مع جماعة رومة : الخاتمة
 

 

الخاتمة

تلك كانت تأمّلات لنصوص أُخذت من الرسالة إلى رومة. أو بالأحرى هي دروس لبعض المقاطع التي اخترناها من أجل الدرس والتعمّق، قبل الصلاة الشخصيّة التي تُدخلنا شيئاً فشيئاً في فكر بولس الرسول، ولا سيّما في الرسالة التي تُعتبر قمة الرسائل البولسيّة في عمق التعليم وشرح العقيدة.
جاءت المقاطع متفاوتة. بين آيتين أو ثلاث آيات، وعشر آيات أو أكثر. أردنا التنوّع في الكتابة. فحين يكون النصّ قصيراً نتوقّف عند كل كلمة من كلماته. وحين يكون طويلاً، نتطرّق إلى المعنى العام دون أن ندخل كثيراً في التفاصيل. وفي كلا الحالين، حاولنا أن نقرأ هذه الرسالة التي لم نفسّرها بعد، كما فسّرنا سائر الرسائل البولسيّة، حتى الصغيرة منها، مثل الرسالة إلى فيلمون.
في هذا الكتاب، أوردنا النصّ الكتابيّ، وما اكتفينا بالإشارة إلى المرجع كما فعلنا في الكتب السابقة. هذا يعني أننا أخذنا موقفاً من الترجمات المتعدّدة للعهد الجديد في العربيّة، مع طبعات تتجدّد فلا تعرف أن تقف عند حدّ. وهكذا يضيع القارئ، ولا يستطيع أن يلجأ إلى الذاكرة ليحفظ بعض النصوص فيردّدها، يلهج بها في صلاته، إلى وقت تسكت الشفاه ويتكلّم القلب.
وهكذا أردنا في كتابنا هذا أن نتعرّف إلى بعض النصوص البولسيّة، كما سبق لنا وتعرّفنا إلى النصوص الانجيليّة. ونحن نرجو بعونه تعالى أن نقدّم نصوصاً بولسيّة أخرى، بانتظار نصوص العهد القديم. هكذا يصبح كلام الربّ في عهديه، قريباً من الناس. يصبح ينبوع الماء الحيّ الذي من يشرب منه لن يعطش، كما قال يسوع للسامريّة عند بئر يعقوب. وبعد ذلك، لا يحقّ لأحد أن يقول كيف نصلّي في رفقة الكتاب المقدّس. لا يحقّ لأحد أن يبحث عن آبار مشقّقة لا تحتفظ بماء، كما لا يحقّ له أن يطلب بعض الكتب التقويّة التي تعتبر نفسها حاملة كلمات من السماء. كلام الله معروف. فهو يبدأ في سفر التكوين ويمتد في العهد القديم، فيصل إلى العهد الجديد، وينتهي في سفر الرؤيا. أما سائر الكلمات التي تأتي بعد الكتاب المقدّس، فهي إما تستلهمه وتشرحه، وحينئذ تساعدنا على الدخول فيه. وإمّا تحاول خلق كتب جديدة تنتحل صفة الوحي وتعتبر نفسها ملزمة. مثل هذه الكتب بتقويّاتها الشخصيّة تعيد إلى أذهاننا الكتب المنحولة، التي حاولت أن تملأ «الفراغ» في حياة يسوع ومريم العذراء، فحملت مراراً الكثير من المغالطات.
فإذا أردنا أن نعرف المسيح، نتعرّف إلى الكتاب المقدّس. وإن جهلنا الكتاب المقدّس جهلنا المسيح وصعُبت علينا المسيرةُ في خطاه. فإن تركنا الربّ كما تركه عدد من التلاميذ بعد تكثير الخبز، فإلى من نذهب؟

 

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM