يسوع الربّ والمخلّص مع القديس لوقا : نهاية العالم
 

 

نهاية العالم
21: 5- 19

سأعطيكم من الكلام والحكمة ما يعجز جميع خصومكم عن ردّه أو نقضه.
طرح الصادوقيون على يسوع سؤالاً حول قيامة الموتى، فقدّم لنا يسوع تأملاً حول الحياة الأخرى. وها هو يسوع يحدّثنا عن "نهاية العالم". يجب أن لا نخاف، أن لا نعيش في القلق. وعلى التلميذ أن يستفيد من الزمن المعطى له ليظلّ ثابتاً في إيمانه ويشهد للإنجيل. قال يسوع: "بصبركم تقتنون نفوسكم".
إتبع لوقا مرقس، ولكنه أخذ باسلوب خاص به. أنهى خبر أعمال يسوع في أورشليم بخطبة اسكاتولوجية طويلة، كانت بدايتها نظرة إلى جمالات الهيكل.
لن ينتهي العمل في الهيكل إلا سنة 63 ب. م.، وذلك بعد 80 سنة من العمل المتواصل. ولقد اعتبره الأقدمون إحدى عجائب الكون. فقال نصّ يهودي: "من لم يرَ أورشليم في جمالها، لم يرَ يوماً الفرح في قلبه. ومن لم يرَ المعبد (أو: الهيكل) في كماله، لم يرَ في حياته مدينة جميلة حقاً".
وتطلّع يسوع إلى هذا المشهد الجميل. ولكنه جعل تلاميذه يدركون مسبقاً دمار الهيكل القريب. إختلف لوقا عن سائر الإنجيليين، فلم يجمع في صورة واحدة دمار أورشليم، ومجيء إبن الإنسان، ونهاية العالم. تكلّم فقط عن دمار أورشليم الذي كان قد حصل يوم دوّن إنجيله
رفض لوقا أن يردّ على تلاميذه مستعملاً لغة الأرقام والسنين. وحذّر المسيحيين من إنتظار محموم لعودة يسوع. مثل هذه العاطفة تفلت منا وتصبح عرضة لكل اقشعرار اسكاتولوجي. إستعاد لوقا ظواهر خاصة عرفتها كل الأخبار الجليانية، مثل ذكر الحروب والإنقلابات. وقد يكون المسيحيون رأوا في الحرب اليهودية وثورات رومة في أيام أباطرة قصيري العمر (غالبا، اوتون، فيتاليوس) علامات سابقة لنهاية الأزمنة. لهذا دعانا الإنجيلي إلى الهدوء. ونبّهنا بأن هذه الأحداث لا تدلّ على النهاية.
خلال هذه الأزمنة الصعبة، سيعرف المسيحيون الاضطهاد. وقد روى سفر الأعمال المحن التي أصابت الكنيسة الفتية. "جاء الكهنة ورئيس حرس الهيكل والصادوقيون، فأمسكوا بطرس ويوحنا وحبسوهما" (أع 4: 1- 3). وبولس وسيلاس قد عرّيا من ثيابهما وجُلدا وأُلقيا في السجن (أع 16: 22- 24). إن الأمانة ليسوع قادت التلاميذ لمعارضة جميع الناس: اليهود والوثنيون، الدولة الرومانية والسلطة الدينية لدى اليهود. بل سيعارضون أفراد عائلتهم: "سيبغضكم الجميع من أجل إسمي". وهذه الاضطهادات وهذه العذابات تصيب المسيحيين "من أجل اسم يسوع".
فعليهم رغم الآلام والتمزّق أن يتركوا المسيح يقودهم. "فهو يعطيهم كلاماً وحكمة لا يستطيع الخصوم أن يقاوموه أو يردّوا عليه".
ليست الاضطهادات ظاهرة عابرة، فقد اتخذت بعض المرات شكلاً عنيفاً وصلت بالتلاميذ إلى الموت. وهكذا نقرأ في رؤ 13: 10: "القيود لمن يُقاد إلى الأسر. والموت بالسيف لمن سيموت بالسيف. هذا ما يسند ثبات القديسين وإيمانهم".
عاش المسيحيون الأوّلون في انتظار قريب لنهاية العالم وعودة يسوع المسيح في المجد. وحين تتكدّس الهزات والانقلابات في بلدان عديدة، يُطرح السؤال: "هل هذه نهاية العالم"؟ وسيأتينا الجواب من الإنجيل الذي يساعدنا على اكتشاف المعنى المسيحي للمنتهى.
نبدأ فنميّز بين النهاية والنهايات. حدّثنا يسوع عن نهاية الهيكل فرأى السامعون في كلامه إعلاناً عن نهاية العالم. وتساءلوا: متى يحدث هذا؟ وكيف نعرف أن الكارثة قريبة؟
وقام يسوع بتصحيح رئيسي ما زال يفيدنا اليوم. "لا تكون الآخرة الآن". ستكون فقط نهاية عالم، نهاية فترة لليهود. ولكنها ليست نهاية العالم، نهاية كل شيء. ففي العالم تتعاقب نهايات الممالك العظمى والحضارات. ولكن نهاية كل شيء هي أمر آخر.
قال يسوع: "إحذروا أن يضلّكم أحد... لا تمشوا وراء أي كان". فأنبياء الكوارث دائماً حاضرون. وهم يعطوننا التواريخ الدقيقة. وإن لم تصحّ تنبؤاتهم أعطوا تواريخ أخرى دون أن ترفّ لهم عين.
ولكن الشيء الواحد والأكيد هو أن كل شيء ينتهي. في هذا المعنى، تبدو فكرة النهاية عنصراً من عناصر الوضع البشري. ولكن متى يكون هذا؟ هنا قدّم يسوع إعلاناً قاطعاً ومحيرّاً: لا يعرف أحد اليوم ولا الساعة، لا ملائكة السماء ولا الإبن" (مر 13: 32).
ويُطرح السؤال المسيحي الحقيقي حول النهاية: "كيف نعيش في هذا الوضع الذي يزول، كيف نعيش في هذا الإنتظار القريب"؟ الجواب: نكتشف في الزمن الحاضر انتظاراً هادئاً وشجاعاً.
ستكون هناك أمور مخيفة. الوباء، الطاعون، الهزّات الأرضية، المجاعات. والحروب والإضطهدات الدينية: "سيضطهدكم الجميع من أجل اسمي". على انتظارنا أن يجمع بين السلام وأقسى الكوارث. هذا صحيح بالنسبة إلى العالم، وصحيح بالنسبة إلى كل واحد منا. لا يعرف أحد ما يخبّىء له الغد.
إن يسوع يقول لنا: "لا تسقط شعرة واحدة من رؤوسكم". هذا ما لا شك فيه. ولكن هذا الإنجيل يبينّ لنا وجهة أخرى من الوضع البشري: فالحب ينظر إلى شجاعتنا ويستعدّ ليفتح قلوبنا على حياة لا نهاية لها.
يا يسوع، أنت الذي أنرت العالم في يوم مجيئك بين البشر، تعال وبدّل قلوبنا. يا يسوع، أنت الذي ملأت قلوب تلاميذك بالفرح يوم قيامتك من بين الأموات، تعال وحوّل حياتنا. يا يسوع، أنت الذي ستأتي جواباً على انتظار الشعوب في يوم عودتك في المجد، أنرنا بنور وجهك.

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM