا للمرّة الأولى في التوراة، معناه تأسيس الله سليم. أسماؤها القديمة هي: سالم (مز 76: 3. رج تك 14: 18) ويبوس (قض 19: 10) ومسكن اليبوسيين (3: 11؛ 9: 1؛ 15: 63).
(آ 2) خافوا خوفًا شديدًا كما في 24:9. يبدو أنه لم يكن لجِبْعون ملك رغم عظمتها، أما العيّ فكانت مدينة ملكيّة صغيرة.
(آ 3) حَبْرون (54:15) تقع في جبال يهوذا وتَبْعُد 36 كلم إلى الجنوب من أورشليم. يرموت تقع شمالي غربي حبرون، وتَبْعُد 24 كلم عن أورشليم، لاكيش وعَجْلون تقعان جنوبي حَبْرون (آ 4-7). دعا ملك أورشليم هؤلاء الملوك فحاصروا جبْعون. حينئذٍ طلب أهل جِبْعون النَجدة من بني إسرائيل.
(آ 8-10) معركة جِبْعون. ثبَّت الربُّ يشوعَ ووعده بالنَصْر (8: 1، 18): أسلَمتهم إلى يدك، وأنت تتسلّط عليهم. هاجمهم يشوع هجمة سريعة، ولكنّ الربّ هو الذي هزمهم (رج خر 24:14؛ 27:23؛ قض 15:4؛ 1 صم 7: 10)، كما وَعَدَ بذلك (تث 25:2؛ 25:11).
بيت حورون العُليا تبعُد 9 كلم إلى الشمال الغربي من جِبْعون، وعلى ارتفاع 617 مترًا عن سطح البحر. هذا ما يُسمّى "طلعة بَيْت حورون" (1 مك 16:3) أمّا "نَزْلة بيت حورون" التي تعلو 400 متر عن سطح البحر، فهي تَصِلُ بالمسافر إلى الساحل (آ 40؛ 9: 1). عزيقة تقع جنوبي اياّلون (آ 12) على بُعْدِ 30 كم إلى الجنوب الغربي من جِبْعون. مقيدة تقع في الجنوب بين لاكيش وحبرون (آ 3). كلّ هذه الاسماء تُهيئنا لقراءة الخبر في آ 16- 27.
(آ 11) (رج سي 46: 5-6) تدخّل الله مُباشرةً بَبرَده ضِدّ الأراميين: فالبَرَد سلاح بيد الله، وهو الذي قال: "هل عاينت خزّانات البَرَد التي ادّخرتها إلى يوم الحرب والقتال" (أي 38: 22-23؛ رج خر 18:9، 23-26، وفي إطار نهيوي رج اش 28: 17؛ 30: 30)؟ أنّ عناصر الكون سلاح بيد الله (قض 5: 20- 21؛ 1 صم 10:7).
(آ 12-15) رواية ملحمية لمعركة جبْعون بطريقة أعجب من مُعجزة البَرَد. يُورد الكاتب مقطعًا من نشيد بُطوليّ قديم، آخذه من سفر المستقيم (أو البَطَل رج 2 صم 1: 18؛ 1 مل 35:8 بحسب السبعينية)، وأدخله في روايته (رج عد 14:21 وسفر حروب الرب).
إستجابَ الربّ طلبَ يشوع وهو يُحارب من أجل شعبه (آ 42؛ 3:23، 10)
2- ألملوك الخمسة (10: 16-27)

إنحصر الملوك الخمسة داخل جُدران المغارة (آ 16-19)، ولمّا خرجوا منها نَفَّذَ فيهم يشوع حُكْم الإعدام (آ 20-27)
إنتهت معركة جِبْعون برجوع العِبرانيين إلى الجِلجال، وها نحن في تقليد آخر يروي معارك يشوع في الجنوب. حاول المُؤرخ الاشتراعي أن يربط بينها في وحدة مُتماسكة، تجعل الله الفاعل الأول، لأنّنا في إطار حَرْبٍ مقدّسة.
ألعمل الذي يقوم به يشوع ورجاله في آ 24، يُصوّر إذلال العدو إذلالاً تامًا (1 مل5: 17؛ مز 110: 21؛ رج تث 33: 29).
3- ألانتهاء من احتلال جنوبي كَنعان (10 : 28-43)

ونعود إلى أسماء الأشخاص والمُدُن. في آ 1 نقرأ اسم أدونيصادق ملك أورشليم. في آ 3 نقرأ هوهام ملك حبرون، فرآم ملك يرموت، يافيع ملك لاكيش ودبير ملك عجلون. في آ 5 و23 نتعرّف إلى ملوك أورشليم وحبرون ويرموت ولاكيش وعجلون. أما في آ 28-39 فنذكُر حبرون ولاكيش وعجلون ومقيدة وملكها، وجازر وملكها هورام.
تقع لبنة شماليّ غربيّ لاكيش. أمّا جازر فهي في السَهْل (رج 9: 1) جنوبي غربي بيت حورون. لم يحتلّ بنو إسرائيل جازر لا في عَهْد يشوع (10:16)، ولا في عَهْد القضاة (قض 1 :29) بل في عَهْد سُليمان (1 مل 9: 15-17)
بالنسبة إلى المؤرخ الاشتراعي، إنتهى احتلال منْطَقة الوَسَط الجنوبي: سار كلّ بني إسرائيل بقيادة ربّهم وأوامره، وأقاموا في تلك البُقعة التي سيُقيم فيها الراجعون من بابل بعد المنفى

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM