تقديم

تقديم

حين كنا على مقاعد الدراسة في نهاية الخمسينات، درسنا الرسالة إلى رومة. وتوقفنا طوال السنة على بضع آيات ولم نتجاوزها. وظفت هذه الرسالة في حياة العديد من الكهنة ومن المسيحيين نصاً صعباً لا يجب الإقتراب منه. وتوقّف البعض في دراساتهم الشخصيّة عند المواضيع الكبرى مثل برّ الله، نظام الشريعة، نظام الروح، نظرات إلى التاريخ المقدّس. ولكن هذه المواضيع ظلّت مجرّدة، ولم تصل إلى حياتنا وتأمّلنا اليومي. فالإنجيل يكفينا، وهو يتحلّى ببساطة تجعل كلام الله يصل حتى إلى الأطفال.
ومرّت الأيام. وها نحن نعود إلى الرسالة إلى رومة. لم نقدّم شرحاً لنصوصها كما فعلنا بالنسبة إلى الرسائل إلى كورنتوس وغلاطية، بل حاولنا أن نلقي بعض الأضواء على بنيتها وعلى مواضيعها اللاهوتية إن على مستوى الخلاص وإن على مستوى التعليم الأخلاقي. لم نترك موضوعاً لم نعالجه، كما حاولنا أن نشدّد على الآيات الأساسية نفسّرها ونقدّم المعاني في إطار من الدراسة تحاول أن تجد خطها وسط الآراء المتعدّدة.
لم يفسّر كتاب من كتب العهد الجديد كما فسّرت روم. وكان تفسير البعض من أجل الحرب والهجوم أو من أجل الدفاع. وتفسير البعض الآخر من أجل تغذية إيمان المؤمنين. هذا هو الخطّ الذي أخذناه تاركين جانباً كل ما هو علمي وعويص، محافظين على الوجهة الرعائية. ولكن لا ننسى أنّ الوجهة الرعائية تستند إلى تفسير دقيق للنصوص وشرح معلّل للألفاظ الأساسية. هذا ما حاولنا أن نقوم به دون أن نضع على القارىء حملاً لا يستطيع أن يحرّكه إلاّ بجهد ومشقة.
هذا الكتاب سمّيناه "الإنجيل قدرة الله". أخذنا العنوان من 1: 16: "أنا لا أستحي بالإنجيل، لأنه قدرة الله". وحاولنا أن نقدّم بعض الدراسات عن "الرسالة إلى رومة". نحن لا نعتبر أننا وفينا هذه الرسالة حقّها من الدرس، بل جعلنا معالم تساعد القارىء على الولوج إلى فكر بولس الرسول في أعمق ما ترك لنا من كتابة. وكل أملنا أن لا نكون جعلنا حاجزاً بين كلمة الله والقارىء، بل هيّأنا الدرب مثل يوحنا المعمدان فتسكت الشروح والتفاسير وينطق كلام الله في القلوب.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM