يسوع كلمة الله مع القديس يوحنا :أنا باب الخراف
 

 

أنا باب الخراف
10: 1- 10

أنا هو الباب، فمن دخل مني يخلص: يدخل ويخرج ويجد مرعى.
إذا تمعّنا في هذا النص، وجدنا تحوّلاً واضحاً في دور الباب. في البداية كان ممراً. فصار في النهاية مدى يبدو كشخص حيّ. لا يكتفي المسيح بأن يأتي ليطلب الخراف. إنه موضع المرور الذي لا بدّ منه لهاء ففيه تتحرّك الخراف بأمان وطمأنينة. وهذا ما يعطي الباب شرعية ثانية لا تتوافق مع مشاريع اللصوص. إنه مدى الذهاب والإياب، وهذا ما يشكّل حياة الخراف. وحضور حارس عند هذا الباب يدهشنا. من الواضح أن يسوع يفكّر في حارس الهيكل. نحن هنا أمام إشارة ثمينة حول أهداف هذا الخبر الذي يربط بين الحظيرة والشعب اليهودي.
نحن نفكر بصورة آلية بالرعاة الأردياء الذين يتحدّث عنهم العهد القديم (حز 34؛ إر 23؛ زك 11). هم المسؤولون الذين لا يقومون بمسؤولياتهم كاملة. ويصيب يسوع أيضاً الفريسيين الذين لم يفهموا ما قاله يسوع (آ 6). ولكن وجود "اللصوص" يجعلنا نفكّر بالغيورين الذين سمّوا أيضاً بهذا الإسم في أيام يسوع. هم المقاومون للاحتلال الروماني. يعملون بطريقة خفيّة ويتوسّلون العنف ليصلوا إلى أهدافهم. هل كان يسوع قريباً منهم؟ مهما يكن من أمر، فقد اتخذ مواقف تختلف جذرياً عن مواقفهم. هو لا يقبل بالعنف الأعمى. ويهتم اهتماماً خاصاً براحة الناس وأمانهم.
كيف يمكن الانسان أن يكون غريباً عن شعبه متخفياً وراء رفضه للغرباء؟ كل الذين جاؤوا "قبل" يسوع هم مسحاء كذبة على مثال بعض الغيورين. أهدافهم أهداف سياسية ولا يهمّهم حقاً أمر الخراف.
والعبارة "دخل وخرج" (آ 9) تدل على الذهاب والاياب بين الحظيرة والمرعى. وامتدّ المعنى فدلّت العبارة على مسؤولية الرؤساء الموكّلين على الخراف (مثلاً يشوع بن نون في عد 27: 17). قدّم يسوع نفسه على أنه الراعي المتنبّه تنبّهاً خاصاً للخراف.
نستطيع ان نتوسّع هنا في مواضيع المعرفة والاصغاء. والاسم والصوت والطعام والحياة. كل هذا يشكّل الغنى الفريد الذي نجده في هذا المثل. ونزيد أيضاً موضوع النداء والدعوة. فيسوع لا يدعو أناساً ليتبعوه فحسب، بل ليكونوا مسؤولين مثله.
إن الذي يدخل ويخرج بواسطة يسوع، يشارك في المسؤولية من أجل حياة الجماعة. كل واحد يُسأل: هل يستطيع أن يحمي الآخرين (أو أن يترك الحياة تجرّه "كالميت")، أو هل هو مستعد ليهلك الذين سلّموا إليه؟
الرب يدعو دائماً، وهو يدعو من أجل مشروع محدّد: زرع الانجيل في عالم من العدالة. وهو يدعونا لكي نخرج الى المراعي الخصبة. حين نترك الخراف تكون آخرتها الهلاك. أما نداء يسوع فينجّيها من الضلال ومن الموت. بل إن هناك من يمرّ بها لكي تجد الحياة.
سمعت يوماً نداء الرب وأنا أقرأ رسالة يوحنا الأولى (1: 2- 4): "الحياة تجلّت فرأيناها وسمعناها وشاهدناها. ونحن نبشّركم بها ليكون فرحكم كاملاً". فرح بفرحين: فرح الاكتشاف بأن يسوع هو الحياة. فرح الذهاب على طرقات العالم والتبشير بهذا الاكتشاف.
هناك أناس يربطون الدعوة الكهنوتية أو الرهبانية بصورة حياة منغلقة، مشوّهة مبتورة. لا. بل هي الحياة في امتدادها بجواب الحماس على نداء يسوع كما نقرأ اليوم: "جئت لتكون للناس الحياة، ولتكون وافرة". نحن نتأكّد أننا مدعوون حين نقول ليسوع: لبيك. هاءنذا.
حينئذ تكون لنا الحياة، وتكون وافرة. ونُدعى في كل وقت إلى الخروج من كل ما يضع حدوداً لحياتنا: من المخاوف والهموم والانانيات. ونغتني من كل ما نمتلك لنعطي: نتعلّم فنفكّر بالذين سنقرّبهم إلى المسيح. نأخذ لنعطي للفقراء. نسمع لكي نساعد. نحبّ لنكتشف أن الحب هو الحياة.
حياة نحتفظ بها هي حياة مسكينة وحقيرة. حياة نعطيها هي حياة واسعة وسع الكون. يكفي أن ننظر إلى يسوع. كان أعظم إنسان في العطاء فوعدنا، قال: "أريد أن تعيشوا ملء الحياة".
فمن يستطيع أن يقول مثل هذه الكلمات للشباب؟ وحده ذاك الذي يعيشها. هناك من قسم بين دعوات عادية، ودعوات من "نوع آخر"! ليس من مسيحيين عاديين. بل هناك فقط معمّدون يجيبون بطرق مختلفة على نداء المعمودية التي نالوها.
ولكن ماذا يعني النداء الخاص إلى الكهنوت أو الحياة الرهبانية؟ بالنسبة إلى الكهنة هناك أمر واحد مهم هو الخدمة. لهذا يسمّى الكاهن "خادم الرعية". وبالنسبة الى الرهبان والراهبات هناك إسم واحد يهمّهم: إسم يسوع. ففي شعب الله، نحن نحتاج إلى عظمة الخدمة ومكانة يسوع الفريدة.
الكاهن علامة. الراهب والراهبة علامة. أن نكون علامة، فهذه دعوة جميلة ولكنها صعبة. يجب أن نساعد الشبان والشابات الذين يحسّون بالدعوة، على اكتشافها. هناك تضحية الوالدين. والمساعدة المادية والاحترام. وربما النصيحة. كل هذا هو طريقنا لندخل نحن أيضاً في مثال الخدمة وعطاء الذات للمسيح.
فُتح الباب الذي يقود إلى الحياة. فُتحت الأيدي التي يمدّها إلينا الرب ليسلّمنا روح حبه. أدعُ يا رب من بين شعبك من يحمل بشارتك إلى البشر. أدعُ يا رب من بين شعبك من يكون لك شاهداً وسط البشر. أدعُ يا رب من بين شعبك من يخدم الانجيل في عالم البشر.

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM