القِسم الثالِث: العهْدُ في سِينَاء

القِسم الثالِث
العهْدُ في سِينَاء
19 : 1 – 40 : 38

نبدأ في هذا القسم الثالث خبر وحي الله على جبل سيناء، وهو سيملأ الفصول المتبقّية من سفر الخروج. هذا الخبر يحتَوي ثلاثةَ أمور رئيسيّة: تجلّي الله وظهورَه على الجبل المقدّس، العهدَ بين الله وشعبه، إعطاءَ شريعة العبادة وأحكامها. هذه الأمور الثلاثة ستظهر عَبرَ الفصول المتبقّية من سفر الخروج، وكل أمر يرتبط بالآخر بطريقة حميمة. فالتجلّي تثبيت للعهد بين الله وشعبه، والشرائعُ والأحكام تدلّ على هدف العهد ونتائجه بالنسبة إلى سلوك المؤمن الشخصيّ، وإلى العدالة الاجتماعيّة، وإلى ممارسة العبادة على ضوء ما يطلبه الله من شعبه.
إن الموادّ التي يتضمّنها خبر وحي سيناء قد وصلت إلينا من العصور المتعدّدة، فكان القديم قربَ الجديد، وامتزجت التقاليدُ اليَهْوَهيّة والإلوهيميّة والكهنوتيّة بعضها ببعض، وبما جاء من مجموعات من الشرائع والفرائض، كانت في البدء مستقلّة عن هذه التقاليد. وكل هذا جُمع في إطار واحد. فعَهدُ سيناء، ومعرفةُ العهدِ المعقود بين الله وشعبه، كانا المِحْورَ الذي حوله اجتمعت كلّ التقاليد التي توجّه حياة بني إسرائيل وعبادتهم. وكل هذه الموادّ الآتية من الأجيال المختلفة قد نسبت إلى وحي سيناء، المنبعَ الرئيسيّ لحياة الأمّة الدنيويّة، وبذلك كان لها سلطةُ القانونِ في شعب الله.
إنّ العهد مع الله والوحي عنه في العبادة يرتبطان بسيناء. والعهدُ في سيناء يمكننا أن نقابله بدستور وطنيّ اتّسع اتّساعًا، ولحقته التعديلات المتنوّعة على مرّ العصور، ولكنّه حافظ بالحقيقة على النعمة الأولى التي دوّنت أولى سطوره. وهكذا، فالعهد في سيناء هو النبعُ الأوّل الذي ترجع إليه كلّ الشرائع والفرائض اللاحقة، وسلطتها من سلطته وغناها من غناه، وارتباطُها بوحي الله من ارتباطها بذلك الوحي الذي تمّ لموسى على الجبل المقدّس

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM