سبّحوه بالعود والكنّارة، صلاة من المزامير الربّ راعيّ

     
الربّ راعيّ-23

موضوع الله الراعي يدلّ قبل كل شيء على الله الذي يقود شعبه إلى أورشليم، سواء بعد الخروج من مصر (77: 20) أو بعد العودة من الجلاء. هناك ينتظر الله هذا "القطيع"، فيقدّم له الخبز والخمر بانتظار أن يصبح ضيفه. وموضوع الله الراعي هو موضوع عناية الله بكل واحد منا. أما هكذا كان يسوع الراعي الصالح الذي يعرف خرافه وخرافه تعرفه؟
حين يمسك إله العهد شعبه بيديه، فهو يفيض عليه الخير بحيث لا يعوزه شيء: طمأنينة تامة، طعام وفير. وهكذا تُلبَّى كل رغباته. فمهمّة الراعي تقوم بالدفاع عن القطيع ضدّ الأخطار، ورعاية الخراف في أفضل المراعي.
وتبدأ مسيرة العودة (آ 2- 4) بقيادة الربّ، في طريق يقود إلى الراحة والبرّ بعد أن نخرج من عالم من العنف والضيق. تعبَ الشعب من الركض وراء الآلهة الكاذبة، وها هو يستعيد نفَسه. هو خاطئ ولا يستحقّ عناية الربّ، ولكن الله قرّر أن يفعل من أجل اسمه.
ويحدّثنا القسم الثاني من المزمور (آ 5- 6) عن الخبز والخمر وزيت (عطور) الضيافة التي ستكون عطايا أرض الميعاد. ويُظهر الربّ سخاءه بمائدة عامرة تجعل الأعداء ينحسدون ويغضبون. أما المؤمن الذي استضافه الربّ، فيمتلك ملء البركات التي لا تقف عند هذا الدنيا بل تفتحه على الأبديّة.

نسبّحك أيها الراعي الذي يهتمّ بخرافه
ونمدحك لأنك تقود خرافك إلى المراعي الخصبة والمياه الهادئة
تردّ عن شعبك الأذى، وترفع عنه كل شرّ
إذا ضلّ الطريق تهديه، وإذا سلك الأماكن الخطرة تمنع عنه الخوف
ننظر فنرى عصاك فنرتاح، لأنها علامة حضورك الساهر المحبّ
نسمع صوتك، بل وقعَ أقدامك، فنتشجّع ونتعزّى ونصبر على كل مكروه
راعينا معنا، لهدا تطيب نفسنا وتنسى كل همّ
راعينا رفيق دربنا يوصلنا إلى مكان نربض فيه
بل يجمعنا كلنا في حظيرته الواحدة والرعيّة الواحدة
لهذا ننشد لك يا يسوع: الربّ راعيّ فلا يعوزني شيء.

الربّ راعيّ فلا يعوزني شيء.
أنت يا من تهتمّ بشعبك كله، بل تهتمّ بكل فرد من أفراد شعبك، أعطنا الثقة بك
غمرتَ شعبك القديم بالبركات: أعطيتهم المنّ من السماء فأكلوا
وأخرجت لهم المياه من الصخر فشربوا
كنت لهم في النهار ظلاً يقيهم الحر، وفي الليل نوراً يهدي طريقهم.
فما أعظم عطاياك أيّها الربّ إلهي.
ولكنهم تحسّروا إلى بصل مصر وتومها وبطيخها الممزوج بالعبوديّة.

وغمرتنا نحن ببركاتك الغزيرة، ولكننا تصّرفنا كالابن الأكبر
طلبنا جدياً نتنعّم به مع أصدقائنا بعيداً عنك
وأنت قلت لنا: أنتم معي دائماً أبدأ، وكلّ ما هو لي هو لكم.
لهذا نعود إليك نادمين بعد أن عرفنا عظم عطاياك
وها نحن مستعدون لأن نضحّي بكل شيء من أجلك يا درّة ثمينة
فنكون معك ونسير على خطاك.

في مراع خصيبة يقيلني ومياه الراحة يوردني
ينعش نفسي يهديني سبل الحقّ من أجل اسمه
لو سرت في وادي ظلال الموت لا أخاف سوءاً لأنك أنت معي
عصاك وعكازك هما يعزيانني ويشجعانني، هما يحميانني.

وأودّ يا ربّ أن أنسى الصورة، صورة المراعي الخصبة والمياه الباردة
فأتعلّق بك أنت الغذاء الحقيقيّ والماء الحيّ
أود أن أترك طرق المروج وموارد الماء لأتطلّع إلى سبل الحق،
أتطلّع إليك أيها الطريق والحق والحياة.
معك لا أخاف، ولو كنت في وادي ظلال الموت.
لو أقعدني المرض وهدّدني الأعداء، أنت معي فلا أخاف شراً
وإذا كنت يا الله معنا فمن يقدر علينا.

أنت يا نوري وخلاصي، أنت يا حصن حياتي، أنت معي
إذا توقّفتُ تتوقّف، إذا سرتُ تسير، كالأب يوقع خطواته على خطى ابنه
إذا تعبت تقوّيني، إذا حزنت تعزّيني
إذا يئست تشجّعني وإذا وصلت إلى حافة الموت تعيد إليّ الحياة
فما أعظمك وما أكرمك يا إلهي.

عصاك التي بيدك لا تستعملها للضرب
أنت يا من لا يريد موت الخاطئ بل أن يعود عن ضلاله.
عصاك تستعملها لتقودنا نحن شعبك
إلى طعام من أكل منه لا يجوع
وإلى مياه من شرب منها لا يعطش،
والى راحة أين منها الراحة التي يهبها لنا البشر.

نحن كأبناء قانا الجليل ما عرفنا بعد تماماً عظمة الخمرة الجديدة
لأن فيها طعم الألم ونكهة الصليب
نحسّ بها عندما تأتي الساعة التي تحدّثت عنها، ساعة الموت.
نحن كالسامرية على البئر

كدنا نمرّ قربك يا ماء حياً دون أن ننتبه إليك،
ولكننا سنعوّض الزمن الذي أضعناه،
فندركك أنت يا من أدركتنا
ونفهم أن حياتنا سيرٌ على خطاك ولو وصلت بنا المسيرة إلى الصليب.
نحن كاليهود الذين أكلوا خبزاً كسرته لهم وسمكاً أشبعتهم منه.
أعطنا أن نفهم سرّ جسدك ودمك أمامنا على المذبح أنت يا خبز الحياة.
فإن أتينا إليك فلا نجوع، وإن آمنا بك فلا نعطش.

تهيّىء قدّامي مائدة تجاه خصومي، تجاه من يضايقني
وتدهن بالطيب رأسي وكانسي رويّة، تروي وتشبع
الخير والرحمة يتبعانني كل إيام حياتي
وأسكن في بيت الربّ إلى مدى الأيام.

نحن شعبك يا ربّ وضيفٌ عليك في أرضك فلا نخاف عدوّاً
وإن حصل لنا الضيق زماناً يسيراً، فالمجد ينتظرنا.
فمن يجرؤ أن يمسّ ضيوف الله وأحبّاء الله؟
نحن ضيوفك، تُدخلنا إلى بيتك فنجد لديك الأمان
بل تُجلسنا إلى مائدتك كما أجلست تلاميذك ليلة العشاء السّري
تستقبلنا بالطيب تدهن به رأسنا فنصير رائحتك الطيبة
وبالخمر تملأ كأسنا فزوينا وتشبعنا
نسيناك مراراً أنت الينبوع الحيّ،
واحتفرنا لنا آباراً مشقّقة لا تحتفظ بالماء.

أنت يا إله الخير تُغدق علينا الخير، فلا تمنع عنّا عطاياك
أنت يا إله الرحمة، أرسل علينا دوماً مراحمك الفيّاضة
بل أنت ترسلها لا يوماً أو يومين،، بل كلّ أيام حياتنا
أنت الأمين على مواعيده، الثابت في عطاياه
نحن نسير إلى بيتك، نسير إليك وأنت ترافقنا مدى الأيام كما رافقت شعبك
جئتَ به من أرض العبودية إلى أرض الحريّة، من المنفى والهجرة إلى الوطن فيا لسعادتنا في مساكنك يا ربّنا القدير
إليها نشتاق ونتوق ونحسد العصفور الذي وجد له عشاً قرب مذابحك
وفيها نتمنّى أن نمضي أيامنا في خدمتك.

إليك نرفع صلاتنا، أيها الراعي الصالح، يا من بذلت نفسك من أجلنا
إليك نقدم حاجاتنا، يا راعياً تعرت خرافك واحداً واحداً وتهتمّ بها لتجمعها
إليك نقدم ذواتنا أنت يا من قدّمت ذاتك عنا، وبذلت نفسك في سبيلنا
نحن خرافك بعد أن كنا ضالين تائهين.

منك نطلب النور في طريقنا إليك وعلى دروب الحياة
منك نسأل الشجاعة والقوّة في صعوباتنا ومشاكلنا.

إياك نشكر لأنك أنعمت علينا فدعوتنا إلى ملكوتك ومجدك
إياك نشكر على عطيّتك العظمى يا ربّ العطايا.
إياك نشكر لأنك وحَّدتنا بك، جعلتنا من العيلة، من أهل البيت
إياك نشكر لكلامك المتجدّد دائماً كالعشب الأخضر على مجاري المياه.
إياك نشكر للحياة التي تهب الراحة.
إياك نشكر على مياه المعمودية التي تنعش نفوسنا وتقويها،
بل تجعلنا أبناء وورثة في الملكوت.
إياك نشكر لعطية الروح
نلناها بمسح الزيت المقدّس فصرنا شهوداً لك حتى أقاصي الأرض.
إياك نشكر لأنك وهبتنا جسدك ودمك، في مائدة مهيَّأة دوما لنا،
وفي كأس تفيض منه خيراً وَجوداً.

أنت يا من غمرتنا بأفضالك، نشكرك وننشد لك يا راعينا
أنت يا من دعوتنا إليك، ها نحن نتقدّم إليك لنسكر بحبّك
بل أنت يا ضيفنا يا من تدقّ الباب.
نريد أن نفتح لك الباب فتتعشّى معنا،
ونتعشّى معك، فتبقى معنا إذا أظلم النهار،
وإذا اختفيت وما عدنا نراك،
تبقي لنا جسدك ودمك
فيكون زاداً لنا في السفر على دروب الحياة بل إلى الأبدية. أمين.

     

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM