الفصل التاسع عشر: اللاهوت الأخلاقي في الأناجيل الإزائية
 

الفصل التاسع عشر
اللاهوت الأخلاقي في الأناجيل الإزائية
المطران كيرلس سليم بسترسّ

السؤال الذي أودّ الإجابة عليه في هذه المطالعة هو التالي: في كلّ الأديان نجد تعاليم أخلاقية، وفي الدين اليهودي هناك تعاليم كثيرة في الأخلاق. اسما الذي يميّز الأخلاق المسيحية عن أخلاق سائر الأديان؟ سنجيب على هذا السؤال انطلاقاً من الأناجيل الإزائية، موضوع هذا المؤتمر. وبما أن هذا المؤتمر هو رعائي في الدرجة الأولى، أرجو أن يساعد بحثي هذا الرعاة في كرازتهم وتعليمهم وتفسيرهم الإنجيل المقدس.

1- بشرى الملكوت
الإنجيل هو البشرى الصالحة بأنّ ملكوت الله قد حضر إلينا في شخص يسوع المسيح. إنه رسالة رجاء تُعلَن للبشرية الخاطئة بأنّ وقت خلاصها من الخطيئة قد أتى. واللاهوت الأخلاقي في الأناجيل الإزائية مبنيّ على الإيمان بمجيء الملكوت والانفتاح بالتوبة على الخلاص. هذا ما يشير إليه إنجيل مرقس عندما يوجز كرازة السيد المسيح في بدء حياته العلنيّة بهذا القول: "لقد تمّ الزمان، واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" (مر 1: 15). إعلان الخلاص بمجيء ملكوت الله، وقبول هذا الخلاص بالتوبة هما الركيزتان الأساسيتان المتكاملتان اللتان تُبنَى عليهما الأخلاق الإنجيلية. إنّ الله هو الذي يبادر البشرية بالخلاص في شخص ابنه يسوع المسيح، هذه هي بشرى الملكوت. والانسان مدعو الى دخول الملكوت والعيش بموجب تطلّباته بالتوبة والايمان، هذه هي الأخلاق المسيحية.

أ) مجيء الملكوت في شخص يسوع المسيح
الأخلاق في الأناجيل الإزائية كما في سائر أسفار العهد الجديد وبنوع خاص في رسائل القديس بولس، لا ترتكز على مجرّد دعوة الانسان الى تحقيق إنسانيته في المجتمع باتّباع الفضائل، بل على كون الانسان قد حصل على الملكوت في شخص يسوع المسيح. وهذا الملكوت يجب أن ينمو في حياة الانسان وفي العالم كله حتى يبلغ الانسان ويبلغ العالم "الى ملء اكتمال المسيح" (أف 13:4). في كلّ العهد الجديد التعليم الأخلاقي يُبنى على الكرازة، أي على الإيمان بمجيء الملكوت وتحقيق خلاص البشر في شخص يسوع المسيح. ان التقسيم المعاصر بين اللاهوت العقائدي واللاهوت الأخلاقي له ما يبرّره في العهد الجديد، ولكن شرط التنبّه الدائم الى العلاقة العضوية بين الاثنين. فالتعاليم الأخلاقية في المسيحية هي لاهوت وليست مجرّد تفكير فلسفي وإنساني منفصل عن الوحي الالهي الذي اكتمل في المسيح. واللاهوت الأخلاقي يجب أن يرتكز على اللاهوت العقائدي أي على الإيمان بأنّ هناك حدثاً جديداً قد جرى للبشرية، بأنّ علاقة جديدة قد نشأت في عمق كيان الانسان بينه وبين الله، عندما أشرق نور المسيح ابن الله في حياته، وملأ روح الله قلبه. فلا يمكنه من بعد أن يعيش كما كان يعيش قبلاً عندما كان "في الظلمة وظلال الموت" (راجع متّى 4: 16). وما شاهده يوحنا المعمدان لدى اعتماد يسوع يُوجز جديدَ هذا الحدث: "فلما اعتمد يسوع، خرج على الفور من الماء، وإذا السماوات قد انفتحت له، ورأى روح الله ينزل بشكل حمامة ويحلّ عليه. وإذا صوت من السماوات يقول: هذا ابني الحبيب، الذي به سررت" (متّى 16:3-17). لقد بدأ ملكوت الله على الأرض وبدأ خلاص العالم عندما انفتحت السماوات ورأى يوحنا ممثّل العهد القديم وممثّلُ البشرية جمعاء أنّ عهداً جديداً قد بدأ بظهور المسيح الذي له ملء الروح القدس لأنّه الابن الحبيب لله.
ولأن ملكوت الله قد أتى في شخص يسوع المسيح، تتّسم دعوة المسيح الى التوبة بسمة خاصّة، سمة النعمة والخلاص. وهذا ما يؤكدّه لوقا في حديثه عن بدء رسالة السيد المسيح في الناصرة، حيث دخل المجمع يوم السبت وقرأ المقطع التالي من سفر أشعيا، "روح الرب عليَّ، لأنه مسحني لأبشّر المساكين، وأرسلني لأنادي للمأسورين بالتخلية، وللعميان بالبصر، وأطلق المرهقين أحراراً وأعلن سنة نعمة للرب" (أش 61: 1-2). ثم قال للذين قي المجمع: "اليوم تمَّت هذه الكتابة التي تُليت على مسامعكم" (لو 4: 16- 21). وتجدر الإشارة الى أن أشعيا يتكلم على انتقام الله، فنقرأ في النصّ الكامل: "... وأعلن سنة نعمة للرب ويوم انتقام لإلهنا". توقف لوقا عند "نعمة للرب"، وكأنه يريد التأكيد أنّ وعود الأنبياء بخلاص الله قد تحقّقت في شخص السيد المسيح، ولكن على نحوٍ جديد بورود النعمة دون الانتقام. لذلك يقول السيد المسيح لتلاميذه عن الملكوت الذي بدأ بمجيئه: "طوبى للعيون التي تنظر ما أنتم تنظرون. فإني أقول لكم: إنّ كثيرين من الأنبياء والملوك ودّوا أن يرى ما أنتم راؤون ولم يروا، وأن يسمعوا ما أنتم سامعون ولم يسمعوا" (لو 23:10-24) إنّ قدرة الله عينها هي التي تظهر في أعمال يسوع. وهذه القدرة هي قدرة محبة ومسامحة ومغفرة وحق وعدالة، هي قدرة على إخراج الشياطين وشفاء المرضى ومغفرة الخطايا. وفي هذه القدرة وهذه المحبة يظهر ملكوت الله، حسب قول السيد المسيح: "فإذا كنت أنا بإصبع الله أخرج الشياطين، فقد اقترب منكم ملكوت الله" (لو 11: 20؛ متّى 28:12). إنّ ملكوت الله يبدأ حيث يتحرّر الانسان من كل القوى المعادية له. ان المستقبل الاسختولوجي قد صار حاضراً في شخص يسوع المسيح. الزمن الحاضر صار موضع المستقبل الآتي، وذلك بفضل أقوال السيد المسيح وأعماله. وهذه الأقوال والأعمال لا تُظهر قدرة الله وحسب، بل تكشف أيضاً سرّ شخص يسوع المسيح، الذي هو الابن الوحيد الذي أرسله الله الى العالم في تمام الأزمنة ليمنح العالم الخلاص: "لقد دفع إليّ أبي كلّ شيء، وليس أحد يعرف الابنَ إلاّ الآبُ، ولا أحد يعرف الآبَ إلاّ الابنُ ومن يريد الابنُ أن يكشف له. تعالوا إليّ يا جميع المُتعَبين والمثقَّلين، وأنا أريحكم. إحملوا نيري عليكم، وكونوا لي تلاميذ، لأنيّ أنا وديع ومتواضع القلب، فتجدوا الراحة لنفوسكم. أجل إنّ نيري ليّن وحملي خفيف" (متّى 27:11- 30).
إن أساس الأخلاق المسيحيّة هو مجيء ملكوت الله في شخص يسوع المسيح ابن الله الذي وحده يعرف الاب معرفة كاملة، وبه وحده، بسبب تلك المعرفة عينها، يستطيع الناس أن يصلوا الى الله. قَبْل السيد المسيح لم يصل أحد الى تلك المعرفة الكاملة لله: لا الشعب، ولا المثقفون الحافظون الشريعة، ولا أحد من معاصري يسوع. هذه المعرفة تستند الى الوحدة الكاملة بين الآب والابن. "فالآب قد دفع كلّ شيء الى الابن". وهذا يعني أنّ الابن هو الوسيط الماسيوي لوحي الله الآب. لا وحي لله الآب خارجاً عن الابن. وهذه المعرفة هي في الوقت عينه دخول في حياة الله. فمن خلال الابن يصل التلميذ الى معرفة الله والاتحاد بحياته.

ب) بيسوع المسيح ابن الله يصير الناس أبناء الله
ان يسوع يدعو الله "أبّا". وهذه اللفظة التي لا استعمال لها في أيّ من نصوص أدب الصلاة العبري، تشير الى ألفة خاصة فريدة بين يسوع والله، اذ هي اللفظة التي يدعو بها الطفل الصغير أباه. وعندما علّم السيد المسيح تلاميذه ان يدعوا الله "أبانا"، طلب منهم أن يخاطبوه بتلك الثقة البنويّة عينها التي كان هو نفسه يخاطب بها الله. ان التلميذ يدرك بنوّته لله، تلك الموهبة التي نالها بواسطة ابن الله المخلّص، ويمكنه من ثمَّة استعمال الألفاظ عينها التي استعملها يسوع، ويعلن إذّاك فرحه وشكره لله الذي تبنّاه وجعله عضواً في أسرته، وهذا التبنّي يسم أعماله كلّها.
منذ أن ظهرت إرادة الله في يسوع المسيح، لم يعد ممكناً التحدّث عن أخلاق مسيحية وعن حياة مسيحية الا بالعودة الى شخصه. ان العلاقات الشخصية التي أنشأها يسوع بين التلميذ والله أبيه وبين التلميذ وبينه، لا يمكن أن تقتصر على ممارسة موضوعية غير شخصية للناموس يضطلع بها الانسان بجهده وأعماله المتنوّعة. الحياة الأخلاقية في نظر الأناجيل الإزائية ليست ممارسة للشريعة، بل هي حياة علاقة بين أشخاص.
هذه الحياة الشخصية مع الله التي يطلبها السيد المسيح من تلاميذه يصفها في عدة أمثلة. فالابن الشاطر يأخذ حصّته من ميراث أبيه ويقصد الى بلد بعيد ويتلف هناك ماله عائشاً في التبذير. وبعد أن اختبر الحياة بعيداً عن أبيه وشعر بالحرمان، قال في نفسه: "أقوم وأمضي الى أبي". لقد اختبر أن لا خلاص له ولا حياة ولا فرح خارجاً عن علاقة البنوّة مع أبيه. الابن الأكبر لم يعرف في أبيه الا الوصايا: "كم لي من السنين في خدمتك، ولم أتعدّ قطّ أمراً من أوامرك، وأنت لم تعطني قطّ جدياً لأتنعم مع أصدقائي. ولما رجع ابنك هذا، الذي أكل مالك مع البغايا، ذبحت له العجل المسمَّن" (لو 29:15- 30). إذا حكمنا على موقف الابنين من خلال ممارستهما "الشريعة" وأوامر أبيهما، يكون الابن الأكبر على حقّ في تفكيره. ولكن الأمر يختلف اذا نظرنا الى التعرّف الى الأب في علاقة بنوية حقيقية. وهذا ما يوضحه الأب لأبيه الأكبر:
"يا ابني، أنت معي في كلّ حين، وجميع مالي هو لك. ولكن كان لا بدَّ ان نتنعَّم ونفرح، لأنّ أخاك هذا كان ميتاً فعاش، وكان ضالاُّ فوُجد" (لو 15: 31-32). يحيا الانسان ويخرج من ضياعه عندما يعرف الله معرفة حقيقية ويحيا معه كما يحيا الابن مع ابيه. هذا هو الخلاص الذي جاءنا به المسيح ابن الله، وهذا هو الملكوت الذي يدعونا الى دخوله.
وكذلك يوضح مثل الابنين (متّى 21: 28-32) اللذين طلب منهما والدهما ان يذهبا ويعملا في الكرم ان علاقة الانسان مع الله تشبه علاقة ابن يعمل في كرم أبيه ويفعل ارادته. والخطأة من عشارين وخطايا يشبهون الابن الذي رفض أولاً ان يذهب للعمل في كرم أبيه، ثم ندم وذهب. وهؤلاء سيسبقون الفريسيين الى ملكوت الله.
ويصف السيد المسيح أبوّة الله في حديثه عن الصلاة: "اسألوا فتعطوا، أطلبوا فتجدوا، إقرعوا فيفتح لكم... إبن من منكم يسأل أباه خبزاً، فيعطيه حجراً؟ أو سمكة، فيعطيه بدل السمكة حيّة؟ او اذا سأل بيضة يعطيه عقرباً؟ فإذا كنتم، مع ما انتم عليه من الشرّ، تعرفون ان تمنحوا العطايا الصالحة لأولادكم، فكم بالأحرى أبوكم السماوي يمنح الروح القدس لمن يسأله" (لو 9:11-13).
وبسبب أبوّة الله للبشر، يجب على البشر ألا يقلقوا بشأن اللباس والطعام، ولا يطلبوا إلاّ ملكوت الله وبرّه، وهذه الأمور كلها تُزاد لهم (متّى 6: 25-34؛ لو 12: 16-32). فالملكوت قد أعطي لهم: "لا تخف أيها القطيع الصغير، لأنه قد حسن لدى أبيكم ان يعطيكم الملكوت. بيعوا ما تملك أيديكمِ وتصدّقوا، اصطفوا لكم أكياساً لا تبلى، وكنزاً في السماوات لا ينفَد، حيث لا سارقَ يقترب اليه، ولا عُثَّ يفسده، لأنه حيث يكون كنزكم، هناك أيضاً يكون قلبكم" (لو 11: 32-34).

ج) مجانية الخلاص والملكوت
"لقد حسن لدى أبيكم ان يعطيكم الملكوت". كما أنّ الأب يحبّ أبناءه محبة مجانية قبل أن يتاح لهم أن يقوموا بأيّ عمل تجاهه، هكذا يحبّ الله أبناءه ويغدق عليهم دون أيّ أستحقاق من قبلهم، محبته ورحمته ومغفرته. وقد كان تعليم السيد المسيح على هذا النحو مدعاة شكّ للفريسيين الذين كان تعليمهم يدور حول ما يجب على الانسان أن يصنعه ليستحقّ الملكوت.
ولأمثالهم ضرب السيد المسيح مثل الفريسي والعشار الذي توجّه فيه بالكلام الى "قوم يثقون من أنفسهم بأنهم صدّيقون ويحتقرون الآخرين" (لو 9:18-14). فالعشار الذي لم يقدم لله أي عمل صالح من أعمال الناموس سوى توبته رجع الى بيته مبرّراً دون الفريسي الذي كان يصوم ويؤدي العشر عن مقتنياته. لأن الله إله اليائسين ورحمته لا حدَّ لها على المنكسري القلوب الذين ليس لهم ما يقدّمونه لله إلاّ خطيئتهم وتوبتهم، لينقلهم من اليأس الى الرجاء، ومن الخطيئة الى النعمة والبرّ.
إذ ما من إنسان يستطيع أن يبرّر نفسه أمام الله. وهذا ما يعلّمنا إياه السيد المسيح في مثل المديونين (لو 7: 41-43)، "اللذين كان لمداين على أحدهما خمس مئة دينار وعلى الآخر خمسون، وإذ لم يكن لهما ما يوفيان به سامحهما كليهما"؛ وكذلك في مثل العبد المديون (متّى 18: 23-35) الذي كان للملك عليه عشرة آلاف وزنة، "وإذ لم يكن له ما يوفي به، أمر سيّدُه بأن يباع هو وامرأته وأولاده وجميع ما له ويوفى ما عليه. فخرّ ذلك العبد له وسجد له قائلاً: أمهلني فأوفيك كلّ ما لك. فتحنّن سيّد ذلك العبد، وأطلقه وترك له الدين". ولأن الله يتصرّف معنا على هذا النحو، يطلب منّا أن يعامل بعضنا بعضاً كما يعاملنا هو. ويختم السيد المسيح هذا المثل بقوله: "هكذا يفعل أبي السماوي بكم، إن لم يغفر كل واحد منكم لأخيه من كل قلبه" (متّى 35:18).
ولأنّ خلاص الله مجّاني، يكافئ عمّال الساعة الحادية عشرة الذين عملوا ساعة واحدة في كرمه على غرار عمّال الساعة الأولى الذين حملوا ثقل النهار وحرّه، وذلك لا لأنّهم إستحقوا أجرتهم بل "لأنه هو صالح"، كما يعلّمنا السيد المسيح في مثل العملة المرسلين إلى الكرم (متّى 20: 1- 5). وإذ لا أحد أمام الله يستطيع أن يقول إنّه استحق أجرته، فجميع الناس خطأة، والله يرحم الجميع. وهذا الموقف الإلهي عبّر عنه السيد المسيح ليس فقط في تعليمه بل أيضاً في موقفه من الخطأة، فكان يأكل معهم، مشيراً إلى قبولهم على مائدة الملكوت. ولمّا تذمّر الفريسيون والكتبة وقالوا لتلاميذه: "لِمَ تأكلون وتشربون مع العشارين والخطأة؟"، أجابهم يسوع: "ليس الأصحّاء بحاجة إلى طبيب بل المرضى؛ إني لم آتِ لأدعو الصدّيقين إلى التوبة بل الخطأة" (لو 27:5- 32).
دعوة الله هي دعوة مجانية للخلاص. وهذا ما يدلّ عليه مثل الدعوّين إلى العشاء الذين لم يلبّوا الدعوة. فأرسل ربّ البيت ودعا جميع المساكين والجدع والعميان والعرج، أي جميع الذين لا يستطيعون أن يبادلوه الدعوة (لو 14: 12- 24). وعلى مثاله يريد منّا أن نتصرّف، حسب قوله لواحد من أعيان الفريسيين دعاه يوماً إلى بيته ليتناول فيه طعاماً: "إذا صنعت غداء أو عشاء فلا تَدْعُ أخلاّءَك، ولا إخوانَك، ولا أقرباءَك، ولا الجيرانَ الأغنياء، مخافة أن يدعوك هم أيضاً فتقومَ بذلك مكافأتك. ولكن أدْعُ، إذا ما صنعت مأدبة، المساكين والجدع والعرج والعميان، فتكون عندئذٍ سعيداً، إذ ليس لهم ما يكافئونك به، وتكون مكافأتك في قيامة الصدّيقين" (لو 14: 12- 14).
تلميذ المسيح هو شخص وجد الملكوت كما يجد إنسان كنزاً مخفياً في حقل، أو كما يجد تاجر لآلئ لؤلؤة ثمينة (متّى 44:13 - 46). من يجد كنزاً أو لؤلؤة لا يمكنه القول إنّه بفضله وباستحقاق أعماله قد حصل على الكنز أو اللؤلؤة. هكذا الملكوت يُعطَى لنا دون أن نعمل شيئاً لنستحقّه. ولكن متّى وجدناه، نبيع كلّ ما لنا، نتخلّى عن كل شيء في سبيله.

2- تطلّبات الملكوت: الحياة الجديدة
أ) قبول الملكوت بالتوبة والإيمان
أن يبيع الإنسان كلّ ما له للحصول على كنز وجده إشارة إلى ضرورة التخلّي عن كل ما يملكه وإنكار ذاته لقبول ملكوت الله. التوبة التي يدعو اليها السيد المسيح إزاء بشرى الملكوت ليست مجرّد توبة عن الخطيئة، بل هي، على مثال توبة الإبن الشاطر، الإعتراف بالله أباً محباً رحيماً والعودة اليه للحياة معه وعلى مثاله، والإعتراف بالسيد المسيح إبناً لله ومخلّصاً وقبول البنوّة الإلهية التي يمنحنا إياها. والإيمان ليس إعتناقاً لعقائد وحسب، بل هو أولاً قبول شخص يسوع المسيح والاتحاد به إنطلاقاً من الإعتقاد بأن ملكوت المحبة والحق والعدالة قد بدأ يتحقق على الأرض من خلال شخصه، وإن بشكل سرّي وخفيّ. فإن ملكوت السماوات يشبه حبة خردل صغيرة تنمو لتصير شجرة كبيرة (متّى 13: 31- 32). ويشبه خميرة أخذتها إمرأة وخبأتها في ثلاثة أكيال من الدقيق حتّى اختمر الجميع (متّى 33:13). الإيمان يرى في حبة الخردل الصغيرة الشجرة الكبيرة وفي الخمير اليسير العجين كلّه.
الإيمان بالسيد المسيح وبالملكوت الذي يمثلّه يجعل المؤمن يتخلّى عن كل شيء ليتبع المسيح ويلتزم تعاليمه: "إن كان أحد يأتي إليّ ولا يبغض أباه وأمّه وإمرأته، وبنيه وإخوته وأخواته، بل نفسه أيضاً، فلا يستطيع أن يكون لي تلميذاً، ومن لا يحمل صليبه ويتبعني، فلا يستطيع أن يكون لي تلميذاً" (لو 26:14- 27).

ب) القاعدة الجديدة للأخلاق: الإقتداء بالآب
إن علاقة التلميذ مع الله ومع الناس لم تعد تحكمها سلسلة من الشرائع يمكن الإنسان أن يدّعي ممارستها. فعندما يقبل التلميذ البنوّة التي يُنعم بها الله عليه، تتحوّل علاقته مع الله من علاقة عبد يطيع أوامر سيّده إلى علاقة إبن يقتدي بأبيه في كلّ تصرّفاته وفي جميع أخلاقه. هذا ما أوضحه السيد المسيح بقوله في إنجيل لوقا: "كونوا رحماء كما أن أباكم هو رحيم" (لو 36:6). هذا القول يصير في إنجيل متّى: "كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي هو كامل" (متّى 48:5)؛ ويقابله في العهد القديم القول التالي: "كونوا قديسين، فإنيّ أنا إلهكم قدوس" (أح 19: 2). بدل لفظة "إلهكم" إستعمل السيد المسيح "أباكم"، مشيراً إلى القاعدة الجديدة التي يجب أن يسير تلاميذه بموجبها، فيسعوا إلى القداسة والكمال والرحمة إنطلاقاً من بنوّتهم لله واقتداء بأبيهم.
الإقتداء بالله الآب هو تعبير آخر للتتلمذ للمسيح الإبن. فمن يتّحد بالمسيح الإبن يقبل في الوقت عينه الله أباً، وتصير قاعدة أخلاقه الإقتداء بالله الاب على مثال الإبن وبالإتحاد معه. هذا هو جوهر الأخلاق المسيحية الناتج من أن ملكوت الله قد أُعطي لنا في شخص إبن الله يسوع المسيح. إن اتباع يسوع، كما ورد في عدة مقاطع من الإنجيل (متّى 16: 24؛ مر 8: 34؛ 10: 38- 45؛ لو 14: 25 - 27)، يعني أكثر من السير وراء معلّم كبير. فليس المقصود فقط أن يترك المرء كلّ شيء، ويرتدّ، فهذا كان معهوداً في اليهودية. الأمر المميَّز في أتباع يسوع هو أن يترك التلميذ كلَّ شيء ليحقّق علاقة شخصية بينه وبين السيد المسيح، وقد اعترف بأن المسيح هو في شخصه الملكوت الآتي، النعمة التي أنعم بها الله علينا إذ جعلنا أبناءه. الدعوة إلى الكمال في نظر السيد المسيح ليست مجرّد مطلب أخلاقي على الإنسان أن يجتهد لتحقيقه. بل هي بالحريّ نعمة يُعطاها مع إعلان البشرى الصالحة بمجيء الملكوت. لذلك فإن نقطة إنطلاق المسيحي للعمل الأخلاقي لا تكمن في سعيه لتخطّي عجزه بغية الوصول إلى مثال إنساني، بل في النعمة التي يعطاها أن يصير إبن الله ويدخل ملكوته ويحيا من ملء المحبة التي يؤمن أنّ الله قد أفاضها عليه في شخص إبنه يسوع المسيح.
لذلك لا تتّسم أخلاق الإنجيل بسمة الشرائع. فالزمن لم يعد زمن شرائع بل زمن ملكوت الله. "فلقد بقي الناموس والأنبياء إلى يوحنّا، وعندئذٍ يُبشَّر بملكوت الله، وكل يجتهد في الدخول إليه" (لو 16: 16). وهذا ما سيوضحه بولس الرسول بقوله: "الناموس كان مؤدّبَنا يرشدنا إلى المسيح، لكي نبُرَّر بالإيمان. فبعد إذ جاء الإيمان لسنا بعد تحت مؤدّب. لأنكم جميعاً أبناء الله، بالإيمان بالمسيح يسوع؛ لأنكم أنتم جميع الذين إعتمدوا للمسيح، قد لبستم المسيح" (غلا 3: 24- 27). وهذا ما يؤكده أيضاً يوحنّا في إنجيله: "فإن الناموس قد أعطي بموسى، وأمّا النعمة والحق فبيسوع المسيح قد حصلا" (يو 1: 17).

ج) جذرية الأخلاق المسيحية
الفرق بين الشريعة والتبنّي يقوم على أمرين: الأمر الأول هو أن الشريعة تُفرَض بالقوة وبتهديد العقاب لمن يخالفها. أما التبنّي فهو دعوة إلى أن يقبل الإبن محبة أبيه بكلّ قلبه ويقتدي بأعماله بملء حريته. والأمر الثاني هو أن التبنّي أكثر تطلّباً من الشريعة. فالإبن يتصرّف إنطلاقاً من محبته، وفي حين أنّ الشريعة محدودة في أنظمتها وقوانينها، المحبة لا حدود لها. لذلك يقول السيد المسيح: "إن لم يزد يرُّكم على ما للكتبة والفريسيين، فلن تدخلوا ملكوت السماوات" (متّى 5: 20).
لم يأتِ السيد المسيح ليقيم شرائع جديدة عوضاً عن الشرائع القديمة. فالمرور من زمن الشريعة إلى زمن النعمة لا يعني إزالة الشرائع القديمة. وهذا ما يؤكّده السيد المسيح نفسه بقوله: "لا تظنّوا أنيّ جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، إنّي ما جئت لأنقض بل لأكّمل. الحق أقول لكم: إنه، إلى أن تزول السماء والأرض، لا يزول من الناموس ياء ولا نقطة حرف حتّى يتمّ الكلّ" (متّى 17:5- 18). ويوضح في بعض الأمثلة كيف يتمّ ذلك. فالناموس يقول: "لا تقتل"، "لا تزنِ"، "لا تَحنَثْ بل أوفِ للربّ إيمانك". هذه الوصايا لن تزول. ولكنّ الجديد في تعليم السيد المسيح هو ألاّ ينظر الإنسان إلى ما تأمر به من أعمال خارجية وحسب، بل أولاً إلى القلب الذي منه تصدر تلك الأعمال. ومتى ارتدّ القلب إلى الله وآمن بالملكوت الذي أنعم به عليه وبمحبة الله له التي أفيضت في قلبه، لا يعود يكتفي بأن يتممّ تتميماً حرفياً وخارجياً وصايا الناموس، ولا يعود يسأل علماء الناموس أو الكتبة إلى أي حدّ يمكنه الوصول في أعماله. بل يعطي ذاته كليًّا لتتميم إرادة الله دون مساومات ودون قيود ولا شروط لالتزامه.
من هنا تتّسم أخلاق الإنجيل بسمة الجذرية. فتلميذ المسيح لا يمتنع فقط عن قتل أخيه بل حتّى عن الغضب على أخيه: "سمعتم أنه قيل للأقدمين: لا تقتل، فإن من قتل يستوجب المحاكمة؛ أما أنا فأقول لكم: إن كل من غضب على أخيه يستوجب المحاكمة؛ ومن قال لأخيه: "راقا" يستوجب حكم المحفل؛ ومن قال له: "يا معتوه"! يستوجب جهنم النار" (متّى 5: 21- 22).
وتلميذ المسيح لا يمتنع عن الزنى وحسب، بل عن كل نظرة شهوانية: "سمعتم أنه قيل: لا تزن؛ أما أنا فأقول لكم: إنّ كلّ من نظر إلى إمرأة حتّى ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه" (متّى 5: 27 - 28)
وتلميذ المسيح لا يمتنع عن القَسَم الكاذب وحسب، بل عن أيّ قَسَم كان: "سمعتم أنه قيل للأقدمين: لا تحنَثْ بل أوف للرب بإيمانك. أما أنا فأقول لكم: لا تحلفوا البتة لا بالسماء لأنها عرش الله، ولا بالأرض، لأنها موطئ قدميه... فليكن كلامكم: نعم، نعم ؛ ولا، لا. وما يزاد على ذلك فهو من الشرّير" (متّى 33:5 – 37 ).
إن ما يريده السيد المسيح من تلاميذه هو الإنقطاع الكلّي عن أيّ عمل شرير. لذلك أيضاً في الأقوال الثلاثة الأخرى حول الطلاق والإنتقام وبغض العدو، لا يطلب فقط تقليص الشر بل العمل على إزالته إزالة تامة.
"لقد قيل: من طلَّق إمرأته فليدفع إليها كتاب طلاق. أمّا أنا فأقول لكم: إنّ من طلّق إمرأته، إلاّ في حالة الزّنى، فقد عرّضها للزنى؛ ومن تزوّج مطلَّقة ففد زنى" (متّى 5: 31- 32).
"سمعتم أنه قيل: عين بعين وسنّ بسنّ. أما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا الشرير، بل من لطمك على خدّك الأيمن، فقدّم له الآخر أيضاً. ومن أراد أن يرافقك إلى القضاء ويأخذ ثوبك، فخلِّ له الرداء أيضاً. ومن سخّرك لميل واحد فامضِ ميلين. من سألك فأعطهِ، ومن أراد أن يقترض منك فلا تحوّل وجهك عنه.
"وسمعتم أنه قيل: أحبب قريبك وأبغض عدوّك. أمّا أنا فأقول لكم: أحبّوا أعداءكم، وصلّوا لأجل الذين يضطهدونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه يطلع شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والأثمة" (متّى 5: 38- 45).
لقد حاول الناموس القديم، نظراً إلى صعوبة إزالة الشر إزالة تامة، أن يضع له حدوداً ويوقف إمتداده. وهذا ما لم يقبله السيد المسيح. فبحضور ملكوت الله لا بدَّ لأبناء الملكوت أن يعملوا على إزالة الشرّ من جذوره. فإزاء من يعتدي عليهم، يطلب منهم السيد المسيح أن يمتنعوا عن الردّ، حتّى وإن اقتصر الردّ على العين بالعين أو على السنّ بالسن، أي على ضربة بضربة مماثلة. فالخصام بين الناس لا يمكن وضع حدّ له إلاّ إذا كان أحد مستعداً أن يقدّم الخدّ الآخر لمن لطمه على الخد الأيمن. وكذلك في موضوع الطلاق، لا يدخل السيد المسيح في موضوع النقاش بين علماء الناموسِ حول الحالات التي يجوز فيها ألطلاق، بل يطلب تغيير الذهنية تغييراً جذرياً وارتداد القلب إرتداداً تامّاً في علاقة الناس بعضهم مع بعض. لم يُدخل السيد المسيح وصية جديدة تناقض الوصية القديمة، بل عاد إلى إرادة الله الأولى منذ البدء: "في بدء الخليقة، ذكراً وأنثى خلقهما الله، فلذلك يترك الرجل أباه وأمّه ويلزم إمرأته، وكلاهما يصيران جسداً واحداً؛ ومن ثمَّ فليسا هما إثنين بعد، بل هما جسد واحد، فما جمعه الله فلا يفرّقه إنسان" (مر 6:10- 9).
إنّ ما أراده الله منذ البدء ولم يستطع الإنسان تطبيقه لقساوة قلبه، صار اليوم ممكناً بسبب مجيء الملكوت أي بفضل النعمة التي يغدقها الله على الذين يدخلون في حياة بنوّة معه بواسطة إبنه يسوع المسيح. وهذا يعني أنّ الزوجين، حتى قبلا الملكوت، يلتقي أحدهما الآخر في الإيمان والرجاء والمحبة وهما يؤمنان أنّ محبة الله قد أفيضت في قلبيهما، ولذلك يبقيان على الرجاء في الأمانة الزوجية، حتّى ولو فقدا كلّ رجاء بشري. وهذا يعني أيضاً أنّ تلميذ المسيح، في عالم مليء بالعنف والثأر والقتل، يؤمن أنّه بإمكانه أن يشهد للمحبة والمغفرة والمسامحة وتكون شهادته خميرة في عجين العالم ليصير العالم كله ممتلئاً من روح الإنجيل.
لذلك لا يمكن القول إنّ السيد المسيح قد أراد أن يحدّد لنا شرائع جديدة عوضاً عن القديمة. بل إنّه من خلال المقابلة التي يجريها بين أقوال العهد القديم وأقواله هو، أراد أن يعلّمنا أنّ علاقات الناس بعضهم ببعض لا يمكن أن تتحسَّن بوسائل الناموس القديم الذي أعطي بسبب قساوة قلوب الناس، ومن هذه الوسائل: الطلاق، والعين بالعين، وبغض الأعداء، بل بالامكانيات التي فتحها أمامنا مجيءُ ملكوت الله وسيادةُ محبته في شخص يسوع المسيح، أيّ بالمسامحة والمغفرة والمصالحة والأمانة والأخوّة. وهكذا يكون تلاميذ المسيح وأبناء أبيهم الذي في السماوات الذي يطلع شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والأثمة" (متّى 5: 45).
إن تطلّبات الإنجيل وحياة الملكوت لبست شرائعَ إخلاقية جديدة حلّت محلّ الشرائع القديمة. بل هي بالحريّ أمثلة واقعية تحدّد التوجيه الذي يجب أن يسيِّر أعمالنا والصفة التي يجب أن تتّصف به والسموّ الذي يجب أن ترتفع إليه. ففي عالم مليء بالكراهية والأنانية وحب الإنتقام، يدعو السيد المسيح تلاميذه الذين أحبهم الله وغفر لهم وتبنّاهم أن يشهدوا لما أنعم به الله عليهم ويتحلّوا بصفات الله من مسامحة ومغفرة وتجرّد وتواضع وإحترام لشخص كلّ إنسان، وصبر وطول أناة. هذا الإتجاه الذي يطلب منهم السيد المسيح أن يسيروا فيه في كلّ علاقاتهم مع الناس هو إتّجاه عام وفي الوقت عينه يُحقَّق في دقائق الأمور (من ضربك على خدّك الأيمن... من سخّرك لميل واحد... من طلب ثوبك... من طلب أن يستقرض مالك... إلخ)، ولكنّه لا حدود له، بل يفتح المسيحي على أفق من الكمال لا يمكنه إدراكه ولا البلوغ إليه.
لقد طلب الناموس القديم أن يؤدّي الإنسان العشر من كلّ أمواله. لم يُلْغِ السيد المسيح هذه الوصية، بل طلب أن تقترن بالعدل والرحمة، وأنَ يتّخذ الإنسان موقفاً متجرّداً من المال يعطي للوصية معناها العميق ويُدخلها في إطار شامل من العمل على مثال الله. وهذا الموقف يتّضح لنا من بعض ما جاء في الإنجيل من أقوال السيد المسيح: "لا تقدرون أن تعبدوا الله والمال" (متّى 6: 24)، "لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض" (متّى 6: 19)؛ "كلّ واحد منكم، إن لم يزهد في جميع أمواله، لا يستطيع أن يكون لي تلميذاً" (لو 33:14)؛ "بيعوا ما تملك أيديكم وتصدَّقوا، إصطنعوا لكم أكياساً لا تبلى" (لو 33:12)؛ "من سألك فأعطه" (متّى 5: 42).
وكذلك بالنسبة إلى سائر الأمور التي توضح علاقة التلميذ بالله كالصلاة والصوم (متّى 6: 7- 18)، وعلاقته بالقريب كالصدقة (متّى 6: 1- 6)، والمحبة (متّى 7: 1- 5)، والخدمة (متّى 25: 31- 46).
وفي جميع هذه الأمور يسعى التلميذ إلى "البرّ الأعظم" الذي يجب أن يزيد على برّ الكتبة والفريسيين. وهذا البرّ الأعظم يجب ألاّ يُفَسّر كأنه مطلب أخلاقي يمكن التلميذ تحقيقه تحقيقاً تاماً. بل هو مطلب ديني يقضي بأن يخضع الإنسان ذاته لإرادة الله ويقبل دعوته في طهارة القلب وجذرية العطاء والثقة التامة بنعمته ومساعدته وخلاصه. وفي كل أعماله يعتبر التلميذ تعاليم السيد المسيح الأخلاقية مبادئ أساسية يرتكز دوماً عليها ويسير بهديها في بحثه عن التصرّف الأكثر ملاءمة وحياته الجديدة في ملكوت الله، ملكوت النعمة والمحبة. وهذه التعاليم تساعده على أن يعمل باستمرار على تصحيح مسيرته وتنقية رؤيته، وهدفه على الدوام تحقيق ملكوت الله في العالم وتأليه البشر ليعملوا في العالم أعمال الله.
في هذا الإطار، فإن التطويبات التي هي خلاصة الأخلاق الإنجيلية والتي قد يبدو تحقيقها أمراً مستحيلاً، تصير طريقاً لا بد من سلوكه لنشر ملكوت الله في العالم بتحقيق المحبة والرحمة والسلام.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM