هلّلوا للرب من السماوات

هلّلوا للرب من السماوات
المزمور المئة والثامن والاربعون

1. يتّصف هذا المزمور بأنه مديح لله الخالق. تنشده الخلائق في السماء وعلى الأرض وفي البحار. رجع المرتّل إلى "علوم الطبيعة" (أي 38: 1 ي) في زمانه، فعدّد الكائنات وأشركها في صلاته كما فعل الفتيان الثلاثة في أتون النار (دا 3: 52- 90).

2. الكون كله يسبّح الله ويمدحه لأنه خلقه بأمره وثبَّته إلى الأبد.
آ 1- 6: المرتّل يدعو السماء وما فيها إلى تسبيح الربّ.
آ 7- 12: المرتّل يدعو الأرض وما عليها إلى حمد الربّ.
آ 13- 14: شعب الله يحمل تسبحة الخلائق إلى الربّ.
في القسم الأول يدعو المرتّل كل ما في السماء إلى مشاركة المؤمنين تسبيحهم في الهيكل. يدعو الملائكة إلى مشاركة البشر مديحهم، وجنود الرب هم ملائكته. كان الاقدمون يحسبون أن القمر والكواكب والسماوات هم آلهة، أو أقلّه كائنات سريّة تهدّد حياة الانسان. أما في هذا المزمور، فقد أصبحت عناصرَ تدخل مع الانسان في جوقة غنائية. وما الذي يدفع الجميع إلى هذا المديح؟ اسم الرب. الرب خلق كل شيء باسمه ومن أجل اسمه. هو سبب الخليقة وغايتها. كل شيء هو لمجده. خلق الله الكون وثبَّته فلا يعود إلى العدم كما حدث في الطوفان (تك 8: 22).
في القسم الثاني نرى جوقة ثانية تنشد مجد الله، جوق ما على الأرض وما تحت الأرض. يذكر المرتّل التنانين واللجج مع الجبال والتلال. أما الكائنات التي تكوّن خطرًا على الانسان، كالنار والبرد والعاصفة، فهو يدعوها إلى أن تشارك الانسان مديحه، لأنها لم تعد تحمل أي خطر بعد أن صارت خادمة مطيعة لكلمة الله.
في القسم الثالث نرى شعب الرب يسبِّح اسم الرب، وقد كشف عن ذاته لأناس صاروا أتقياءه وأحباءه، إلى شعب يستطيع أن يقترب من الله ويكون الله قريبًا منه (34: 19).

3. يبدأ المزمور وينتهي بكلمة هللويا، أي هلّلوا، سبِّحوا الرب. وتعود كلمة "هلّلوا" عشر مرات، داعية عالم السماء وعالم الأرض إلى تسبحة الرب. في هذا المزمور يبدأ فعل التسبحة مع الملائكة وينتهي مع شعب الله في صهيون (كما في المزمور 29). وبين الاثنين يجعل المرتّل الخلائق كأشخاص عاقلين (19: 2) يشتركون في تمجيد الله مع الانسان. الرب نادى الخلائق بكلمته، وهي تجيبه جوابًا يدوم مدى الدهر، لأن نظام الكون ثابت.
الرب هو الخالق الذي يحفظ الكون في الوجود، والله هو المخلّص الذي لا يتخلّى عن شعبه. فيبدو المزمور والحالة هذه كأنه فعل إيمان بالله الذي خلق كل شيء، فعل إيمان بالله الذي يرفع رأس شعبه، فيعيد له اعتباره بعد الذل وخفض الرأس الذي ذاقه في المنفى يوم كان بعيدًا عن الرب. وكما أن الخليقة تنشد الرب اليوم، ولكن نشيدها لن يكون تامًا إلاّ عند تمام الازمنة، ساعة تتحرّر من عبوديّة الفساد (روم 8: 21)، كذلك يرى شعب الله في خلاصه من السبي والجلاء صورة عن الخلاص المنتظر الذي بدأ يتحقّق في كلام الانبياء، بانتظار أن يتمّ في شخص المسيح.

4. تقف جماعة الرب وسط الكون، وتقسم الخليقة إلى جوقتين: جوقة السماء وجوقة الأرض. وهكذا ترفع إلى الرب التسبيح والتمجيد. هذا ما فعله المسيح حين قال: "أحمدك يا أبي، يا رب السماء والأرض" (مت 11: 25). ودعا كنيسته إلى المديح (مت 5: 16؛ 26: 30) مع الخليقة كلها (مت 5: 45؛ 6: 26). ونحن الذين تعرفنا إلى الكون بطريقة أفضل، نحسّ بهذه الدعوة الشاملة التي بها يدعو الانسان الخليقة إلى تسبيح ألله بانتظار نشيد آخر نقرأه في سفر الرؤيا (5: 13): "وسمعت كل خليقة في السماء والأرض وتحت الأرض وفي البحر والكون كله تقول: للجالس على العرش وللحمل الحمد والاكرام والمجد والجبروت إلى أبد الدهور".

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM