ما أحسن الحمد للرب

ما أحسن الحمد للرب
المزمور الثاني والتسعون

1. المزمور الثاني والتسعون هو مزمور ينشده المرتّل ليشكر لله أعماله من أجل مجيئه، وقد أراده تعبيرًا أمام الجماعة عن اختباره وصلاته، ونموذجًا يصلّيه المؤمنون في حالات مماثلة. نجد فيه مواضيع التقوى اليهوديّة من الشجر المغروس، والمؤمن الذي يرفع رأسه، والأعداء المشتتين، ونشيد رحمة الله، وهي عبارات يردّدها المرتّل في قلبه ليعلن عن فرحه أمام أعمال الله: ما قيمة تفاهات العالم تجاه السعادة الذي يجدها بحضور الله؟

2. صالح الاعتراف للرب والانشاد لاسمه العلي من أجل أعماله العظيمة.
آ 2- 6: دعوة إلى مديح الرب وشكره (آ 2- 4) مع الإعلان عمّا يدفعنا إلى رفع شكرنا هذا (آ 5- 6). تبدأ الليتورجيا منذ الصباح بالهتافات وبآلات الموسيقى، ويمتدُّ العيد حتى المساء، لأن صمت الليل أفضل إطار للتأمّل في كلام الله وترداده. بعد أن شكر المرتّل لله نعمه التي أعادت إلى قلبه الفرح يأخذ يتأمل بعظمة أعمال الله وعمقها.
آ 7- 12: بماذا يفكر الجهّال؟ هم لا يتأملون بأعمال الله، بل يبهرهم نجاح الأشرار العابر. هم لا يتنبهون إلى أن فاعل الاثم يزول كعشب الحقل، وأن الرب يبقى حاضرًا من علو سمائه دون حدود لازليته. الأشرار سيعاملون كأعداء الله (68: 2؛ 83: 3)، أما المرتّل الذي جعل اتكاله على الله، فسيحسّ في نفسه بقوّة أين منها قوة (قرن) الثور الوحشي، وحياة أين منها أطيب زيت، فينتصر تجاه عدوّه الذي يرجع خائبًا.
آ 13- 15 الصدّيق كالشجر المغروس في بيت الرب. ينطلق المرتّل من المقابلة بينه وبين الأشرار العائشين بالوهم، ويتوقّف على انتصاره على الأشرار ليتكلّم عن سعادته. يصوّر حالته كالشجرة بجذورها وأثمارها، وهي رمز النجاح البشري وعلامة الحياة تجاه القش العقيم الذي ينثره الهواء.
آ 16: مثل هذه النعم تنتهي بالشكر لله والإعلان عن "استقامته" أي أمانته على مواعيده حتى النهاية، ومن التجأ إليه وجد فيه الصخر الذي لا يتزعزع.

3. فعل الشكر أمر حسن كالحياة الفاضلة (تث 8: 10 ي)، وكلاهما يرضي الله. والاسرائيلي يعتبر المديح أساس حياته، وحياة بلا مديح توازي الموت. وأعظم أعمال الله التي تستحق المديح الخلاص من أرض مصر، وكل خلاص نحصل عليه في المستقبل. هذا ما يعرفه المؤمن. أما الجاهل المجنون، فلا يريد أن يعرف أعمال الله فيكون حظه مع الأشرار: "كل أعدائك يا رب سيهلكون" (قض 5: 31).
يخصص المرتّل مديحه وشكره لما عمله الله له، ولا يخاف أن يمزج بين أعمال الله لحبيبه وأعماله العظيمة في الكون، والخليقة أعمال يديه. فلا أعمال صغيرة وأعمال كبيرة عنده، بل كل أعماله كبيرة، وأي خلاص، مهما كان صغيرًا في عيوننا، يدلّ على قدرة الله الخلاصيّة، كما أن خلاص المؤمن الخاص هو رمز لخلاص الشعب كله. عبر خلاص كل واحد منا، يوجّه الرب تاريخ البشر إلى الهدف الذي وضعه أمام عينيه.

4. يقر المرتّل بفضل الرب، وأحلى ساعات يومه يكرّسها لتمجيد الرب (لو 17: 16): ولكنه لا يتوقّف على أموره الشخصية، بل يتطلع إلى تاريخ الله الخلاصي. ونحن بدورنا نحسّ بسعادتنا عندما نشارك جماعة المؤمنين فعل المديح لله، فنعرف أن خلاص كل واحد نعمة للآخرين، "فإذا تألم عضو تألمت معه سائر الاعضاء، وإذا أكرم عضوُ سرَّت معه سائر الأعضاء" (1 كور 12: 26).
وعمل الله الخلاصي يجد قمته في قيامة يسوع وتمجيده: "أشكرك يا أبت يا رب السماء والأرض إذ أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأظهرتها للأطفال (تث 11: 25). الاطفال يدخلون في سر الملكوت، أما الحكماء والفهماء في هذا العالم فيتحوّلون إلى جهال يمنعهم عماهم أن يروا أعمال الله، كما يقول القديس بولس في الرسالة الأولى إلى الكورنثيين (1: 21): "فالعالم بحكمته عجز عن معرفة الله في أعمال حكمته، فشاء الله أن يخلّص المؤمنين بحماقة البشارة".

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM