الفصل الثاني: سوداء أنا

 

الفصل الثاني
سوداء أنا
1 :5- 8

انتهى المطلع وها نحن نسمع الموضوع الأول. تشكّي العروس في المنفى. كم تشتاق إلى ذاك الذي تحبّه.
هنا يبدأ النشيد الأول الذي قد نعنونه "شتاء المنفى". هناك مونولوج تطلقه العروس، فتجيبها الجوقة. تؤكّد العروس أنها ما زالت جميلة. كم هي تتمنّى أن تعود إلى فلسطين. ولكن هل هذا بمستطاع؟
إن إسرائيل تتوق الى تجديد واعادة بناء كامل بعد أيام المنفى القاسية. والله يتقبّل هذا التوقان. فهو سيجد نفسه مع شعبه في الأرض المقدّسة. غير أن خاتمة النشيد (2: 7) تجعلنا نشكّ في ذلك، لأنها تعلّمنا أن الحبيبة ما زالت تعيش فتور حبّ ناقص. هل هي في حلم؟ هل هي أمام واقع (إعادة بناء الشعب) ما زال ناقصاً؟ رجع العائدون بحماس كبير، ولكن خيبة الأمل صدمتهم. كانوا قلّة قليلة، فلم تهتمّ الأمّة اجمالاً بالعودة إلى أرض الآباء. ثم إن العائدين شاركوا في خطايا العالم الذي جاؤوا إليه. إذن نتساءل: هل عاد قلب العروس (أورشليم، الشعب اليهودي) حقًا الى عريسها؟ أما زالت تسحرها عادات الأمم الوثنية وآلهتها؟
(آ 5) أنا سوداء. يستعمل فعل "ش ح ر" في أي 30: 30 والاسم "ش ح ور" في مرا 4: 8 للدلالة على سحنة (لون الوجه) عرفت عذابًا جسديًّا ومعنويًّا كبيرًا. ونجد هنا الفكرة عينها: إن آلام المنفى جعلت سحنة العروس سوداء، ولكنها لم تشوّه جمالها. فهي ما زالت جميلة تتوجّها النعمة (2: 14؛ 4: 3 ؛ 6: 4؛ رج إر 6: 2).
سيتوجّه الكلام أيضاً إلى "بنات أورشليم " في 2: 7؛ 3: 5، 11؛ 5: 8، 16، 8: 4. فما معنى هذه العبارة؟ قال البعض: النساء المدعوات إلى حفلة الزواج. وتحدّث آخرون عن حريم الملك الذي تدخل فيه العروس. بل يبدو أن العبارة تدل بشكل رمزيّ على الأمم الوثنيّة التي ترغب في أن تسير حسب الشريعة الدينيّة في صهيون.
في اللغة البيبليّة تسمّى التجمّعات القائمة حول المدينة المحصّنة، بنات هذه المدينة (قض 1: 27) لأنها تحتمي بها. وكذا نقول عن الأمم التي مالت إلى إيمان أورشليم: إنها تسمّى بنات أورشليم.
ولكن أفضل تفسير هو ذاك الذي يدلّ على شعب أورشليم. في هو 2: 4- 7 يُدعى بنو اسرائيل لكي يشتكوا على أمهم. وهكذا يتميّز الشعب عن المدينة التي هي عروس وأم. إنهم سيخرجون لينظروا الى الملك سليمان (3: 11).
إن ذكر "بنات أورشليم " يعطي النشيد بُعدًا دراماتيكيًا. كانت العروس وحدها، وكانت تكلّم نفسها (مونولوج). وها هي بحضرة مجموعة تتيح لها أن تعبّر عمّا في قلبها.
"قيدار" قبيلة عربية أقامت جنوبي شرقي أدوم. جدّها الذي أخذت منه اسمها هو ثاني أولاد اسماعيل (تك 25: 13). عُرفت بقطعانها العديدة (أش 60: 7؛ حز 27: 21)، وذُكرت خيامها (إر 49: 29) التي كانت سوداء. لأنها صُنعت من شعر الماعز. تشير لفظة "قيدار" الى السواد (ق د ر في العبرية. رج كدر في العربية). ولكن لا ننسى المبالغة في هذا المجال أو غيره. فالعروس وراء بعد أن لفحتها الشمس.
"ستائر". ويتحدّث سفر الخروج (26، 36) عن ستائر المعبد. لماذا تحدّث النصّ عن ستائر سليمان؟ واللفظة تعني أيضاً "خيمة". قد نكون أمام قبيلة عربية قديمة، هي قبيلة "سلمى" التي سبقت الأنباط في منطقة البتراء وقد ذكرها الترجوم وتلمود بابل.
(آ 6) لا تنظرن الى سوادي. لا تتفحّصن سحنتي. لا تنزعجن من لوني، بعد أن لفحت الشمس وجهي. لم تكن العروس سوداء من طبيعتها. قد لوّحتها الشمس. ومع ذلك، فنظرُ حبيبها لم يمل عنها رغم الشقاء الذي استحقّته وقاسته.
"بنو أمي ". الأم، شأنها شأن أورشليم، تدلّ على مجموعة، على أمّة. فإذا كانت إسرائيل أمّة مشخّصة، نقول الشيء عينه عن بنيها، وأمهم هي شعب قديم. يفترض حز 16: 3، 44- 45 أن شعب اسرائيل خرج من الأموريّين والحثيّين الذين أقاموا في أرض كنعان. غير أن أفق نش يتعدّى أفق حزقيال، ولكنه يتوافق مع ما تقوله اسفار موسى عن الجذور الأولى لأمة اسرائيل.
فحسب سفر التكوين، أرض آباء ابراهيم هي أور في كلداي، ومن هناك بدأ أبو الآباء تجوّلاته (تك 11: 28، 31؛ 15: 17). ثم إن تث 26: 5 يسمّي يعقوب "أراميًا تائهًا". وسيذهب، شأنه شأن اسحق، إلى أقاربه في حرّان ليتّخذ له من هناك امرأة (تك 24: 1 ي؛ 25: 20؛ 28: 1 ي؛ 31: 20، 24). رباط القرابة لا شك فيه لأن قموئيل وكاسد جدّي الآراميّين والكلدانيّين يذكران في تك 22: 21- 22 كابني ناحور، أخي ابراهيم (تك 11: 29). والحركة التي قادت ابراهيم إلى آرام ثم إلى كنعان، ترتبط بالهجرة الكلدائية في بداية الألف الثاني ق. م. أما نقطة الانطلاق فكانت أور الكلدانيين. أما المحطّة الكبرى فكانت حرّان في بلاد الأراميين. فالمجموعة الأثنية هي هي: الكلدائيون والاراميون.
لم ينسَ العبرانيون أصولهم بعد المنفى (نح 9: 7). وهكذا لمّح نش الى كلدائي نبوكد نصر الذين دمّروا أورشليم واقتادوا شعب يهوذا إلى السبي. وهكذا يكون "بنو أمي " هم الذين أساؤوا معاملة شعب أورشليم.
"الكرم الذي لي ". هذا ما يقابل كرم الغير الذي أجبرت العروس أن تكون ناطورة فيه.
موضوع الكرم موضوع معروف في الكتاب المقدس (أش 5: 1- 7؛ مز 80). وهو يشير إلى الشقاء الذي سبّبته خطايا اسرائيل، ولاسيّمَا المنفى. غير أن هذا الموضوع انطلق من هو 11: تبدو أمة اسرائيل شخصاً حيًّا. وحسب آ 5، 11، 14، هي تعاقَب بسبب خطاياها. وعقابها اجتياح تام لفلسطين، وهو ليس نهائيًا. قادها الرب الى البرّية كما في أيام ارتدادها التام، فعادت إلى حدود الأرض المقدسة. ويقول الله: حين تعود أعيد إليها كرومها (هو 11: 17). خطيئة الأمّة المختارة هي خيانة، والتوبة في البرية هي بداية أعراس جديدة. وهكذا تكون كرمة العروس فلسطين. وحين تعلن أنها لم تنطر كرمتها، فهي تشير إلى خطاياها التي جعلت الله يطردها بسببها. وإن قابلت كرمتها مع كرومٍ فرضَ بنو أمها عليها أن تنطرها، فهي تلمّح إلى المنفى وإلى بابلونية حيث تحمّلت السخرة من قبل المنتصر، وحيث ظلّ السواد الأكبر من بني اسرائيل.
(آ 7) أين ترعى غنمك؛ لاحظ الشرّاح أن بداية هذه الآية ترتبط بنصّ تك 37: 16 ب: "أخبرني أين يرعون ". اهتم يوسف باخوته ليعرف أين يرعون قطعانهم. وطرحت العروس السؤال عينه بالكلمات عينها. ولكن وضع يوسف لا يشبه وضع الحبيبة. كل هذا يبيّن أن نش مشبع من الكتاب المقدس يورد نصوصه ويتغذّى منها.
"يا من تحبّه نفسي" (قلبي). هكذا تتوجّه العروس إلى العريس (رج 3: 1، 2، 3، 4)0 النفس هي مركز الرغبة والشعور وعاطفة الحبّ. جعلت السريانية البسيطة الفعل في صيغة الجمع: بيّنوا لي، أخبروني.
يشبّه العريس بالراعي ومعه قطيعه. نحن في إطار الخروج من مصر حيث الرب هو راعي شعبه (رج حز 34). إن الملوك في العالم القديم كانوا رعاة شعوبهم وكانوا يمثّلون الآلهة المنظورة (تك 48: 15 ؛ 49: 24). غير أن هذه الصورة ارتبطت في النصوص المميّزة بالأمل، بالعودة من المنفى: إن الرب يعيد قطيعه (شعبه) عبر البرية إلى جبال فلسطين (أش 40: 11 ؛ 49: 9؛ 63: 11؛ مي 7: 14 ؛ زك 9: 16؛ مز 80: 1- 8؛ إر 31: 10؛ حز 34: 7- 16).
"تربض ". في العبرية: ر ب ص. تقال عن القطعان (حيوانات داجنة أو برية) التي ترتاح في مكان آمن (تك 29: 2؛ أش 17: 2 ؛ صف 2: 14). وعن طريق الاستعارة، ينطبق هذا الفعل على الانسان الفرد كما على الشعب الذي يجعله الله يقيم في الطمأنينة والوفرة (مز 23: 2). في إر 33: 12 وحز 34: 14- 15، نحن أمام قبائل يعيدها الرب إلى جبالها، ويُنعم عليها بخيرات الخلاص. هذه الموازاة المضاعفة تقدّم للعروس الجواب على سؤالها: أين يريد الراعي الذي هو الرب، أن يقود قطيعه الذي هو شعبه؟ الجواب: في فلسطين التي هي وحدها موضع المراعي الخضراء والأمان والراحة. ولكن لماذا ذكر النصّ ساعة الظهر؟ هناك من تحدّث عن وقت الراحة والقيلولة. ولكن هناك معنى آخر: الظلمة تدلّ على المحنة والألم (السواد في آ 5- 6). أما النور فيشير إلى الخلاص والسعادة. إن لهاتين الصورتين بعدًا اسكاتولوجيًا (2: 17؛ 3: 1). هناك عا 5: 18، 20 (يوم الرب) ؛ أش 5: 30 ؛ 8: 20- 9: 1 (الخلاص المسيحاني الذي يأتي بعد ضيق الاجتياح الأشوري). والنصوص التي تتحدّث عن الظهيرة تعطيها معنى السعادة (أش 58: 10؛ مز 37: 6؛ أي 11: 7). أما المحنة فتبدو بشكل ظلمة في قلب الظهيرة (تث 28: 29؛ أش 59: 10؛ أي 5: 14). وهكذا، فالوقت الذي فيه يعيد الرب قطيعه إلى فلسطين، يكون في الظهيرة، أي في ملء نور الخلاص والسعادة التي لا غيم فيها. فالعروس التي تتميّز في خدعة أدبية عن القطيع، ما زالت في المنفى: هي تتحسّر إلى ذلك اليوم، وتتوسّل إلى الله أن يريها إياه.
كيف نفسّر "ك ع ط ي ه"؟ كمن يتلظّى؟ كمن يتخفّى؟ إذا قلبنا الحرفين الثاني والثالث نجد جذر "ط ع ه" (في السريانية: طعا) الذي يعني: تاه، ضلّ. فأمّة اسرائيل التي هي خارج فلسطين قد تخلّى عنها الرب، فتاهت وظلت بعيدة عن دفء البيت الوالدي.
إذا كانت اسرائيل قطيع الرب، و"قطعان رفاقك " هي الأم الوثنية، فالرب، راعي إسرائيل، يرافقه ملوك غرباء تسمّيهم التوراة "رعاة" (أش 44: 28؛ إر 6: 3؛ 12: 10؛ 49: 19)0 اهتمّ الملوك بشعوب تجاورت مع اسرائيل. أما شعب الله فالرب هو راعيه وعريسه.
(آ 8) أيتها الجميلة. وتتدخّل الجوقة فتتوجّه الى العروس "الجميلة بين النساء" (رج 5: 9؛ 6: 1)، كما تسمّيها أيضاً "خليلتي " (أو: حبيبتي، رفيقتي) في 1: 9، 15؛ 2:2 ؛ 1:4 ،7 ؛ 5: 1.
سيطر القلق على العروس، فأنشدت الجوقة تهدىء من روعها، وتدعوها الى اتباع آثار الغنم (ع ق ب ي أي عقب، ص ا ن أي الضأن في العربية). "مساكن " تدلّ على الهيكل (مز 43: 3؛ 46: 5؛ 132: 5، 7). كما تدلّ على موضع غير محدّد (أي 18: 21؛ 21: 28؛ 39: 6) أو على فلسطين حيث تتقبّل الأمة المشخّصة أبناءها العائدين من المنفى (أش 54: 2).
يبدو أن الرعاة هنا هم ملوك الحقبة السابقة للمنفى. هذا ما نجده في إر 23: 1- 8 ؛ حز 34: 1؛ زك 10: 3؛ 11: 1؛ 13: 7- 9. حسب هذه الصورة، رذل الرب الملوك السابقين لكي يقود بنفسه قطيعه. إذن، مسكن الرعاة هو صهيون. الى هذا الهدف توجّه آ 8 خطى العروس المضطربة. وحين قيل لها أن عليها أن تتبع آثار القطيع، بدا التلميح واضحًا إلى أول العائدين الذين أقاموا في فلسطين بعد التهجير (قرار كورش، 538 ق. م). ومجمل الأمّة التي هي صورة العروس، ستقتدي بهم وتتّخذ طريقًا معاكسًا للذي أخذته حين سارت إلى بابلونية (رج إر 31: 21). ونجد هنا الخدعة الأدبية التي وجدناها في آ 5 (بنات أورشليم) حيث تتميّز العروس عن قطيع العائدين.

* أنا سوداء وجميلة، يا بنات أورشليم!
"أنا سوداء". هذا هو نتيجة الحزن الذي ينشّف الوجه ويحفره ويجعله معتمًا. الحبيبة سوداء بسواد الليل الذي هو لون المحنة، لون المنفى. نفسها هي في الظلمة وهذا ما يظهر في سحنتها. سيتأوّه ايوب من شقائه بالشكل عينه فيقول: "اسودّ جلدي عليّ " (30: 30).
والضيق الداخلي ليس وحده المسؤول عن اسوداد الجلد. فعروس نش ليست صبيّة ظلّت في البيت الوالدي تهتمّ بسحنتها اهتمامًا خاصاً. أجبرت على ترك بلادها والسير في طريق العبودية، فأحرقت شمس المنفى وجهها. هنا نتذكر مراثي إرميا عن مسبيّي اسرائيل: "كان نذراؤها أنقى من الثلج وأنصع من اللبن وأكثر احمرارًا من اللآلئ واللازورد، فأصبح بهاؤهم أكلح من الظلام. فلم يُعرفوا في الشوارع " (مرا 4: 7- 8).
ومع هذا، فإن كانت إقامة المنفى القاسية قد شوّهت وجه العروس، إلا أنها لم تدمّر جمالها. فلا يجب أن "تصدّقها" بنات أورشليم رفيقاتها، فيظنّن أنها صارت قبيحة شنيعة. ولكنها تراجعت حالاً عما قالت، وأرسلت كلمة التحدّي: "أنا سوداء ولكني جميلة، يا بنات أورشليم ". فالشقاء لم يؤثّر على جمالها الأساسي. والحبيب سيوافقها فلا يجد إلا نعمة. ويكفي لكي تكون جميلة أن ترضي حبيبها.
بما أن اسوداد وجهها لا يبعد عنها ذاك الذي تحبّ أن تشاهده، ولا يمنعها من أن تكون محبوبة، كيف لا تكون جميلة في عين من يحبها ويتأمّل فيها؟ نظرته تحوّلها. وما ينظر إليه الحبيب، يحوّله الى جلالة وبهاء. فما يساعدها على استعادة جمالها هو اقترابها مرة ثانية من الجمال الحقيقيّ الذي ابتعدت عنه.
تتيح بنات أورشليم للحبيبة أن تكشف عمق قلبها. إنهنّ يشاركنها في قلقها وبحثها وتساؤلها. والأمر يختلف مع الحبيب الذي لا تعرف نفسه القلق ولا التردّد. تلعب بنات أورشليم دورًا هامًا، وهنّ موضوع حوار سبع مرات: أربع مرات مع الحبيبة (1: 5؛ 3: 11؛ 5: 1، 14) وثلاث مرات مع الحبيب (2: 7؛ 3: 5؛ 8: 4). وتتدخلن دون أن يُطلب منهن سبع مرات أيضاً في 1 :8؛ 3: 6؛ 5: 9؛ 6: 1، 10؛ 7: 1، 2.
هنّ يمثّلن في الواقع أمم العالم (1: 3)، فيشكّلن مع الحرّاس شخصاً ثالثًا حقيقيًا بجانب العروس والعريس. ولكنهن يختلفن عن الحرّاس الذين يظهرون "على المسرح " مرتين دون أن نسمع صوتهم. موقف الحراس هو موقف لا فهم (3: 3) أو غلاظة (5: 7) تجاه العروس. أما "بنات أورشليم " فيظهرن تعاطفًا تجاه الحبيبة وإن رافق هذا التعاطف بعض السخرية والتشكيك. هن لم يتدخّلن حتى الآن. ومع ذلك، فالعروس قرأت في عيونهن شفقة أمام الشقاء الذي يصيبها. فلا يندبنها، لأنها محبوبة وجميلة رغم سوادها.

* مثل خيام قيدار، مثل ستائر سلمى
نحن هنا على مستوى اللون الأسود مع خيام منسوجة بشعر الماعز. ونفهم هذه المقابلة بين وجه العروس وخيام قيدار فهمًا أعمق حين نعلم أنها تشبه هؤلاء البدو: هي منفيّة ولا منزل لها، تحرقها شمس حارة. قال مز 120: 5: "ويل لسكني في خيام قيدار"! غير أن العروس تعرف أنها تتحلّى بالنعمة والجمال والرشاقة على مثال ستار أبيض في الشمس.
لا شك في أنها سوداء مثل خيام قيدار. ولكنها بيضاء وجميلة مثل ستائر سلمى. وهكذا تجتمع في وجهها ألوان الليل وألوان النهار، ألوان الحزن وألوان الفرح.
ونرى على خطى أوريجانس أنه إن دلّت خيام قيدار على إقامة اسرائيل في المنفى، وعلى وضعه كبدو في صحراء الخروج، فستائر سلمى البيضاء توجّه أنظارنا الى الستائر المشرقة التي زيّنت داخل الهيكل في أيام سليمان، الملك المجيد. وهكذا يلعب نش على الكلمات فيتحدّث عن سلمى ولا ينسى سليمان. إذن، هذا هو مصير اسرائيل، تلك الفتاة البائسة والمنفية، والصبية الحلوة والسعيدة، الشعب الذي عرف المحنة وعرف المجد في الوقت عينه.
ولكن الحبيبة ليست سوداء، كما قالت في البداية. فوجهها المحروق قد لوّحته الشمس. صار لونه الأسود مشربًا بالحمرة. لهذا استعملت كلمة "ش ح ر ح ر" التي تدلّ على الاسوداد كما على البني الغامق.

* لا تنظرن الى سوادي، فالشمس هي التي لوّحتني
تحدّثت العروس إلى "بنات أورشليم ". فقالت لهن لماذا هي سوداء. هي لم تكن كذلك منذ ولادتها. بل كانت حبيبة شريفة وحرّة بوجهها المشرق. وقد عرفت فيما بعد محنة العبوديّة. وأعمال الحقول القاسية في الشمس هي التي أحرقت وجهها. من هنا ارتباط اللفظة العبرّية بكلمة "ح ر" كما في العربية.
نلاحظ هنا أن النصّ يتحدّث عما أصاب الحبيبة من تشويه في جمالها. ولكن لا تحفّظ على جمال العريس. اعتاد الشعراء أن يتحدّثوا عن جمال العروس في الأدب الشعبي. ولن نفهم جمال العريس في نش، إلا إذا كان العريس هو الرب بالذات.
طبّق آباء الكنيسة ما يقال عن العروس على النفس المؤمنة. وطبّقوه أيضاً على الكنيسة التي هي اسرائيل الجديد وعروس المسيح الحقيقية. قال أوريجانس: لقد جاءت الكنيسة من العالم الوثنيّ، جاءت من الأمم، فبدت سوداء. ولكن حين تقبّلت في داخلها الكلمة الذي صار بشرًا، صارت جميلة ومشرقة. "في الحقيقة أنا سوداء، بسب وضاعة ولادتي، ولكنني صرت جميلة بتوبتي وإيماني. فقد تقبّلت في ذاتي ابن الله، تسلّمت الكلمة الذي صار بشرًا، اقتربت ممن هو بهاء المجد وشعاع القداسة. وهكذا صرت جميلة".
أبرز أوريجانس تجلّي بشريتنا بعد أن لبسها الكلمة المتأنس. أما امبروسيوس فراى انتقالنا من حالة الخطيئة الى حالة أبناء الله بنعمة المعمودية. أنا سوداء بسبب ضعف الطبيعة البشرية، وبيضاء بالنعمة. سوداء لأنني مكوّنة من خطأة، وجميلة بسرّ الإيمان. حين ترى بنات أورشليم ثيابها سيقلن ذاهلات: "من هي الصاعدة بكل هذا البياض؟ لقد كانت سوداء، فكيف صارت فجأة بيضاء"؟
أما غريغوريوس النيصي فيجعل عروس النشيد تقول: "لا تندهشن إن أحبَّني عريسي، مع أنني سوداء بسبب خطيئتي، وقريبة من الظلمة بسبب أعمالي. لقد جعلني جميلة بحبّه فبادل بين جماله وقباحتي. نقل الى ذاته نجاسة خطاياي، ونقل إليّ طهارته، فجعلني مشاركة في جماله. كنت قبيحة، فجعلني محبوبة ثم أحبّني ".

* بنو أمّي نقموا (غضبوا) عليّ
هؤلاء هم المسؤولون الأولون، المسؤولون الحقيقيون. بنو أمي. لماذا لم تقل "إخوتي "؟ هذه طريقة تعبيرية نعرفها في الشرق. نقرأ مثلاً في مز 69: 9: "صرت أجنبيًا عند أخوتي، وغريبًا عند بني أمي ". ونزيد: اسرائيل هي من سلالة ابراهيم الآتي من أور في كلداي (تك 11: 28، 31). إذن، هناك دم كلدائي في عروق إسرائيل. وجدّة بني اسرائيل هي جدّة بني كلداي. والمجموعتان إخوة في ابراهيم. غير ان كلدائيّي نبوكد نصر هم الآن الأعداء الذين دمّروا أورشليم وأخذوا أهلها الى السبي. كيف يكون هؤلاء الكلدائيون الأشرار إخوتي؟ إنهم فقط "بنو أمي ". غضبوا عليّ، أخذوني إلى المنفى، وجعلوني في العبودية.

* جعلوني ناطورة للكروم (ولكني أقرّ وأعترف)، والكرم الذي لي لم أنطره
تسمّى اسرائيل مرارًا كرمة الرب. هنا نتذكر أش 5: 1ي: "أنشد لحبيبي نشيد حبّي لكرمه: كان لحبيبي كرم في رابية خصيبة. نقبه ونقّى حجارته ". ومفتاح المثل: "كرم الرب القدير بيت اسرائيل، ورجال يهوذا هم غرسه المفضّل ". أعطيت أرض لهذه الكرمة. فتمتدّ فيها وتتفرعّ (مز 80: 9- 12). ولكنها خسرت خيراتها بخياناتها. أخذت منها الكرمة كما قال أشعيا: "أقول لك ما أفعل بكرمي: أزيل سياجه فيصير مرعى، وأهدم جدرانه فتدوسه الأقدام " (5: 5). وكان هوشع قد قال: "أدمّر كرمي" (2: 14؛ رج مز 80). نحن هنا أمام العريس وعروسه الخائنة. نحن في إطار العهد وأمام كرمة تقلع من الأرض.
وبدل أن تفلح إسرائيل كرمها وتعمل لحسابها، حكم عليها بأن تذهب الى أرض غريبة. عاشت في المنفى فاهتمت بكرم الكلدانيين، كروم نبوكد نصر قامت بأعمال السخرة التي يفرضها عليها مضايقوها بلا رحمة.

* اخبرني يا من يحبّه قلي، أين ترعى غنمك وأين تربض عند الظهيرة؟
حين تذكّرت العروس "بني أمها" الذين نقموا عليها واستعبدوها بقساوة، إندفعت بكل قلبها إلى ملاذها الوحيد، الى حبيبها. هكذا تناديه في أعماق قلبها: "يا من يحبّه قلبي ". هذا هو اسمه الحقيقي بالنسبة إليها. وهو في الحقيقة الاسم الوحيد الذي تستطيع أن تعطيه. قال غريغوريوس النيصي: "هكذا اسمّيك، لأن اسمك فوق كل اسم. هو لا يعبّر عنه. هو لا يُدرك. هذا الاسم الذي يكشف صلاحك لي، يدلّ على حبّ قلبي لك. فكيف لا أحبّك أنت الذي أحببتني ساعة كنت سوداء"؟
وقال أوريجانس: "سمّت العروس العريس باسم جديد. إنها تعرف أنه ابن الحبّ بل هو الحبّ نفسه الذي هو الله. إذن، هي تذكر اسمه حين تقول: يا من يحبّه قلبي. هي لا تقول: ذاك الذي أحبّه. بل: ذاك الذي تحبّه نفسي. نحن لسنا أمام اتجاه من الاتجاهات، بل أمام الحبّ: نحبّ بكل أنفسنا كل قدرتنا وكل قلبنا. بكل كياننا، بكل حياتنا، كما تعني كلمة "نفسه" في العربيّة والعبريّة (ن ف ش).
إذن، الحبيب هو راع. كان العريس والملك. وهو أيضاً الراعي الذي يرعى قطيعه. ألقاب ثلاثة يعطيها الرب لنفسه في الكتاب المقدس. ولاسيّمَا في نصوص ما بعد المنفى. ويطبّقها يسوع على نفسه.
وتتفجّر كلمات الكتاب المقدس في نفس العروس المنفية، النفس التي تعيش انتظارًا عميقًا، وتتوجّه إلى راعيها الحبيب. هذه الكلمات هي التي نقرأها في حزقيال حيث يعد الربّ بان يضع بنفسه حدًا لمنفى العروس، فيعيدها إليه بشكل نهائي ويجعلها في راحة عظيمة. "كما يسهر الراعي على قطيعه حين يكون وسط غنمه المشتّتة، سأسهر على غنمي. وأنقذها من جميع المواضع التي تشتّتت فيها يوم الغيم والضباب. أخرجها من بين الشعوب وأجمعها من بين البلدان وأجيء بها الى أرضها، وأرعاها على جبال اسرائيل وفي الأودية وفي جميع مساكن أرض اسرائيل. في مرعى صالح أرعاها، وفي جبال اسرائيل العالية تكون حظيرتها. هناك تربض في حظيرة صالحة... أنا أرعى غنمي وأنا أعيدها إلى حظيرتها" (حز 34: 12- 15). "أقيم عليها راعيًا واحدًا ليرعاها: عبدي داود هو الذي يرعاها ويكون لها راعيًا صالحًا. وأنا الرب أكون لغنمي إلهًا ويكون الراعي الذي كعبدي داود لها رئيسًا" (آ 23- 24).
بأي فرح ستردّد الحبيبة من جديد، بعد أن تحرّرت من ضيقتها، اللازمة التي تنشد سعادتها وسلامها بقرب راعيها الذي وجدته، بقرب داود الحقيقي وأميرها المحبوب. "الرب راعيّ فلا يعوزني شيء... الى مياه الراحة يوردني... يهيّئ أمامي مائدة" (مز 23). ولكن العروس لم تعد تتحمّل الانتظار. فتوسلت إليه وقالت:

* أين تربض غنمك عند الظهيرة؟
فأنا أتشوّق إلى تلك الساعة التي فيها تشعّ الشمس فلا يظهر فيها ميل إلى الغروب. حينئذٍ ينتهي "يوم الضباب والظلام "، و"الطريق المتعبة لشعب يسير في الظلمة" (أش 9: 1). حينئذٍ "يصبح ظلامي كالظهيرة" (اش 58: 10). فقل لي يا من يحبّه قلبي: أين تربض قطيعك في الظهيرة؛ هذا هو السؤال الأولى، بل يكاد يكون السؤال الوحيد الذي تطرحه العروس على عريسها. وهو أيضاً السؤال الوحيد الذي يمكن أن يطرحه انسان من البشر هل من انتظار حقيقي آخر في هذه الحياة إلا انتظار الملكوت؛ هكذا طرح التلميذان سؤالاً على يسوع: "يا معلّم، أين تقيم"؟ لا: إلى أين أنت ذاهب؟ ولا: ماذا تعلّم؟ ولا: ما هي متطلّباتك؟ بل: اين تقيم لكي نقيم دومًا معك (يو 1: 39)؛ فانتظارنا نار حامية لا يهدئها إلا الاقامة معك.
راحة أبدية في نور لا غروب فيه. تلك هي صلاتنا. ظهيرة الراحة. ظهيرة النور. ظهيرة الجمال. ظهيرة الحب.
إن تشوّق العروس الى اللقاء بالراعي والراحة بقربه وسط قطيعه ساعة الظهيرة، قد حرّك عددًا من التفاسير عند الآباء. سمعوا في نداء العروس تشكيًا طويلاً تطلقه البشرية المنفية والمقسمة التي تتخبّط في ليلها وترفع عينيها الى يسوع راعيها الصالح، والى ملكوت السلام والنور الذي وعد به. يرى أوريجانس أن ساعة الظهيرة هي ساعة يزيل فيها الله ليل الإيمان المظلم ويكشف للنفس كل كنوز الحكمة والمعرفة في راحة هي المشاهدة الأبديّة. هي الساعة التي فيها تتطلعّ كل العيون الى شمس البر، الى الكلمة النور. فالعروس لا تريد شيئًا آخر. إن أوريجانس يجعلها تقوله: "لا أطلب وقتًا آخر فيه ترعى: المساء أو الصباح أو غروب الشمس. بل أطلب فقط ذلك الوقت حيث تكون في نور النهار، في ملء النور، في لمعان بهائك... إن لم تقل لي، فأنا سأتيه في كل مكان، وأطلبك وأن على قطعان رعاة آخرين. ولكني أحمرّ خجلاً أمام الآخرين وأستر وجهي: فأنا عروس جميلة جدًا، ولا أكشف وجهي إلا لك. يا من أحبّه منذ زمن بعيد".
ويرى أوغسطينس أن ساعة الظهر هي الساعة التي فيها يشعّ في المجد الكلمة المتجسّد الذي أخفاه ضعف جسده ويخفيه ضعف كنيسته العاجزة.
"جعل خيمته في عزّ الشمس، وهكذا يراها الجميع. خيمته هي جسده. خيمته هي كنيسته. وقد جعلت في عزّ الشمس ". وساعة الظهر هي الساعة التي فيها صلب يسوع فرآه الجميع. وهي أيضاً الساعة التي فيها يتمجّد ابن الانسان (يو 12: 23). أما القديس برنردس فيرى أن تاريخ العالم كله هو يوم واحد: قبل مجيء المسيح حلّت الظلمة. وكان التجسّد الفجر الذي يعلن النهار. ثم كانت بداية النهار في الطفولة الخفيّة. بعده نهار مضيء هو حقبة الحياة العلنية. ورأت القيامة شمس المجد تشرق وتنير الأرض. ولكن يجب أن ننتظر الملكوت الأبدي لنشاهد الشمس في الظهيرة.

* فلا أتيه شاردة عند قطعان رفاقك
كانت العروس قد أشتكت لأن "بني أمها" نقموا عليها فجعلوها ناطورة كرومهم. وهي الفكرة عينها تعاد هنا مع رمز القطيع. فموضوع الكرم وموضوع القطيع يترافقان مرارًا في الكتاب المقدس. هذا ما نجده في مز 80 الذي هو دعاء من أجل العودة. "يا راعي اسرائيل أصغ، انت يا هادي يوسف كالقطيع... أرجعنا إليك يا الله... كان لك كرمة غرستها... لماذا هدمت سياجها؟ تفقَّد هذه الكرمة التي هي غرس يمينك ".
بما أن اسرائيل لم تنطر كرمتها، وجب عليها أن تعمل في كرمة الأعداء. بما أنها لم تقم وسط قطيع الراعي الصالح، فسيحكم عليها بأن ترعى قطعان الرعاة (أو: الأعداء). والتعارض واضح ومؤلم بين هذين البيتين: "أين ترعى غنمك " (غنم الراعي الصالح)؟ ثم: "فلا أتيه شاردة عند قطعان رفاقك ".
وستظلّ العروس تائهة وشاردة زمنًا طويلاً، حتى تستعيد أرضها ومسكنها على جبل صهيون. يتوجّه إرميا إلى إسرائيل في المنفى، فيقول ما قاله نش: "الى متى أنت تائهة يا فتاة متمرّدة" (إر 31: 22)؟ فاسرائيل التي جرّتها خياناتها إلى المنفى، صارت شبيهة بامرأة شاردة، شبيهة بعروس تاهت بعيدًا عن دفء المنزل. ولكن كل رغبتها تقوم الآن في أن تعود إلى الراعي عريسها، إلى ذاك الذي قيل عنه في إر 31: 10: "من بدّد اسرائيل يجمعها الآن ويحرسها كراعٍ قطيعه ".
من هم هؤلاء الرفاق الذين تودّ العروس أن تتفلّت منهم؟ لقد تحدّثت عن "قطعان رفاقك ". الرفاق هم "بنو أمي " الذين تحدّثت عنهم فيما قبل بشؤم. هم الملوك الذين يضايقونها، ورعاة شعوبهم كما يهوه هو راعي شعبه. إذن، هم (في شكل من الأشكال) رفاق الحبيب وزملاؤه في عمل الرعاية. بما أن العروس (اسرائيل) خانت الراعي الصالح، حكم عليها بأن تخدم قطيع رعاة بابل.
نحن أمام تعارض واضح بين صور السعادة والأمان مع الرب (الراحة، قطيع يرعى، ساعة الظهيرة) وصور المنفى وما فيها من عدم استقرار (تاه، قطعان الغرباء، شرد). كان يهوه الملك والعريس والراعي. له كرم وقطيع هو اسرائيل. ولكن الكرم خيّب أمله فاقتلع وانتزع. والقطيع الخائن تشتّت. ولكن اسرائيل لن تبقى دومًا في المنفى، لن تبقى تائهة. ففي يوم من الأيام ستعود إلى راعيها وتجد من جديد راحة لا نهاية لها في نور الملكوت، نور الظهيرة.

* إن كنت لا تعرفين أيتها الجميلة بين النساء
أسمعت العروس صوت عذابها وصلاتها. ثم سكتت. حينئذٍ أجابت بنات أورشليم اللواتي إليهن توجّهت: اتبعي آثار الغنم...
خافت العروس من هزء بنات أورشليم بسبب سحنتها السوداء (أنا سوداء ولكني جميلة). ولكن هن لم يحتقرنها، بل وجدنها جميلة جدًا، بل أجمل النساء. نجد هنا الاعجاب والاقرار بأن العروس (اسرائيل) تتميّز عن كل أمم الأرض. فمع أن الله عاقبها في المنفى، إلا أنها مختارته الوحيدة. ولهذا، فهي أجمل من كل رفيقاتها. نجد في هذا الكلام الأول تطلقه الجوقة، صدى لما يقول الله عن حبيبته اسرائيل في حز 16: 13- 14: "تناهيت في الجمال إلى أن لاق بك الملك. فذاع صيتك في الأمم لجمالك الذي اكتمل ببهائي الذي ألبستك إياه ".
سؤال غريب تطرحينه أيتها الجميلة بين النساء. تسألين أين يرتاح عريسك في ساعة الظهيرة؟ أما تعلمين؟ وتقول الجوقة للحبيبة ما قالته الحبيبة لنفسها ألف مرة ومرة: موضع راحة الرب معك هو أرض فلسطين، هو أورشليم. "فاتبعي آثار الغنم ". الطريق هو عكس ذلك الذي أخذته حين جئت الى المنفى. وانظري على الأرض آثار خطواتك. أنت هنا في بابل وأورشليم هي في البعيد البعيد. ما قالته الجوقة للعروس قاله إرميا للمهجّرين الذاهبين: "خذي لك الحيطة في الطريق، في السبيل الذي تسيرين فيه. وارجعي يا عذراء اسرائيل، إرجعي الى مدنك هذه " (31: 21).
فلتستعد العروس ولا تنتظر لتقود من جديد الجداء الى المرعى. والجداء هم أبناء شعبها الذين هم كجداء مع أمهم على رابية صهيون. لتعد "عند مساكن الرعاة"، أي قرب موضع أقامه ملوك يهوذا في اورشليم. هناك تستعيد كرامها وحريتها وجمالها الكامل مع عريسها الذي وجدته.
دعوة واضحة وملحة توجّهها الجوقة من أجل العودة والتوبة الكاملة. تابت العروس فسمعت صوت عريسها ينشد جمالاتها.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM