الله أمين لمواعيده
المزمور الحادي والثمانون
1. المزمور الحادي والثمانون هو مزمور الحجّاج الآتين إلى عيد المظال، يحمدون الله على أعماله، ويسمعون لشريعة الرب، ويصغون إلى كلمات يتلوها أحد الأنبياء أو أحد الكهنة الحاضرين ليحثّ الشعب على الدخول في جوِّ الاحتفال الديني وتجديد العهد مع الله.
2. نشيد وارشاد في عيد العهد.
آ 2- 7: دعوة المؤمنين إلى المشاركة في العيد.
آ 6- 17: يسمع المؤمنون كلام الله على لسان النبي أو الكاهن، فيتذكّر الشعب ما فعله الله من أجله في البرية (أعطاه الشريعة). يبدأ العيد، والشعب مدعو كله إلى هذا العيد الوطني. "عيدنا". ونسمع كما عند اصعاد تابوت العهد، صوت الهتاف الحربي، وصوت العود والكنارة والدفّ. العيد عيد اكرام لإله يعقوب. العيد عيد المظال، وهو أهم أعياد أورشليم التي فيه يحج الشعب إلى الهيكل. وعيد المظال مخصّص لملك الرب وللتذكير بالخلق عند رجوع الشتاء السنوي (زك 4: 16 ي)، ولإعلان الشريعة (نح 8: 1 ي). فرحة الشعب عظيمة، وسببها أن لاسرائيل دستورًا خاصًا به، كُتب يوم تدخّل الله ضد المصريين، فأعلن عن التزامه بأن يكون مع شعبه شرط أن يعامله الشعب بالمثل. يتحدّث الله (سمعنا صوتًا مجهولاً منا) بصوت سرّي آت من البعيد. كلام الله جديد. ولو كان تردادًا لما سمعه الشعب مرات، فهو يذكّر الشعب بعمل الله الخلاصي، ويطلب منه الطاعة كجواب على مبادرة الله من أجله. وأعلن الرب أنه سمع صراخهم فخلصهم، ثم بدأ معهم حوارًا عبر العاصفة من البعيد ليبيّن لهم أنه ليس عبدًا لمطالبهم. الله يمتحن شعبه، ويعطيه شريعة، ويذكّره بالوصايا العشر وأولاها: أنا الرب إلهك... لا تعبد الآلهة الغريبة. الله يفرض شروطه لأنه خلص شعبه فأصعده من أرض مصر. فماذا كان جواب الشعب؟ رفض وعناد (آ 12- 13). ولكن الله لم يغضب بل فضّل السكوت ليرى إلى أين ستصل بهم الحالة. سكت، وسكوته أمرّ من غضبه... لو استمع الشعب للرب لخضع له أعداؤه، ولكان له من جديد الأرض التي تدرّ لبنًا وعسلاً.
3. هذا المزمور يدعو المؤمنين إلى المديح: رنّموا لله، اهتفوا، والمناسبة عيد القطاف الذي ارتبط فيما بعد بتذكار مسيرة الشعب في الصحراء بقيادة الله الرحيم. والعيد يدوم سبعة أيام (لا 23: 4) يقرأون فيه وصايا الله، ويتذكرون خلاصه لهم من أرض مصر ومساعدته لهم عبر الغمام والبروق الرعود، ويسألون نفوسهم عن مدى حفظهم لشريعة الرب الممثّلة بالوصيّة الأولى: أنا الرب الهك.
العيد مقدّس في اسرائيل يحتفل به الشعب مهما كانت الظروف الخارجية القاسية. والاحتفال به شريعة من شرائع الرب يجب أن تُحفظ. وإذا كانت الحالة الحاضرة على غير ما يُرام، فالماضي مجيد بما تمّ على يد الرب من خلاص عظيم لشعبه (الخروج من مصر). ولهذا تبقى الليتورجيا فوق الأحداث اليومية فترتبط بأمر الله، وتذكّر بالخلاص الذي لا يستطيع الجحيم ولا الموت أن يتغلّبا عليه.
ويعلن المرتّل كلام الله: اسمع يا شعبي (تث 6: 4). ويذكر الوصية الأولى ويتوقّف عندها، ليدلّنا على أن الشعب لم يحفظ الوصية الأولى، فلمَ سوءاله عن باقي الوصايا. إن اسرائيل ما زال يتعلّق بالآلهة الغريبة، مع أن الله أخرجه من مصر لئلا يتعلّق بالآلهة الغريبة فيخدمها ويصبح عبدًا للأمم الغريبة التي تعبد هذه الآلهة. يذكر المرتّل الوصيّة الأولى وكأنه ذكر كل الوصايا. خان الشعب العهد وترك وصايا الرب، فاستحق أن تحلّ به النكبة.
4. عيد الرب يوم تغمره البهجة ويعيشه المؤمنون احتفالاً وخدمة الهية، لأن الله يحب المعطي الفرحان (2 كور 9: 7). سمع المؤمنون صوت الرب من خلال كلام النبي، ونحن اليوم نسمع كلمة الله عبر شخص المخلّص الذي يقول لنا: "لا تستطيعون أن تعبدوا ربين" (لو 6: 24)، ويقول لنا أيضًا (لو 19: 42) ما قاله لأورشليم: "لو عرفت أنت أيضًا ما لسلامك"- ونحن لو عرفنا أن نسمع كلام الله ونجعله حاضرًا في حياتنا فاعلاً فينا منيرًا طريقنا!
5. آ 1 بدل "مجدوا الله الذي يقوينا" يقول اليوناني: "افرحوا بالرب الذي يقوينا".
آ 2 ويسمي "عذبة" آلات الموسيقى التي تشغف الأذن، أو الأرغن المائي.
آ 3 "انفخوا في البوق في بداية الأشهر وفي البدور، في أيام العيد". يسمي "البدر" اليوم الرابع عشر من القمر وهو اليوم الذي خلق فيه. وهكذا فالكلمات "في البدر، في نصف الشهر" تعني وسط الشهر. أما الكلمات "في أيام العيد" فتقرأ منفصلة وتعني: في أيام العيد وأيضًا: "انفخوا في البوق في بداية الشهور وفي البدور" التي هي نصف الشهر تعني: انفخوا في آلات خاصة لنصف الشهر، وهذه الآلات تسمى بدورًا بسبب الوقت المعدّة له.
آ 4 "لأنها شريعة في اسرائيل" أن يعزفوا على القيثارة في البدور وفي الأعياد، ولكن هذا توقّف منذ سبعين سنة. أما أنتم فعودوا إلى هذه العادة وافرحوا. كان الله أمر موسى أن يهتفوا ببوقين من فضة في الأعياد والبدور ليتذكّروا الشريعة التي أعطيت على جبل سيناء "على صوت البوق".
آ 5 "جعل شهادته في يوسف". ذكر يوسف فتكلّم عن الشعب كله. أولاً لأن الناس تكاثروا في هذه القبيلة أكثر منه في سائر الشعب فكانت كثافة بحيث إنه حين انقسم بنو اسرائيل إلى مملكتين، سميت القبائل العشر باسم افرائيم. وهكذا نقرأ الكلمات: هل افرائيم لنا ولد ثمين (ار 31: 20)؟ "امتزج افرائيم بسائر الشعوب" (هو 7: 8). ثانيًا: بسبب فضيلة يشوع بن نون الذي أصله من افرائيم والذي هو ابن يوسف والذي قال لبني اسرائيل: "أنا وأبناء بيتي نخدم الرب الاله" (يش 24: 15). والكلمات: "حين خرج إلى أرض مصر". يقول العبري واليوناني: من أرض مصر. "لغة لا يعرفها". يتكلّم عن الشريعة التي قبلها الشعب حين سمع الصوت الالهي الذي لم يكن سمعه بعد. قال موسى: "من سمع صوت الله يتكلّم وسط النار كما سمعتموه" (تث 4: 33)؟ وقال آخرون: كلام لغة بربرية كاللغة المصرية.
آ 6 وبدل "حررت يدي من القيود" يتحوّل اليوناني: "وتركت يداه القفة".
آ 7 "في مياه الخصومة" مرة أولى في مياه "مرة"، ومرة أخرى حيث لم يجد ماء إطلاقًا فخاصموا موسى وقاتلوه، وتذمّروا وجدّفوا على الله. قال الله "جرّبته" (أي الشعب) فظهر أنه خائن.
آ 10 "افتح فمك فاملأه" بالخيرات ومباهج الشعوب، أو بالمن ومياه الصخرة.
آ 13- 14: إذا سمع شعبي "صوتي"، "سأهلك أعداءه البابليين كما أهلكت في الماضي المصريين والكنعانيين".
آ 15 والكلمات: "مبغضو الرب كذّبوا عليه". هذا يقابل "بفعل قوتك العظمى كذب عليك أعداؤك" وقال آخرون: إنه يشير بهذه الكلمات إلى دمار البابلّيين على يد المادايين. قلبوا مملكة بابل فلم تقم لها من بعد قائمة.
آ 16 أما الشعب فأرده إلى أرض الموعد "وأطعمه من دسم الحنطة"، أي من اللذائذ والخيرات والمباهج. (إيشوعداد المروزي).