الخاتمة

الخاتمة

وهكذا انتهت مسيرتنا في عالم المزامير. انتهت قراءتنا لمئة وخمسين مزمورًا. من المزمور الأول والتطويبة التي يقدّمها لنا إن نحن ابتعدنا عن طريق الخطأة وسلكنا في شريعة الرب، إلى الأخير وفيه ما فيه من دعوة إلى التسبيح والتهليل مع الخليقة كلها وبكل أنواع الآلات الموسيقيّة. فكل جمالات الكون لا تكفي لتخبرنا عن جمالات الله. وكل موسيقى العالم تبقى غير كافية لتنشد ذاك الذي خلق الانسان منذ البدء وخلّصه في ملء الزمان.
مسيرة في ثلاثة أجزاء. ألهج بكلامك نهارًا وليلاً. أنشدوا للرب نشيدًا جديدًا. هلّلوا للرب من السماوات. عناوين أخذناها من كتاب المزامير لنصل إلى صلاة تنبع من المزامير. فنحن نكلّم الله بكلام الله. لساننا يعجز عن الاعراب عمّا في قلوبنا من حبّ لله وشكر له وتوسّل. لهذا نلجأ إلى الكتاب فتصبح كلمة الله صلاتنا. وتصبح صلوات الآباء منذ آدم وهابيل وابراهيم وداود وأشعيا، صلاتنا نحن اليوم في جماعاتنا وفي كنيستنا.
مسيرة طويلة وصفحات عديدة. ولكننا لا نقرأها كلها كمن يقرأ رواية من الروايات. نستطيع إذا شئنا أن نقرأ كل يوم مزمورًا. نقرأ النصّ في الكتاب المقدس مرّة بل مرّتين، ثم نعود إلى التفسير. كما نستطيع أن ننطلق من المزامير التي ترافق الصلوات الليتورجيّة، فنتوقّف عند هذا المزمور أو ذاك. حينئذ لن تعود صلاتنا جافّة بسبب بُعد المسافة بيننا وبين هذه المزامير. بسبب اللغة والحضارة اللتين تفصلاننا عن كتاب دوّن في شكله النهائي منذ ألفي سنة ونيّف، بل حمل معه تراثًا يمتدّ على آلاف السنين إن عرفنا أن هذه المزامير هي في الواقع خلاصة صلاة الشرق القديم منذ تمتماته الأولى.
مسيرة طويلة بدأناها معًا. وأنهيناها اليوم بنعمة الله ومحبّتكم. ولكن هل انتهت؟ كلا. فالكتاب المقدس ليس كتابًا واحدًا. فهو مكتبة واسعة تضِمّ عشرات الكتب. والعهد القديم بشكل خاص يبقى بعيدًا عنا لما فيه من صور وتعابير وفنون أدبيّة لا نقدر أن نفهمها إن لم يكن لنا رفيق في دربنا. من أجل هذا، قد تنطلق نصوص مختارة فترافق معرفتنا للكتاب دون أن نضيع في فيافي من النصوص الواسعة. والله هو الذي يوجّه خطانا.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM