المتكل على الرب يثبت إلى الأبد
المزمور المئة والخامس والعشرون
1. المزمور المئة والخامس والعشرون هو مزمور ينشده المرتّل ليعلن ثقته بالله: المتّكلون على الرب هم كجبل لا يتزعزع. كتبه أحد معلمي الحكمة فذكر فيه صلاته وجواب الرب إلى صلاته جاعلاً منه تعليمًا "لأحبّاء الرب". هؤلاء يعتبرون أنفسهم نواة شعب الله، واسرائيل الحقيقي، الذين ينتظرون أن تتحرَّر أرض الرب من كل سلطة أجنبية. فيكون الشعب كلهم صدّيقين، وإلى الأبد يرثون الأرض (أش 60: 21).
2. الله يسهر على صهيون وسكانها فيحميهم من كل شر.
آ 1- 2: صهيون ثابتة لا تتزعزع لأن الرب قوتها.
آ 3: الله يحافظ على الصديقين فلا يقعون في قبضة الشر.
آ 4- 5: الله يدين الابرار والأشرار.
هذا المزمور، مزمور الحجاج، هو نشيد لصهيون، وحالها كحال الحجاج. فصهيون والذين فيها، هم جميعًا في حمى الله.
عظمة المدينة ترافق عظمة الشعب، والرب لم يختر فقط مكانًا لسكناه، بل اختار أيضًا شعبًا يعيش معه. إذًا، هناك ترابط بين الشعب والمدينة. ولما هُدمت المدينة وأبعد الشعب عنها، أحس الناس بتمزّق داخلي. ولهذا فالرب سيأتي بنفسه ويحيط بالمدينة وبالشعب كما تحيط الجبال بأورشليم ليحفظهم من كل ضرر. سلطة الشرير لن تدوم طويلاً على أرض الرب وعلى شعبه لئلا تجر الشعب إلى، خيانة الرب. ويصلي المرتّل على نيّة الذين حفظوا العهد، ويطلب العقاب للذين وصلوا بشعب الله إلى هذه الحالة، أكان ملكًا من اسرائيل، أو حاكمًا غريبًا على اسرائيل. وينتهي المزمور بالصلاة من أجل السلام، والسلام يعني الخير والسعادة والأمانة وأمورًا أخرى كثيرة.
3. تذكّرنا الآية الاولى من هذا المزمور بكلام أشعيا (28: 16): "ها إني واضع في صهيون حجرًا مختارًا، رأس زاوية كريمًا، أساسًا موثقًا. فمن آمن به فلن يتزعزع". وبكلام زكريا (2: 9): "الجبال تحيط بأورشليم، كما أن الرب يحيط بسوار كأنه من نار". ولكن الحقيقة هي غير ذلك: فعصا المنافق، أي السلطة الخارجية، أو السلطة الغاشمة، ثقيلة على أرض الرب التي هي حصّة الاتقياء. ولكن هذه العصا لن تدوم، وإن دامت دفعت الشعب كله إلى الخيانة. فليتدخّل الله ليحقّق ما قيل في سفر الامثال (2: 21- 22): "المستقيمون يسكنون الأرض ولا يبقى فيها إلاّ من لا عيب فيه. أما الأشرار فيُستأصلون والمنافقون يقتلون منها". فيعرف حينئذ شعب الله ملء السلام والسعادة.
4. هذا المزمور هو نشيد الحجاج، وهو نشيد لجماعة صهيون في مسيرتها عبر التاريخ: فحماية الله مؤمَّنة لها، ولكن هذه الحماية لم تظهر بعد، لأن شعب الله لم يصل بعد إلى الهدف. وما نقوله عن شعب العهد القديم نستطيع أن نقوله عن شعب العهد الجديد. في يسوع تمّت المواعيد التي قيلت في صهيون. على يسوع، حجر الزاوية، بيّن الرب عمله الخلاصي. وبهذا المعنى نفهم كلام الرب (لو 6: 47- 48): "كل من يجيء إلي ويسمع كلامي ويعمل به أشبهه لكم برجل بنى بيتًا. فحفر وعمّق وجعل الأساس على الصخر. فلما فاض النهر صدم ذلك البيت، فما قدر أن يزعزعه لأنه كان مؤسسًا على الصخر". وهذه هي حالة الكنيسة المتّكلة على الرب: إنها كجبل صهيون غير المتزعزع.