الفصل التاسع: يسوع المسيح في إنجيل متّى

الفصل التاسع
يسوع المسيح في إنجيل متّى
الخوري بولس الفغالي

إنسان حي كسائر الناس، يأكل ويشرب معهم ويحادثهم، إنسان يشعر بالتعب ويتأثر ويتألم ويموت على الصليب. ان يكون هذا الإنسان في الوقت عينه إبناً لله ومساوياً له، أزلياً مثله وخالق العالم معه، هذا جنون للعقل البشري. كيف نرى في كائن من لحم ودم الإِله، خالق العوالم؟ هذا ما سمّاه القديسة بولس: شك وعثار لليهود، جهالة في نظر الوثنيين.
ولكن هذا هو قلب إيماننا. هذا ما قال به الرسل والإِنجيليون، وهذا ما نقول به معهم ونحن مستندون إلى شهادتهم. وحينئذٍ يُطرح السؤال: كيف وُلد مثل هذا الإِيمان في هذا "الجنون"؟ ما كان تأثير يسوع على هؤلاء الأشخاص ليعلنوا يوماً مثل هذا الكلام الذي ما زال يشكك عدداً من الناس؟
حضوره إجتذبهم إليه، وتعليمه أفهمهم أنّه لا يعلِّم مثل الكتبة والفريسيين، وإن إنطلق من لغة هؤلاء المعلمين في إسرائيل. موته على الصليب وخصوصاً قيامته وظهوره ستساعد التلاميذ على إكتشاف سرِّ معلّمهم. بحثوا عن الكلمات والالفاظ التي بها يعبرّون عن غنى شخص المسيح، فانطلقوا من كتبهم وأسفارهم المقدسة وساروا على هدي الروح فاعطونا هذه البشارات، هذه الأخبار السارّة عمَّن رأوه بعيونهم وسمعوه بآذانهم ولمسوه بأيديهم.
وهذا ما حاول أن يفعل القديس متّى ليحدّثنا عن يسوع المسيح. ونحن سنرافقه فنتعرّف إلى يسوع من خلال أسمائه، نتعرّف إليه من خلال أقواله وأعماله. ننطلق من العالم الذي عاش فيه فنكتشف ذلك الذي هو موسى الجديد، ذلك الذي يبني شعباً جديداً هو إسرائيل الجديد، هو الكنيسة.

أ- أسماء يسوع.
حين بشّر الملاك يوسف أوحى إليه بإسم من يكون إبن مريم: "إسمه يسوع، لإنّه هو الذي يخلّص شعبه من خطاياهم". وسترى فيه الجماعات المسيحية الأولى التي تنتظر مجيئه، العريس الذي يدعو شعبه إلى أعراسه المسيحانية. كما سترى فيه، ذلك الراعي الذي يجمع الخراف الضالّة التي تبدّدت بسبب رؤسائها.
الاسم يدل على الهوية، ونحن حين نتوقّف عند أسماء يسوع نحاول أن نتعرّف إليه. إنه هو الذي وجّه كلامه إلى الرسل: "من هو ابن الإنسان على حدِّ قول الناسُّ"؟ ثم زاد: "وأنتم، ماذا تقولون؟" حينئذ أجابه بطرس باسم الجميع: "أنت المسيح إبن الله الحي".
سنتوقّف هنا عند أسماء ثلاثة. يسوع هو المسيح الملك وابن داود. يسوع هو الرب وابن الله، يسوع هو إبن الإنسان.

1- المسيح الملك وابن داود.
المسيح هو الملك الذي اختاره الرّب وأرسل من مسحه باسمه بالزيت المقدّس. هذا ما كان لشاول وداود وسليمان وسائر ملوك يهوذا وإسرائيل. وستتروحن الصورة خاصة مع أشعيا الذي انتظر ذلك الذي "يحل عليه روح الله، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة... فينصف الضعفاء في قضائه ويعيد الحق إلى بائسي الأرض باستقامته... فيسكن الذئب مع الحمل، ويربض النمر مع الجدي".
إنتظر الناس ذلك المسيح بوجهه المجيد والحامل الغلبة إلى شعبه. وماثل بطرس بين يسوع والمسيح، واعتبر أن هذا المسيح المخلّص لن يفشل. ولمّا جاء يوم الجمعة العظيمة خاب أمل الذين وضعوا في يسوع رجاءهم البشري، وحسبوه قد فشلٍ في رسالته حين رأوه معلقاً على الصليب متروكاً من الأب ملعوناً من الشريعة.
ولكنّهم أخطأوا. فقد وُلد مع القيامة يقينٌ جديد في قلب الرّسل. لم يفشل يسوع ولم يكن موته نهاية رجاء وحدثاً قضى على كل أمل. كان موته خلاصيا. قالت أقدم الاعترافات الإِيمانية: "مات المسيح من أجل خطايانا". وقال بولس الرسول أيضاً: "مات المسيح من أجلنا إذ كنّا خاطئين" (روم 5: 8).
عن هذا المسيح يتكلّم متّى فترد لفظة "كرستوس" (أي المسيح) ست عشرة مرّة في إنجيله. يلتقي أربع مرّات مع مرقس ولوقا في إستعمال هذا الإِسم. ويتفرّد في إثنتي عشرة آية فيتحدّث عن "يسوع المسيح"، أو عن "يسوع الذي يقال له المسيح".
يسوع هو المسيح الذي إنتظره اليهود، ويشكّل مجيئُه حدثاً في التاريخ يوازي سائر الأحداث، بل يتجاوزها تجاوزاً لا حدود له. هذا ما نفهمه من المقطع الذي يتحدّث عن نسب المسيح، فيشير إلى ثلاث محطات: داود (القرن الحادي عشر)، المنفى إلى بابل (587 - 586 ق. م.)، المسيح. طبع الملك داود حياة الشعب وكذا نقول عن المنفى. وحياة يسوع المسيح لم تكن حدثاً عابراً مضى فلم يكن له تأثير بعد تلك الجمعة العظيمة. وقد جاء ما يثبّت هذا البعد التاريخي: فحين أعلن بطرس أن يسوع هو المسيح، أقرّ يسوع تأسيس الكنيسة، وهذا حدث آخر يعتبره الإِنجيلي هاماً في تاريخ العالم. فيسوع في نظر متّى هو المسيح التاريخي الذي وُلد في أيّام هيرودس، وهو ربّ الجماعة الحاضر معها "طوال الأيام إلى إنقضاء الدّهر".
سمّى متّى يسوعَ المسيحَ، فعاد إلى مولده وإلى تاريخ شعب إسرائيل الذي ينتمي إليه. فاللفظة تعبرّ عن جذوره. وهي تعبرّ أيضاً عن مستقبله التّاريخي، عن وجهه المنظور حتى نهاية الأزمنة بفضل كنيسة أسسها على أول الرسل، فعجزت قوات الجحيم والموت أمامها.
يسوع هو المسيح، أي الممسوح بالزيت المقدّس، شأنه شأن الملوك في أرض إسرائيل، ولكنّه أكثر من ملك زمني اختاره الله وسلّم إليه رسالة في شعبه. ويسوع هو إبن داود، ولكنّه أكثر من هذا. إنّه ابن داود في الجسد، ولكنّه ربّ داود، كما قال يسوع في تفسيره.
إبن داود لقب كرستولوجي نجده في نسب يسوع، كما نجده في سلسلة من المعجزات التي يتوجّه فيها طالبو الشفاء إلى يسوع. قال الأعميان: "يا ابن داود إرحمنا". وهتفت الكنعانية: "رحماك سيدي، يا ابن داود" . وسنجد هذا الهتاف في خبر دخول يسوع إلى أورشليم، ثم في تطهير الهيكل. إن ابن داود يأتي الى المدينة المقدّسة، وهو يهيئ الهيكل من أجل العبادة الجديدة "بالروح والحق".
ثلاث فئات من الناس. في المستوى الأدنى أولئك الذين لم يتوصّلوا إلى أن يتعرّفوا في يسوع إلى ابن داود وبالأحرى إلى المسيح. إنهم الكتبة وعظماء الكهنة والفرّيسيون الذين إنغلقوا على الانجيل وحاولوا من قريب أو بعيد أن ينقذوا "العالم" من هذا المقلق الذي جاء يلقي النار على الأرض والخلاف بين الأب وابنه والأم وابنتها. والفئة الثانية تمثّل الصغار والمساكين المتعلّقين بآمالهم المحدودة والذين يرون في يسوع ابن داود. هؤلاء سيدافع عنهم يسوع مستنداً إلى المزمور الثامن: "بأفواه الأطفال والرضع هيأت لك تسبيحاً" والفئة الثالثة تمثل الذين تجاوزوا الرّجاء المسيحاني المعروف، ورأوا في يسوع أكثر من المسيح المنتظر. رأوا فيه الربّ وابن الله. هذا ما سنعالجه الآن.

2- الرب وابن الله.
الرب والسيد. هذا هو معنى لفظة "كيريوس" اليونانية، التي ردّدتها أجيال المسيحيّين المتعاقبة في صلاتها "كيرياليسن". قد نستعملها للتحدّث إلى شخص عادي كما نعبرّ بها عن إحترام عميق نكنّه لله نفسه حين نتوجّه إليه في الصلاة. قال المسيحيون الأولون: وأنظر الآن يا ربّنا".
قال يسوع عن نفسه: "ليس من يقول لي (لا يكفي أن تقول): يا ربّ يا ربّ، يدخل ملكوت السماوات، بل من يعمل بمشيئة أبي الذي في السماوات. فسوف يقول كثير من الناس في ذلك اليوم: ربنا ربنا، أما باسمك نطقنا بالنبؤات؟ وبإسمك طردنا الشياطين؟ وباسمك أتينا بالمعجزات الكثيرة؟ فأقول لهم علانية: ما عرفتكم قط".
وفي مشهد الدينونة الأخيرة سيتوجّه المختارون والهالكون إلى يسوع "إبن الإنسان" فيقولون له "يا رب متّى رأيناك"... فيجيبهم.
تُستعمل كلمة "كيريوس" الربّ، 25 مرّة في إنجيل متّى: في فم يسوع ساعة يُفترض أن المؤمن يستعمل اللقب ليتوجّه إليه. وفي فم التلاميذ. مثلاً، حين داهمهم خطر الغرق "دنوا منه وايقظوه قائلين: نجّنا يا ربّ فقد هلكنا". وفي فم طالب المعجزة ترد عند متّى لفظة يا ربّ يا معلّم أو يا رابي. هكذا نادته الكنعانية: "رحماك، يا ربّي"، ووالد المصاب بالصرع: "يا ربّ، أشفق على ابني"، والأعميان: "رحماك، يا ربّ".
كيريوس هو الترجمة اليونانية للفظة يهوه أي الإِله الذي هو. وحين طبّقها المسيحيون على يسوع، إعتبروه انّه الله. قال نشيد إعتراف إيماني قديم: "ليعترف كل لسان أن الرب (كيريوس، يهوه) هو يسوع المسيح لمجد الله الآب". يسوع هو الربّ بقيامته. هذا ما أعلنه التقليد المسيحي قبل أن تُدوَّن الأناجيل.
نجد في العبارة عينها إنتقالاً من نداء الى آخر. فيسوع هو ابن داود في مرحلة أولى. وفي مرحلة ثانية، هو الربّ في فم الكنعانية والأعميين. ونلاحظ في خبر العشاء السرّي الطريقة التي بها توجّه الرّسل إلى يسوع. حين أعلن يسوع أن واحدا منهم سيسلّمه، أخذوا يسألون الواحد بعد الآخر: "أأنا هو يا ربّ"؟ ولما جاء دور يهوذا، قال: " أأنا هو رابي"؟ من جهة احترام واكرام وقرب. ومن جهة ثانية لا مبالاة قريبة من العداوة.
شدّد شّراح عديدون على أن اسم "الرب" يُشرف على سائر أسماء يسوع في منظار الانجيل الأول. قد يكون في الأمر مغالاة. ولكن يبقى له الدّور الأوَّل في نطاق الوحدة والتمييز: تمييز بين الربّ والمعلّم فيدل على التلاميذ والذين ليسوا بتلاميذ. تمييز بين ابن داود والربّ فيدل على اتصال أول بيسوع أو معرفته في الإِيمان. وفي الوقت عينه وحدة بين يسوع الذي عاش على الأرض والربّ القائم من الموت.
وهذا الربّ هو ابن الله. يستعمل الإِنجيلي ثلاثة تعابير رئيسيّة ليدلّ على بنوّة يسوع الإِلهيّة. الأول يرد في فم الله نفسه عبر صوت سماوي: "هذا هو ابني". والثاني يعلنه أشخاص عديدون. قال التلاميذ بعد أن سكنت الرّيح: "أنت ابن الله حقاً". وقال بطرس: "أنت المسيح ابن الله" وأعلن الضابط (قائد المئة) ورجاله: "كان هذا ابن الله حقاً". وتحدّاه الشيطان أن يبينّ انّه ابن الله وسأله رئيس الكهنة: "أأنت المسيح ابن الله"؟ فأجاب يسوع: "أنت قلت".
والتعبير الثالث يرد في فم يسوع نفسه في بعض الظروف. قال في فعل حمد وشكر: "ما من أحد يعرف الابن إلاّ الاب، ولا من أحد يعرف الآب إلاّ الابن ومن شاء الابن أن يكشف له". ويقابل هذا التعبير نصوص يتحدّث فيها يسوع عن الله الذي يسميه "أبي" أو "أبي الذي في السماوات"، وأمثالٌ تتحدّث عن الابن، عن يسوع، الذي لم تفهمه السلطات اليهودية فرذلته.
يسوع هو ابن الله بطريقة سامية، ولهذا السبب دُعي كلُّ انسان ليصير ابناً مع الابن. فقد قال لنا يسوع في التطويبة السابعة: "طوبى للساعين الى السلام (العاملين عمل السلام) فإنهّم أبناء الله يدعون". وأعلن في مكان آخر: "احبوا أعداءكم لتكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات... وهكذا تكونون كاملين كما أن أباكم السماوي كامل هو). وهكذا ينفتح البعد الكرستولوجي على البعد الاخلاقي. (ما هي الشروط لكي نكون أبناء الله؟) كما ينفتح على البعد الاكليزيلوجي.
فسمعان ليس من الغرباء، بل من الابناء، وعليه ستتأسس كنيسة أبناء الله الذين يتصّرفون بالرحمة على مثال أبيهم السماوي.

3- يسوع هو ابن الانسان.
وآخر لقب ليسوع يرد في متّى هو ابن الانسان. "دنا منه كاتب وقال له: يا معلّم، أتبعك حيث تمضي. فقال له يسوع: للثعالب اوجرة، ولطير السماء اوكار، وأمّا ابن الانسان فليس له ما يضع عليه رأسه".
ابن الانسان يعني الانسان. وبالتالي يدلّ على يسوع بصفته إنساناً. هذا إذا سرنا في خط حزقيال النبي . وإذا عدنا إلى التيار الجلياني ولا سيما مع سفر دانيال نفهم أن ابن الانسان هو الآتي في اليوم الأخير ليدين الخطأة ويخلّص الأبرار. إنّه المسيح المنتصر مع المؤمنين الذين يقودهم. أمّا سفر الرؤيا الذي يذكر ابن الانسان مرّتين فهو يشير إلى يسوع الملك المجيد والكاهن الأزلي.
ولكن إذا عدنا إلى الأناجيل الإِزائية إكتشفنا ثلاث طرق في إستعمال عبارة ابن الانسان. الأولى: أقوال يعبرّ فيها يسوع عن ضرورة آلامه. الثانية: أقوال تصوّر عمل ابن الانسان على الأرض. الثالثة: أقوال تدل على مجيئه الاسكاتولوجي (في نهاية الأزمنة) بالقدرة والمجد.
* في الفئة الأولى نجد بصورة خاصّة الإِنباءات بالآلام. سأل يسوع تلاميذه: "من هو ابن الانسان"؟ ثم تابع متّى: "وبدأ يسوع من ذلك اليوم يُظهر لتلاميذه أنّه يجب عليه أن يذهب إلى أورشليم ويلقى أشدّ الآلام".
وبعد التجليّ، قال يسوع: "يأتي إيليا أولاً ويُصلح كل شيء. فكيف كُتب عن ابن الانسان أن عليه أن يعاني آلاماً شديدة ويُزدرى"؟ هذا ما نجده في مرقس. أمّا متّى العارف بأن التوراة لا تتكلّم عن آلام ابن الانسان فاكتفى بالقول: "إن ابن الانسان سيلقى منهم الآلام".
ابن الانسان هو يسوع، وهو يدل عند متّى على ضمير المتكلّم. والتماثل واضح في الانجيل الأول بين يسوع كما عرفه الناس على الأرض والوجوه التوراتية التي تلقي الضوء على شخصه.
* في الفئة الثانية نرى ما يعلّمه ابن الانسان. فله السلطان أن يغفر الخطايا على الأرض. إنّه سيّد السبت. إنه سيكون في بطن الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال. إنّه يقوم من بين الأموات. إنّه صديق العشارين والخاطئين.
حين أرسل يسوع رسله قال لهم: "لا تكمّلون مدن إسرائيل حتى يأتي ابن الانسان" وسيتابع يسوع كلامه: "من عرفني لدى الناس، أعرفه لدى أبي الذي في السماوات، ومن أنكرني لدى النّاس، أُنكره لدى أبي الذي في السماوات". فهذا الآتي هو يسوع الحاضر حين يَمثُل المرسَلون أمام الآب فيكون بجانبهم أو يتخلىّ عنهم. هذا ما يجعلنا في عالم الدينونة.
* في الفئة الثالثة نتعرّف إلى ابن الانسان الديّان الاسكاتولوجي. هذا ما يعلنه يسوع أمام قيافا الكاهن الأعظم: "سترون بعد اليوم ابن الانسان جالساً عن يمين القدرة (الله القدير) وآتياً على سحاب السماء". كيف فسرّ التقليدُ المسيحي التوراةَ في هذا المقطع؟ دمج بداية المزمور 110 (جالس عن يمين القدير) مع إستشهاد من سفر دانيال (ابن الانسان الآتي على غمام السماء)، فحوّل تحرك ابن الانسان: هو لم يذهب الى القديم الايام (الى الازلي) لينال منه القدرة، بل جاء من عنده، وهذا ما دلّ على أصله السماوي.
هنا نتذكّر لوحة الدينونة الأخيرة التي تسبق مباشرة خبر الآلام: "حين يجيء ابن الانسان، تواكبه جميع الملائكة، يجلس على عرش مجده". ولقد ذكر متّى أيضاً وظيفة ابن الانسان كديّان آخر الأزمنة في مقاطع أخرى. قال يسوع: "سوف يأتي ابن الانسان في مجد أبيه مع ملائكته، فيجازي كل واحد حسب أعماله".
إن ابن الانسان هو الديان في النهاية. ولكن قبل ذلك هو الملك الذي يمارس العدالة. ويتفرّد متّى فيحدّثنا عن ملك ابن الانسان. زرع الزرع الطيب في حقله، وفي ساعة الحصاد، أي في نهاية العالم "يرسل ابن الانسان ملائكته فيخرجون من ملكوته جميع المفسدين والفاسقين، ويقذفون بهم في أتون النار" . وستعود العبارة عينها قبل التجلي: "الحق أقول لكم: في جملة الحضور هنا من لا يذوقون الموت حتى يشاهدوا ابن الانسان آتياً في ملكوته".
وهكذا يتعامل القديس متّى مع أسماء يسوع. يتجذّر في التقليد المكتوب أو الشفهي فيحدّد مضمون الألفاظ ويدخله في نظرته الخاصة. يسوع هو المسيح الملك، هو الربّ وابن الله، هو ابن الانسان. وسيحقق لقب ابن الانسان حلقة بين الملك والربّ، ولكنّه سيذكّرنا بضرورة الآلام لكي يمارس يسوع وظائفه السماوية. فقبل المجد الآلام، والموت يهيئ الدرب للقيامة.
ولكن قبل هذه وذاك سنتعرّف إلى يسوع من خلال أقواله وأعماله فنكتشف فيه برفقة متّى، النبي الذي يعلن الملكوت، القدير الذي يدل بمعجزاته على الزمن المسيحاني، عبد الله المتألّم الذي يشير في النهاية الى عمانوئيل، أي الهنا معنا.

ب- يسوع من خلال أقواله وأعماله.
أسماء يسوع كما توسّعنا فيها غنية جداً، ولكنها لا تكفي لكي تحيط بمختلف العناصر التي تؤلّف هويته. لهذا لا بد من درس وجهات أخرى من هذه الهوية نكتشفها في نشاطه، في كرازته، في علاقاته مع الناس الذين رافقوه أو خاصموه. سوف نرى في يسوع ذلك الذي يفرض نفسه ببهائه وجلالته، ذلك الذي يلقي الخطب الطويلة، ذلك الذي يعرف ويستعد للأمور ويلاحظ أن مصيره يوافق ما أنبأت به الأسفار المقدسة. إنّه مثال يقتدي به تلاميذ صاروا في زمن متّى "رؤساء كنائس". هذه بعض قسمات من وجه يسوع سنحاول أن نكتشفها.

1- يسوع هو النبي
إعتبر التقليد اليهودي في زمن المسيح أن عهد النبوءة توقّف منذ القرن الخامس ق. م.، مع ملاخي. فانتظر الناس أن يرسل الله موسى جديداً، نبياً في آخر الأزمنة. قال سفر التثنية: "يقيم لكم الربّ إلهكم نبياً مثلي... فله تسمعون". وقال ملاخي: "ها أنذا أُرسل إليكم إيليا النبي قبل أن يأتي يوم الربّ العظيم الرهيب".
يسوع هو النبي على مثال موسى. انّه موسى الجديد. فلقد انطلق الانجيل الأول من مشترع إسرائيل الكبير فصوّر نشاط نبي الجليل، ولا سيما حين كان يعلّم على الجبل ويعالج بصورة خاصّة الشريعة وفرائضها. إرتبط بموسى خمسةُ أسفار الشريعة، ونظَّم متّى أقوال يسوع في خمس خطب. ونستطيع أن نعود إلى إنجيل الطفولة فنرى كيف أن متّى إستعاد مواضيع سفر الخروج. منذ ولادة يسوع برزت عداوة الملك هيرودس فأجبر الطفل على الهرب. هذا ما حدث لموسى فهرب إلى برية مديان. قُتل أطفال العبرانيين في أيام موسى لعل الموت يصيب من سيخلّص شعبه، وقُتل أطفال بيت لحم لعل هيرودس يتخلّص من "ملك اليهود" وهو في المهد.
ويسوع هو النبي على مثال يوحنا المعمدان الذي يجُمل في شخصه أنبياء العهد القديم ويهيئ الدرب بصورة مباشرة لذلك الذي يأتي بعده. لم يقدِّم لنا متّى مقابلة بين يسوع ويوحنّا المعمدان كما فعل لوقا في إنجيل الطفولة، ولكنّه يجعل "النبيين" يقولان الكلمات عينها أو ينالان من الناس شهادات مماثلة.
بدأ إنجيل متّى بتصوير المعمدان: "في ذلك الزمان ظهر يوحنا المعمدان يعظ في برية اليهودية فيقول: توبوا، فقد اقترب ملكوت السماوات". وقال عن يسوع: "حينئذ ظهر يسوع" فردّد حرفياً ما قاله المعمدان: "توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات".
اعتبرت الجموع يسوع اعتباراً عظيماً، فجعلت رؤساء اليهود يترددون في القبض عليه لان الناس "كانوا يعدّونه نبياً". أما هذا ما يقال عن المعمدان؟ أراد هيرودس أن يقتل المعمدان ولكنّه "هاب الشعب لانهم كانوا يعدّونه نبياً".
وتتتابع المقابلة بين يسوع ويوحنا في استشهادين من العهد القديم يرافقان إنطلاقهما في حمل الرسالة: في تحلّق السامعين الآتين من بعيد، في توسّع يشدّد على حياة أخلاقية تناسب وصايا الله. ويكون مصير النبيين مماثلاً. فكلاهما سيرفضهما شعبهما ويموتان شهيدين. وهذا ما حدا بيسوع على القول بعد أن فشل في كرازته في بلدة الناصرة: "لا يُزدرى نبي إلاّ في وطنه وبيته". سيُقتل يوحنا وسيدفنه تلاميذه ولن يكون مصير يسوع أفضل من مصيره. ولهذا سيقول فيما بعد بغصّة ملؤها الحزن وكأنّه يتطلّع إلى موته القريب: "هاءنذا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة، ففريقاً تفتلون وتصلبون".
ولكن يسوع هو أعظم من يوحنا المعمدان. وهذا ظاهر في عماد يسوع في الأردن. ثم إنّ يوحنا لم يصنع معجزة، أمّا يسوع فأسند كرازته إلى آيات دلّت على أنه هو الآتي، أي المسيح الذي أنبأ المعمدان نفسه بمجيئه. أعلن المعمدان أن ملكوت الله قريب، ولكن ظلّ خارج هذا الملكوت، بحيث إن الصغير في الملكوت هو أعظم منه. أما يسوع فهو يعلن مجيء الملكوت والملكوت ملكوته، بل إن الملكوت صار حاضراً في شخصه. قال: "إذا كنت بروح الله أطرد الشياطين، فقد وافاكم ملكوت الله" .

2- يسوع القدير وصانع المعجزات.
تتضمّن الأناجيل الأربعة عدداً من المعجزات. فشفاء المرضى وطرد الشياطين وإسكات البحر وتكثير الخبز، كل هذا نشاط تذكَّرته الجماعة المسيحية الأولى وتأمّلت فيه ودوّنته.
أول معجزة عند مرض هي إخراج شيطان في مجمع كفرناحوم. وعند لوقا، شفاء حماة بطرس. وعند يوحنا، تكثير الخمر في عرس قانا الجليل. أمّا متّى فيقدّم لمحة موجزة عن نشاط يسوع الرسولي وفيه يمزج التعليم والمعجزات. يقول: "وكان يسير في الجليل كلّه، يعلّم في مجامعهم ويعلن بشارة الملكوت، ويشفي الشعب من كل مرض وعلّة.
فشاع ذكره في سورية كلّها، فجاؤوا إليه بجميع المرضى على اختلاف الأوجاع والأسقام: من الممسوسين (مسَّهم الشيطان) والمصابين بداء الصرع والمقعدين فشفاهم".
وبعد هذه اللمحة ترد خطبة الجبل ثم سلسلة من عشر معجزات، ثم لمحة عن تعليم يسوع ومعجزاته. نحن نجد هنا في لوحتين متقابلتين نشاط يسوع الذي به افتتح حياته العامّة: المعلّم الذي يعلن البشارة، والقدير الذي يصنع المعجزات.
إذا توقّفنا مثلاً عند خبر شفاء المخلّع نجد الحوار بين يسوع وخصومه حول علاقة الخطيئة بالمرض، والغفران بالشفاء، وحول سلطة ابن الانسان. ولكن متّى يبتعد عن مرقس ولوقا في خاتمة الخبر فيقول: "فلمّا رأت الجموع ذلك، استولى عليهم الخوف ومجّدوا الله الذي أعطى الناس مثل هذا السلطان".
حين روى متّى هذا الشفاء، لم يتحدّث عن البيت الذي كان فيه يسوع، ولا عن الجموع المزدحمة. ولا عن حيلة الحمّالين ليوصلوا المخلّع أمام يسوع. ولكن الحوار بقي هو هو بل زاد متّى: "ثق يا بني، تشجّع". غابت تفاصيل عديدة فتوجّه الخبر كلّه إلى يسوع الذي هر في قلب الخبر، الذي يعمل بسلطان ويقلّل ما يمكن من الحركات. ويتم الشفاء حالاً. أمّا ما يجعل المعجزة ممكنة فهو إيمان طالب الشفاء.
عشر معجزات تذكّرنا بضربات مصر العشر، فتدل على ألوهيّة يسوع. وترينا شعباً من النساء والرجال يقفون على أرجلهم ويسيرون وراء يسوع. إنهّم الكنيسة التي ولدت من القيامة. تجذّرت في العالم اليهودي ولكنّها ستمتد إلى العالم الوثني. فالذين أبعدهم العالم اليهودي، أو جعلهم في المرتبة الثانية، استعادوا مكانهم في جماعة الله: الأبرص، الوثني، المرأة النازفة. والخطأة عادوا إلى حضن الله حين أعلن يسوع: "ليس الأصحاء بمحتاجين إلى طبيب، بل المرضى... ما جئت لأدعو الأبرار بل الخاطئين".
والمعجزات هي فِعلات يقوم بها "ذلك الآتي". وذلك الآتي هو لقب مسيحاني. وقد دلّت على مجيئه معجزاتٌ رواها متّى فعبرّت عن إنتظار شعب إسرائيل: "العميان يستعيدون النظر، العرج يمشون مستقيمين، البرص يطهرون، الصم يسمعون، الموتى يقومون، الفقراء يتلقون البشارة". كل هذه آيات تدل على أن العهد المسيحاني حلّ في شخص يسوع المسيح.
كرز يوحنا المعمدان بملكوت السماوات، ولكنّه لم يصنع معجزة واحدة. لم يأت بعد الوقت الحاسم. أمّا مع يسوع، فالنشاط المسيحاني هو في أشدّه، ولكنّه لا يتوقّف معه، بل يمتد في الكنيسة. قال يسوع لرسله: "أشفوا المرضى، أقيموا الموتى، أبرئوا البرص، أطردوا الشياطين". لقد دعاهم لكي يقتدوا به، فكانت دعوته لهم إشارة واضحة بأن الزمن المسيحاني سيمتد إلى نهاية الأزمنة.

3- عبد الله المتألمّ.
يسوع هو النبي الذي أتمّ التوراة، وصانع المعجزات الذي أبرز المعنى الكامل لحكمة الله حين خلق الكون وخلص شعبه والمؤمنين به أكانوا من العالم اليهودي أم من العالم الوثني. فالكتاب المقدّس هو الاطار الذي فيه يبني متّى الانجيلي نظرته الى الكرستولوجيا، إلى يسوع المسيح.
وهذا ما نكتشفه بصورة خاصّة في الطريقة التي بها يقدّم لنا الانجيل الأول يسوع في سمات عبد الله، وهي أغنى ما في العهد القديم على ما فيها من طابع سرّي. هناك أربعة مقاطع في أشعيا تصوّر هذا الشخص الذي ظلّ لغزاً بالنسبة الى معاصريه، فاستعادها التقليد المسيحي لكي يفهم شخص يسوع. يورد متّى هذه المقاطع مرّتين بشكل ظاهر، ويعود إليها بالتلميح خصوصاً في خبر الآلام.
يسوع هو أولاً عبد الله الذي يحمل آلام الآخرين. يخبرنا متّى أنه "طرد الأرواح (النجسة) بكلمة منه وشفى جميع المرضى". وهكذا تم ما قيل بواسطة النبي أشعيا: "أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا" . تضامن عبد الله في أشعيا مع شعبه، وهكذا فعل يسوع بالنسبة الى معاصريه ولا سيما المرضى والخطأة.
ويسوع هو ثانياً عبد الله الذي يعمل عمل الله بصورة خفية. فبعد أن دافع عن تلاميذها الذين أخذوا يقلعون السنبل ويأكلون" ليسدوا جوعهم، وبعد أن شفى رجلاً أصيب بشلل في يده، خرج الفرّيسيون يتآمرون عليه ليهلكوه. حينئذ يتابع النص: "حين عَلِم يسوع بهذا، إنصرف من هناك. وتبعه خلق كثير فشفاهم جميعاً ونهاهم عن كشف أمره ليتم ما قيل بالنبي أشعيا: هوذا عبدي (فتاي) الذي اخترته، حبيبي الذي به سّرت نفسي. أضع روحي عليه فيعلن الحكم للأمم. لا يُشاغب ولا يصيح، ولا يسمع أحد صوته في الشوارع. القصبة المرضوضة لا يكسر، والسراج المدخّن لا يطفئ. سيعمل حتى يسير بالحق الى النصر وعلى اسمه تتوكل الأمم" (تجعل فيه رجاءها).
هذا أطول استشهاد في العهد القديم أورده متّى في إنجيله ودلّ على أنّه "تم" في يسوع المسيح. يتحدّث عن عُزلة يسوع الذي لا يطلب الدعاية لما يعمل، وعن حنانه للمرضى، وعن عمله الخفي. إنّه لا يطفئ حتى الفتيلة المدخنة ولا يكسر القصبة المرضوضة، لأنه يحنو على الضعفاء ويصغي إلى المحتقرين والمنبوذين.
وإذ يورد متّى هذا الاستشهاد يتذكّر الصوت السماوي في عماد يسوع وفي تجليّه: "هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت" (سُرَّت به نفسي). فعبد الله هو الابن الذي دلّ عليه الآب في الأردن. وهكذا لن يكون العماد "غطساً" في الموت كما عند مرقس الانجيلي وبولس الرّسول، بل تنازلاً فيه يصير يسوع ذلك الابن الخاضع والعبد الذي هو موضوع رضى الله الآب.
ويسوع هو ثالثاً عبد الله في آلامه. إنّه يُتم حتى النهاية مصير عبد الله المتألمّ كما نتعرّف إليه خاصة في النشيدين الثالث والرابع.
ينطلق متّى من النشيد الثالث ويتخذه نموذجاً ليرسم مشهد الاهانة التي قاساها يسوع: "أسلمت ظهري للذين يضربونني، وخدي للذين ينتفون لحيتي. لم أستر وجهي عن الاهانات ولا عن البصاق". عاد متّى الى هذا النص فصوّر المعاملة السيئة التي لقيها يسوع من السلطات اليهودية التي حكمت عليه بالموت، والاهانة التى نظمها الجنود الرومان ليهزأوا بذلك الذي سمّى نفسه "ملك اليهود".
ويستعمل متّى النشيد الرابع على دفعتين. صمتُ يسوع أمام بيلاطس يُشبه عبد الله الذي "لم يفتح فاه، فكان كحمل يساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام الذين يجزونها". ثم أن شتم اللصين المصلوبين مع يسوع يذكّرنا بعبد الله الذي "أسلم نفسه الى الموت وأُحصي مع العصاة" (الخطأة والمجرمين).
نشير هنا إلى أن السبعينية ترجمت أش 53: 4: "حمل خطايانا وعُذّب من أجلنا". وهكذا صار عبد الله ذلك الذي يحمل خطايا شعبه. هذا ما يردده متّى في خبر العشاء الأخير: "اشربوا من هذا كلكم، لأن هذا هو دمي، دم العهد، الذي يراق من أجل الكثيرين لغفران الخطايا". هذا يعني أن موت يسوع هو ذبيحة تكفّر عن الخطايا في خط سفر اللاويين، وخصوصاً في خط نشيد أشعيا الذي يتحدّث عن "خطايا الكثيرين" فيدل على البشرية كلّها مهما كان عددها كبيراً.
عند الصليب ستبرز صورة عبد الله المتألم. وعند الصليب سنعرف أن هذا "المزدرى والمرذول" هو حقاً ابن الله. ازدراه شعبه، بل رفضه، ولكنٍ الأمم الوثنية هتفت له بلسان الضابط وجنوده: "كان هذا ابن الله حقا". أجل، الله هو حاضر هنا في هذا المصلوب، إنّه عمانوئيل الذي أعلنه النبي أشعيا، وسمّاه الملاك "يسوع" لأنّه يخلّص شعبه من خطاياهم، مع ارتباط هذا الخلاص بالموت على الصليب. وهو الحاضر مع كنيسته التي يرسلها في مهمة التلمذة والتعميد والتعليم، بعد أن قال لرسله: "أنا معكم طوال الأيام إلى إنقضاء الدهر".

خاتمة.
وهكذا رافقنا القديس متّى فتعرّفنا معه إلى يسوع المسيح من خلال أسمائه وأقواله وأفعاله. رافقناه فنقلَنا من يسوع كمسيح تاريخي في شعبه إلى ابن الله الحقيقي والوحيد. أنت المسيح ابن الله الحي. أعلن بطرس هذا اللقب الكرستولوجي الذي جاء في وسط إنجيل متّى فجعل سائر أسماء يسوع موقتة أو ثانوية. ولكن إذا كان يسوع ابن الاله، فحضوره وسط البشر هو حضور الله نفسه في قلب التاريخ الذي سيتغيرّ نظامه. بدأ الانجيل الأول بنبوءة أخذها من أشعيا: سيُدعى عمانوئيل أي الله معنا. وإنتهى بتحقيق هذه النبوءة: أنا معكم كل الأيّام حتى نهاية العالم. وهذا يعني أن رجوع يسوع إلى الآب لا يضع حداً لحضوره وسط أخصائه، ولا لحضور الله وسط البشر عبر شخصه. وهكذا كان انطلاق يسوع تدشيناً لشكل آخر من الحضور يتحقق بالكنيسة وفي الكنيسة التي هي كنيسته. وهكذا ننتقل عند متّى من يسوع إلى الكنيسة عبر ذات السر لمسيح الله، ننتقل من المسيح الى الجماعة التي أسس، ننطلق من الجماعة اليهودية الضيقة الى "جميع الأمم" ونحن أقوياء بقدرة المسيح الذي أولاه الآب "كل سلطان في السماء والأرض".

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM