الخاتمة

الخاتمة
تلك كانت مسيرتنا مع كنيسة فتيّة أسّسها بولس سنة 51 - 52، في أرض اليونان. جاءت بأكثريّتها من العالم الوثنيّ، فما تسنّى لها الوقتُ بعدُ لكي تتحرّر من عاداته وأخلاقيّاته. هناك الزنى بأشكاله، وقد اشتهرت به كورنتوس، تلك المدينة التي تضمّ مجموعة من الشعوب، وتستقبل في مرفأيها بحّارة وعمّالاً عديدين.
واعتاد هؤلاء المسيحيون الجدد، فيما مضى، أن يشاركوا في أعياد المدينة، حيث تُنحَر الذبائح إكراماً للآلهة، فيأكل منها الفقراء بشكل خاص، والنقابات في أعياد يحتفلون بها إكراماً لهذا الاله أو ذاك. هذا عدا ما حمله "فلاسفة" ووعّاظ متجوّلون تبعهم الناس وأرادوا أن يعيشوا عيشهم.
أفكارٌ تُعارضُ فكرَ الانجيل. حكمةٌ من العالم تحسب حكمةَ الصليب حماقة. أخلاقيّات تتنافى وما علّمه يسوع، ولا سيّما في عظة الجبل. يتدرّج الفرد فيتبع معلّمه في هذه الديانات السرانيّة الآتية من الشرق. فلماذا لا تكون الأمور كذلك في الكنيسة؟ عمّد بولس كريسبس وغايس وبيت استفاناس، فاعتبروا أن عليهم أن يرتبطوا ببولس. وعمّد ابلوس من عمّد، وبطرس عمّد أيضاً جماعة قليلة. وهكذا نشأت تحزّبات، لا بمعنى انقسام على مستوى العقيدة والممارسة المسيحيّة، بل بمعنى أن كلّ واحد بحث عن رئيس يمشي وراءه، كما يحدث اليوم أيضاً في رعايانا ومؤسّساتنا، حيث يتعلّق المؤمنون بهذا المسؤول أو ذاك. ولكن بولس سيُعيد هؤلاء المؤمنين إلى الأساس: يُسوع صُلب من أجلهم، لا هذا الرسول أو ذاك. باسم يسوع اعتمدوا. فاسم يسوع إذن، يجب أن يكون الراية التي يجتمعون حولها.
تصرّف الكورنثيون بهذه الطريقة، ونحن نتصرّف مثلهم، فظلّوا أطفالاً يتغذّون باللبن ولا يستحقّون الطعام القوي. كما لبثوا جسديّين فما تركوا الروح يقودهم إلى النضوج الروحي الذي يجعلهم يفتخرون في الربّ، ولا يفتخرون برسول من الرسل، ولا بأنفسهم والمواهب التي نالوها. وإذا أحسّوا أنهم «شيء» بعد أن كانوا "لا شيء"، فليعرفوا أن ما صاروا إليه هو نعمة مجانيّة من الله بيسوع المسيح الذي صار لنا "حكمة وبراً وقداسة وفداء".
من بولس يتعلّم المعلّمون، ومن أهل كورنتوس يأخذ المؤمنون. ولكن سيكون لنا عودة إلى هذه الكنيسة التي حسبت مؤسّسها معلّماً من المعلّمين، بل رسولاً من الدرجة الثانية. غير أن بولس سيدافع عن نفسه، لا من أجل نفسه، بل من أجل الرسالة، لا في كورنتوس فقط، بل في منطقة أخائية كلها

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM