الفصل الأول: العنوان والمدخل

 

الفصل الأول
العنوان والمدخل
1: 1- 4

بعد آ 1، تكوّن آ 2- 4 قطعة تامة تبدو بشكل مدخل إلى الكتاب. وهي تنقسم في بيتين شعريين: آ 2- 4 أ ثم آ 4 ب. كل بيت ينتهي بعبارة مميّزة. البيت الأول: أحبّتك العذارى. البيت الثاني: عن حقّ يحبّونك.
لا نجد أية إشارة تدلّ على الأشخاص أو على الإخراج داخل مشاهد. فلا نعجب في هذه الظروف أن يختلف الشرّاح: من يتكلّم؟ في أي مكان يجري الكلام؟ نساء القصر كل واحدة بمفردها أو في جوقة. أو بنات أورشليم التي تمثّل الأم الوثنية فتتوجّه إلى العروس. ظنّ بعضهم أننا أمام موكب عروس يتألف من بنات أورشليم...
في الواقع، يبدو أن العروس وحدها هي على "المسرح ". هي لا تذكر اسم العريس، فلا حاجة إلى ذلك، وقلبها مملوء منه، فتجعل عواطفها تتفجّر دون أن ترتب كلماتها. تارة تتحدّث إليه في صيغة الغائب، وطورًا تحدّثه وكأنه حاضر أمامها. إذن، هي تحبّه دون أن تمتلكه. إلا أنها متيقّنة أنه سيأتي ويطلبها فتسكن معه. وإذا قابلنا هذا المقطع مع نصوص العهد القديم نجد أن الوضع الذي يفرضه هذا النشيد هو زمن المنفى. احتفظ شعب إسرائيل بحبّ الله، وتاق إلى العودة إلى فلسطين لينعم بامتلاك ذاك الذي انفصل عنه. هذه هي نقطة الانطلاق من أجل تفسير نشيد الأناشيد.
(آ 1) نشيد الأناشيد. قبل أن تترجم السريانية البسيطة النص العبري تقول: "أيضاً حكمة الحكم التي هي لسليمان ". رأى صاحب هذه العبارة في النشيد قصيدة تعليمية واعتبرها أسمى ما كتبه سليمان.
نحن أمام قصيدة (ش ي ر) تنشد (أش 29:30 ؛ عا 8: 10) ولاسيّما في الاحتفالات الليتورجيّة (مز 28: 7 ؛ 69: 31). تذكّر صاحب النشيد 1 مل 5: 2 حيث قيل أن سليمان ألّف 1005 أناشيد (وقالت اليونانية: 5000 نشيد).
نشيد الأناشيد هو نشيد بين الأناشيد، بل هو أسمى الأناشيد كما نقول قدس الأقداس أو ملك الملوك.
نشيد الأناشيد لسليمان. اعتبر التقليد أن سليمان كتبه. ونحن نعرف أن الأسفار الحكمية والشعريّة نُسبت إلى سليمان كما نُسبت أسفار الشريعة إلى موسى والمزامير إلى داود.
(آ 2) ليقبّلني. تتكلم العروس عن العريس. هي ترغب في القبلات أي في التعبير الحسيّ عن حبه. هذا التمنّي يتفجّر فجأة من قلبها بتأثير من عاطفتها الجيّاشة. وربّما بسبب الضيق الذي تعيش فيه. حُرمت مدة طويلة من ذاك الذي تحبّه، لهذا أسمعت صراخها. قالت: ليقبّلني. هي لم تذكر اسمه، فاسمه مطبوع في قلبها.
"حبّك أطيب من الخمر". الحبّ أو التعبير عن الحبّ هو في صيغة الجمع ليدلّ على المدى البعيد. نجد لفظة الحبّ 39 مرة في نش. رج أش 5: 1 (نشيد الكرمة)، حز 16: 8 ؛ 23: 17 0 الخمر حلو ومسكر. لهذا، فهو يرمز إلى كلّ لذّة (جا 2: 3). غير أن الحبّ يتجاوز كل الملذّات بعذوبته وقوّته. "حبك " مع ضمير الخاطب. انتقلت الحبيبة من صيغة الغائب إلى صيغة الخاطب فتحدّثت عن الذي هو بعيد عنها وكأنه بقربها.
(آ 3) عبيرك. ترجمت السبعينيّة: "رائحة عطورك تتجاوز كل عبير". هي كلمة "ر ي ح " العبرية التي تعني الرائحة أيضاً، كما تعني الريح والروح. نجدها بشكل خاص في النصوص الكهنوتيّة في البنتاتوكس (خر 25:29، 41).
تلعب العطور دورًا كبيرًا في نش، فتدلّ على السحر الذي يتمتعّ به العريس أو العروس. ثمّ إنّ اسم العريس، حين تتلفّظ به العروس، يقابل بعطر (في العبرية: ش م ن، زيت) يريق رائحته الطيّبة.
ونجد كلمة "ع ل م ه" (رج في العبرية غلام) صبية في عمر الزواج. يتحدّث النصّ عن الصبايا، عن العذارى. رج أش 7: 14 (ها إن الصبية)، مز 68: 26؛ أم 30: 19.
(آ 4) اجذبني. نجد في العبرية "م ش ك " أي أمسك، تعلّق. يُستعمل هذا الفعل في معرض الحديث عن الحبّ (هو 11: 4: جذبتهم إليّ بحباله الحبّ). رج إر 3:31: "ظهرت له (للشعب) من بعيد. (قال الرب): أحببتك يا عذراء (شعب) إسرائيل، لهذا اجتذبتك (أمسكت بك، تعلّقت) بمحبّة". الوضع هنا هو وضع المنفى. أراد الرب أن يشجّع شعبه المسبيّ ويضع في قلبه أملاً بالعودة، فظهر له من بعيد أي من جبل سيناء، موضع أول عهد بين الله وشعبه. نستطيع أن نقول إن الخلفيّة التاريخيّة لنشيد الأناشيد هي هي: فالعروس الأسيرة هي اسرائيل. تعبّر عن رغبتها أمام الربّ عريسها لكي يجعلها تعود إلى صهيون.
"نجري ". هذا ما يدلّ على رغبتها الجامحة. فالربّ يأتي إلى المنفى، وهي تجري معه نحو فلسطين. هي صيغة الجمع: نجري نحن، نجري معًا (روص في العبرية. رج راض في العربية).
"أدخلني الملك أخداره ". قرأ السريانية البسيطة المفرد: خدرك. ما زالت العروس تحدّث الملك: أدخلني خدرك، أيها الملك (منادى). أدخلني غرفة العرس. بعد أن جرّها الملك في جري جنوني، وجعلها تقيم من جديد في الأرض المقدسة، ها هي تعتبر أن ما طلبته قد تحقّق. هذا ما يسمّى صيغة "الماضي النبوي ". يتأكّد المؤمن منذ الآن أن ما طلبه سيتحقّق في المستقبل.
"الملك ". الحبيب هو ملك. حسب إر 3:31، هذا الشخص السرّي هو يهوه (الرب). لقد سمّي يهوه ملكًا في التقليد البيبليّ. فالنظام الموسويّ هو تيوقراطية (حكم الله على الأرض). ودأبت الأخبار القديمة على اظهار الله متدخّلاً في قيادة شعبه في زمن البرية وفي أيام الاحتلال. فسّر صموئيل المبدأ التيوقراطيّ بشكل متحجّر (1 صم 8، 12). وأعطانا أش 6: 1- 2 شعورًا عميقًا أمام مهابة ملك الكون: منه تنبع حكمة المسيح وقدرته (أش 11: 2).
وهناك حديث عن مُلك الربّ في مي 6:4- 7؛ صف 12:3- 15 ؛ حز 20: 33. وهناك مقاطع ترينا الرب مقيمًا وسط شعبه (إر 3: 17؛ حز 20: 40- 41؛ 37: 26- 28؛ 43: 7- 9؛ 48: 35)، لاعبًا دور الراعي مكان الرعاة الأردياء (الملوك) في الماضي (إر 33: 2؛ حز 34: 11- 16). إن الفكرة التيوقراطيّة هي محور نظرة حزقيال حين يرسم المدينة المقبلة. وهي تفسّر السلطة المحصورة التي يعطيها للأمير.
وهناك تشديد مماثل في أشعيا الثاني (41: 21 ؛ 43: 15؛ 44: 6): يعطى يهوه لقب الملك كما يُعطى لقب القدّوس والخالق والفادي. فراعي اسرائيل يعيد قطيعه من المنفى (أش 9:40- 11) ويدشّن في صهيون ملكًا مجيدًا (أش 7:52- 8).
ولاهوت ما بعد السبي قد توقّف عند مواضيع الملك (زك 9:14؛ عو 21؛ أش 24: 23) والراعي (زك 11: 4 ي) والإقامة في صهيون (أش 57: 15؛ 60: 14). وحين سمّت المزامير الربّ ملكًا، سجّلت هذا اللقب في منظار اسكاتولوجي: نجاة اسرائيل، الدينونة الأخيرة، تدشين الملك على تلّة صهيون (مز 24: 7؛ 47: 9؛ 48: 3؛ 68: 25).
إذن، نش هو في خط التقليد البيبليّ، ولاسيّما النبويّ (ما بعد المنفى) حين يعطي يهوه لقب ملك، ويربط هذا اللقب بالعودة من المنفى، وبالتالي بمجيء الأزمنة الجديدة.
"الخدر" هو الحجرة الأخيرة في البيت، حيث يقيم ربّ البيت (تك 43: 30). وهنا يدلّ على الهيكل، على قدس الأقداس. بعد المنفى عاد الرب إلى هيكله كما قال أش 40: 3، 9- 10 ؛ إر 31: 6 ؛ حز 43: 1-9.
الفعل العبري "ج ي ل " (رج في العربية: جال) عنى أولاً دار ثم ابتهج. وينضمّ إلى فعل "س م ح " الذي يدلي على الفرح. فالطواف يتمّ في الفرح والبهجة. نحن هنا أمام الفرحة التي يمنحها الخلاص الاسكاتولوجيّ أو الفرديّ. نحن نبتهج من أجل الربّ، من أجل اسم الرب (أش 19:29 ؛ 16:41؛ 61: 10؛ حب 18:3؛ زك 10: 8؛ مز 9: 15؛ 13: 5- 6؛ 21: 2؛ 9:35). وقد يرد الفعل وحده فيكون في سياق يتحدّث عن الخلاص: "ستفرح البرية... ويبتهج القفر... " (أش 35: 1- 2؛ رج 13:49).
"نبتهج ونفرح بك ". أو: تكون أنت فرحنا وبهجتنا. ففي فكرة الخلاص الذي سبق له وتحقَّق، والذي يفرض أن الشعب وجد ربّه من جديد "وامتلكه "، تترك العروس نفسها تستسلم إلى تعابير الفرح. نتحدّث عن العروس مع أننا أمام صيغة المتكلّم الجمع. فوراء الأمة المشخّصة (التي تبدو كشخص حيّ)، يرى الشاعر الأفراد الذين يؤلّفون هذه الأمّة.
وهكذا ينتقل فكره من الأمّة الى الأفراد. هذا ما نراه في هو 1: 7- 9؛ 2: 10- 21 ؛ تث 2: 6- 7؛ 4: 23- 24 حيث يتمّ الانتقال من "أنت " (مخاطب مفرد) إلى "أنتم " (مخاطب جمع).
ونقرأ "ز ك ر" (ذكر في العربية) حيث يرافق المديح الذكر. نحن نذكر أعمال الرب (مز 78: 12) وبرّه (مز 71: 16) ورحمته (أش 7:63) وحبّه (كما في هذا النص). هناك نصوص تتحدّث عن حبّ الرب المستمرّ من أجل شعبه، وذلك رغم خيانات الشعب (أش 54: 4- 10؛ 61: 10 ؛ 62: 4- 5؛ إر 31: 20؛ هو 2: 16- 25). وتشير هذه النصوص في الوقت عينه إلى العودة من المنفى التي تدلّ دلالة لا شكّ فيها على حبّ الله.
"عن حقّ (لا: المستقيمون) يحبّونك ". في الغائب الجمع. أبناء اسرائيل. فمحبّة الله ليست في نظرهم نتيجة ميل تبرّره كمالات الله وحسب، بل موضوع "إنصاف " ومبادلة، وواجب ينتج عن العهد، ووصيّة مدوّنة في التوراة (تث 5:6).

* ليقبّلني بقبلات فمه!
لقد انطلقت المسيرة في مراحل تنتهي في انتصار الحبّ. في البداية تعبّر العروس عن رغبتها القويّة: ليقبّلني بقبلات فمه. ثم تتوجّه في الصلاة إلى ذاك الذي تحبّه لئلا يتركها وحدها حزينة مدة طويلة بل ليسرع إليها ويجتذبها معه: أجذبني وراءك فنجري. ويسرع الحبيب ولا يتأخّر. يأخذها ويقودها إلى منزله: أدخلني الملك في أخداره. وينتهي كل شيء في امتلاك متبادل لا نهاية له: أنت تكون فرحتنا وبهجتنا.
من يتكلّم؟ إلى من يتكلّم؟ عمّن يتكلم؟ وهناك انتقال من صيغة الغائب (هو) إلى صيغة المتكلّم (أنت): ليقبّلني (هو)... فحبّك (أنت). الحبيبة تتكلّم عن حبيبها، وهل يمكنها إلاّ أن تكلّمه؟ توجّه إليه حديثها وكأنه حاضر أمامها. بل هو هنا في الحقيقة لأنه في قلبها.
هي لا تتلفّظ باسمه. إنه فريد. ليس أحد سواه بالنسبة إليها. هنا نتذكّر مريم المجدلية في البستان، صباح القيامة: "إن كنت أنت أخذته، قل لي أين وضعته " (يو 20: 15). لا شكّ في أن مريم تشير إلى يسوع. وكذا نقول عن الحبيبة: هي لا تستطيع أن تفكّر إلا في هذا الذي هو الحيّ الوحيد بالنسبة إلى قلبها.
لا تريد الحبيبة وهي في منفاها، أن يكلّمها أحد عن عريسها، مهما كان كلامه ساميًا. بل هي تريد بعد اليوم أن تحدّثه بشكل مباشر وبدون وسيط. تريد أخيرًا أن تكون معه. فهي لا تكتفي بالمرسَلين أي الأنبياء والحكماء في العهد القديم. هي تريد يسوع المسيح. وتريده حالاً. وهكذا نجد اشتياق العهد القديم إلى يسوع المسيح.
هذا ما كان يقوله أوريجانس: "إلى متى يرسل إليّ الحبيب قبلاته بواسطة موسى. أريد أن ألتقي بشفتي حبيبي. فليأت هو بنفسه. لينزل هو نفسه ". لقد انتهى زمن الأنبياء فليأت المسيح. لقد انتهى زمن المرسلين، فليأت العريس نفسه. فالأنبياء (كما يقول أوريجانس) "يحاولون أن يشعلوا فيّ الحبّ والرغبة، فيعدوني بمجيئه عبر إعلاناتهم النبوية. ويدفعهم الروح فيحدّثونا عن فضائله العجيبة ومآثره المدهشة. ويمتدحون جماله ووجهه المحبوب وعذوبته. وكل هذا يشعل فيّ رغبة لا تُحتمل. أما الآن، فنهاية الأزمنة قريبة وحضوره لم يعط لي بعد. صعد خدّامه وحدهم إليّ ونزلوا (تك 28: 12). لهذا، أتوجّه إليك يا أب ذاك الذي وعدت به: إرحم حبّي وأرسله إليّ. لا يكلّمني بعد الآن بواسطة عبيده الملائكة والأنبياء! بل ليأتِ هو شخصيًا ويقبّلني بقبلات فمه ".
لماذا قبل فمه؟ حين تعود النفس وترتدّ، يُعطى لها أن تقبّل قدمَي الرب. هذا ما نراه مع الخاطئة (لو 35:7 ي). ثم ترتفع في حركة ثانية فتقبّل يده، وهذا ما يدلّ على الصداقة والقرب والحياة الحميمة مع الرب. وفي نهاية الصعود تُعطى لها قبلة الفم التي تدلّ على الاتحاد الكامل مع العريس الالهي.
ليقبّلني بقبلات فمه. ليقبّلني. هذا ما يدلّ على الآب الذي هو مبدأ الحنان وينبوع الحبّ. والفم هو الابن الوحيدة، الكلمة ووحي الآب. قيل عن يسوع في بداية خطبة الجبل: "فتح فاه وكان يعلّمهم " (مَت 5: 2). كل ما نعرفه عن الله قد وصلنا في فم الابن الوحيد. والقبلة هي الروح القدس. فالروح هو القبلة التي يطبعها فم الابن الوحيد في قلوبنا (روم 5: 5). فالقبلة عينها التي تضمّ الآب والابن في قلب الثالوث تصل إلينا "ليكون الحبّ الذي احببتني به فيهم " (أيها الآب، كما قال يسوع، يو 17: 26)0 القبلة عينها، الحبّ عينه، الروح القدس عينه.

* حبّك أطيب من الخمر
لا تشير الحبيبة إلى وجه الحبيب، إلى قسماته، إلى حركاته، إلى نظراته، إلى الكلمات التي يتمتمها. لا تقول لنا شيئًا يجعلنا نراه أو نسمعه، أو نتمثّله أمام عيوننا كما أمام عينيها. فكأني بها لا تكتشفه إلا في علامات الحبّ التي يغمرها بها.
ترد كلمة حبّ في الجمع فتدلّ على ملاطفاته وقبلاته وعناقه. وتزيد العروس: عبيرك، انك. فالحب والعبير والاسم هي حضور مثّلت للحبيب في قلب الحبيبة.
ستعود العروس أيضاً إلى الخمر في هذا المدخل: "ونذكر حبك أكثر من الخمر" (آ 4). ومرَّة ثالثة في نهاية القصيدة: "أسقيك أطيب الخمر" (8: 2). ويقول العريس بدوره: "حبّك أطيب من الخمر" (4: 10). وفي وفيرة العرس: "أشرب خمري " (5: 1). وأخيرًا في النشيد الخامس والأخير: "سرّتك كأس مدورّة مزيج خمرها لا ينقص " (7: 3). "كلامك كخمر طيّبة" (7: 10). ويعود موضوع الخمر سبع مرات على شفاه الحبيبة والحبيب فيدلّ على كمال العذوبة والقوة والعيد والفرح، يد على ما في الحبّ من مسكر.
فالخمر هو في الكتاب المقدس رمز الفرح عينه. لقد أعلن الحكيم في سفر الجامعة (3:2) أنه "أسلم جسده للخمر". وحدّثنا المرتل عن "الخمر الذي يُفرح قلب الانسان " (مز 15:104). ولكنه يعرف سكرًا من نوع آخر، فيهتف في بهجة تغمر قلبه: "الرب حظّ قسمتي وكأسي " (مز 16: 5). وسوف نرى الله نفسه يهيّىء لمختاريه "على جبله وليمة من الخمور الطيّبة" (أش 25: 6).
في الإنجيل يرتبط الخمر بالحبّ. فأولى آيات يسوع في انجيل يوحنا سوف تتمّ خلال حفلة عرس، في قانا الجليل حيث قدّم فيضاً من الخمر لم يذقه أحد حتى الآن (احتفظت بالخمر حتى الآن) (يو 7:2- 10). وأول شهادة علنيّة أعطاها يسوع عن نفسه هي خمر يقدَّم للبشر في العرس. وهكذا أظهر مجده فآمن به تلاميذه (يو 2: 11). هذه الوليمة تعلن مأدبة احتفالية في آخر ليلة من حياة يسوع فيها ختم خمر العهد الجديد (لو 22: 20) والأعراس الأخيرة بين العروس والعريس.
فبالنسبة إلى عروس نشيد الأناشيد، علامات حبّ العريس تتضمّن كلّ أفراح العالم، كلّ سكر في العالم. أنشد أشعيا (5: 1): "كان لحبيبي كرم ". وقالت العروس إن الحبيب هو خمر من هذه الكرمة، خمر يسكر أكثر من ألف خمر نستخرجه من الكرمة. وفي صباح الفصح، حين حلّ الروح على الرسل، قالوا عنهم إنهم سكارى من الخمر (أع 13:2).

* عبيرك طيّب الرائحة
تلعب الطيوب دورًا كبيرًا في نش. فإن جعلنا القصيدة الثانية جانبًا، تُذكر الطيوب في كل أقسام نش. وهي تحتلّ 15 آية ونيف. وتذكر عشر أنواع من الطيوب: العطر، الناردين، الكافور، المرّ، البخور... (1: 3، 12، 13، 14 ؛ 3: 6؛ 4: 6، 10، 11، 14 ،16 ؛5 :5 ،13؛ 9:7، 14 ؛ 2:8).
فالطيوب تدلّ على ما في الحبيب من سحر. فكما أن العطور تتغلغل في كل مكان، وتلج كل شيء، وتتعلّق بكل شيء بشكل لا يقاوم، هكذا حبّ الحبيب يحيط بكل شيء، يجتاح كل شيء، يدخل في الحياة وفي كل أليافها، يُشرب أويقات تلك التي يحبّ، يرافقها ليلاً ونهارًا إلى كل مكان تذهب إليه. فليست قبلات الحبيب وحدها هي التي تأسر العروس. فعطره يسحرها. هو يتبعه في كل مكان ويشعّ منه. هو يعلن عن مجيئه القريب ويبقى طويلاً بعد ذهابه. عطر خاص به، عطر فريد. إنه حضوره. وهو يجعل العروس تقوله ولا تتردّد: هذا هو. هو هنا.

* اسمك عطر مراق
ويُعرف اسم الحبيب بعد عطره. فهو يجتاح العروس، يحيط بها، يملأ أيامها ولياليها. واسم العريس الذي تتلّفظ به العروس لم يُكشف. إنه خفيّ ومجهول وسريّ. فلا هويّة خاصة بعريس نشيد الأناشيد. ولا اسم خاصاً يُعطى له.
كل ما نستطيع أن نقوله عنه لندلّ عليه هو أنه يتماهى مع الحبّ نفسه. هو الحبّ. لم يُذكر اسمه، ولكنه ذُكر. في الحقيقة، الحب هو اسمه. قال يسوع لإحدى القديسات: "الحب هو اسمي". هكذا أريد أن تناديني. يسمّيني البشر بأسماء عديدة،. وليس من اسم آخر يسرّني أكثر من هذا الإسم ويعبّر عن هويتي ".
هناك القبلات. هناك العطور. وهناك الاسم. فالاسم كالزيت يتغلغل شيئًا فشيئًا فيصل إلى أعماق القلب ويجتاح حتى جذور الكيان. حين يُجمع الاسم (ش م، في العبرية، اسم) والزيت (ش م ن، سنة، دهن، عطر) نتذكّر مسيح الرب: ذاك الذي ينال مسحة الزيت التي تدلّ على أن الروح تغلغل فيه ليوليه مهمة ورسالة. إذن، يبدو اسم الحبيب منذ أولى أبيات نشيد الأناشيد، كاسم مسيح الرب الذي قيل عنه في مز 8:45: "الله الهك مسحك بدهن الفرح أفضل من شركائك ". حين قالت العروس "اسمك زيت مراق " نظرت بعين النبوءة إلى ذلك الذي سيطبّق يومًا على نفسه كلمة اشعيا (61: 1): "روح الربّ عليّ. الرب مسحني ". وتتكرّس العروس بتلك المسحة كما يقول أوريجانس: "إن لمسني العريس صرت أنا أيضاً رائحة طيّبة ومسحة عطور. إليّ تأتي عطوره فأقوله مع الرسول: نحن رائحة المسيح الطيّبة في كل مكان". من الخمر إلى الطيب. ومن الطيب إلى عطر الاسم. نحن هنا في تدرّج في الاقتراب من الحبيب وخبرة حبّه. في البدء، سكرُ الحواس والعقل بتأثير من القبلات: هذه هي التعزية المباشرة. ثم الطيب الذي يجتاح الذاكرة ويظلّ طويلاً بعد أن يكون الحبيب قد زار النفس بتعزيته. وأخيرًا، هذا العمل العميق الذي يتمّ فينا دون أن نحسّ به فيصل إلى أعماق النفس.

* لذلك أحبّتك العذارى
يريد الحبيب أن يكون المحبوب له وحده. أما الحبيبة فتهنّئ نفسها لأن العذارى (أو الصبايا) يحببن ذاك الذي تحبّه. فكأني بها تفرح لأنها لا تحبّه وحدها. ففي وسط افتتانها المحبّ، تحسّ بالحاجة الى أن تحدّث عريسها عن هذه الصبايا وتمتدح حبهنّ له. بل هي ترى أن النتيجة العظيمة لحبّها تقوم بأن تربح القلوب لعريسها.
إن حبّ سائر الصبايا للحبيب يُبرز بشكل أوضح في نظر الحبيبة عظمةَ اختياره لها. لا شكّ في أنهن كلهن يحببنه. ولكنها وحدها هي الحبيبة. تودّ كلهن أن تخترنه. ولكنها وحدها المفضّلة، المختارة. وهكذا، فإعجاب وحبّ سائر الصبايا، يجعلانها تدرك الحظوة الفريدة التي تنعم بها.
إن عروس نش لا تستطيع أن تحبّ عريسها دون أن تريد محبّة سائر الصبايا، أي أم العالم كله. قال المرتّل: "أنشد مدائحك العديدة لبنات صهيون " (مز 9: 14- 15). أن يربح الحبيبُ جميع القلوب كعطر ينتشر ويجتاح الكون، ذاك هو فرح حبيبة الله.
قطع الله عهدًا مع شعبه وعرفت إسرائيل أنها الشعب المختار، ولكنها لم تحسب هذا الاختيار أمرًا محصورًا فيها. الرب هو إلهها، وهو أيضاً إله الكون. وإذا كانت اسرائيل مختارة الله فكشعب شاهد، كشعب من الكهنة يجتذب الى الرب جميع الأمم. هذه الأمم هي أخيّات اسرائيل كما نجد في سفر حزقيال. فحتى الأمم الوثنيّة والخاطئة تسمّين "صبايا" وستكنّ يومًا عرائس الرب مثل الكبرى: "أختك الصغرى هي سدوم وأخواتها" (حز 16: 46). فعلى اسرائيل أن تجتذبهن إليها لكي تجتذبهن الى الله: قال لها الرب في حز 16: 61: "تقبلين أخواتك اللائي هنّ أكبر منك مع الذين هنّ أصغر منك ". إذن يجب أن تعتبر أورشليم أنها ليست فقط عاصمة فلسطين، بل عاصمة جميع الشعوب حسب النظرة المنفتحة التي نجدها في مز 87: 5- 7: "صهيون كل واحد يسميها أمه، لأن كل واحد وُلد فيها".
حين تصل العروس الى ذروة نشيدها، الى أعمق تعبير عن حبّها، فهي لا تستطيع أن تنسى البشرية التي حولها. وهي تفرح أن ترى أخواتها يشاركنها في اختيار الله لها. هنّ يشاركنها، وهذا فرحها، بل إن سعادتها الكبيرة هي أن ترى العريس يجتذب إليه كل شعوب الأرض بواسطتها وعبر محبتها.

* اجذبني وراءك فنجري!
وتحسّ العروس بضعفها، بعجزها عن الوصول إلى ذاك الذي تحبّ. فكيف تستطيع ذلك وحدها ومن دون مساعدته؟ كيف تستطيع إن هو لم يأتِ بنفسه للقائها ويجتذبها وراءه؟
فمع أنها حبيبة فريدة، إلاّ أنها على بعد أميال وأميال من حبيبها. وضعُها هو وضع اسرائيل البعيدة عن صهيون مقام الرب ومقامها معه. هذا هو وضع الكنيسة، عروس المسيح التي تشقّ بصعوبة في العالم طريقها الى ربّها. هذا هو وضع كل نفس أكرمت بيسوع المسيح، فتألّمت لأنها وجدت نفسها بعيدة عنه كل هذا البعد. اسرائيل، الكنيسة، النفس المحبّة لله. يتنهّدن وينتظرن مجيء العريس. يا ليته يُسرع ولا يتأخّر في المجيء ليطلب حبيبته في أرض بعيدة تحتفظ بها. ليسير معها الى بيتها المشترك. ولا يتردّد في اجتذابها وراءه إن هي تأخّرت في الانطلاق. أجل، لا تستطيع وحدها أن تتقدّم.
إن لفظة "جذب، جرّ" (م ش ك) تنتمي الى العالم النبويّ. إنها تدلّ على الارتداد عند الله لدى الأنبياء. مثلاً نقرأ في إر 31: 3: "من بعيد تراءى لي الرب وقال لي: احببتك حبًا أبديًا. لذلك اجتذبتك برحمة". وفي هو 11: 3- 4 تكلّم الرب عن افرائيم الصغير والضعيف فقال: "اجتذبتهم بحبال البشر، اجتذبتهم بربط الحبّ ". وقال يسوع في يو 12: 32: "حين ارتفع عن الأرض، أجتذب الجميع إليّ ".
المهم أن نترك الله يجتذبنا إليه. أن نترك الله يمسك بنا، لا أن نمسك بالله وكأننا نريد أن ندركه. ليست القضية أن نرتفع إلى مستوى الصليب، أن "نتسلّق الصليب "، وكأننا نستطيع ذلك. بما أن الله يجتذبنا في حبّه، فنحن نستطيع أن ننضمّ إليه. "لا يستطيع أحد أن يأتي إليّ إن لم يجتذبه الآب " (يو 6: 44).
خافت العروس أن تقوم بالخطوة الأولى. ولكن ما إن أحسّت بمساعدة الحبيب حتى بدأت تجري. هي لم تقبل فقط بأن تسير وتمشي. بل تريد أن تجري معه. تجري مثله. وهي ليست وحدها، بل مع رفيقاتها اللواتي لا ينفصلن عنها، كل أمم الأرض.

* أدخلني الملك أخاديره
حلمت العروس في مخيّلتها التي أشعلها الحبّ أنها جرت مع الحبيب، أنها وصلت إلى منتهى رغباتها. أو بالأحرى هي تعرف أن حلمها سيتحقّق مع هذا العريس. مع مثل هذا العريس تصبح الرغبة حقيقة وواقعًا. هذه هي طريقة الرب في إدخالنا الى حياته الحميمة فجأة من دون سبب ولا استعداد.
قالت الحبيبة وهي فرحة بأنها استجيبت سريعًا: أدخلني الملك أخاديره. الملك هو اسم معبود تعطيه العروس لمن تُحبّ، وهي تتلفّظ به هنا للمرة الأولى. هو ملك شعبه وعريسه معًا، كما تشهد على ذلك نصوص الأنبياء ولاسيّمَا تلك التي دوّنت بعد المنفى. نقرأ في أش 54: 5: "بانيك هو عريسك الرب القدير". وينشد المرتل: "أنك يا ربي، يا طير". نلاحظ هنا أيضاً أن اسم يهوه لم يُذكر، ومع ذلك فقد ذكر على أنه الملك. وسيطبّق لقب العريس والملك على يسوع. سأل يسوع مرّة: "هل يستطيع المدعوّون الى العرس أن يصوموا ما دام العريس معهم " (مر 2: 19)؟ ولما سأل بيلاطس يسوع: "إذن، أنت ملك "؟ أجاب يسوع: "أنت قلت " (هو كما تقول) (يو 18: 37).
قالت العروس: "الملك " ولم تزد شيئًا. لا تحديد خاصاً يرتبط بهذا اللقب. فالحبيب ليس ملكًا بين الملوك. ليس ملك هذا البلد أو ذاك. إنه الملك بشكل مطلق. مقابل هذا لا تسمّى العروس "ملكة" في نش. فهي وأن اتحدت اتحادًا حميمًا مع الملك، فهي ليست معه على قدم المساواة.
وإن أش 6 يلقي ضوءًا ساطعًا على هذا المقطع. ظهر الرب للنبيّ في كل بهائه. كان جالسًا على العرش وأذياله تملأ الهيكل. سيطر انفعال عميق على أشعيا فهتف: "رأت عيناي الملك ". تقارب واضح مع هذه الآية من نش: ففي الهيكل حصل أشعيا على وحي عن يهوه الملك، بل في مكان محجوب في الهيكل، في قدس الأقداس، حيث يقيم الرب وسط شعبه. وحين تقول العروس: أدخلني الملك خدره، فهي تعني "قدس الأقداس"، وتدلّ على حضور الرب وسط أخصّائه.
الخدر هو مكان منعزل عن سائر البيت. يُقفل بمفتاح فلا يدخله من يشاء. لا يحاول ملك نش أن يبهر تلك التي يحبّها، فيظهر قدرته. بل هو يعتزل معها في صمت حياة حميمة، ويغمرها بألف نعمة ونعمة. كم سوف تبتهج حين تنكشف أمامها أسرار الملك ومعجزاته الخفيّة. هي غرفة ملوكيّة مملوءة بكنوز عظيمة لا عدّ لها. هذا ما قال أوريجانس. وزاد غريغوريوس النيصي أن هذه الكنوز هي أسرار الفردوس حيث رأى بولس أمورًا غير منظورة وسمع كلمات لا يعبّر عنها (2 كور 12: 4).
نلاحظ أن العروس لا تستطيع أن تدخل بذاتها الى خدر العريس وتشرب من خمر الحبيب. قالت: الملك أدخلني. فكل مبادرة تأتي منه. ولم تقل العروس: الملك أدخلنا (نحن) أي هي وصويحباتها اللواتي جرين معها. فالحبيبة تدخل وحدها مع الحبيب وتبقى الصبايا خارجًا. بعد هذا، تخرج العروس الى الصبايا وتخبرهن بما رأت وحدها. حينذاك يدخلن كلّهن وراءها الى قصر الملك كما يقول مز 45: 15- 16.
وهكذا نكتشف رباطاً بين المشاهدة الحميمة وعمل التبشير. فالواحد يقود الى الآخر. فالحياة الحميمة والشخصيّة تدفعنا الى أن نعلن على جميع الشعوب الحبّ الذي التقينا به.

* نبتهج ونفرح بك
فبعد التعبير عن الرغبة في الحب (ليقبّلني بقبلات فمه). وبعد النداء الى المساعدة (أجذبني، أمسكني)، بعد الدخول إلى حياة الملك الحميمة (أدخلني الملك)، يبدأ العيد الذي لا ينتهي والذي فيه يمتلك الواحد الآخر، فتقول العروس: تكون فرحنا وبهجتنا.
لفظتان تردان مرارًا معًا عند الأنبياء، وفي المزامير. نقرأ في إر 31: 13: "أحوّل فرحهم الى بهجة، وأعزّيهم وأفرحهم بعد حزنهم ". وفي أش 66: 10 في إطار العودة من المنفى (هو إطار نش) يعلن الربّ: "إفرحي يا أورشليم، إبتهجوا يا جميع محبّيها، تهلوا معها تهللاً يا جميع النائحين عليها". فيأتي كلام المرتل صدى لهذا القول: "فرح لاسرائيل بصانعه، بهجة لبني صهيون بملكهم " (مز 149: 2). أو كما في كلام العروس: "تكون فرحًا وبهجة لجميع الذين يطلبونك " (مز 70: 5).
هناك الوجهة الخارجيّة للفرح، وهي تنتقل الى الجسد كله وتجعله يرتعش. هكذا فعل يوحنا المعمدان في حشا أمه (لو 1: 41). وهناك الفرح الداخليّ والعميق الذي يلج إلى النفس. هذا ما عبّر عنه يوحنا المعمدان أمام العريس: "هذا هو فرحي وهو كامل " (يو 3: 29)
بعد صيغة الغائب (أدخلني) نعود إلى صيغة الخاطب (نفرح بك). فالعروس لا تستطيع أن تتكلّم عمّن تحبّ دون أن توجّه إليه في الحال الكلام. ونلاحظ ايضاً توالي الرد (ليقبّلني، إجذبني، أدخلني الملك) والجمع (نفرح، نبتهج). فالحبيبة هي شخص محدّد. هي العروس. وفي الوقت عينه هي الشعب، هي الأمّة التي تزوّجها الرب. ثم إن العروس في أعظم الأوقات التي تعيش حياة حميمة مع الملك عريسها، لا تنفصل أبدًا عن رفيقاتها اللواتي يركضن وراءها بانتظار أن يجلسن معها الى المائدة الواحدة ويشاركن في السعادة الواحدة.

* نذكر حبّك أكثر من الخمر
إن حبّك يتفوّق على كل فرح كل مسكر. كان النبي زكريا قد قال: "تفرح قلوبهم كما من خمر... يفرحون وتبتهج قلوبهم بالرب " (10: 7). فعروس نش انضمت الى رفيقاتها، أمم الأرض، وراحت أبعد من هذا. نذكر حبّك، نحتفل بحبّك أكثر من الخمر.
سكرت العروس فذكرت وانشدت. فهذا الفعل الذي يُستعمل لإنشاد عظائم الله في الخلق والتاريخ (في المزامير)، يطبّق هنا على أسمى أعمال الله، على عطيّة حبّه.

* عن حق يحبّونك
وهكذا تستطيع الحبيبة أن تختم كلامها. فالتقي الاسرائيلي يعتبر أن حبّ الله هو أكثر من اتّباع ميل في قلب الانسان. إنه طاعة لوصيّة، ولأولى الوصايا في أسفار الشريعة: أن تحبّ الرب الهك (تث 6: 1- 9). فمحبّة الله بالنسبة إلى المؤمن، هي هوى وانشغاف، وهي أول الواجبات جميعها.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM