الفصْل السّابع: خَطيئَة عاكان وَاحتِلال ألعيّ

الفصْل السّابع
خَطيئَة عاكان وَاحتِلال ألعيّ
7 : 1 – 8 : 35

أ- المُقدّمة
1- في قِصّة احتلال العيّ يمتزج موضوعانْ: قِصّة عاكان والحَمْلة على مدينة العيّ. فَشِلَ العبرانيون في احتلال العيّ (2:7- 5)، ففسّروا فشَلَهم بخطيئة عاكان السريّة. إكتشفوا الشخص فعاقبوه (7: 1، 5-26)، وبعد هذا استطاعوا أن يحتلّوا مدينة العيّ.
2- بعد مُقدّمة تعرض الحالة، وتُعطي سبب الفَشَل أمام العيّ (7: 1)، يُحدّثنا الكاتب عن هذا الفَشَل (آ 2- 5) وعن صلاة يشوع التي تُشبه الى جدٍّ بعيد صلاة موسى (آ 6-9)، ويُقدّم لنا جواب الربّ (10: 15). ويكتشفون الخاطىء (آ 16-23) ويُعاقبونه (آ 24-26). بعد هذا يُعطي الربّ تعليماته إلى يشوع (8: 1-2): لا تخف ولا ترتعب، فيُنظّم يشوع الهجوم على العيّ (آ 3- 13)، وتتمّ المعركة كما توقّعها يشوع (آ 14- 23). إنتصر العبرانيون، فاحتلّوا المدينة ودمّروها (آ 24- 29). وينتهي ف 8 بمقطع خاصّ (آ 30- 35)، سنتحدّث عنه في أوانه.
3- ألأسماء الجُغرافية عديدة في هذا الفصل. عكور هي البُقَيْعة الحاليّة، ألواقعة بين قمران وخِرْبة مرد الحاليّة، وهي في أرض يهوذا (7:15). لا ننسى أننا أمام خَبَرٍ يُهاجم فيه بنيامين يهوذا جاره إلى الجنوب. ألعيّ تقع على تلة داخلية في أرض بنيامين، وهي تَبعُد ثلاثين كيلومترا عن وادي عكور. بيت آون موضع يقع في جوار بيت إيل ومعناه بيت الإثم، وهذا ما جعل الأنبياء يربطون بين بيت آون وبيت إيل، لأنّ بيت ايل صارت بيت الإثم، بسبب عبادة العجْل الذهبي فيها (هو 4: 15؛ 8:5؛ 10: 5؛ عا 5 : 5 ) .
4- لماذا كُتِبَ هذا الخبر؟ وُجِدَت تلّة حجارة في المكان، ولا بدّ من تعليل أسباب وجود هذه التلّة، فربطوا حدثًا من التاريخ القديم، بموضوع في أرض يهوذا. رُجم عاكان لأنه انتهك شريعة العليّ، وظلّت هذه الحجارة هناك إلى اليوم شاهدةً على خطيئته. وكُتب أيضًا بشكْل هُجُوم على يهوذا الذي يحمل أوّل خطيئة في شعب إسرائيل، رغم مقَامه الأول يوم كُتِبَ التاريخ الاشتراعي.

ب- تفسير الآيات الكتابية
1- خطيئة عاكان والفَشَل أمام العيّ (7: 1-26)

(آ 7: 1) هذه الآية تعرض المُشكلة: كلّ بني إسرائيل مَعْنِيُّون بالحُرْم الذي أصاب عاكان بن كرمي (رج1 أخ2: 6-7).
(آ 2- 5) وأرسل يشوع قومًا من أريحا. وهكذا يرتبط ف 7 بـ ف 6. ولكنّ الواقع هو أنّ مُخيّم بني إسرائيل موجود في الجِلّجال.
ألعيّ يعني الخَراب، واسمه اليوم التلّ، وهو على بُعْدِ كيلومترين مِن بيت إيل إلى الجنوب الشرقي، وعلى بُعْدِ 15 كلم إلى الشمال من أورشليم.
وفشل بنو إسرائيل، ومات منهم 36 شخصًا عند باب المدينة.
(آ 6-9) وتوسّل يشوع إلى الربّ، بعد أن ناح على الموتى... يا ليتنا لم نَعْبُر الأردن... لا كفالة للشعب، ولا شيء يُجبر الله على مساعدتهم، لاسيّمَا بعد أن خَطِئوا.
آه ! أيّها الرب. هكذا يقول الأنبياء (ار 1: 6؛ 4: 10؛ حز 4: 14): قضيّتك قضيتنا، واسمك يرتبط باسمنا، فاعمل إِكرامًا لاسمك، بعد أن تضامنتَ معنا (تث 28:9؛ مز 47).
(آ 10-15) وأجاب الرب يشوع... أنت لست خاطئًا بل شعبك، بعد أن تعدّى شريعة الحَرام، حين سلبوا أريحا. أخطأ عاكان، ولكنّ الشعب كلَّه تنجسّ... فعليهم أن يتقدسّوا، أن يغتسلوا قبل المُثول أمام الربّ... أمّا كيف يعرفون المُذنب؟ تُلقى القُرْعة بالأوريم والتوميم، هذين الحجرين المقدّسين اللذين يحملهما الكاهن. تتمّ العملية باستبعادٍ مُتتابع (رج 1 صم 10 : 19-22؛ 16:14، 36-42): ألأسباط، ألعشائر، ألبيوت والعائلات.
(آ 16-23) ونفذّ يشوع ما أمره به الربّ، فاكتشف المُذنب. فدعاه يشوع إلى أن يُقرّ بخطيئته ففعل. أخذ رداء وبعض الفِضّة والذهب وأخفاها في خيمته.
(آ 24-26) عاقب يشوع عاكان وبنيه وبناته خارج المُخيّم، لئلا يتنجس المُخيّم. وجعل فوقه كومة من الحجارة، لتدلّ على خطورة هذه المِيتة.
2- الاستيلاء على العيّ (8: 1-29)

(آ 8: 1-2) وأعطى الربّ يشوع تعليمات جديدة. زال غضب الربّ، والشعب يَقْدِر الآن أن يستولي على العيّ.
(آ 3-13) شكّل يشوع جيشه، وهيّأه للهجوم على المدينة. يتظاهر قسم بأنهم فَشِلوا، فيخرج العدو وراءهم، فيهجم القِسْم الآخر المُختبىء في مَكْمَنِهِ.
(آ 14-23) وتسير المعركة كما دبّر لها الربّ ونفذّها يشوع
ألعربة: وادي يسيل فيه الأردن، ويمتدّ حتى البحر الميت.
وأعطى الرب يشوع تعليمات جديدة (آ 18)، فرفع يده كما فعل موسى (خر17: 9-13) إيذانًا بأحداث جديدة تتكلّل بالنجاح.
(آ 24-29) ودخل العِبرانيون العيّ ودمّروها وأحرقوها بالنار، وعلّقوا ملكها على خشبة (تث 22:21-23). وجعلوا فوق جُثّته كومة من الحجارة، ليكون عِبْرةً لمن يعتبر.
3- على جبل عيبال: ذبيحة وقراءة الشريعة (8: 30-35)

(آ 30- 31) ألمُحرقة هي الذبيحة التي تُحرق كلّها. أمّا ذبيحة السلام، فقِسْم منها يُعطي لمقدّمي الذبيحة، فيشاركون فيه خلال وليمة مقدسة.
(آ 32-33) وكتب يشوع نسخة ثانية للشريعة، وتلاها على أبناء إسرائيل والمُقيمين بينهم.
(آ 34-35) ألبركة للذين يعملون بحسب الوصايا، ومع البركة الحياة والسعادة في أرض الموعد. واللّعنة للعُصاة، ومع اللعنة الشقاء والموت المُتأتّيان عن الحرب والمنفى وخسارة البلاد. هذا ما حلّ ببني إسرائيل (رج تث 19:30).
نلاحظ هنا وجود الغريب الذي يُعامل بالنسبة إلى الشريعة، كابن شعب الله.

ج- ملاحظات حول الفصل السابع
1- خبر عاكان المحدّد في وادي عكور، يُقدّم لنا قضية الحرام مُطبَّقَةً على شخص وعائلته. كانت العادة تفرض تدمير العدو وما يملك، باسم شريعة الحرام بعد المعركة. يُمنع أي سَلْبٍ للمدينة، ولا يُستثنى إلا المعادن النفيسة التي كانت تُوضع في المَعبد.
وتعدّى عاكان هذه الشريعة، فأثرت خطيئة الفرد على الجماعة وتنجّست عائلته بل تنجّس الشعب كلّه، فما عاد يستطيع أن يُفيد من بركة الله ومعونته. هكذا تنجّس بنو بنيامين (قض ف 19- 21)، بما فعله أهل جبع ضِدّ واجبات الضيافة، وجيش شاول، بسبب ما فعله يوناتان (1 صم ف 13-14). وكما دفع عاكان ثمن خطيئته، سيدفع بنو شاول عن خطيئة أبيهم الذي قتل الجبعونيين (2 صم 21: 1-10). تلك كانت عادات ذلك الزمان.
2- خبر عاكان قِصّة قديمة، تُحدّثنا عن فَشَلٍ ذريع لسْبِط بنيامين في حربهم مع الكنعانيين. أمر عاديّ، ولكنّ الكاتب جعله نموذجًا: طاعة الإيمان وحدها، تُعطي النصر لشعب إسرائيل، والعِصيان يقود إلى الهلاك. عاد الكاتب إلى تقليد الحرب المقدّسة (تث 20: 1 ي) وربطه بإصلاح يوشيا، وأظهر أنّ الفشل يرجع إلى خطيئة الشعب. فعلى المنفيين أن لا يصنعوا من جديد، ما صنعه آباؤهم لئلا يُعاقبهم الله. ألتوبة والأمانة لته تكفلان إنهاء كارثة المنفى

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM