سبّحوه بالعود والكنّارة، صلاة من المزامير :يا رب بك احتميت :7

يا رب بك احتميت 7

كان موضوع مز 6 المريض الذي يرفع شكواه إلى الربّ. أما موضوع مز 7، فهو البريء الذي يتطلع إلى عدالة الله في تتدخّل من أجله. ونجد هنا كل عناصر ليتورجية دينونة الربّ: إعتراف سلبي (إن أسأت، إن لطّخت يدي بالجور، آ 4- 6)، استحلاف لله بأن يعقد المحكمة آ 7- 9 أ)، طلب المتشكّي (آ 9 ب- 11)،   التأكّد من   أن    الله   سوف   يتدخل (آ 12- 17).
في  البداية   (آ 2- 3)   يصوّر المرتّل الوضع. وفي النهاية يعد بأن يتلو فعل الشكر (آ 18). يكون المؤمن في الهيكل حيث يُعبد الربّ العليّ. لقد جاء يحتمي من ملاحقة العدوّ. اضطّهده أعداؤه فلجأ إلى الله من "حيوانات يريدون افتراسه".
ويبدأ العمل الليتورجيّ بقسم يعلن فيه المؤمن براءته: يداه نقيّتان. وهو لم يبادر إلى عداوة أحد، كما أنه لم يستحقّ هذا الهجوم من خصومه.
والمشتكي متأكّد من حقّه لكي يتجاسر ويطلب من الربّ أن يعقد المحكمة أمام جميع الشعوب. ويستحلف الله بأن يقوم، بأن يستيقظ، بأن يأمر بانعقاد القضاء فتسكت القوى التي تريد أن تخنق العدالة.
ونلاحظ التعارض بين استحلاف احتفاليّ ولهجة متواضعة لدى المؤمن. نجد من جهةٍ الشعوب المجتمعة، ومن جهة ثانية قضيّة صغيرة يقدّمها المرتّل. ولكن لا قضايا صغيرة عند الربّ. فحين تبدأ الدينونة فهي تشجب الأشرار وتثبّت البارّ في حقّه. ويخضع "المتهم" لنظر الله الذي يفحص القلوب والكلى. فهذا القاضي سيكون له ترساً، سيكون له مخلّصاً. فهو من مستقيمي القلوب.
وينقل الكاهن إلى المؤمنين قرار الله. إنه القاضي الذي يسهر دوماً، وسلاحه مهيّأ دائماً: سيفه، قوسه، سهامه. أما الموت للشّرير فهو نتيجة ما زرع. حفر حفرة فوقع فيها، وفكّر بالشرّ فسحقه الشرّ. تلك هي دينونة الله.

صلاتي اليوم يا رب، توسّلٌ إليك وتقرّب منك
فأنا الضعيف آتي إليك، وأنا الصغير أدنو وأتضّرع.
أتيت أمامك خاشعاً، أطأطىء رأسي ذليلاً فأنتظر من لدنك نظرة يا الله.
كعين العبد إلى سيّده، وعين الأمة إلى مولاتها، هكذا عيوننا إليك حتى ترحمنا.

أتوسل إليك يا رب، أسألك بإلحاح، وأردّد صلاتي ولا أتوقّف
أضع نفسي تحت حمايتك، وكلّ همي أن أُفلت من الخطر
أكل إليك أمري، أجعل بين يديك حياتي، وأربط مصيري بكلمة من فمك
أسجد على قدميّ، وأرفع إليك يديّ خاشعاً متضرّعاً، فأجبني برحمتك وانظر إليّ بمحبتك.

أيّها الربّ إلهي بك احتميت. خلّصني، وممن يطاردني نجني، لئلا يمزّقني كالأسد، ويفترسني ولا من نجاة.

هذه هي صلاتي يا رب، هذا هو توسّلي
أتيت إليك، أتيت الجأ إليك، وأطلب الحماية لديك
أتيت لأخضع لحكمك، أنت يا من أوصيت بالإنصاف
أنا أسلِّم لك أمري، ولا أقبل حكماً إلا حكمك يا رب.

خلّصني ونجّني يا رب، فمنك الخلاص ومن لدنك النجاة
قم يا رب في غضب، واجه أعدائي، قم من نومك واسهر على أحبّائك
إجمع الأمم واجعلها حاضرة أمامك، فأنت الإله العادل.

إن كنتُ، يا إلهي، أسأت إلى أحد في شيء
فتلطّخت يدي بالظلم، أو كافأت من سالمني شراً
أو سلبتُ خصومي باطلاً، للعدوّ أن يطاردني ويلحق بي
ويرميني إلى الأرض وأنا حيّ، ويمرّغ في التراب كرامتي.

هذا هو ندائي وقت الضيق، هذا هو دعائي وقت الاضطهاد
قالوا إني خاطئ، إني أسأت وسلبت، وكافأت الخير بالشر
فأنت يا رب تعرف ما في أعماق قلبي، أنت يا رب فاحص القلوب والكلى لهذا لا يخفى عليك شيء، لهذا أسلم إليك قضيّتي.

هذا ما حدث لك يا يسوع حين اتهّموك زوراًَ وقالوا فيك كلاماً قاسياً
سمّوك بعل زبوب ورئيس الشياطين، لأنك طردت الشياطين من أبنائهم
حكموا عليك ظلماً، وفضّلوا عليك اللص والقاتل، فضّلوا عليك برأبا.
قتلوك، وحسبوا أن حكمهم أنهى القضيّة. ولكن الله أقامك فأفحم الكاذبين
وأظهرت بقيامتك انتصارك على العالم وعلى الخطيئة، انتصارك على الناس أجمعين.

وأنت لم تتعجّب يا يسوع، فهكذا عاملوا أنبياءك من قبلك
قتلوا منهم واضطهدوا، سفكوا دم جميع الأنبياء حتى دم زكريا
وأرسلت إليهم رسلاً، فاضطهدوهم ولاحقوهم من مدينة إلى أخرى
إحتملوا التعذيب، ورفضوا النجاة في سبيل القيامة إلى حياة أفضل
وظلّوا يَجْرون بعزم في ميدان الجهاد الممتدّ أمامهم، ناظرين إلى رأس ايمانهم ومكمّله،
ناظرين إليك يا يسوع، أنت يا من تحمّلت الصليب مستخفّاً بالعار.

قم يا ربّ في غضب، وتغلّب على كيد خصومي.
تعال إلى نجدتي مسرعاً، أما أوصيت الإنصاف؟
واجمع الأمم من حولك، وأنت فوقهم في الأعالي
لأنك يا ربّ تدين الجميع. أنا صادق ونزيه فأنصفني
إقطع يا ربّ شرّ الأشرار، وعزّز مكانة الصالحين
إمتحن ما في القلوب يا ربّ، فأنت الإله العادل.

هذه هي صرختي من أعماق ضيقي، فاستجب لي يا ربّ
أنا لا ألتجىء إلا إليك، ولا أعبد إلهاً سواك
فاطبع كلماتك في قلبي، وارسم أعمالك أمام عينيّ
أنت تستجيب للسماء، تستجيب للأرض، وتدعونا شعبك، وتسمّي نفسك إلهنا
فكم يجب أن تكون ثقتنا كبيرة فيك يا الله!

أنت تنجّيني من الأسد، أي من الذي يتّهمني طالباً حياتي
أنت تقول: الآن أقوم، الآن أرتفع، الآن أتعالى
أنت تدعو الأمم للاستماع والشعوب للإصغاء
وتعلن أنك تسكن مع المنسحق القلب والمتواضع الروح.

الله ترس لي وخلاص للمستقيم القلب
الله قاضٍ عادل ويتوعّد كل يوم
على من لا يتوب يصقل سيفه، ويحني قوسه، ويسدّد سهامه
يرميه بسلاح مميت، بسهام يجعلها ملتهبة.

أنت هو الديَّان العادل، وأنت تمارس دينونتك في كل يوم وفي كل ساعة
أنت تبطىء في غضبك، وتصبر لئلا تعاقب سريعاً
أنت تنتظر بحنان عودة الخاطئ ورجوعه عن خطيئته لئلا يموت
وقداستك تحكم في كل وقت على قساة القلوب
أنت تقف البوم وكل يوم لتدين الأمم والشعوب.

أنت قلت يا ربّ: كما تدينون تدانون، وبما تكيلون يُكال لكم
وأنت علّمتنا يا ربّ أن نقول: إغفر لنا ذنوبنا كما نحن نغفر للمذنبين إلينا
وقلت لنا: عاملوا الآخرين مثلما تريدون أن يعاملوكم
هذه هي خلاصة. الشريعة وتعاليم الأنبياء.

أجل ستردّ لنا يا ربّ بحسب أعمالنا، وتعامل بالرحمة من يعمل بالرحمة
لأننا سنقف أمام منبرك لننال جزاء ما فعلناه في الجسد شراً كان أو خيراً.

الشرير يتمخّض بالخطيئة يميل بالفساد ويلد الكذب
يحفر حفرة ويوسّعها، وفي الهوة التي صنعها يسقط
يرتدّ فساده على رأسه، وعلى نافوخه يقع جرمه
أحمد الربّ لعدله، وأرتّل لاسمه تعالى.

ما نعمله يا ربّ من أعمال يعود علينا، خيراً كان أو شراً
أنت يا رب ميّزتنا عن سائر المخلوقات
أعطيتنا أن نتكلّم، أن نتصرّف. أعطيتنا أن ننعم بقدرتك
ولكنك يا رب لا تعود عن عطاياك، وإلا عارضتَ نفسك بنفسك.

أنت تردّ لإنسان ما يستحقّه، أنت تمنحه الحياة التي أراد أن يحياها
أنت تحترم الحالة التي اختارها الإنسان لنفسه، لأنك تحترم صورتك المطبوعة فيه
أنت تتبنّى أعمال البشر مهما كانت، فتأخذ الخير وتكمّله. وتحوّل الشر إلى الخير
أنت تعمل كل شيء لخير الذين يحبّونك، وتهتّم بالذين دعوتهَم حسب قصدك.
غير أنّ حياتنا في خطر يا الله، بسبب العدوّ الذي يحيط بنا.
هناك عدوّ من الخارج، وهناك عدوّ من الداخل
ويمكن أن يكون أهلُ بيتنا أعداء لنا، يمكن أن نكون نحن أعداء أنفسنا.

وهناك العدوّ الأساسي، الشيطان الذي يتهمنا في كل وقت كما اتّهم أيوب
إنه يحاول أن يدمّرنا، إنه ينطلق من ضعفنا ليجعلنا نيأس
إنه يعتبرنا بعيدين عن الله بسبب خطايانا، فأسكته يا رب وأسمعنا صوتك
فنحن لا نريد أن نصغي إلا إلى صوتك، ولا نريد أن نسمع إلا إلهاماتك.
نحن نريد يا ربّ، أن نلتصق بك في صلاة خاشعة
ونحن ننتظر مجيئك في المجد، لتدين الأحياء والأموات.
نحن نشتاق إلى ظهورك، ونحبّ يوم مجيئك، فتعال أيها الربّ يسوع.
يومُ مجيئك هو يوم انتصارنا، يوم مجيئك هو يوم عزّنا.

بموتك قتلت الموت، وبقيامتك أعطيتنا الحياة
لقد اقتلعت شوكة الموت التي هي الخطيئة، فالحمد لك يا رب!
لقد قهرت الشيطان ورأيته يسقط من السماء كالبرق
ولكننا ننتظر هزيمته النهائية فيزول وتزول معه الخطيئة.

فننشد حينذاك نشيد الظفر، نشيدك أيها الحمل:
عظيمة وعجيبة هي أعمالك أبها الرب الإله القدير
من لا يخافك يا رب، من لا يمجّد اسمك؟
قدوس أنت وحدك.
جميع الأمم ستجيء وتسجد بين يديك
لأن أحكامك العادلة ظهرت لكل عين.

هذا هو نشيدك يا يسوع، وهذا هو نشيدنا
هذه هي صلاتك أنت يا من حاربت الشرّ حتى النهاية
وهذه هي صلاتنا نتلوها لك فنقول: نجّنا يا رب من الشرير
ولا تسمح أن يفصلنا شيء عن محبّتك يا ربنا يسوع المسيح.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM