نشيد جديد للرب
المزمور السادس والتسعون
1. المزمور السادس والتسعون هو صلاة حمد لله الملك. استوحى المرتّل في تأليفها مواضيع من سفر أشعيا في أقسامه الأخيرة. أنشد في احتفالات الهيكل بمناسبة عيد المظال فجعل الماضي حاضرًا، ووجّه الحاضر نحو المستقبل، ففتح صلاة الشعب نحو نهاية الازمنة. مُلك الله يرتبط بانتصاره على غمر المياه الأولى، كما يرتبط بخلاص الله لشعبه واحلاله إياه في أرض الميعاد. ينطلق المرتّل من الخلق إلى الخلاص، ومن الخلاص إلى الخلق، ليشدّد على حضور الله بين شعبه في هيكله، وليدعو الأمم إليه ليسجدوا له.
2. الرب الجالس في هيكله ملك الكون وديانه.
آ 1- 3: يدعو المرتّل المؤمنين إلى مشاركته نشيد الحمد: رنّموا للرب ترنيمًا جديدًا.
آ 4- 6: لأن الرب عظيم، أما الآلهة فليست بشيء.
آ 7- 10: نداء إلى الأمم ليمجدّوا الرب وليسجدوا له.
آ 11- 13: الفرحة تعمّ الكون، لأن الرب ملك الأرض وديّانها: يدين المسكونة بالعدل والشعوب بالاستقامة. لقد استفاد اسرائيل من أعمال الرب، فطلب منه المرتّل أن يخبر ويبشّر بما عمله الله له من خلاص. عبارة "جميع الأرض" تعني إما أرض اسرائيل وإما الأرض كلها. و"المباركة" تعني أن نقول مبارك اسم الرب الذي صنع هذه الاعمال، والجديد الذي يعمله الله هو إعادة بناء شعبه وبناء الكون (عبور جديد وخلق جديد في أش 42: 9- 10).
ويدعو اسرائيل الأمم إلى عبادة الله الواحد، فيحملون معهم تقادمهم، والكنوز التي يحملونها تدلّ على تأثير الله في قلوبهم حتى يتجرَّدوا من غناهم. وعندما يعود الذين جاؤوا إلى الهيكل، فهم ينادون بدورهم بالاله الخالق، كما نادى شعب اسرائيل بالله المخلّص. لن تتزعزع الأرض من بعد والرب يثبِّتها، لأن الشعب في تاريخ الخلاص لن يقترف إثمًا يفرض طوفانا جديدًا.
والرب الديّان يأتي ليجعل العدالة بين الناس. الرب سيدين ليس فقط من أجل شعبه، بل من أجل الشعوب كلها، ومن أجل الكون. ولهذا تفرح السماوات وتبتهج الأرض مع البحار، وتشاركها بهجتها البريّة والغابات، لأن الخلاص تمّم الخلق، والخليقة تتوق إلى تجلّي أبناء الله (روم 8: 19).
3. نرنّم ترنيمًا جديدًا (33: 13) نخصصه للاله الخالق وللاله الديّان الذي خلق الكون من مقره في أورشليم، ومن هيكله خلّص شعبه. وهذا النشيد هو نشيد كل الأرض ترفعه إلى خالقها: السماء، البحار، البريّة، الاشجار... كل شيء يشارك نشيد التجديد الذي يمكن أن يكون في وقت نزل فيه المطر فتجدّدت الطبيعة.
هذه الخلائق لا تنسى خالقها. كما أن الشعب لا ينسى راعيه ومخلصه. فاسرائيل هو باكورة الشعوب الآتين إلى الهيكل ليحملون معهم نشيد الأرض كلها. كان المؤمن يقرأ عن الطبيعة فيما يجده من رسوم ونقوش في الهيكل، لأن الهيكل صورة مصغرة عن الكون، فيمجّد الله عن الكون وعن الهيكل. بالنسبة إلى شعب الله، لم تعد هذه الخلائق تشكّل خطرًا عليه، لأن الله خلقها لتمدح الله الملك، وهي تمدح الرب لأنه الديّان العادل المستقيم.
4. هذا النشيد الجديد هو مديح المؤمنين للرب على نعمه العظيمة. وهو صدى لمديح الشعوب والكون كله. نحن المؤمنين الذين ارتبطنا بعهد مع الرب لا نستأثر بهذا المديح، بل نضع ذواتنا في خدمة الجميع لنحمل إلى الرب صلاة الكون الشاملة.
وهذا النشيد الذي يعلن خلقًا جديدًا وخلاصًا جديدًا نعيشه نحن في المسيح وقد صرنا فيه خليقة جديدة (غل 6: 15) وزالت الاشياء القديمة. غير أن هذا الجديد لم يظهر بعد، ولكنه سيجد كماله في السماء الجديدة والأرض الجديدة (2 بط 3: 13)، وفي أورشليم الجديدة التي ننتظرها نازلة من السماء (رؤ 3: 12).