في حمى العليّ

في حمى العليّ
المزمور الحادي والتسعون

1. المزمور الحادي والتسعون هو أحد المزامير التي يتلوها الحجّاج الآتون إلى الهيكل ليختبئوا تحت أجنحة الله، فيجدوا عنده الحماية والطمأنينة. يتألّف هذا المزمور من حوار بين المؤمن والكاهن والرب، وهذا الحوار يطلب من المؤمن أن يستسلم إلى الرب فيحصل على الحماية من عنده.
يصل المؤمن إلى الهيكل، فيباركه الكاهن (آ 1- 2)، ويذكّره بوعد الرب (آ 5- 8). ثم يعلن المؤمن إيمانه (آ 9) فيذكّره الكاهن مرّة ثانية بوعد الرب (آ 10- 13). وقبل أن يرجع المؤمن من الحج، يسمع صوت الله على لسان أحد الأنبياء (آ 14- 16): "أنجّيه لأنه عرف اسمي".

2. قدرة الله حماية لأحبّائه.
آ 1- 2: نجد هنا صورة عن المؤمن الواثق بربه الذي جاء يطلب الحماية عنده. يسكن المؤمن عند الرب ويمضي معه ليلته حتى الصباح، فيدخل في سرّه (18: 12)، ويسعد في ظلّه، ويجد الحماية التي يجدها كل مستجير، والرب يحمي ضيوفه ويدافع عنهم.
آ 3- 13: يحدّث الكاهن المؤمن فيشجّعه على الاتكال على الرب. يقول له: (آ 3- 8): إذا كان الله يحميك فأنت لا تخاف شيئًا. لا فخ الصياد (64: 2) ولا كلام السحر (6: 11؛ 8: 16) الذي يستعمله المحاربون قبل الحرب. الرب يحميك تحت جناحيه، فلا تجزع من أهوال الليل، ولا من أخطار النهار (سهم)، ولا من الوباء أو الآفات. ومهما تكاثر الأعداء فسوف يتساقطون... وعندما تذهب أسبابُ الخوف، يعلن المؤمن ثقته بالله وطمأنينته. يكفي أن تنظر بعينيك فترى. ثم يقول له (آ 9- 13): بما أنك احتميت بالرب والتجأت إليه فلا يصل الشرّ إلى مسكنك، لأن ملاك الرب يهتمّ بكلّ واحد من أحبّاء الله، كما اهتمّ بالشعب فرافقه في الطريق إلى أرض كنعان (خر 23: 20؛ 32: 34). يرافق الملائكة حبيب الله فلا تصطدم بحجر رجله. يحملونه فيرتفع فوق كلّ خطر ويدوس كلّ شرّ: الأسد والأفعى والتنين...
آ 14- 16: يسمع المرتّل صوت الله الذي يعطي شروطه ليحافظ على أحبّائه: يتعلّق المؤمن بربه كما يتعلّق الرب بشعبه (تث 7: 7؛ 10: 15). يعرف اسم الله فيكون الله معه. لينقذه وقت الضيق ويمجده ويعطيه الخلاص النهائيّ الذي هو حياة مع الله تطول وتطول جدًّا.

3. يذكر المرتّل الأخطار التي تهدّده: فخاخ الأعداء، الليل وأهواله، النهار وأخطاره، المرض والوباء، الآفة والمصيبة، الأسد والافعى، وهي حيوانات مفترسة قاتلة... يكفي المرتّل أن ينظر لكي يرى كيف يحميه الله من كلّ أذى عندما تتساقط الأشرار بالالوف... تنتاب المؤمن المحن، ولكنه يتغلّب عليها بقدرة الله فيرى عمله الخلاصيّ الذي بدأه مع ابراهيم وموسى وداود وما زال يتابعه مع أحبّائه.
وجد الآباء في هذا المزمور تعليمًا عن الملاك الحارس (يوصي ملائكته بك)، ونحن نتطلّع إلى محبّة الله التي تهتمّ بكلّ شخص بمفرده. فالله يحبّ كلّ واحد منا حبًا خاصًا ويعرفنا بأسمائنا، كما يعرف الراعي خرافه والاب أبناءه. ولهذا يصلّيه المؤمنون قبل الذهاب إلى الرقاد وهم متأكّدون أن يمين الله ترعاهم وقلبه يحرسهم مهما تكاثرت الأخطار وقويت التجارب.

4. توقَّف الفكر اليهوديّ على هذا المزمور وانتظر مجيء الآتي باسم الرب الذي يعيد إلى الأرض سعادة الفردوس الأول عندما يبتعد السيف ويزول خطر الحيوانات الشرسة، ويحلّ على الأتقياء روح القداسة فيأكلون من شجرة الحياة.
يورد الإنجيل (مت 4: 5- 6؛ لو 4: 9- 11) آيتين من هذا المزمور على لسان الشيطان قالهما ليسوع ليبعده عن رسالته فأجابه يسوع: "لا تجرّب الرب إلهك".
إن يسوع أنشد ولا شكّ هذا المزمور وهو من جرّبه الشيطان وامتحنه الناس. وتصلّي الكنيسة هذا المزمور متّكلة على عون الله الذي يحميها من كلّ بلبلة واضطراب. ويصلّيه المؤمن متكلاً على حماية الرب له عارفًا أنه وإن أحاطت الأخطار به فهو يثق بالرب الذي يبعده عن التجربة وينجّيه من الشرير.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM