القسم السَّادس: محَاضَرَات عَامَّة الفصل الثلاثون: الكلمة الأخيرة

الفصل الثلاثون
الكلمة الأخيرة
الأب لودجر فلدكمبر

سادتي الأساقفة، إخوتي، أخواتي
حسن لنا أن نبقى هنا
سمعنا في هذا الصباح كلمات الإنجيل هذه بحسب القديس لوقا. ولكن يسوع وتلاميذه نزلوا من الجبل، جبل التجلي. وعلينا نحن أيضاً أن ننزل. وسأكون أول من ينطلق ويحمل إلى الآخرين ما عشتُه معكم في هذه الأيام.
أمرني الأب بولس الفغالي، وأنا أطيع فأقول بضعة كلمات في لغتي الفرنسية المحدودة. أقدّم أوّلاً بعض الملاحظات حول هذا المؤتمر. ثم أحدّد موقع هذا المؤتمر في سائر مجهودات الرابطة في كل أقطار العالم.

أ- بعض الملاحظات
فرحتُ وارتحت جداً لهذا التنظيم الرائع الذي جمع الدقة التي نعرفها في أوروبا إلى المحبة والإصغاء إلى كل واحد من الحاضرين. شكراً للذين عملوا: الأب فغالي، الأب أيوب، الأخت ورده ومجموعة كل الذين شاركوا في الإعداد. شكراً لراهبات الصليب في سيدة البير وجميع العاملين.
فرحت حين رأيت بأم العين التطوّر الحاصل بين مؤتمري لارنكا ومؤتمر سيدة البير: أعضاء جدد، نتاج مهم (كتب، بيبليا، حياتنا الليتورجية، هللويا...) مشاركة في العمل.
كل مرة أشارك في مؤتمر من هذا النوع، يلفت انتباهي تجند المشاركين من أجل كلمة الله. ولهذا أرى أن الفائدة الأولى من هذه الإجتماعات هي تنشيط متبادل بين المشاركين وتعارف وحماس.
كل اجتماع من هذا النوع يتم تحت مظلة رابطتنا. ولكن الذين ينظمونه هم أهل الإقليم أو أهل المنطقة. حاول مكتب شتوتغارت (ألمانيا) في الماضي أن ينظم بأمانته العامة مثل هذه المؤتمرات ففشل. الرابطة لا تحل محل الأعضاء، بل تضع نفسها في خدمتهم.
لهذا السبب، فكلّ اجتماع له وجه خاص به، تحدده الضرورات والإمكانيات المحلية. نحن نريد أن نعمل في الرسالة البيبلية في إطارها المكاني الخاص بالبلد وبمجموعة البلدان. هذا من جهة. ومن جهة ثانية، نحن نرى أهمية تبادل الخبزات بين مختلف أقاليم الرابطة ومناطقها.

ب- مجهودات الرابطة
1993 هي سنة خاصة. هي سنة الكتاب المقدس. نعيّد فيها مئوية رسالة لاوون الثالث عشر (1893): عناية الله. ونعيّد خمسين سنة لرسالة بيوس الثاني عشر (1943): بفيض من الروح القدس. كلنا يعلم أن هاتين الرسالتين هيّأتا الطريق لدستور الوحي الإلهي. ولهذا كان موقع هذا المؤتمر في أفضل موضع. ويقال أيضاً أن البابا يوحنا بولس يهيئ رسالة جديدة حول الكتاب المقدس، وهو المولع بالمناسبات والأعياد.
1993 هي منتصف الفترة التي تفصل جمعية بوغوتا (1990) عن الجمعية العامة المقبلة التي ستنعقد سنة 1996. ومن المفيد أيضاً أن نعرف أن أميركا اللاتينية تجتمع في هذا العام في كيتو (اكوادور) حول "قراءة البيبليا قراءة أمينة". وهناك اجتماع في بانكوك (تايلاندا) حول موضوع: "التجاوب مع كلمة الله في آسيا اليوم". ويجتمع إقليم أوروبا اللاتينية في تولوز (فرنسا) خلال شهر تشرين الأول (أوكتوبر) وإقليم أوروبا الوسطى في فيينا خلال شهر أيلول (سبتمبر). كما أن منطقة أوروبا والشرق الأوسط تجتمع في فيينا خلال شهر أيلول. وهناك مشروع اجتماع أساقفة أوروبا وقد دُعيت الرابطة إلى المشاركة فيه من أجل توعية المؤمنين والكهنة والأساقفة على أهمية الكتاب المقدس.
ما زال الأعضاء يسعون إلى تنفيذ مقررات بوغوتا، وخاصة في ثلاثة مجالات. الأول: أحد (أو أسبوع) الكتاب المقدس. ويبدو أن سورية قرّرت تنفيذه سنة 01994 الثاني: قراءة البيبليا قراءة أمينة. لا ننسى هنا كلمات البابا بولس السادس في "إعلان البشارة": هناك أمانتان. أمانة لتعليم ننقله ولا نشوّهه أو نبدّله. أمانة للناس الذين نحدّثهم اليوم. قد نهتمّ بالأمانة الأولى وننسى الثانية. ولكن يسوع حمل البشارة إلى الفقراء. وطلب منّا المجمع الفاتيكاني الثاني أن نجعل البيبليا في متناول الجميع. لن نقول فقط إن البيبليا هي "كلمة الله في كلام بشري". بل نزيد: "من أجلنا ومن أجل خلاصنا". لا يكفي أن نتكلّم عن الكتاب المقدس في تأويل عظيم يدلّ على طول باعنا في هذا المجال، بل يجب أن نحدّث الناس بلغتهم ونقدّم إليهم غذاء كلمة الله.
والمجال الثالث: الكتاب المقدس والعلمانيون. هذا كان موضوع مؤتمرَيْ سيول (كوريا الجنوبية) سنة 1991، وسنغفورة سنة 1992. قمنا باستقصاء في هذا المجال وسننشره في نشرتنا "كلمة الله". أما بالنسبة إلى عملنا الرعائي البيبلي، فهناك بعض العناصر التي لا بدّ من الإشارة إليها.
نلاحظ جوعاً كبيراً إلى كلمة الله، خصوصاً وسط العلمانيين. لهذا يجب علينا أن نعد طعام الكلمة للمؤمنين. هل يعني هذا أن ندخل المؤمن في دراسة علمية للكتاب المقدّس؛ ولكن يسوع لم يقل: طوبى للذين يدرسون البيبليا ويعرفونها. بل: طوبى للذين يسمعون كلمة الله (ويتأملون فيها في قلوبهم ويصلونها مثل مريم) ويحفظونها (يعملون بها). إذن، نساعد المؤمنين على الصلاة برفقة كلمة الله، على عيش كلمة الله، على تحقيق كلمة الله في حياتهم. هذه هي الرعاية البيبلية في نظري.
حين نعمل على تقدمة غذاء الكلمة للمؤمنين، لا نظنّ أنهم لوحة لم يكتب شيء عليها. فلهم خبرة الحياة وحسُّ الإيمان. وهم يستطيعون بالتالي أن يتجنَّدوا في مشاركة بيبلية مسؤولة ومثمرة، وإن كانوا لا يعرفون قواعد التأويل العلمية. والمشاركة البيبلية (أي الاقتراب من البيبليا) ليست من الدرجة الدنيا بالنسبة إلى التأويل والتفسير. المشاركة البيبلية أي القراءة الروحية المشتركة (أو: القراءة الربية) توازي الاقتراب التأويلي. وكلاهما يكمِّل الاخر. بما أن البيبليا هي كلمة الله في كلام بشري من أجلنا ومن أجل خلاصنا، فلا الاقتراب التأويلي يكفي ولا الاقتراب الروحي يكفي وحده. فعلى المفسّرين الذين يساعدون المؤمنين على أخذ غذاء كلمة الله، أن لا يعطوهم حجراً بدل خبز الكلمة.
إنه لمن الضروري والمهمّ أن نفتح البيبليا للعلمانيين، أن نعطيهم طعام الكلمة لأن للعلمانيين دعوة خاصة بتحويل واقع هذا العالم (الاقتصاد، العلم، الفن)، إلى واقع ملكوت الله بقوة كلمة الله. لا وقت لي حتى أتوسع في هذه الفكرة. ولكن يكفي أنني أشرت إليها.
لأجل كل هذا، قرر أصدقاؤنا في آسيا (ت 2، نوفمبر) أن يرسل كل عضو كامل ثلاثة مسؤولين، يكون أحدهم علمانياً.

خاتمة
أطلت الكلام. ولكني أحببت أن أجعل هذا المؤتمر في إطار ما تعيشه الرابطة من نشاط ومجهود. سأتكلم عن هذا المؤتمر، عن هذه الخبرة في عدة مناسبات. أما أنتم فقد كان لكم هذا المؤتمر حدثاً له مدلوله وأهميته. أنا أتمنى، وأنا أتيقن أن ما زُرع في هذه الأيام سيعطي ثماراً في الأيام المقبلة.
وفي النهاية أقول لكم مرة أخرى، أنتم الذين شاركتم وأنتم الذين نظمتم هذا المؤتمر بصورة رائعة، أقول لكم: شكراً، شكراً.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM