خاتمة

خاتمة

هذا هو كتابنا الأول "في رحاب الكتاب". عنونّاه "العهد الأول". هو جزء أوّل في أربعة أجزاء، وربّما في خمسة. حاولنا فيه أن نفتح آفاقًا في عالم الكتاب المقدّس. على مستوى التاريخ، حطّمنا عددًا من "الأصنام" فرضته علينا القراءة الأصوليّة. فالشعب العبرانيّ الذي يقدّم تاريخًا مقدّسًا، يختار أشياء يضعها في كتابه ويترك أشياء أخرى. أما الوثائق القديمة من مصرية وحثيّة وأشوريّة وبابليّة، فهي تقدّم لنا عناصر تاريخيّة لا يمكن أن نغفلها.
وعلى مستوى النصوص، تركنا القراءة الحرفيّة التي لا تعرف أن تخرج من الحروف لتصل إلى المعنى الروحي. وتركنا قراءات قديمة اعتدنا عليها وكرّرناها وكأنها نصوص منزلة. فالكتاب المقدّس ليس منزلاً في حرفيّته، لا في العبريّة، ولا في الأراميّة، ولا في اليونانيّة. لاشكّ في أن ملهمه هو الله، وكاتبه الأول هو الروح القدس. ولكن الناس هم الذين جسّدوا حضور الروح من خلال كلمات وعبارات وفنون أدبيّة وأساليب كتابة. يبقى علينا أن نجعل النصّ في الاطار الذي كُتب فيه، ونفهمه فهمًا "كاملاً" قبل أن نطبّقه على حياتنا وحياة كنيستنا.
وعلى مستوى النظريات تركنا أمورًا اعتاد عليها الشرّاح في الماضي، ولا سيّما على مستوى التقاليد الأربعة. لسنا أمام نظرة جامدة اعتدنا عليها في الستينات حين كنّا نضع الألوان الاربعة على النصّ، فنقطع الآية بعض المرات قطعتين أو ثلاثًا. بل أمام نصّ أعيد التأمّل فيه من أجل روحانيّة تخرجنا من قيوده وتطلقنا إلى أبعد منه. فالوحي الذي وصل إلى شخص من الأشخاص ما زال موجودًا في الكنيسة. والالهام الذي رافق كاتب كلمة الله، ما زال يرافق الكنيسة لكي تفهم ما تقرأ على ما قال فيلبس المبشّر لوزير ملكة الحبشة. لهذا، لا نخاف من النزول إلى الأعماق لكي نكتشف الدرّة الثمينة التي لأجلها نبيع كل شيء لكي نصل إلى كلمة الله، إلى يسوع الذي هو الكلمة.
تلك كانت محاولتنا. علميّة وروحيّة. لا يُفهم الكتاب المقدّس فقط على مستوى العاطفة. بل يُدرس وتُقابل نصوصه مع نصوص لابيبليّة. فكل ما يساعدنا على فهم المعاني الكتابيّة يستحقّ أن نتوقّف عنده. على ما قال بولس الرسول. كل شيء لكم وأنتم للمسيح أي شرط أن تكونوا للمسيح. ونحن نقول: كل شيء لنا شرط أن نجعله في خدمة كلمة الله. وتكون قراءتنا روحيّة بمعنى أننا لا ندرس النصّ الكتابي وكأننا ندرس فقط نصًا قديمًا من النصوص يشبه ما تركه هوميروس أو أفلاطون. فالنصّ الكتابيّ الذي لا يصل بنا إلى الصلاة وإلى نداء من أجل حياة مسيحيّة حقيقيّة، يجعلنا نتساءل: هل لا يحمل هذا النص ماويّة حياة أم نحن لم نصل إلى اللبّ فبقينا على مستوى القشور؟
حاولنا. ونرجو أن نكون قد توصّلنا بعض الشيء. ونرجو، إن شاء الله، أن يتبع هذا الجزء الأول جزء ثان يرافق أبحاثنا وصلاتنا في رحاب الكتاب لئلا يبقى الكتاب المقدّس غريبًا عنّا ونحن عنه.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM