إسمع صلاتي، أنصت إلى تضرّعي

إسمع صلاتي، أنصت إلى تضرّعي
المزمور المئة والثالث والاربعون

1. المزمور المئة والثالث والاربعون هو مزمور توسّل يشكو المرتّل فيه أمره إلى الله. عرف خطاياه فانتظر تدخّلاً من الله ينتشله من ضيقه ويريحه من أعدائه. يستوحي الكثير من عباراته من مزامير أخرى (11: 4؛ 27: 9؛ 35: 4)، فيجمع في صلاته صلاة المؤمنين الذين مرّوا في الحالة التي مرّ بها.

2. الله ملجأ المظلوم حتى ولو كان خاطئًا.
آ 1- 2: مقدمة: دعاء وتوسّل: يا رب اسمع صلاتي.
آ 3- 6: صلاة واثقة يشكو فيها المرتّل أمره إلى الله ويطلب منه أن ينجيه: اضطهدني العدو وسحق حياتي وأسكنني في ظلمات السجن.
آ 7- 10: يتوسّل المرتّل من جديد إلى الرب ليعلمه الطريق الواجب اتباعها.
آ 11- 12: يسأله الحياة له، والضيق والدمار لأعدائه.
يتوسّل المرتّل إلى أمانة الله وعدالته، لأن الانسان ليس بارًا أمام الله. وحالته التعيسة قد سبّبها أعداؤه فحاكوا عليه المكائد لكي يهلكوه. ضعفت معنوياته حتى وصلت به إلى حافة اليأس. قد غشي على روحي وقلبي مستوحش في داخلي. ويتذكّر الأيام القديمة، أيام أعمال الله العظيمة، ونفسه الآن هي كأرض مجدبة قاحلة لا ماء فيها ولا حياة، وهي تنتظر معونة الله كما في القديم: استجب لي، أنقذني، علّمني طريقك فأحيا حياة لا عيب فيها.

3. العدل والقضاء، والصدف والامانة... كل هذا يحتاج إليه المؤمن، وهو يعرف أنه خاطئ، وأن لا أحد بار أمام الله. يعرف الانسان أن العدالة غير موجودة عند البشر، ولهذا فهو ينتظر عدالة الله التي تسبق قضاءه وحكمه.
يعرف المرتّل أنه بريء رغم المحنة التي مرّ بها، ولكنه ليس واثقًا من نفسه. هناك مزامير تجعل الانسان واثقًا بأعماله الماضية وحياته التي لا عيب فيها. أما صاحب هذا المزمور فهو لا يتكل إلاّ على الله وحده. وهذا ما دفع بالتقوى المسيحية إلى أن تجعل هذا المزمور أحد مزامير التوبة: لا يثبت أحد أمامك يا رب. معونتنا باسم الرب، واتكالنا على رحمته وحنانه.
حالة المرتّل حالة إنسان هاجمه عدوٌ كاد ينتصر عليه. أذلَّه ورماه في السجن (مكان مظلم) ودفعه إلى التعذيب حتى صارت نفسه قريبة من الموت. ولكنه تذكَّر ربَّه فأحسّ بالقنوط وهو البعيد عنه، فزادت آلامه آلامًا. ولكن سينتعش فيه الرجاء فيندفع بكليته في الطريق إلى ربه، لأنه يعلم أن بيده الخلاص: من أجل اسمك تعيد إليّ الحياة وتخرجني من الضيق.

4. عندما ننشد هذا المزمور نحسُّ بحرارة دينية عميقة، لأننا نعبّر فيه عن جوعنا، نحن البشر، إلى الفداء الآتي من عند الرب. نحن نعرف أن ليس فينا أحد بلا خطيئة (يو 8: 7)، وأن اليهود كاليونانيين خاضعون جميعًا لسلطان الخطيئة (روم 3: 9)، وأننا لا نتبرر لأننا نعمل بأحكام الشريعة، بل لأننا نؤمن بيسوع المسيح (غل 3: 16).
والكنيسة لا تزال مع أبنائها تتوسّل إلى مخلصها، لكي ينجيها من موت الخطيئة ويقودها بالروح القدس إلى الحياة الحقيقية، حيث يمكنها، وقد تطهَّرت، أن تقف بدالة وجه أمام الدّيان العادل.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM