تقديم

تقديم

جماعة رومة جماعة قديمة، تعود أقلّه إلى سنة 49، يوم أصدر الامبراطور الروماني كلوديوس قيصر قراراً طرد بموجبه اليهود من رومة بسبب شخص اسمه «خرستوس» (أي المسيح). يبدو أن يهوداً اهتدوا إلى المسيحيّة، فغضب عليهم إخوتهم الذين ظلّوا على اليهوديّة، ودبّت الخلافات والمنازعات، فتدخّلت السلطة.
جماعة رومة لا نعرف من أسّسها. قد يكون بعضُ الجنود حملوا اسم المسيح، أو التجّار، أو العبيد. المهمّ هو أنه لما جاء بولس، أسير المسيح، إلى عاصمة الامبراطورية، جاء المسيحيّون من رومة واستقبلوه على باب المدينة، كما اعتادت هذه المدينة العظمى أن تستقبل الأبطال العائدين إليها وهم مكلّلون بالغار.
جماعة رومة لم يؤسّسها بولس. ولا هو زارها. ولكنه عرف العديد من المسيحيّين الذين أقاموا فيها، فسلّم عليهم واحداً واحداً. إلى هذه الجماعة كتب رسول الأمم، بعد أن تقاسم مع بطرس حقول الرسالة: يتوجّه بطرد إلى اليهود وبولس مع الفريق الرسوليّ إلى غير اليهود (غل 2: 9)، أي إلى الوثنيين. وبما أن رومة كانت عاصمة الوثنية، فوجب على الرسول أن يكتب إليها، بعد أن عزم مراراً أن يزورها فمُنع. في الواقع، سيذهب إليها أسيراً ويموت فيها بقطع رأسه على طريق أوستيا.
اعتبر بولس أن عليه دَين لجميع اللايهود، سواء كانوا من اليونانيين أو البرابرة: أن يحمل إليهم إنجيل المسيح. هو لم يقدر مشافهة، فكتب رسالة جاءت عصارة فكره اللاهوتيّ وذروة في الرسائل التي وجّهها إلى الكنائس التي أسّسها هنا وهناك في حوض البحر المتوسط.
من كورنتوس كتب بولس رسالته إلى أهل رومة. لهذا، فالمسائل التي يطرحها هي التي طُرحت بشكل خاص في كورنتوس، المدينة التي قضى فيها بولس سنة ونصف السنة يبشّر بالانجيل. أو طُرحت بشكل عام في مختلف الكنائس اليونانيّة. فالجماعات المسيحيّة انطلقت أول ما انطلقت من عناصر يهوديّة، ويشهد على ذلك ما كان يفعله بولس حين يصل إلى مدينة من المدن. كان يبدأ رسالته في المجمع اليهودي. وبعد ذلك، ينتقل إلى الوثنيين فيعلّمهم في الساحة العامة كما في أثينة، أو قرب رواق من أروقة الهيكل، كما اعتاد يسوع أن يفعل في أورشليم. وفي فيلبي، مضى إلى جانب النهر، وفي أفسس، استأجر مدرسة تيرانوس.
أما المسألة الأساسيّة، فعلاقة اليهود بالوثنيين. ثم موقع الشريعة اليهودية وممارستها في الجماعة المسيحيّة التي ضمّت الفئات المتعدّدة. وواجه الرسول عالم الخطيئة، وما تجرّه الخطيئة من موت إلى البشريّة، سواء كانوا يهوداً أو وثنيين. وأخيراً، لا بد من تقديم خُلقيّة مسيحيّة بعد أن امتلأ العالم الروماني بالمفاسد...
رسالة رومة هي التي نقدّم تأمّلاتٍ في بعض نصوصها. ولكننا لم نستطع أن نتحرّر من السياق الذي يبرز فيه هذا المقطع أو ذاك. وأوردنا النصّ الذي نتأمّل فيه، بعد أن أخذناه من الترجمة المشتركة. وقدّمنا الشرح على أكثر من مستوى، فجاء الفصل أطول ممّا تعوّدنا أن نقرأ في سلسلة القراءة الربيّة. لا بأس في ذلك. فنحن نستطيع أن نوزّع الفصل على أكثر من تأمّل، لا سيّما وأن النصوص البولسيّة تختلف في أسلوبها عن النصوص الانجيليّة. فإلى جماعة رومة نذهب، ومعها نسمع صوت بولس ونقرأ كلماته

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM