في رحاب الكتاب، العهد الثاني القسمُ الرابع الفصل الثاني والثلاثون بولس تجاه كنائس عصره
 

الفصل الثاني والثلاثون
بولس تجاه كنائس عصره

إن مكانة وأهميّة الرسائل البولسيّة في العهد الجديد، وفي تاريخ الكنيسة، يجب أن لا تنسيانا المقاومة القاسية التي واجهها بولس في حياته. فالتوسّعات الكبرى في رسائله والبراهين المتراصّة تدلّ على أن سلطته في الرسالة كانت مثار جدال. بل تفسير انجيله وشخصه. نحن نخطئ حين نظنّ أن بولس ساد على الكنائس سيادة لا ينازعه فيها أحد. وسلطته لم تُفرض أبدًا على المسيحيّين المتهوّدين والمحافظين، الذين كانوا أقوياء في الجماعات الأولى. والذين ورثوه في الرسالة لم يدركوا الاتجاه الخاص بفكره اللاهوتيّ. لهذا نحتاج إلى بعض التراجع لكي يظهر لنا وجهُ بولس الحقيقيّ في القرن الأول. هذا ما نعالجه في هذا المقال.

1- المشروع البولسيّ
لا نعرف إلاّ الشيء القليل عن الحقبة التي تفصل ارتداد بولس ودعوته عن مشاركته في اجتماع الرسل (مجمع أورشليم، غل 2: 1-10؛ أع 15) الذي التأم سنة 48-49. وما يقوله الرسول عنه لا يفي بالمراد (غل 1: 15-24). ولا يقدّم لنا سفرُ الأعمال ما يعيننا في هذا المجال (أع 13: 14). مقابل هذا، نمتلك وثائق عن المحاولة الرسالية الصاعقة التي تمتّ في السنوات التالية. انطلق بولس من أورشليم، فعبَر مرّات عديدة آسية الصغرى (تركيا)، مكدونيّة (اليونان)، وأسّس جماعات جديدة في غلاطية (قلب تركيا الحالية، حول أنقرة)، في لا مكدونية (فيلبي، تسالونيكي)، في كورنتوس. ونبتت لديه فكرةٌ تدعوه للذهاب إلى رومة وإلى اسبانيا (روم 15: 22-29).
غير أنّه أُوقف خلال سفرة ثالثة إلى أورشلم حيث كان يحمل مساعدات تتوخّى أن تظهر وحدة الكنائس المؤسّسة حديثًا مع كنيسة اليهوديّة، واعترافها بالجميل للكنيسة الأم (روم 15: 25-27، 30-32؛ غل 2: 10؛ 2 كور 8-9؛ فل 4: 10-20). ونُقل إلى رومة (في السنوات 56-58)، فوضع نقله حدًا لهذا المشروع: مشروع حمل الانجيل إلى أقاصي المعمورة.
احتفظ لنا سفر الأعمال بخبر هذا النشاط الرسوليّ. وما حاول أن يعيد بناء الخطب التي ينسبها إلى بولس، ولا أن يُظهر منحى لاهوته الخاص. علينا أن نتساءل عن الأسباب التي حدت بلوقا على القيام بهذا الاختبار. أما الآن فنتوقّف عند بعض النقاط:
أ- إن رسالة بولس لا تنفصل عن تفسيره اللاهوتي الاساسيّ للانجيل. وهذا التفسير يرتبط بدوره ارتباطًا وثيقًا بالطريقة التي فيها يروي لنا لقاءه بالمسيح (فل 3: 4- 14؛ غل 3: 12- 14). ولكن من الوضح أن "الوحي" الذي أوصله الله إليه عن ابنه (غل 1: 16)، دلّه على نهاية بحثه كفريسيّ، لكي يجد تبريره أمام الله في ممارسة الشريعة.
فالله لا يتجلّى في متطلّبات أعمال الشريعة، بل في عطيّة البرّ التي هي نعمة مجانيّة (روم 1:17-18؛ 3: 21-26؛ غل 2: 15- 21). وقد دلّ الصليب على فشل الشريعة نفسها حين اعتبر المؤمنون أنها تستطيع أن تعيد الانسان إلى دعوته الحقيقيّة (غل 3: 12- 14).
ب- وهذا الوحي الذي وُهب لبولس، لا يعني فقط انفتاح الكنيسة المسيحيّة على الوثنيّين. فمهمّة الرسل قد بدأت قبل بولس، حتى لدى غير اليهود. وتبعت في ذلك مثالَ المجامع المزروعة في بلاد الشتات، والتي انفتحت بعض الشيء على خائفي الله والمرتدين الجدد. وتضمّن الوحي الذي وصل إلى بولس إعلان الانجيل للوثنيّين دون المرور باليهوديّة.
وشرح الرسول موقفه أكثر من مرّة (روم 3: 26- 31؛ غل 2: 11- 21؛ 3: 26-29). ليس الله وقفًا على الذين نالوا الشريعة أو مارسوا الختان. فهو يعطي برّه لجميع الذين يؤمنون ويتقبّلون هذا البرّ. "أو يكون الله لليهود فقط؟ أو ليس هو الله للأمم أيضًا؟ بل للأمم أيضًا. لأن الله واحد، وهو يبرّر المختونين بالايمان واللامختونين باللايمان" (روم 3: 29- 30).
ج- واصل بولس مشروعه حتى النهاية. وهو إعلان الانجيل للوثنيّين دون أن يفرض عليهم أن يمرّوا في العالم اليهوديّ. وهذا ما دفعه إلى إعادة صياغة كرازته للصليب في مقولات ولغة مختلفة، من أجل مسيحيّين تحضّروا بحضارة هلنستيّة. هذا ما يجمله إنجيل بولس في ألفاظ تحكي عن الخلاص، عن القوّة والحكمة، عن الضعف والجهالة. وتجنّب الرسول بشكل منظّم مقولات التبرير وأعمال الشريعة وأعمال الايمان. فبولس لا يكتفي بأن يترجم لاهوته إلى اللغة اليونانيّة، بل يقوله من جديد ويعيد صياغته في لغة أخرى.
د- ولكن لم يكن مشروع بولس أن يبني كنيسة مسيحيّة أمميّة (من الأمم الوثنيّة) بجانب الجماعات الأولى التي كانت مسيحيّة متهوّدة (مسيحيون من أصل يهودي، وقد ظلّوا يحافظون على الممارسات اليهوديّة). فعلى مدّ نشاطه اللاهوتيّ والرساليّ، لبث مهتمًا بالتعبير عن وحدة الكنائس الجديدة مع الجماعة الأولى (في أورشليم). وقد أراد أن يجمع المسيحيين الآتين من العالم اليهوديّ ومن العالم الوثنيّ، حول مائدة واحدة (غل 2: 1- 21؛ رج روم 14: 1- 13:15). كما سعى إلى الحصول على اعتراف متبادل بين مختلف الجماعات. لهذا كانت المساعدات التي أرسلتها الكنائس إلى كنيسة أورشليم.

2- مشروع صعب
وهكذا بدا مشروع بولس في مجمله، متجاوبًا مع تماسك عميق. ولكننا نندهش حين نلاحظ أن بولس لقي مقاومة عنيفة في كل عمله، في لاهوته، وفي محاولته الرسوليّة، وذلك بسبب فهمه المميّز للإيمان المسيحي، وبسبب النقاط التي أثرناها في المقطع الأول.
أ- كفاح الرسول
خلال السنوات العشر التي تفصل اجتماع أورشليم عن السجن الأخير في رومة، ما فتئ بولس يثير جدالات حادة وعميقة، فوجب عليه أن يقف ثابتًا حيالها. والتأليف الحاليّ للعهد الجديد يجعلنا نشعر أن بولس أشرف بشخصه وفكره ونشاطه، على الثلاثين سنة الأولى في حياة الكنيسة. غير أن هذا مجرّد شعور. فالكفاح الذي قاده الرسول في رسائله يشهد بشكل صريح على واقع يختلف كل الاختلاف.
كفاح في الجماعات الهلينيّة التي أسّسها، تجاه تحريف الانجيل في حماس مبنيّ على روحانيّة "وثنيّة". فانجيل بولس لا يُعاش في احتقار الواقع. بل هو يُدخل في الواقع الحضاريّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ، مرماه الخاص. هذا ما نجده بشكل خاص في 1 و2 كور.
كفاح تجاه المسيحيّين المتهوّدين، المسيحيّين المحافظين، الذين يتدخّلون في عدد من الجماعات التي أسّسها (ولاسيّما في غلاطية وفي فيلبي)، فيعلنون إنجيلاً آخر (غل 1: 8-9)، ويعيدون ممارسة الشريعة والختان. هذا ما نجده في غل وفي فل. وبعض الشيء في 2 كور.
وفي كلا الحالين (أي تجاه الجميع تقريبًا)، وجب على بولس أن يدلّ على شرعيّة تفسيره اللاهوتيّ للانجيل (روم)، على شرعيّة سلطته الرسوليّة (2 كور 10-13) ونشاطه الرساليّ (غل 1-2). والصراع في كورنتوس (أقلّه في بداياته) يبدو صراعًا محصورًا في جماعة كوّنها بولس ففهمت كرازته فهمًا سيّئًا. ولكن بعد ذلك، جاءت المقاومة من الخارج. مقابل هذا، عرّضت المواجهةُ في غلاطية، الاعتراف برسالة بولس للخطر في نظر أورشليم والرسل. واعتراف العُمُد بالجماعات الجديدة التي أسّسها الرسالة البولسيّة. وهكذا دلّت هذه المواجهة على ضعف سلطة بولس في كنائس عصره.
ب- بولس موضوع نزاع
والنزاع بين بولس والمسيحيين المتهوّدين، سيكون عنيفًا وواضحًا في غل. ونحن نرى في هذه الرسالة العناصر الرئيسية في الجدال.
ونبدأ بالمعطيات التي بين أيدينا. فبعد حقبة أولى من النشاط الرسولي في سورية وكيليكيّة (غك 1: 21-24)، صعد بولس مع برنابا إلى أورشليم لينال الاعتراف برسالته لدى "العمد" يعقوب وبطرس ويوحنا (غل 2: 1- 10)، "فرأى هؤلاء أني أؤتمنت على الانجيل لغير المختونين، كما أؤتمن عليه بطرس للمختونين، لأن الذي عمل في بطرس لرسالة المختونين، عمل فيّ أيضًا لرسالة الوثنيين، وإذ عرفوا النعمة التي أوتيتها، مدّ يعقوب وكيفا (بطرس، صخر) ويوحنا، وهم المعدودون أعمدة، يمناهم إليّ وإلى برنابا عربون الاتّفاق الكامل، لنذهب نحق إلى الوثنيين (الأمم) وهم إلى المحنتونين" (غل 2: 7-9).
على أساس هذا الاعتراف (الاتفاق) المتبادلة، عاد بولس إلى آسية الصغرى عبر أنطاكية. غير أن غل تشير إلى حدثين خطيرين جعلا بولس يواجه المسيحيّين المتهوّدين في أورشليم. في أنطاكية أولاً التي وصل إليها بطرس. شرع بطرس أولاً يأكل مع الوثنيين،، وهكذا تجاوز إحدى القواعد اليهوديّة. ولكنه كان في خطّ اتفاق أورشليم في ما يتعلّق بالوليمة الافخارستيّة التي تدلّ بقوّة على اتحاد المسيحيّين سواء جاؤوا من العالم اليهوديّ أو من العالم الوثنيّ. ولكن في هذه الاثناء وصل "أناس من عند يعقوب" (2: 12). فأراد بطرس أن يلعب دور الوسيط، "فتنحّى خوفًا من المختونين"، وهكذا حطّم الاتفاق والتفاهم بين الجماعتين.
ج- توافق مهدّد
وهكذا لم يُقبل الاعتراف المتبادل. وتهدّد الاتفاق. ونصل إلى الحدث الثاني الأخوة الكذبة الذي وجدناهم في غل 2: 4- 5 (اندسّوا خلسة ليتجسّسوا حريتنا)؟ ربما. ومهما يكن من أمر، فهؤلاء قد وضعوا البلبلة، وقلبوا إنجيل المسيح (1: 7) وأعادوا الشريعة (3: 1- 6) والختان (6: 11- 16).
من هم هؤلاء المندسّون وماذا يشكّلون؟ أنهم غير المتطرّفين المتشيّعين. بما أنهم جاؤوا من عند يعقوب، فنحن نرى فيهم ممثّلين عن الجماعة الأولى في أورشليم أو محازبين لها. غير أن أهميتهم في زمن نشاط بولس، كانت كبيرة جدًا. ففي نهاية القرن الأول، وبعد انتشار الكنيسة الكبير في العالم الروماني، ودمار أورشليم، صاروا أقليّة وانغلقوا على نفوسهم.
يجب أن نذكر أن مختلف كتابات العهد الجديد (ما عدا رسائل بولس) تعود إلى هذه الحقبة الأخيرة، وقد وُلدت في أوساط المسيحيّين الآتين من العالم الوثنيّ. لهذا، لا نضلّ فنجعل من دور المسيحيّين المتهوّدين دورًا ثانويًا في أيام بولس. فمن أورشليم حدّد بولس حقل رسالته، وفي أورشليم نال الاعتراف بسلطة رسالته (غل 2: 1- 10). وفي أورشليم أيضًا أراد أن يدلّ على وحدة الكنيسة (روم 15: 22-32).
إذن، لقي بولس المعارضة لدى قسم هام في الكنيسة الاولى. فبماذا يتّهمونه؟
د- مقاومة المسيحيّين المتهوّدين
تدلّ براهين غل على أساس المسألة: التواصل بين الوعد والنظم التوراتيّة من جهة، ومدلول شخص يسوع وكرازته من جهة أخرى. هذا هو الموضوع الذي ينبغي فيه أن يقنع بولسُ خصومَه. فالمسيحيون المتهوّدون الذين يجادلهم، يقرّون مثله بالمدلول الحاسم لتعليم يسوع وموته وقيامته. غير أنهم يرفضون في تفسيرهم للانجيل، أن يمسّ الصليب الدورَ الخلاصيّ للطاعة للشريعة، وانتماء التلاميذ إلى تقليد اسرائيل، وامتيازات عهد موسى.
عاد بولس إلى العهد القديم يستقي استشهاداته، فبيّن للغلاطيّين أن أولاد ابراهيم يولدون بالايمان لا بالانتماء الجسدي إلى العالم اليهوديّ (غل 3: 6- 14؛ 3: 15-28؛ 4: 1-7؛ 4: 21-23). ولكن هذا الجدال لا ينتهي في غل ولا في فل ولا في روم. وفي لائحة العهد الجديد، سنجد أصواتًا من المسيحيّين المتهوّدين في إنجيل متى وفي رسالة يعقوب.
غير أننا سننتظر الوثائق المنحولة اللاحقة لنجد حدّة الكلام المتنامية ضدّ بولس في بعض أوساط المسيحيّين المتهوّدين الذين سيصيرون على هامش الكنيسة الكبرى. إن "كرازة بطرس" التي تعود إلى بداية القرن الثاني، تتحدّث عن بولس "الانسان العدوّ". وتعارضه مع بطرس، كما يوحنا المعمدان مع يسوع، كما الانتيكرست (المناوئ للمسيح) مع المسيح. يعتبر هذا المؤلِّف أن بولس مسؤول "بكلامه الخفيف" عن وضع يجعل الأمم ترفض التعليم الموافق للشريعة" (أي تعليم بطرس الذي لم يفهمه الكاتب المنحول ووضع يده على خطأ) وتأخذ بتعليم يعاكسه الشريعة" (هو تعليم بولس).
نجد هنا صدى لحركات متطرّفة. ولكن هذا لا يسمح لنا بأن نخفّف المعارضة لمشروع بولس في الكنيسة الاولى، في المسيحيّة المتهوّدة.

3- بولس في العهد الجديد
ونطرح سؤالاً: أية مكانة تُفرد كتبُ العهد الجديد اللاحقة والتي وُلدت بمعظمها وسط المسيحيّين الآتين من العالم الوثني، لرسائل بولس وللمناحي الخاصة في لاهوته؟
لاشكّ بأهمية بولس. فلولا تأثير بولس المباشر أو غير المباشر، لما وُجد مر، يو، لو، أع، في الشكل الذي نراها فيه الآن. ونشير إلى بعض الأمور.
أ- إن الجماعات الهلينيّة ولاسيّما جماعة أفسس، قد جمعت باكرًا مختلف رسائل بولس واحتفظت بها. وهكذا احتلت هذه الرسائل موضع الصدارة، منذ أول محاولات الكنيسة لتنظيم لائحة بالكتب التي تكون قاعدة الايمان والسلطة فيها.
ب- إن أع أعطى في رسمة تاريخيّة سريعة، صورة عن نشاط بولس الرسولي تساوي في أهميّتها أعمال بطرس إن لم تتفوّق عليها.
ج- استند عدد من كتّاب العهد الجديد إلى اسم بولس ليجعلوا كتابتهم أهلاً للثقة. ذاك هو وضع الرسائل الرعائيّة (1 و2 تم، تي)، وربما أف وكو.
فإذا وضعنا أف وكو جانبًا (هذا إذا لم يكن بولس كتبهما)، نجد أوضح تأثير للاهوت البولسيّ في كتابات لا تتحدّث عن بولس.
أمّا في الرسائل الرعائيّة التي تُنسب إليه، فالمواضيع اللاهوتيّة البولسيّة القليلة التي ظلّت فيها قد خسرت حرارتها ومدلولها. يكفي لذلك أن نقابل 1 تم 1: 8- 11 مع روم 7؛ 1 تم 1: 12-14 مع غل 1: 15-16؛ 1 تم 2: 1-7 مع روم 13: 1-7؛ 1 تم 8:2-15 مع 1 كور 7 أو 11. ونفهم رفض كل جدال تجاه التوسّعات اللاهوتيّة في الرسائل البولسيّة.
ونقول الشيء عينه عن الخطب التي جعلها لوقا في فم بولس في سفر الاعمال. فعل لوقا كما فعل المؤرِّخون في عصره، فألَّف بنفسه هذه الخطب حسب نظرته اللاهوتيّة الخاصة. لهذا، لا ندهش إن ترك لوقا عصر الفكر البولسي، وهو جدال حول الشريعة، وقطيعة مع العالم اليهوديّ الفريسي تجد ذروتها في صليب المسيح. ونستطيع أن نقابل غل 1: 11-24؛ فل 3: 2- 11 مع أخبار ارتداد بولس في أع 9: 19؛ 22: 3- 21؛ 26: 4-29، لنرى الفرق الشاسع. استعلمت الرسائل الرعائيّة سلطة بولس بعد موته. وتوقّف سفر الأعمال عند الرسول الذي حمل البشارة إلى أقاصي الأرض. ولكن هذه الوثائق لا تهتمّ بشكل خاص بالفكر اللاهوتيً الخاص ببولس.

خاتمة
يشكّل عمل بولس اللاهوتيّ والرسوليّ أحد المنعطفات الحاسمة في تاريخ الكنيسة الأولى. فلولا تفسيره للصليب والشريعة، لكان الانتشار المسيحيّ في العالم الروماني قد اتّخذ منحى مختلفًا، وكانت علاقات الجماعات المسيحيّة مع العالم اليهوديّ سارت في خطّ آخر.
إن بولس قد لاقى المعارضة خلال حياته، حول شخصه وفكره اللاهوتي وعمله الرسولى. جاءت المقاومة من حركات هلنستيّة مندفعة، كما جاءت من أوساط تقليديّة لمسيحيين متهوّدين ظلّ إيمانهم متجذّرًا في العالم اليهوديّ. أن تكون هذه الفئة الأخيرة قد صارت أقليّة في النصف الثاني من القرن الأول، لا يضعف المكانة المسيطرة التي احتلتها في السنوات الأولى من حياة الكنيسة. هذا ما يشهد له غل 1-2.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM