تقديم

تقديم

إنجيل يوحنا إنجيل غني جداً فهو يقدّم لنا في الوقت عينه السمات التاريخية في وجه يسوع الناصري، كما يقدّم ما نستطيع أن نستشفه من يسوع الذي قام من بين الاموات، من يسوع الحي اليوم في قلب الكنيسة والبشرية، من يسوع الذي هو الآن لدى الآب.
نجد في إنجيل يوحنا المسيح قريباً من البشر حتى في أحوالهم الوضيعة والمؤلمة. ونجد المسيح "الممجّد" الذي هو سيّد التاريخ ومستقبل البشر. الذي هو منذ الازل بقرب الله. الذي هو وحي لا يصدّق عن حب الله الذي يهب ذاته. ونكتشف في إنجيل يوحنا ما هي الكنيسة وما هي الحياة المسيحية. إنجيل يوحنا هو إحدى القمم لكلام عن إله المسيحيين كما ظهر في تاريخ البشر.
نستصعب بعض المرات أن نمسك معاً هذين البعدين في المسيح: بشريته الملموسة والقريبة جداً منا. وسرّ شخصه العجيب، سرّ علاقته مع الآب والروح. ومع ذلك، كان لم نعلن هذه الحقيقية، لم يعد من معنى للايمان المسيحي. يخسر حقيقته وصلابته. إن إنجيل يوحنا يفتحنا على جمال الله وعلى الحياة التي يقدّمها الله للبشر.
في ايام "نفبرك" فيها صورة عن الله نأخذ عناصرها من هنا وهناك، يبدو تعليم يوحنا ثمينا جداً بالنسبة إلينا، شرط أن نأخذه كله. فصورة المسيح تبرز المفارقة بل التعارض. نحن ندهش، ونجد أن هذا ليس بطبيعي، ونحاول أن نلغي عنصراً من عنصرَيْ المفارقة أو التعارض. ولكن يجب أن يمرّ فكرنا من هنا ويسير في طرق معرفة الله التي تتجاوز كل معرفة وتبدو لنا في الوقت عينه قريبة جداً.
هذا ما نحاول أن نكتشفه في إنجيل يوحنا. في جزء أوّل اخترنا بعض النصوص التي تقرأ بشكل خاص في الليتورجيا. في جزء ثانٍ، تعرّفنا الى كتاب الآيات، إلى الفصول 1- 12 التي تورد لنا سبع آيات دوّنها الإنجيلي ليدعونا إلى الايمان. وفي هذا الجزء، نرافق يسوع في "الآلام والمجد" التي تنتظره. من العشاء السري وخطبة الوداع، إلى الصلب والموت، إلى القيامة وارسال التلاميذ.
هل تنتهي مع هذه الاجزاء الثلاثة مسيرتنا مع إنجيل يوحنا؟ بل هي تبدأ. فالكلمات التي قرأناها ستغيب تاركة يسوع الكلمة يكلّم كل واحد منا، ويجتذبه إلى الآب. فيا ليتنا نعرف أن نصغي إلى هذا المعلّم الذي جاء إلى العالم ليكون نوراً للعالم

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM