أبارك الربَّ في كل حين

أبارك الربَّ في كل حين

منذ البداية (آ 2) نعرف أن هدف المزامير ليس التعليم بشكل مباشر، بل مباركة الربّ وإنشاد مدائحه. وكلمة "بارك" تعبّر عن الارتياح تجاه خير حصلنا عليه. وهذا الارتياح يصبح مثل فعل الشكر، شهادة للجميع، ونداء إلى تعلّم مخافة الله.
ويبدأ امرتّل فيشهد لما صنعه الله له (آ 3- 11). أما جوهر الشهادة فهو السعادة بأن الله سمع له. طلب المؤمن الربّ، فأجابه الربّ. فكانت هذه الخبرة إشارة إلى الطريقة التي بها يتصرّف إله العهد. فهو يدافع عن شعبه ومؤمنيه (قدّيسيه) ويغمرهم بخيراته.
أرسل الله رسوله أمام "جيشه". وها هو يطلب منه الآن أن يحيط به، أن يحيط بأخصّائه لكي يحميهم. فالعهد ليس عربون "انتصار على الاعداء" فحسب، إنه اهتمام الربّ بحياة شعبه، وبكل واحد من المؤمنين.
مع القسم الثاني (آ 12- 22) ننتقل إلى التعليم. والسامعون لم يعودوا مساكين يجب أن نشجّعهم، بل تلاميذ نعلّمهم. ويتحوّل "الشاهد" إلى حكيم مع تلاميذه، إلى أب يحرّض أبناءه.
وتبقى المخافة في قلب تعليم الحكماء. من خاف الربّ هرب من الشرّ ولا سيّما شرّ اللسان. هذا هو أساس الحياة السعيدة. وبعد هذا ينتقل المرتّل من الوجهة الخلقيّة إلى الوجهة اللاهوتيّة. نخاف الله حين نعيش تحت نظره، وهو سيكون قريباً من الذين جعلوا اتكالهم عليه. سيحميهم بمحبته ويحيط بالذين يسلّمون أمرهم إليه.

أباركك يا ربّ، وأشكر خلاصك لنا من الشدائد والمخاطر
أباركك يا من تفتدي نفوس عابديك وتمنع العقاب عمن يحتمي بك
هذه هي صلاتنا اليوم مع الكنيسة
إنها تتلو هذا المزمور بعد اشتراك ابنائها في وليمة جسد ابنك ودمه،
هذه هي صلاتنا مع الذين يستعدّون لقبول سرّ العماد
ينظرون إليك ويستنيرون، ولا يعلو وجوههم خجل، وينتفي عنهم خوفُ العبيد.

نحن الذين اعتمدنا فيك وتنوّرنا بنورك كالأعمى. الذي شُفي، نهتف ونقول:
ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ
نحن الذين سمعنا كلامك وتعلّمنا مخافتك نهتف ونقول:
ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ.
نحن الذين اغتذينا بجسد ابنك ودمه نهتف ونقول:
ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ
الاغنياء يحتاجون ويجوعون أما طالبو الربّ فلا يعوزهم خير
نحن نطلبك ونلتمس وجهك يا ربّ
فاستمع إلينا نبارك اسمك مدى الدهر وإلى الأبد.

أبارك الربّ في كل حين، وعلى الدوام يهلّل له فمي.
تهلّل نفسي للربّ فيسمع المساكين ويفرحون
عظّموا الربّ معي ولنمجّد اسمه جميعاً.

نشيدنا إليك نشيد البركة، فبارك علينا يا ربّ واغمرنا بخيراتك
نشيدنا إليك يا ربّ نشيد التهليل والتعظيم، كن لنا الفم الذي لا ينقطع نشيده
كن لنا اللسان الذي يهلّل لاسمك العظيم من دون انقطاع
نشيدنا إليك يا ربّ نشيد التمجيد: المجد لك يا ربّ من الآن وإلى الأبد.

تبارك اسمك وتعظّم، وتمجّدت قدرتك في السماء وعلى الأرض
أريد أن أنشد لك رغم الشدّة والضيق فيتشجّع المساكين وينشدون
أريد أن أهلّل لك واهتف فأعبّر عن فرحي بك، فيسمع المساكين ويفرحون
وأريد أن تدوم صلاتي ما دمت حياً،
لأن ما فعلته لأجلنا يتطلّب منا شكراً لا ينقطع.
إجعل يا ربّ أفكاري وأقوالي وأعمالي كلها لمجدك
إجعل حياتي لتقديس اسمك وتعظيم حضورك.

نحن مساكينك يا ربّ، فلا ملجأ لنا سواك
لا تسمح أن يعوق التماسنا لوجهك عائقٌ، أو أن يتعلّق قلبنا بشيء يبعدنا عنك
إجعلنا استعداداً لمجيئك، وتقبّلاً لسماع كلمتك
لا نريد أن نكون صماً فلا نسمع، أو أن نكون عمياناً فلا نرى
لا نريد أن تقسو قلوبنا أو أن يثقلها الرجوع إلى ذواتنا في أنانية قاتلة.
أعطنا أن تكون ضمائرنا مفتوحة على كلامك فلا يجرفها الطمع وحبّ المال.

التمسناك فأعنتنا، وها نحن نلتمسك اليوم ونحن متأكدون من خلاصك
بل ندعوك كل يوم ونصرخ إليك، ونحن عارفون أنك تسمع
نحن ننظر إليك ولا نخجل ولا نخاف، لأنك تستقبلنا بنور وجهك وإشراق نظرك
أبسط علينا نورك يا ربّ، وارفع يديك علينا وباركنا.

ملاك الربّ يحنو على خائفيه ويخلّصهم من جميع المخاطر.
ذوقوا وانظروا ما أطيب الربّ، هنيئاً لمن يحتمي به
خافوا الربّ يا قدّيسيه، فخائفوه لا يعوزهم شيء
الأغنياء يحتاجون ويجوعون، وطالبو الربّ لا يعوزهم خير.

نحن خائفوك يا ربّ ونفتخر بهذه التسمية
لا نخاف غضبك، ومثل هذا الخوف وقفٌ على العبيد الذين يخافون العقاب
لا نخاف منك وأنت الإله الرحوم الذي يحنو على خائفيه ويرفعهم من على التراب
لا نخاف منك، وأنت الأب المحبّ
جعلتنا بالعماد أولاداً لك
وأنرت قلوبنا فصرنا نقترب منك بدالة الابناء الاحبّاء.

ولكن نخاف من ذواتنا ونحن ضعفاء فلا نكون بحسب قلبك
نخاف من خطايانا التي تبعدنا عنك، أنت القدوس الذي لا يرضى على الخطيئة
نخاف من يوم الدين، بل نخاف من صوت ضميرنا يبكّتنا
ولكن نعود إلى الثقة والاطمئنان، لأنك أكبر من قلبنا وأنت بكل شيء عليم.

نحن قديسوك يا ربّ، وهذا شرف عظيم لنا
لقد اخترتنا لك شعباً يلهج بكلمتك، وأدخلتنا في عائلة الذين يدعون اسمك
قدّستنا لنقدّس اسمك وباركتنا لنبارك اسمك
وطهّرتنا لنكون قدّيسين على مثالك
ودعوتنا دعوة خاصة لنكون بلا عيب في المحبّة.

نحن أبناء أورشليم السماويّة ولأجلنا قدّس ابنك ذاته
وطلب منك أن تقدّسنا في الحق
فلا تسمح أن ننجّس اسمك بحياتنا وأعمالنا،
بل أعطنا أن نمجّدك في أرواحنا ونفوسنا وأجسادنا.

تعالوا أيها البنون واستمعوا لي فأعلّمكم مخافة الربّ
يا من يحرص على الحياة ويحبّ كثرة الأيام ليرى الخير
احفظ لسانك من السوء وشفتيك من النطق بالغش
تجنب الشرّ واعمل الخير، والتمس السلام واسع وراءه.

ويصل كلامك إلينا داعياً مشجّعاً محرّضاً
يضل كلامك ليعلّمنا كيف نعيش بمخافتك
ترسل كلمتك إلينا وتطلب منا أن نسمع
هكذا سمع المساكين فكان لهم الفرح
تدلّنا على طريق الخير وطريق الشرّ، على طريق الحياة وطريق الموت.
وتضع أمامنا نهج حياة نتبعه.

نحفظ لساننا من السوء
أما نعلم أننا ندان على كل كلمة باطلة تلفّظنا بها؟
نحفظ شفاهنا فلا تنطق بالغش، نسهر على أفواهنا فتمتنع عن الكذب.
هل نسينا أن الشيطان هو أبو الكذب؟
أمّا يسوعنا فهو الحق والطريق والحياة
نتجنّب أفعال السوء، ونحن عارفون أن ما نفعله للقريب نعمله لك يا ربّ
ونعمل الخير إلى كل الناس، ولا سيّما إلى أبناء الايمان
فالإنسان يحصد ما زرع وأنت تحاسب كلاّ منا بحسب أعماله
ونلتمس السلام ونسعى وراءه
فنستحق الطوبى التي قالها يسوع للساعين إلى السلام،
ونستحق أن ندعى حقاً أبناءك يا الله.

عينا الربّ على الصدّيقين وأذناه تسمع استغاثتهم
وجه الربّ على فاعلي السوء ليقطع من الأرض ذكرهم.
يصرخ الصدّيقون فيسمع الربّ، ومن جميع ضيقاتهم ينقذهم.
الربّ قريب من منكسري القلوب ويخلّص المنسحقين في الروح.
كثيرة مصائب الصدّيقين، ومن جميعها ينقذهم الربّ
يحرس عظامه كلها، فلا ينكسر منها واحد
مساوىء الشرير تميته، ومبغضو الصدّيقين يعاقبَون.
الرب يفتدي نفوس عابديه، ولا يعاقب كل من يحتمي به.

المساكين، البؤساء هم لك يا ربّ
الصدّيقين ومنكسرو القلوب ينتمون إليك
المنسحقون في الروح هم حصّتك يا الله
أنت تهتمّ بهم وتحافظ عليهم كما على حدقة عينك
من أقرض المسكين أقرضك، ومن ظلم اليتيم والأرملة يصله العقاب سريعاً
تسمع صراخ العامل الذي حُرم اجرته،
وصوتُ الحصّادين يبلغ أذنيك وأنت تعاقب يا ربّ
عينك ترى، أذنك تسمع، توجّه نظرك وتواجه فاعلي السوء.

لا لست يا ربّ كالبشر الضعفاء،
لا لست كالاصنام التي لا أذن لها لتسمع، ولا عين لها لترى، ولا يد لها لتفعل
فعينك تحيط بالكون، وذراعك طويلة،
ويدك تمتدّ نتصل إلى أقاصي الأرض فلا أحد يفلت من يدك.
إن صعدنا إلى السماء فأنت هناك، وإن نزلنا إلى الجحيم فعينك ترانا
وإن توارينا في الظلام فنورك ينزع الظلام ويجعل الليل نوراً.

ولكن يا ربّ نحن بحاجة إلى إيمان عميق بحكمتك وقدرتك:
حين نرى نجاح الشرير ومصائب الصدّيق
أفهمنا أن الشرّ لا يدوم وأن مساوىء الشرير تميته
وأفهمنا أنه إن كثرت مصائب الصدّيقين فأنت تنقذه منها جميعاً.

أنت تعاقب المتكبرّين وترحم المتواضعين
أنت تفتدي المتعبّدين لك، وتجازي بالخير المحتمين بك
أنت قريب من منكسري القلوب والمنسحقين في الروح
من أجل هذا نعلن إيماننا بك وثقتنا بحنانك ومحبّتك
نحن عارفون أنك غلبتَ العالم وأننا سنغلب معك الشرّ بقوّة إيماننا
ومنذ الآن نعتبر أن خلاصنا بك، لهذا نبارك اسمك، ونهلّل لك، ونفرح بخلاصك

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM