يسوع الربّ والمخلّص مع القديس لوقا : تعظم نفسي الرب
 

 

تعظم نفسي الرب
1: 46- 56

جميع الأجيال تهنّئني لأن القدير صنع لي عظائم.
إن صعود مريم إلى جبال اليهودية هو رمز واضح. أمرأتان تتعظّمان. هما تحملان بركة من السماء. تحملان ولدين عجيبين. إن زيارة مريم تعلن زيارة الله ونزوله على أرضنا. بعد ذلك، سيصعد ويتعظّم ويرتفع. فالله أقام بواسطة المسيح في أرضنا ليرفعنا إليه، إلى العلى.
إنه يرفع الوضعاء ويقيم عبده اسرائيل، أن اسرائيل الجديد وشعب الله الجديد. قالت مريم: تعظّم نفسي الرب. والتعظيم ليس تفخيماً. ولكنه جزء من هذا الصعود نحو العلاء يجعل زكريا يبتهج ويوحنا يقفز من الفرح. نشيد التعظيم يذيع حقاً انتصار الوضعاء. نرى فيه صعود الأجيال من إبراهيم إلى المسيح.
الله يتذكّر ولا ينسى. فهو لا يستطيع أن يترك في سلطة الموت أولئك الذين وضعوا رجاءهم فيه. ونشيد مريم الذي هو سلسلة من الاستشهادات التي أُخذت من العهد القديم، يدلّ على أن الله يأخذ على عاتقه (يقيم، يسند) خادمه. مريم هي خادمة. وإسرائيل (أي شعب الله والكنيسة) هو خادم: إن أم يسوع هي خاتمة تاريخ طويل. وهي تحمل في ذاتها ذاكرة شعب سقط مراراً فأقامه الله من سقطته. إنها أجمل زهرة، أجمل ثمرة على الأرض.
ونجد في نشيد مريم حركة من أعلى إلى أسفل. أُنزل المتكبرّون وتبدّد الجبابرة. في سفر الرؤيا (11: 19- 12: 15) رأينا تساقط النجوم. وفي كلام القديس بولس (1 كور 15: 20- 26) شاهدنا سحق الأعداء الذين هم الموت والشر والخطيئة. وهكذا نرى هنا انهدام عالم اتّكل كثيراً على قوّته.
حين ينظر الله من أعلى إلى أسفل، فهو لا يلقي نظرة "شفوقة ومتنازلة" على اناس تعساء هم البشر. بل هو يرفعنا. ويشركنا في عظمته. هكذا رفع مريم وهو يرفع معها جميع البشر. مريم هي آية في السماء. ونحن نشاهد فيها مصيرنا الخاصّ وكرامتنا المستعادة. وهي تعلّمنا كيف نرفع رأسنا. فكل نفس ترتفع ترفع معها العالم.
هتاف الفرح. هتاف الصامتة الصغيرة. لقد قدّمت لنا مريم الصلاة التي بها نعلن شكرنا وعرفاننا. مديح عظيم. حيث يمتلىء نهر العهد القديم بمياه حلوة يحملها العهد الجديد.
إن صلاة مريم تستعيد قلباً واسعاً، قلب إنسان نال الخلاص. في ست آيات تعلن مريم أولاً شكراً مليئاً بالافتخار: صنعتَ بي أموراً عظيمة. وهكذا ستهنّئني الأجيال حتى نهاية الزمن.
وتشعّ لؤلؤة التواضع الصحيح الذي يعظّم الله. إنحنى من العلاء على خادمته الصغيرة. قداستُه فعلت وقدرتُه.
وتتوسّع الصلاة فتكشف قوّة التأمّل عند هذه الصبيّة: أنت تنظر إلينا جميعا يا رب وتديننا. تضمّ الوضعاء إلى صدرك وتبعد المتكبرّين كالذباب. أنت لا تهتمّ بما يهمّنا، لا تهتمّ بالمستوى الإجتماعي وبرتبة الإنسان بين أترابه.
صلاة واسعة تشرف على الأزمنة والأوقات: من جيل إلى جيل. جميع الأجيال. ونكتشف في كل هذا تاريخ حبّ لا يصدّق. لقد تذكّر الله وعده.
حين يتذكّر الله يحقّق وعده. فوعده هو كلمة حب. وحين يأتي الوعد من الله، فالمزمن يعرف أن الله أمين على مواعيد حبّه. هذه المواعيد ترفع إيماننا إليه. فالإيمان هو أيضاً كلمة حبّ.
إبنة صبية. ومع ذلك هي تعرف الكثير عن الله. وهي تقول لنا إننا نستطيع أن نعرف الكثير إن نحن "درسنا" الكتب وأطلنا دراستنا. حينئذ نعرف أي انقلاب قام به المخلّص. حطّم الجبابرة وأحبّ المتواضعين حبّاً خاصّاً.
وفي النهاية يعلّمنا نشيد التعظيم أن نقول: "الله مخلّصي". قد لا نعرف كيف يتمّ هذا الخلاص. ولكننا ندخل فيه حين نعلن ثقتنا وإيماننا بالذي غلب العالم.
يا امرأة يحيّيها النور والبحر. يا امرأة تحييها الشمس والحياة. يا أماً عجيبة. يا حوّاء المجدّدة. فيك بدأ خلاص العالم. يا ملكة قادرة، يا من سمّاها يسوع المرأة. نحن ننظر إليك في مجدك ونفهم نشيدك القائل: لقد رفع الله المتضعين إلى السماء.

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM