الدياتسارون وافرام
حين نتعرّف إلى تعامل الآباء السريان مع الكتاب المقدّس، نكتشف خطاً أول يتوقّف عند الحرف، ليصل بعد ذلك إلى الروح. ذاك ما قاله افرام السرياني في تفسيره لسفر التكوين: "بعد أن تكلّمنا عن بركات يعقوب "س و ع ر ا ن ا ي ت" في المعنى الفعليّ، الحقيقيّ (الذي يرتبط بالحرف والكلمة)، نتكلّم أيضاً "ر و ح ن ا ي ت" (في المعنى الروحيّ) (43: 1). هذا الخط يجعلنا في إطار مدرسة أنطاكية التي تجلّت بشكل خاص مع ديودورس الطرسوسي وتلاميذه ولا سيّما تيودورس المصيصي وتيودوريتس القورشيّ.
أما الخطّ الثاني فهو خاصّ بالعالم السرياني، ولا سيّما على مستوى الشعراء الذين ينطلقون من مقطع من مقاطع الكتاب المقدس، فيتوسّعون فيه بحريّة كبيرة، ويقدّمون التعليم، ويردّون على الهرطقات. نجد هنا بشكل خاص افرام، يعقوب السروجيّ، نرساي...
ونحن نقدّم في الخطّ الأول تفسيراً لمار افرام تسبقه مقاطع الدياتسارون.
افرام السرياني (306- 373) معلّم في القرن الرابع. ترك التفاسير العديدة في العهدين القديم والجديد. أما تفسيره للأناجيل، فشرح للدياتسارون، الذي دمج النصوص الانجيلية الاربعة، فانتشر في العالم السرياني انتشاراً واسعاً، قبل أن يُتلف ربّولا نسخاتِه في القرن الخامس. ولكن بقي لنا النصّ العربي، ونحن نورده مع شرح افرام للأمثال الانجيليّة الخمسة، موضوع كتابنا.
1- مثل العذارى العشر
أً:الدياتسارون
(1) حينئذ تشبَّه ملكوتُ السماء لعشر بتولات، أولئك اللواتي أخذن مصابيحهنّ وخرجن لاستقبال الختن والعروس. (2) خمسٌ منهنّ كنّ حكيمات، وخمس جاهلات. (3) وأولئك الجاهلات أخذن سرُجهنّ، ولم يأخذن معهنّ دهناً. (4) وأولئك الحكيمات أخذن دهناً في ظروف مع مصابيحهنّ. (5) فلما تأخّر الختن، نمن كلّهن ورقدن.
(6) وفي وسط الليل وقعت صيحة: "ها الختن يوافي، فأخرُجن لاستقباله". (7) حينئذ قام كل أولئك البتولات وهيّأن مصابيحهنّ. (8) قُلن الجاهلات للحكيمات: "أعطونا من دهنُكهنّ، فقد انطفأت مصابيحنا". (9) فأجاب أولئك الحكيمات قائلين: "ألعلّه لا يكفينا وإياكنّ. ولكن، إمضين إلى البايعين، وابتعن لكنّ".
(10) ولما انطلقن للابتياع، وافي الختن والمستعدّات دخلن معه إلى العرس، وأرتج الباب. (11) وأخيراً، وافت أولئك البتولات الأخريات أيضاً وقلن: "يا سيّدنا، يا سيّدنا، إفتح لنا". (12) أجاب وقال لهنّ: "الحقّ أقول لكن بأني لا أعرفكنّ". (13) تيّقظوا الآن، فليس تعرفون ذلك اليوم ولا تلك الساعة.
ب- افرام السرياني
(19) قال الربّ: خمس منهنّ كنّ جاهلات، وخمسٌ كنّ حكيمات. ما وصف بتوليتهنّ بالحكمة، لأنّهن كنّ كلّهن بتولات، بل أعمالهنّ الصالحة. فإن كانت بتوليّتك تساوي قداسة الملائكة، فلاحظْ أن قداسة الملائكة نقيّة
من الحسد ومن سائر الرذائل. وإن لم يُحكَم عليك بسبب الفجور، فلا يُحكم عليك أيضاً بسبب السخط والغضب.
2- مثل الابن الضال
أً: الدياتسارون
(11) وقال لهم أيضاً مثلاً آخر: "كان لرجل ابنان. (12) فقال له ابنه الأصغر: "يا أبي، أعطني سهمي الذي يخصّني من بيتك". فقسم بينهما قنيته. (13) ومن بعد أيام قلائل، جمع ابنه الأصغر كل شيء خصّه، ومضى إلى صُقع بعيد، وثَمّ بدّد قنيته بأن عالق مبذّراً. (14) ولما أفنى كلّ شيء له، حدث غلاء عظيم في ذلك الصُقع. ولما أعوزه (15) مضى فاتصل بواحد من أهل مدينة من ذلك الصقع، وأرسله ذلك إلى القرية ليرعى الخنازير. (16) وكان يتشوّق أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي تأكله الخنازير، ولم يكن انسان يعطيه.
(17) (ولما رجع إلى نفسه قال: "كم الآن من أجير ببيت أبي يفضل عنهم الخبز، وأنا ها هنا أهلك جوعاً. (18) أقوم فأمضي إلى بيت أبي وأقول له: يا أبي، أخطأت في السماء، وقدّامك. (19) وليس أستحقّ الآن أن أدعى ابنك. إجعلني كأحد أجرائك". (20) وقام وأتى إلى أبيه، فأبصره أبوه، وهو بالبُعد، وترحّم عليه، وبادر فوقع على صدره وقبّله).
(21) (فقال له ابنه: "يا أبي، أخطأت في السماء وقدّامك. ولا أستحقّ أن أدعى ابنك". (22) قال أبوه لعبيده: أخرجوا حلّة مرتفعة فألبسوه، وضعوا خاتماً في يده، وألبسوه خُفاً. (23) وهاتوا واذبحوا ثوراً معلوفاً، ونأكل ونتنعّم. (24) فهذا ابني كان ميتاً فعاش، وضالاً فوُجد". فأخذوا في اللذة).
(25) (وابنه الأكبر كان في القرية. ولما أتى ودنا إلى البيت، سمع صوت غناء كثيرين. (26) فدعا أحد الغلمان وسأله: "ما هو هذا"؟ (27) قال له: "أخوك وافى، وذبح أبوك ثوراً معلوفاً، إذ صادفه صحيحاً". (28) فغضب ولم يؤثر الدخول. فخرج أبوه والتمس منه الدخول. (29) فقال لأبيه: "كم من سنة أخدمك عبوديّة، ولم أتجاوز لك قطّ أمراً، ومنذ قط لم تهب لي جدياً لأتنعّم مع أصدقائي. (30) وهذا ابنك، لما بدّد قنيتك مع الزناة وجاء، ذبحت له ثوراً معلوفاً". (31) قال له أبوه: "يا ابني، أنت في كل وقت معي، وكل شيء لي فهو لك. (32) فمن الواجب أن تفرح وتلتذّ، إذ هذا أخوك كان ميتاً فعالق وضالاً فوُجد").
ب: افرام السرياني
(19) عشرة دراهم ومئة نعجة. قيل المثلُ لأبناء الناموس. فضلال الذي ضلّ، خطأٌ ضدّ كمال برّ الناموس. ويمكن للمثل أن ينطبق أيضاً على خطايا ضدّ البرّ الطبيعيّ، والدرهم يمكن أن يكون رمز آدم (الذي هو صورة عن البرّ الاصليّ المفقود). لماذا يكون للخطأة الذين يتوبون فرح أكثر من الأبرار الذين لم يخطأوا؟ أليس لأن الفرح حين يتوبون، يأتي بعد الحزن على خطيئتهم؟ ينبغي لك أن تفرح، لأن أخاك كان ميتاً فعالق. فالفرح والحزن عاطفتان في النفس. ولكن، كيف يفرحون ويحزنون في السماء؟ لأن هناك أناساً هلكوا بخطاياهم، يتحدّثون عن حزن في السماء، لكي نتألّم نحن. فإن كانت خطايانا تُحزن الملائكة، فكم يجب علينا أن نتوب؟ وقيل في المعنى عينه: ندمتُ لأني صنعتُ الانسان (تك 6: 6- 7).
(20) ويُقدّم مثلٌ آخر ابنين: وحين بدّد الابن الأصغر ماله. فالمعنى المطروح في المثل هو: بسبب الذي يتوب، هناك فرحٌ في السماء.
3- مثل الغني ولعازر
أً: الدياتسارون
(19) وابتدأ يقول: "كان رجل غنياً، (وكان) يلبس الحرير والأرجوان. وكان يتنعّم في كل يوم تباهياً. (20) وكان مسكين اسمه لاعازر، وكان ملقى على باب ذلك الغنيّ، ممتلئ بالقروح. (21) وكان يشتاق أن يملأ بطنه من الفتات الواقع من مائدة ذلك الغنيّ، حتى أن الكلاب كانت تأتي فتلحس قروحه. (22) فاتّفق أن مات ذلك المسكين، وأدّته الملائكة إلى حضن ابراهيم. وذلك الغنيّ مات أيضاً ودُفن.
(23) (وبينما هو يتعذّب في الهاوية، رفع عينيه من البُعد، ورأى ابراهيم ولاعازر في حضنه. (24) ودعا بصوت عالٍ وقال: "يا أبي ابراهيم، ترحّم عليّ، وأنفذ لاعازر ليبلّ رأس إصبعه بالماء، ويرطّب لي لساني. فإني هوذا أتلظّى في هذا اللهيب". (25) قال له ابراهيم: "يا ابني، أذكر أنك قبلتَ خيراتك في حياتك، ولاعازر بلاياه. والآن ها هو يستريح هاهنا، وأنت تتعذّب. (26) ومع هذا كلّه، فبيننا وبينكم وهدة عظيمة موضوعة. فالذين يُؤثرون من هاهنا العَبْر إليكم لا يستطيعون. ولا من ثمّ يعبرون إلينا أيضاً").
(27) (قال له: "فإذًا أرغب إليك، يا أبي، أن تُرسله إلى بيت أبي. (28) فخمسة إخوة لي، يمضي يحذّرهم حتّى لا يخطأوا هم أيضاً فيأتوا إلى مقرّ هذا العذاب". (29) قال له ابراهيم: "عندهم موسى والأنبياء، فليسمعوهم". (30) قال له: "لا، يا أبي ابراهيم. لكن انسان من الموتى يمضي إليهم يتوبون". (31) قال له ابراهيم: "إن لم يسمعوا لا لموسى، ولا للنبيّين، ولا انسان من الموتى أيضاً، إن يُقم، يصدّقوه").
ب- افرام السرياني
(12) كان الموت هو هو بالنسبة إلى الغني، وبالنسبة إلى لعازر، لا المجازاة بعد الموت. فالذي ما أراده خادمٌ واحد، حملتْه أيدي الملائكة. ذاك الذي ما أراد الغني أن يعطيه مكاناً في بيته، كان مسكنه حضن ابراهيم. أما الغني فاحتمل عذاباً مضاعفاً: عذاباته الخاصة ورؤية فرح لعازر. قابل يسوع كهنة الشعب مع ذاك الذي لبس البزّ، وهو لباس الشرفاء الذي لا يُضاهى. ورسل الصليب قابلهم مع لعازر الذي لم تكن تقابل دناءتُه. كشف اسم أحبّائه بواسطة لعازر، حبيبه، واسم أعدائه كشفه حين قال: إن لم يسمعوا لموسى والأنبياء... إذن، هناك أحياء ليسوا بأحياء، ومدفونون ليسوا بأموات.
(13) أنظر جيّداً: بقدر ما عاش الغنيّ في اللذة، كان لعازر في الذلّ. وبقدر ما كان لعازر مذلولاً، كان إكليلهُ جميلاً. وأرجوك، لماذا رأى ابراهيم ولعازر في حضنه، وقد تفوّق على جميع الأبرار؟ لأن ابراهيم يحبُّ المساكين. رآه، فعلّمنا أننا لا نستطيع أن نأمل بالغفران في الآخرة، إن لم تكن ثمرةُ الغفران فينا. فإذا كان ابراهيم المحسن إلى المسافرين (تك 18: 1 ي) والرحيم تجاه سدوم، لم يستطع أن يُشفق على الذي لم يُشفق على لعازر، فكيف نأمل الغفران لنفوسنا؟ دعاه الغني: يا أبي. وسمّاه ابراهيم: يا ابني. ولكنه لم يَقدر أن يساعده. تذكّر، يا ابني، أنك نلتَ خيراتك في حياتك، ولعازر بلاياه.
4- مثل العمّال في الكرم
أً: الدياتسارون
(1) تشبه ملكوت السماء لرجل، رب بيت، خرج غدوة لاستئجار فعلة لكرمه. (2) وقطع مع الفعلة ديناراً واحداً للفاعل الواحد في اليوم. وأرسلهم إلى كرمه. (3) وخرج على ثلث ساعات، ورأى آخرين قياماً بطّالين. (4) قال لهم: "امضوا أنتم أيضاً إلى كرمي، وما يجب أدفعه لكم". (5) ومضوا هم. وخرج أيضاً في الساعة السادسة والتاسعة، وفعل كذلك وأنفذهم. (6) وعند الساعة الحادية عشرة، خرج ووجد آخرين قياماً بطّالين، قال لهم: "لماذا أنتم قائمون، نهاركم أجمع، بطالون"؟ (7) قالواله: "لأنه لم يستأجرنا انسان". قال لهم: "امضوا، أنتم أيضاً، إلى الكرم، وما يجب تأخذون".
(8) فلما دنا المساء، قال صاحب الكرم لقهرمانه: "أدعُ الفعلة، وادفع إليهم أجورهم، وابدأ من المتأخرين وانته إلى المتقدّمين". (9) وجاء أُولو الاحدى عشرة ساعة، فتناولوا ديناراً ديناراً. (10) فلما جاء الأولون، ظنّوا أنهم يأخذون أكثر. فأخذوا هم أيضاً ديناراً ديناراً. (11) ولما أخذوا، دمدموا على ربّ البيت. (12) وقالوا: "هؤلاء المتأخّرون عملوا ساعة واحدة، وساويتهم بنا (نحن) الذين صلينا حرّ اليوم وثقله".
(13) أجاب وقال لواحد منهم: "يا رفيقي، ليس أجورُ عليك. أليس بدينار شارطتني؟ (14) خذ مالك وانصرف. فأنا أوثر أن أعطى هذا الأخير كما أعطيتك. (15) أولست مسلّطاً أن أفعل بشيئ ما اختار؟ أو لعلّ عينك تسوء، لأنني خيّر"؟ (16) هكذا يكون المتأخرون متقدّمين، والمتقدّمون متأخرين. المدعون كثيرين، والمنتخبون قليلين.
ب- افرام السرياني
(14) لنتحدّث الآن عن الأجراء الذين استأجرهم السيّد لكرمه، في الساعة الثالثة والسادسة والتاسعة. وحين بدأ يدفع للواصلين الآخرين، ظنّ الأولون أنهم ينالون أكثر، ولكنه عاملهم مثل الآخرين. وإذا كانوا يتذمّرون، قال: "إذا كنت أنا صالحاً، فلماذا عينك سيّئة". نال أصحاب الساعة التاسعة حظوة كبيرة. وطالب أصحاب الساعة الثالثة بوقاحة حول أجرهم. نتفحّص جيداً الكلمات التي قالوها. حين سألهم: لماذا أنتم قائمون هنا بطالين؟ أجابوا: لم يستأجرنا أحد. إذن، كانوا مستعدين، ولكن أحداً لم يستأجرهم. فيجب أن نميّز بين الذي نام فما حرّكه أحد، ولكنه مضى فيما بعد إلى العمل، وبين الذي نام كسلاً. الأول شكر محرّكه على عمله، والثاني بسبب كسله جازى محرّكه بالشتائم. من الواضح أن راحة الكسلان أكثر رخاوة من راحة العامل. (15) والعمّال المتكاسلون بسبب غياب العمل وربّ البيت، استأجرهم صوت، أرسلتهم كلمة، وفي غيرتهم لم يتّفقوا مسبقاً على أجر عملهم مثل الأولين. هو قدّر أعمالهم بحكمة، ودفع لهم كما دفع للآخرين. وضرب هذا المثل لئلا يقول أحد: بما أنني لم أُدعَ خلال صبائي فلا أقبل. ودلّ على أن (الله) يرضى عن الانسان أياً كانت ساعة رجوعه. وما بدأ بالأولين الذين تأكدوا من أجرهم تأكّداً. ولكن لئلاّ يظنّ الآخرون أنهم ينالون أقلّ، بدأ بهم.
(16) خرج في الصباح، في الساعة الثالثة، السادسة، التاسعة، الحادية عشرة. نفهم ذلك عن بداية الكرازة، ثم مسيرتها حتّى الصليب، لأنه في الساعة الحادية عشرة، دخل اللصّ إلى عدن. لئلاّ نتّهم اللص، أكّد ربّنا رضاه: لو استؤجر لكان عمل. "لم يستأجرنا أحد".
(17) نعطي اللاهوت ما لا يليق به، وهو يعطينا ما نحن أدنى منه بكثير. نُستأجر لعمل يناسب قوانا، ولكن يُعرض علينا أجرٌ يتفوّق على ذاك الذي نستحقّه بعملنا. في الدينونة، يمجّده (= الله) المؤمنون طوعاً. والمتحرّرون يُكرههم ذاك الذي هو فوقهم، والذي يُعطي الحرية على الأرض، ثم يُكره الأشرار والأخيار. ففي السماء، لا يقدر الصالحون أن يصيروا أشراراً، ولا الأشرار أبراراً. خرج في الصباح، في الساعة الثالثة، السادسة، التاسعة، الحادية عشرة. وفعل الشيء عينه تجاه الأولين والآخرين، فنالوا صورة الملك، ديناراً لكل واحد: كل هذا يدلّ على خبز الحياة الذي هو هو لكل انسان. واحد هو دواء الحياة للذين يأخذونه. في عمل الكرمة، قد نلوم صلاحه، ولكننا لا نقدر أن نلوم استقامته. ففي استقامته أعطى كما اتّفق. أمّا في صلاحه، فدلّ على حنانه، كما شاء. من أجل هذا التعليم، ضرب يسوع هذا المثل. ودلّ عليه بالكلمات: أما أنا مسلّط على بيتي؟ هذا المثل يليق بجميع الأجيال وبنهاية العالم. وفي الوقت عينه، دلّ بهذه الكلمات الأخرى: أم أن عينك سيّئة، أن المثل يعني الأزمنة الحاضرة كما نهاية العالم. مَن، سوى الله، وهب الأبرار المتأخّرين الحياة المباركة (التي أعطاها) للأبرار الأولين، وما عملوا لها؟ وبين الذين استُؤجروا، أما هناك الأطفال الذين ماتوا (في بيت لحم، مت 2: 16- 17)؟ وهابيل، قبلهم، مات شاباً. فهل يتذمّر بسبب شيت (تك 4: 5 2) الذي حلّ محلّه؟
5- مثل الزرع الجيّد والزؤان
أً: الدياتسارون
(24) ومثّل لهم مثلاً آخر فقال: "تشبه ملكوتُ السماء رجلاً زرع زرعاً جيّداً في قريته. (25) ولما نام الناس، جاء عدوّه وزرع زؤاناً بين الحنطة ومضى. (26) ولما نبتَ العشبُ وأثمر، لُحظ حينئذ الزؤان أيضاً. (27) وتقدّم عبيد ربّ البيت وقالوا له: (أليس بزراً جيّداً بذرت في قريتك، من أيّ مكان فيه زؤان"؟ (28) فقال لهم: "رجل عدوّ فعل هذا". قال له عبيده: "أتحبّ أن نمضي ونميّزه"؟ (29) قال لهم: "لعلّكم إذا ميّزتم الزؤان تقلعون معه حنطة أيضاً. (30) أتركوهما ينميان كلاهما معاً حتّى الحصاد. وفي وقت الحصاد، أقول للحصّادين: ميّزوا الزؤان أولاً واربطوه رباطات، ليُحرق بالنار. والحنطة اجمعوها إلى أمرائي").
ب- افرام السرياني
يرد مثل الزؤان في مقطعين:
* الأول
(25)... إنضمّ إلى الحنطة المزروعة في قلب الأرض، الزؤان. ومن وسط الشوك، طلع معها. ولكن إلى الإيمان المخفيّ في النفس الشجاعة والمتجرّنة، تنضمّ قدرةُ الله التي تطلع معه.
* الثاني
(19) يا ربّنا، أما بذرتَ بذاراً صالحاً في حقلك؟ فمن أين جاء الزؤان؟ فأجابهم: انسان عدو فعل ذلك، لا سيّد الحقل. إن كان أحد يعمل في عمل الزؤان، فنسأله: كيف يمكن لإله صالح زرع زرعاً في حقله، فيجعل هذا الحقل يتقبّل زرعاً آخر؟ إن لم يكن رمى الحبّ الصالح وسط الزؤان، فنكون أمام عمل الشرير.